تعوّل الحكومة الانتقالية في السودان، التي ستبدأ مهامها مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، على 11 مفوضية مستقلة ستُشكّل لمعالجة وحل المشاكل التي تعاني منها البلاد، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. وتشمل هذه المفوضيات أربعاً تابعة للمجلس السيادي، وهي مفوضيات السلام والحدود والانتخابات والدستور، فيما تشمل المفوضيات الأخرى التابعة لمجلس الوزراء مفوضية المرأة والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد والأراضي وحقوق الإنسان وإصلاح الخدمة المدنية.
الحيادية اللازمة
يقول عضو المكتب السياسي في حزب الأمة القومي عثمان ضو البيت "تعتبر المفوضيات التي ستُكوّن مهمة جداً، ومن أبرزها مفوضية السلام لكونها تتعلق بحل الصراعات والحروب القائمة في مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. وهذه المفوضيات وُضعت أساساً لمعالجة وحل مختلف القضايا، خصوصاً مشاكل الأراضي والحواكير، فمعظم الصراعات المنتشرة في البلاد قائمة على هذا الأساس، وبالتالي لا بد من تخصيص جهات تكون مسؤولة عن هذه الملفات لبتّها بالسرعة المطلوبة".
ويشير ضو البيت إلى أنه من المهم أن يكون على رأس هذه المفوضيات شخصيات مشهود لها بالكفاءة والخبرات الطويلة، إضافةً إلى تمتعها بالحيادية اللازمة والإلمام التام بالعادات والتقاليد والقوانين التي تحكم المجتمع. وأوضح أن المفوضيات ستكون حارساً أميناً لما هو منصوص عليه في وثائق الحكم الانتقالي، فضلاً عن أنها تمثل الإطار الذي من خلاله يبدأ التحرك لتقصي المعلومات والحقائق وكيفية علاج المشاكل. كما تُعتبر هذه المفوضيات الأساس لإيجاد أرضية ثابتة لاستقرار البلاد والعمل على حل القضايا بمهنية وتراض وقبول من دون خلق صراعات.
وحددت هذه المفوضيات، وفق ضو البيت، على ضوء دراسات وورش عمل تناولت مجمل القضايا التي يعاني منها السودان وتحتاج إلى جهود حثيثة وكبيرة، مثل قضايا حقوق الإنسان والفساد الذي انتشر بشكل واسع، وكذلك الحال بالنسبة إلى قضايا المرأة وما عانته من قوانين النظام العام الجائرة، والأراضي وما حدث من تلاعب وتزوير وفساد بصورة لافتة، إلى جانب قضية إصلاح الخدمة المدنية التي تعرضت خلال فترة نظام الرئيس السابق عمر البشير إلى تدمير ممنهج.
وشدد على أهمية التريث في اختيار المتخصصين والقائمين على هذه المفوضيات حتى لا يحدث صراع داخلها، لافتاً إلى أن مشكلة السودان المعقدة تكمن في الصراعات والحروب لما فيها من استنزاف للموارد، إذ إنه لا يمكن إيجاد تنمية واقتصاد مستقرَّيْن وثابتَيْن في ظل الحروب المستعرة.
إيقاف الحرب
في السياق ذاته، أوضح القيادي في قوى الحرية والتغيير شمس الدين ضو البيت أن عدداً من هذه المفوضيات المستقلة التي تضمنتها وثائق الحكم الانتقالي كان في السابق جزءًا من الوزارات، لكن هناك مهام محددة في فترة الحكم الانتقالي المقبل تقتضي أن يكون هناك جسم لديه صلاحيات تمكنه من صياغة قوانين ومقترحات، فضلاً عن القدرة والإحاطة بمجمل ما يخص المجال المعني.
وأشار إلى أن مفوضية السلام تُعتبر من أهم المفوضيات وستكون لديها مسؤوليات كبيرة، لأن مهامها تتطلب تحركات سريعة ومتواصلة بغية إيقاف ويلات الحرب وتحقيق السلام العادل والمستدام في كل أنحاء السودان، موضحاً أن بعض المفوضيات ذات مهام دائمة، بينما هناك مفوضيات أخرى مؤقتة ينتهي دورها بإنجاز مهمتها التي وُضعت لها. أما المفوضيات الدائمة، فتشمل مفوضية مكافحة الفساد والأراضي وإصلاح الخدمة المدنية والعدالة الاجتماعية والمرأة.
وأضاف ضو البيت "يجب أن تكون هذه المفوضيات مستقلة في كل شيء، على أن تُمنح الصلاحيات الكافية التي تتيح لها الانطلاقة بقوة وفعالية، وهذا يتطلب أن يكون على رأسها أشخاص على دراية كافية ومؤهل علمي رفيع، فضلاً عن النزاهة"، لافتاً إلى أن القوانين المؤسسة لهذه المفوضيات لا تزال بحاجة إلى تطوير لتواكب تكوين المؤسسات ذاتها حتى تتمكن من القيام بدورها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يُذكر أن هذه المفوضيات تأتي ضمن بنود الإعلان الدستوري الذي وُقّع عليه في 17 أغسطس (آب) بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير في احتفال رسمي بالعاصمة الخرطوم.
والإعلان الدستوري هو الوثيقة التي تنظم مرحلة الحكم المدني الانتقالي المحددة بثلاث سنوات وثلاثة أشهر، التي يُفترض أن تؤسس لمرحلة جديدة يأمل السودانيون في أن تقودهم إلى مستقبل أفضل، بعد أشهر من الاحتجاجات ومواجهات دامية بين المتظاهرين وقوات الأمن، أدت إلى مقتل أكثر من 500 شخص وآلاف الجرحى.
وكان المجلس العسكري أعلن، الاثنين، عن تأجيل الكشف عن تشكيلة المجلس السيادي، الذي سيقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية، إلى الثلاثاء، بعدما كان مقرراً أن يُكشف عنها يوم الأحد.
وأوضح المجلس أن التأجيل جاء تلبيةً لطلب قوى الحرية والتغيير، بعد تراجعها عن بعض الأسماء التي قدمتها.