Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لم تصل المساعدات إلى المتضررين في درنة؟

نداءات الاستغاثة متواصلة على مواقع التواصل والهلال الأحمر الليبي يؤكد أن ابتلاع البحر 50 في المئة من المدينة وراء تعطل العمل

فريق الهلال الأحمر يواجه صعوبة في الوصول للمتضررين في درنة بسبب البنية المتهالكة (الموقع الرسمي للهلال الأحمر الليبي)

ملخص

تفتيش المساعدات الإنسانية والطبية كإجراء أمني روتيني ثم يتولى عدد من الجنود تسلم المساعدات من أصحابها عند مدخل درنة ويمنعونهم من الدخول للتقليل من الازدحام

في وقت لا تتوقف فيديوهات وصور تجميع المساعدات الإنسانية والطبية الطارئة من مختلف المدن الليبية والدول المساندة لتوزيعها في مرحلة لاحقة في المدن المتضررة من عاصفة "دانيال" التي ضربت الشرق الليبي الأحد الماضي وخلفت آلاف الضحايا والمفقودين وأحدثت ضرراً بنيوياً ملحوظاً، خصوصاً في سوسة والبيضاء ودرنة، تتواصل نداءات الاستغاثة عبر القنوات المحلية الليبية وصفحات التواصل الاجتماعي، مؤكدة عدم وصول المساعدات، لا سيما إلى مدينة درنة التي قسمتها العاصفة إلى نصفين وجرفت أحياء سكنية بأكملها نحو قاع البحر.

نقص المياه والأغطية

وتحدثت إحدى الفتيات في درنة عن نقص شديد في مياه الشرب والطعام، مؤكدة أنهم ثلاث عائلات يقطنون حالياً في شقة واحدة ويجدون صعوبة في الحصول على المواد الغذائية الأساسية وأنهم لم يتسلموا أية مساعدات.

من جهتها لجأت الطبيبة كريمة الريقعي إلى موقع "فيسبوك" لطلب الاستغاثة وقالت إنها تقبع في شقة مع 25 متضرراً من عائلتها هم غير قادرين على النوم بسبب تلف جميع محتويات البيت، مؤكدة في تسجيل صوتي أنهم لم يحصلوا على مواد إغاثية لأن بعض المجموعات التي تشرف على دخول المساعدات الإنسانية إلى درنة ربما تكون استولت عليها.

نداء آخر على "فيسبوك" لرجل أمن طالب اليوم الأحد بتوفير الأغطية، قائلاً إنهم بحاجة إلى مراتب وبطانيات وهو يرجو كل من يقدر على تأمينها التواصل معه على رقمه الهاتفي، واستغرب رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذا النداء متسائلين عن كمية الأغطية التي شحنت إلى درنة! وردت سناء العقيلي على طلب المساعدة بالقول "كيف حصل هذا وأين توجهت سيارات الشحن المحملة بالأغطية إذاً؟".

التباس

ورداً على بعض التعليقات التي اتهمت قوات المشير خليفة حفتر بالاستيلاء على المساعدات، أكد المتخصص في الشأن الليبي لدى مركز مدريد للإعلام محمد الصريط الموجود في درنة ضمن حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن هناك التباساً يشوب وصول المساعدات التي أرسلت بكثافة إلى مختلف مدن الشرق الليبي، وشدد على أن قوات حفتر تقوم بتفتيش المساعدات الإنسانية والطبية وهذا إجراء أمني روتيني، ثم يتولى عدد من الجنود  تسلمها من أصحابها الوافدين من مختلف المدن الليبية عند مدخل درنة، بعدها يطلب منهم العودة مانعين دخولهم إلى درنة للتقليل من الازدحام هناك، حيث تعمل فرق الإنقاذ الدولية على قدم وساق للعثور على أحياء، مما تم فهمه من قبل بعضهم أنه استلاء على المساعدات التي تذهب بدورها مباشرة في مرحلة توزيعها إلى مختلف المراكز التابعة للجنة الإغاثة والهلال الأحمر الليبي.

وبخصوص موقف المجلس الرئاسي الليبي الذي ذهب إلى أن الانقسام السياسي عطل وصول المساعدات باعتبار أن هناك جهات تعوق وصولها، رأى الصريط أن المجلس الرئاسي محق في كلامه حول أن قوات حفتر ترغب في الإشراف بشكل رسمي على وصول المساعدات، وهو ما رفضه الطرف الثاني الذي يرى أن قوات حفتر منعت بذلك حاملي المساعدات من مختلف المناطق الغربية من الوصول إلى المتضررين في الشرق الواقع تحت سيطرتها.

اقرأ المزيد

وصم اجتماعي

وفي ما يخص تواصل نداءات الاستغاثة التي تفيد بعدم وصول المساعدات، قال الصريط إنه بمجرد أن حطت العاصفة رحالها، توجه عدد كبير من الناجين إلى المناطق المرتفعة في جبل درنة مثل الجبيلة والفتائح باعتبارها مناطق آمنة، وبالتالي لم تُسجل بياناتهم لدى مراكز الإغاثة ونقاط توزيع المساعدات الغذائية التي تواجه إلى حد الآن صعوبات في رصد الأماكن الجديدة للمتضررين.

ودعا الصريط هؤلاء إلى تجاوز "الوصم الاجتماعي" والخجل من التسجيل في مراكز الإغاثة للحصول على حقهم في مياه الشرب والطعام والدواء لأن هذا الوضع من المحتمل أن يطول ويجب على الأهالي هناك التعود على إجراءات كهذه، إذ إن عدداً كبيراً منهم يرفضون التحول إلى مراكز الإغاثة، فالموضوع ليس عرفاً اجتماعياً بقدر ما هو عرف إنساني، وفق تعبيره.

انقسام درنة

من جهته، لم ينكر المتحدث الرسمي باسم الهلال الأحمر الليبي توفيق الشكري القصور في وصول المساعدات، قائلاً إن الحديث عن "عدم وصول المساعدات بشكل سريع أمر صحيح"، وعزا ذلك إلى سلم الأولوية الذي تتبعه عادة فرق الهلال الأحمر عند حدوث الكوارث، فتجند كل الإمكانات في مرحلة أولى لإنقاذ الأرواح البشرية، ثم يتم توزيع المساعدات في مرحلة لاحقة، وهو ما حصل بدرنة ومختلف المدن المنكوبة في الشرق الليبي.

وأردف أن انقسام مدينة درنة إلى جزءين عطل عمل الهلال الأحمر ومختلف فرق الإنقاذ والاغاثة لأن الفرق مطالبة بالتحرك نحو 400 كيلومتر حتى تصل إلى المتضررين في الجزء الشرقي لدرنة الذي يعيش صعوبات، خصوصاً أن البحر ابتلع قرابة 50 في المئة من مساحة درنة التي فقدت أيضاً قرابة 30 كيلومتراً من طرقاتها، مما أسهم في تعطل جهود الإغاثة على رغم توافر المساعدات وتنوعها بين غذائية وطبية.

ونوه الشكري إلى أن الأمور تزداد تنظيماً الآن وأن العمل جارٍ على إيصال الإغاثة الغذائية الأساسية إلى كل البيوت الآهلة بالسكان في درنة، بخاصة مع بدء فتح مسالك موقتة وبناء جسر ترابي يربط الجزء الغربي بالشرقي في المدينة، مما سيمكن الهلال الأحمر من الوصول إلى كل المتضررين بالجزء الشرقي للمدينة.

المزيد من تقارير