Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

450 مليون دولار يصرفها التونسيون على الدروس الخصوصية سنويا

انتشارها يهدد نظام التعليم العمومي ودعوات إلى التقنين

الدروس الخصوصية تستنزف موارد الأسر التونسية (أ ف ب)

ملخص

مهتمون اقترحوا تقديم "حصص دعم" في المدرسة موجهة فقط للطلبة الذين يشتكون صعوبات.

باتت ظاهرة الدروس الخصوصية في تونس تؤرق المسؤولين والمهتمين بالشأن التربوي، وفيما يرى فريق مواجهتها بكل السبل لمنعها بتاتاً، يعتقد آخرون بتقنينها وهيكلتها باعتبارها ظاهرة عالمية لا تتأثر بها تونس فقط.

وكشفت دراسة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن أن الكلفة السنوية للدروس الخصوصية في تونس تقدر بنحو 450 مليون دولار وتشمل فترة 10 أشهر الموافقة للسنة الدراسية.

وأشارت الدراسة التي نشرت بالتزامن مع العودة المدرسية إلى أن معدل التلاميذ الذين يلجأون إلى الدروس الخصوصية يقدر بـ67 في المئة ضمن المدارس الابتدائية و61 في المئة للمرحة الإعدادية و80 في المئة داخل المعاهد.

ويصل معدل الكلفة الشهرية للدروس الخصوصية إلى نحو 35 دولاراً بالنسبة إلى تلميذ المرحلة الابتدائية، والرقم نفسه لتلميذ الإعدادية، فيما يرتفع إلى 50 دولاراً للطالب في المرحلة الثانوية.

وبحسب الدراسة، فإن انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية يهدد مبدأ نظام التعليم العمومي، بخاصة أنها لا تستهدف التلاميذ الذين يعانون صعوبات في التعلم، بل باتت تشمل كل فئات التلاميذ بمن فيهم الموهوبون.

ظاهرة خطرة

تفيد رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط ريم بالخضيري في تصريح خاص بأنهم يحضرون حملة لسنة دراسية من دون دروس خصوصية، ووصفت الظاهرة بـ"الجائحة التي انتشرت في أوساط المدارس والعائلات التونسية" واعتبرتها "أموالاً مهدورة أسهمت في ظهور قطاع تعليم موازٍ".

وأضافت "الدروس الخصوصية انطلقت قبل بدء السنة الدراسية نفسها وهي لم تعد ظاهرة وحكراً على مستوى معين بل أصبحت ظاهرة خطرة تشمل كل الفئات ولا بد من مقاومتها"، موضحة أن "الطفل لم يعد يفكر ويحلل بنفسه وأصبح عبارة عن وعاء تسكب فيه المناهج التعليمية".

وتقول بالخضيري إن المنظمة اقترحت أن تكون هذه الدروس عبارة عن "حصص دعم" موجهة فقط للطلبة الذين يشكون صعوبات ويمكن أن تكون داخل المدرسة، مشيرة إلى أن مؤسستها بصدد التحضير لوضع "رقم أخضر" لأولياء الأمور من أجل التبليغ عن المدرسين الذين يقدمون دروساً خصوصية في فضاءات خاصة، تطبيقاً للقانون الذي وضعته وزارة التربية سابقاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينص الفصل السابع من الأمر عدد 1619 لعام 2015 على منع الدروس الخصوصية خارج فضاء المؤسسات العمومية بالنسبة إلى المدرسين العاملين بها، في المقابل تؤكد بعض الدراسات استفحال هذه الظاهرة خارج أسوار المدارس وحتى الجامعات.

من جهته قال وزير التربية محمد علي البوغديري إن الوزارة ستكون حريصة خلال السنة الدراسية الجديدة على منع الدروس الخصوصية خارج المؤسسات التربوية، وأضاف تزامناً مع العودة المدرسية أن "هناك تطابقاً في وجهات النظر مع الطرف النقابي حول هذه المسألة".

يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي تعلن فيها وزارة التربية التونسية رفضها للدروس الخصوصية بالطريقة العشوائية، لكن تبقى آليات تطبيق القانون غائبة وفق مهتمين بالشأن التربوي في البلاد.

تساوي الفرص

ويرى المربي بلقاسم إبراهيم أن "لا أحد يستطيع أن ينكر أن ظاهرة الدروس الخصوصية ليست حلاً من الحلول لإصلاح التعليم في تونس وإنما مرض أفرزته أزمة التعليم في بلادنا"، موضحاً أن "الدروس الخصوصية لم تحسن الحال المادية للمدرس ولم تحسن من المستوى العام للتلاميذ ولم تضع حداً لانقطاع عشرات آلاف التلاميذ سنوياً، بل عمقت التفاوت الاجتماعي وأضرت بتلاميذ العائلات المعوزة وزادت من تدهور أوضاعها المادية".

وأردف أنه "بطبيعة الحال، تختلف القدرات العقلية من تلميذ إلى آخر، وكثير منهم يحتاجون إلى المساعدة والأساليب تغيرت، وهناك عدد كبير من الأولياء لم يعد بمقدورهم مساعدة أبناءهم في مراجعة دروسهم"، معرباً عن اعتقاده بأنه "حتى تخلق المدرسة الفرص المتساوية بين الجميع يمكنها تنظيم دروس لا تسمى ’خصوصية‘ بل دروس تدارك أو دعم لمساعدة من يعرفون صعوبات في التعليم، وأن تكون مكافأة الأساتذة مادية بطريقة مدروسة".

المدرس النجم

رئيس جمعية جودة التعليم سليم قاسم يقول في تصريح خاص إن "ظاهرة الدروس الخصوصية عالمية وسوق كبيرة قيمتها في العالم تقدر بـ140 مليار دولار ومن المنتظر أن تصل عام 2026 إلى 200 مليار دولار"، مواصلاً "وهذا يدل على أهميتها ضمن مصادر التعلم في العالم بسبب الثورة التكنولوجية التي جعلت هذه السوق عابرة للحدود على غرار الهند التي طورت صناعة حقيقية للدروس الخصوصية الموجهة نحو أوروبا والولايات المتحدة الأميركية تحقق مداخيل كبيرة".

ومن بين أسباب انتشار تلك الظاهرة، بحسب قاسم، جائحة كورونا حينما أغلقت المدارس العمومية أبوابها في معظم دول العالم، وقال "حينها لم تكن معظم الدول جاهزة لتقديم خدمات نظامية للتعليم عن بعد، ومن بينها تونس للأسف، مما جعل الدروس الخصوصية تنتشر بطريقة عشوائية".

كذلك يعزو قاسم انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في العالم إلى "تراجع كل ما هو نظامي وإعطاء أهمية أكبر لكل ما هو غير نظامي"، موضحاً أن "الدروس غير صادرة عن هيكل حكومي يساعد الطلبة على التميز وعلى رغم ما يقال عنها من سلبيات فهي تلعب دوراً في دعم جودة مكتسبات الطالب، بخاصة في ظل التدني المتزايد لكفاءة بعض المدرسين الذين أصبحوا عملة نادرة في العالم باعتبار أن مهنة التعليم لم تعد جاذبة للكفاءات والمتميزين نظراً إلى ضعف العائد المالي لها، فضلاً عن تراجع منزلة المعلم في بعض المجتمعات".

وهنا يذكر قاسم التجربة الكورية التي طورت مكتسبات الطلبة بهذا النوع من التعليم غير النظامي ودروس الدعم التي اضطلعت بدور في تطوير مهارات التلميذ وتعزيز قدراته.

ويقول قاسم إن "الدروس تحول المدرس الجيد والكفء إلى نجم وهذا مشروع لأننا نقبل أن يكون لدينا فنان نجم ورياضي نجم، بالتالي يجب أن نقبل المعلم النجم ليكون مثالاً يحتذى به"، ويرى أن من سلبياتها في تونس عدم الهيكلة ووضعها في إطار قانوني لتكون أكثر نجاعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير