Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أسقطت تونس الضرائب من حساباتها في 2024؟

حكومة البلاد تجنب المواطنين والشركات تحديات الوضع الاقتصادي المتعثر

إعفاء الشركات الجديدة من الضرائب لمدة 3 سنوات باستثناء بعض القطاعات العقارية والتجارية (أ ف ب)

ملخص

مشروع قانون المالية لسنة 2024 اقترح النزول بنسبة الأداء على القيمة المضافة عند شراء السيارات الكهربائية من 19 إلى سبعة في المئة

تستعد تونس لاستقبال عام 2024 المليء بالتحديات الاقتصادية والمالية بحزمة إجراءات جديدة الهدف منها تنشيط الاقتصاد المتعثر وتحسين بيئة الأعمال بحفز الشركات عبر إجراءات وتشجيعات لإبداء مزيد من الصمود، لا سيما مع وجود عدد كبير منها لا يزال يعاني تبعات أزمة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية.

في انتظار إعلان تونس قانون استثمار ومجلة صرف حديثة ومتطورة جديدين يطويان حقبة لم تعط الإضافة المرجوة، تدخل البلاد، العام المقبل بمشروع قانون مالية جديد لن يتضمن ضرائب جديدة لا على الشركات ولا على المواطنين تخفيفاً لوطأة الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي.

تتوقع تونس تسجيل نسبة نمو في العام المقبل في حدود 2.1 في المئة، وتظل في نظر المتخصصين "ضعيفة جداً" ولن تساعد البلاد على الخروج من أزماتها وفي مقدمتها البطالة والاستثمار.

دعم المؤسسة الاقتصادية

وأعلنت وزيرة المالية سهام بوغديري أن مشروع قانون المالية لعام 2024 لن يتضمن ضرائب إضافية على المواطنين والشركات، وسيعمل على سن إجراءات من شأنها تحسين القدرة الشرائية للمواطنين.

وقالت خلال إشرافها على الدورة الأولى من المجلس الوطني للجباية إن الدولة حريصة على الأخذ في الاعتبار تداعيات الأزمات على الاقتصاد وعلى الأشخاص والشركات، متعهدة بتفادي إثقال كاهلهم بضرائب إضافية، مع العمل على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين وتشجيع إحداث المؤسسات الصغرى والمتوسطة.

وأوضحت أن مشروع قانون المالية لسنة 2024 سيتضمن إجراءات تتعلق بمواصلة دعم المؤسسة الاقتصادية ودفع الاستثمار ودعم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، إلى جانب مقاومة التهرب الضريبي وتكريس مزيد من الضمانات للمطالبين بالضريبة.

مساعدة الشركات الجديدة

ومن جانبه، كشف رئيس الغرفة النقابية الوطنية للمستشارين الجبائيين عضو المجلس الوطني للجباية، محمد صالح العياري، عن أن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة لن يتضمن ضرائب جديدة من شأنها أن تثقل كاهل الشركات والمواطنين.

وأفاد في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن النسخة الأولية من المشروع تضمنت إقرار امتيازات للشركات الجديدة من خلال إعفائها من الضرائب على الدخل وضريبة الشركات لمدة ثلاث سنوات باستثناء بعض القطاعات العقارية والتجارية، وأثنى على هذا الإجراء الذي قال إنه مهم جداً لمساعدة الشركات المحدثة على تجاوز السنوات الأولى من نشاطها وعدم إثقالها بضرائب قد تعجل بموتها بسرعة، وفق قوله.

وأشار إلى أن هذا القرار يندرج ضمن تحسين بيئة الأعمال في البلاد والتشجيع على الاستثمار في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، بخاصة من جهة مسألة تكوين الشركات.

واقترح المشروع بحسب المتحدث، التقليص من خطايا التأخير التي اعتبرها مجحفة مع الاتفاق على تسقيفها في دفع الضرائب التي لا يجب أن تتجاوز أصل الرسوم المطلوبة. وكشف عن أنه سيتم مواصلة العمل بإقرار خط تمويل الزراعات الكبرى من أجل حفز صغار المزارعين وتشجيعهم على تعاطي نشاط الزراعات الكبرى.

مراجعة جدول الضريبة على الدخل 2025

من جانب آخر قال محمد صالح العياري إن وزارة المالية أعلنت العمل بمراجعة جدول الضريبة على الدخل في 2025، موضحاً أن عدداً من أعضاء المجلس الوطني للجباية تمسكوا بأن تتم هذه المراجعة في 2024 من أجل المساعدة على تحسين القدرة الشرائية للموظفين والعاملين.

وفسر في هذا الصدد أن مراجعة جدول الضريبة على الدخل بخاصة للأجراء والموظفين في القطاعين العام والخاص باتجاه التقليص من الضرائب سيسمح آلياً بالترفيع في الأجور، مما يضفي مزيداً من الترفيع في القدرة الشرائية للمواطنين وإعادة رافعة الاستهلاك في البلاد التي اهترأت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.

وأعرب عن أمله في أن تتدارك وزارة المالية هذه المسألة بإعطاء رسائل إيجابية لعموم الأجراء بتحسين دخلهم من دون اللجوء إلى إقرار زيادات دورية في الأجور، مما سينعكس سلباً على زيادة نسبة التضخم، وفق رأيه.

مواصلة التشجيع على شراء السيارات الكهربائية

ومن جانبه، قال عضو المجلس الوطني للجباية ممثل المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية توفيق العريبي، إن مشروع قانون المالية لسنة 2024 اقترح النزول بنسبة الأداء على القيمة المضافة عند شراء السيارات الكهربائية من 19 إلى سبعة في المئة، في إطار مزيد من تشجيع المواطنين على اقتناء هذا الصنف من السيارات ضمن الانتقال نحو الطاقة النظيفة، الذي شرعت تونس في تجسيمه في السنوات الأخيرة.

وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن إجراء التخفيض من الأداء على القيمة المضافة عند اقتناء السيارات الكهربائية يعد مهماً، بعد أن أقرت وزارة المالية العام الماضي التقليص في نسبة الأداء على الاستهلاك عند شراء هذا الصنف من السيارات بنسبة 50 في المئة، لكنه اعتبر أن غلاء أسعار السيارات الكهربائية وإشكاليات وجود الأعمدة الكهربائية لشحن هذا النوع من السيارات حال دون الإقبال عليها في البلاد.

وأفاد من جانب آخر أن النسخة الأولية لمشروع قانون المالية للعام المقبل تضمنت عديداً من الإجراءات والقرارات التي وصفها بـ"الإيجابية"، لا سيما في مجال التشجيع على إحداث المؤسسات وبخاصة التقليص من الضرائب المفروضة على الشركات التونسية.

وكشف عن أنه تم سن عدد من الإجراءات من أهمها، وفق اعتقاده، تشجيع الشركات بخاصة الكبرى منها على الطرح في البورصة عبر حوافز جبائية، إضافة إلى حفز الشركات الناشئة على الطرح أيضاً في البورصة لتعبئة الأموال الضرورية.

الإنتاج الذاتي للكهرباء

من ضمن الإجراءات الأخرى التي أتى بها مشروع قانون المالية لسنة 2024 تشجيع الشركات التونسية على الإنتاج الذاتي للكهرباء والتوجه نحو الطاقات البديلة والنظيفة من خلال التشجيع على اعتماد الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء من خلال إسناد منحة بنسبة 30 في المئة من إجمالي إشغال تركيب اللوحات الشمسية، وفق العريبي، مشيراً إلى أهمية هذا الإجراء للتقليص من فاتورة استهلاك الكهرباء الباهظة التي تؤثر في القدرة التنافسية للشركات وبخاصة تفادي الإشكاليات التي تعيشها البلاد في الفترة الأخيرة.

وتضمن المشروع عدداً من الفصول التي تشجع على التوجه نحو الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الأزرق بإعادة تدوير الفضلات الصناعية ومعالجة المياه المستعملة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبخصوص الإجراءات الخاصة بدفع التشغيل والاستثمار، أبرز توفيق العريبي أن الوزارة أعادت برمجة عدد من الفصول في مشاريع قوانين المالية لعامي 2014 و2016، ودعا إلى مزيد من ترسيخ الثقة بين إدارة الجباية والفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين ووجوب فض النزاعات والإشكاليات بطريق أفضل.

وخلص إلى أن النسخة الأولية من مشروع قانون المالية للعام المقبل ما هي إلا مشروع أولي قابل للتطوير والتعديل، مشيراً إلى أن الحكومة ستودع المشروع الجديد 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على أن تنظر فيه لجنة الميزانية والمالية بمجلس النواب ثم عرضه على الجلسة العامة، الأمر الذي قد ينتج منه إمكانية إدخال تحويرات أخرى.

نقاط استفهام وغموض

وتعليقاً على مجمل الإجراءات الواردة بالنسخة الأولية لمشروع قانون المالية لاحظ المتخصص المالي، بسام النيفر، أن عدم الزيادة في المعاليم والضرائب على الشركات العام المقبل، لا سيما أن الضرائب تمثل المورد الأساس لتمويل الموازنة، قد يكون استثنائياً على رغم وجود ديون داخلية وخارجية (بالعملة المحلية والأجنبية) بين 3.2 و3.6 مليار دولار العام المقبل.

وتساءل في هذا السياق عن تركيبة موازنة العام المقبل لا سيما أن البلاد خرجت من عام اقتصادي متوسط، مرجحاً أنه على ضوء ما تقدم لن يكون هناك مصاريف كبيرة السنة المقبلة في حدود ثلاثة في المئة، مما يعني أن عائدات الضرائب لن تتجاوز ثلاثة في المئة أيضاً.

وربط عدم الترفيع في الضرائب العام المقبل بتحدي خلاص ديون خارجية كبيرة، البلاد مقدمة على دفعها في 2024، وتساءل عما إذا كان الجدول سيعول على مداخيل الصلح الجزائي (مصالحة مع رجال الأعمال الفاسدين والمتهربين من الضرائب) الذي أقره الرئيس قيس سعيد أو التعويل على التقليص من حجم كتلة الأجور من جراء عملية الغربلة للجهاز الإداري أو استقرار أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية.

وخلص إلى أنه في حال إقرار عدم ضرائب جديدة العام المقبل ستكون الضرائب مرتبطة بالتطور الاقتصادي الضعيف، بالتالي عدم إنجاز الاستثمارات العمومية الجديدة، مرجحاً سن إجراءات جديدة بخاصة في إطار المشروع الجديد لقانون الاستثمار في البلاد.

اقرأ المزيد