ملخص
أظهر الوباء عدم استقرار أي خطط طويلة الأجل لذلك ينفق المستهلكون على تجارب تحدث مرة واحدة في العمر لأنهم يشعرون بالقلق من المستقبل
من المفترض أن ينفق المستهلكون الأميركيون أقل مع أسعار الفائدة المرتفعة والتضخم المرتفع وسوق العمل الآخذة في البرود وفي ظل تقلص المدخرات الوبائية.
مع ذلك، يظل إنفاق الأسر الأميركية، المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي في البلاد قوياً، إذ أنفق الأميركيون أكثر بنسبة 5.8 في المئة في أغسطس (آب) الماضي، مقارنة بالشهر ذاته في العام السابق، وهو ما يتجاوز معدل التضخم الذي بلغ أقل من أربعة في المئة.
ازدهر اقتصاد السفر هذا الصيف، إذ سجلت شركة الطيران "دلتا إير لاينز" إيرادات قياسية في الربع الثاني، وباعت الشركة الأميركية تذاكر الحفلات الموسيقية والأحداث الرياضية "تيكيت ماستر" بأكثر من 295 مليون تذكرة في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، بزيادة 18 في المئة تقريباً على أساس سنوي.
ويقول الاقتصاديون والمستشارون الماليون، إن المستهلكين وضعوا حاجاتهم وأهدافهم قصيرة المدى فوق أهدافهم طويلة المدى وهو أمر طبيعي، ويرون أن هذه اللحظة مختلفة بعض الشيء.
وأظهر الوباء عدم استقرار أي خطط طويلة الأجل تتعلق بالصحة أو العمل أو الحياة اليومية لذا، فإن المستهلكين ينفقون على تجارب تحدث مرة واحدة في العمر لأنهم يشعرون بالقلق من أنهم قد لا يتمكنون من القيام بها لاحقاً.
ويقول مايكل ليرش الذي يشرف على فريق من المستشارين في بنك "ويلز فارغو"، لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "إنه ليس قراراً مليئاً بالندم، وليد اللحظة إنه عكس ذلك، إذ سأندم على عدم القيام بذلك".
ويحذر ليرش من أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت موجة الإنفاق هي لحظة عابرة أم إنها أمر طبيعي جديد، إذ ظل المستهلكون يشعرون بالإحباط إزاء التضخم فلا تزال أسعار عديد من السلع أعلى بكثير مما كانت عليه قبل بضع سنوات.
طفرة السفر
ويقول إلي بانك، الذي بدأت منصته عبر الإنترنت في السماح للعملاء بإنشاء مجموعات ادخارية لأهداف مختلفة في عام 2020، إن المستخدمين ينشئون مجموعات أكثر بنحو مرة ونصف المرة مثل السفر و"صناديق المرح" مقارنة بتلك المرتبطة بصناديق تخطيط على المدى الطويل.
ودخل الزوجان ليندسي وداريل برادشو في ديون بطاقات الائتمان لتمويل إجازة الربيع الماضي، وحجزا الرحلة بعد أسابيع قليلة فقط من ترك ليندسي، 37 عاماً، وظيفتها لتكون مقدمة رعاية بدوام كامل لابنهما البالغ من العمر ثماني سنوات، الذي لديه حاجات خاصة.
ويقول داريل برادشو المقاول العام البالغ من العمر 39 عاماً في سياتل، "لم يكن لدينا المال وقلنا، دعونا نفعل هذا على أي حال".
كلفت الرحلة الزوجين نحو 10 آلاف دولار، بما في ذلك ثلاث تذاكر طائرة بقيمة ألف دولار في اللحظة الأخيرة، و10 ليال في منتجع أربع نجوم بكلفة 385 دولاراً في الليلة وعديداً من الوجبات المتقنة.
وعلى رغم أن العائلة قررت إلغاء الاشتراكات وتقليص تناول الطعام بالخارج للمساعدة في تعويض الفاتورة، فإنهم يقولون إنهم غير نادمين، بخاصة أنهم تمكنوا من رؤية لاهاي قبل بضعة أشهر فقط من تدميرها بسبب حرائق الغابات القاتلة، في وقت تدفع المخاوف في شأن تغير المناخ بعض الناس إلى محاولة رؤية الأماكن قبل زوالها، ففي استطلاع شهري أجرته شركة "ديلويت" شمل 19 ألف مستهلك عالمي، كان تغير المناخ هو الموضوع الوحيد من بين 19 مصدر قلق مختلفاً أفاد المشاركون أنهم يشعرون بمزيد من القلق في شأنه خلال العام الماضي.
في حين يقول آخر هو جوش ريشنر، إنه خفض مساهمته التقاعدية بشكل كبير ليتمكن من تحمل تكاليف رحلة عبر البلاد شملت رحلة بحرية في ألاسكا بقيمة سبعة آلاف دولار حتى تتمكن عائلته من رؤية القمم الجليدية التي كانت تذوب بسرعة.
ويقول الرجل البالغ من العمر 35 عاماً، "لم أنفق هذا المبلغ الكبير في رحلة من قبل"، مضيفاً أن هذا الإنفاق كان مدفوعاً أيضاً بالوباء والخوف الصحي.
ومنذ نحو ستة أشهر، قرر ريتشنر وزوجته بيع منزلهما في كولومبوس بولاية أوهايو للسفر عبر البلاد مع طفليهما الصغيرين، ومن خلال عمله في المركز القانوني الوطني، وهي شركة محاماة تساعد المستهلكين على حل الديون، فهو يعرف العواقب المحتملة للعيش بطريقة تعطي الأولوية للحاضر، لكنه ليس قلقاً، وقال ريتشنر، "لقد وصلت للتو إلى نقطة حيث نأمل أن نفعل الشيء الذي كنا نتحدث عنه في يوم من الأيام، وسنفعله الآن، لن أقلق في شأن المال بعد الآن. ليس لدي ذلك الشعور في داخلي".
مشتريات تفاخر
وتقول الصحيفة، إن المستهلكين قد لا يتمكنون من الاستمرار في التبذير إلى الأبد، إذ يمكن أن تؤدي الإضرابات العمالية وسداد القروض الطلابية إلى انسحاب الناس من التبذير، إضافة إلى أن ارتفاع الأسعار قد يعوق السفر.
وفي مسح إنفاق الأسر الذي أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك في أغسطس (آب) الماضي، أفادت الدراسة، بأن الأسر أنفقت زيادة بنسبة 5.5 في المئة عن العام الماضي، وارتفعت نسبة الأسر التي قالت إنها قامت بعملية شراء كبيرة واحدة في الأقل في الأشهر الأربعة السابقة إلى 64 في المئة من 57 في المئة، وهي أعلى قراءة منذ أغسطس 2015.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول مستشار البحوث الاقتصادية لشؤون الأسرة والسياسة العامة في بنك الاحتياطي الفيدرالي ويلبرت فان دير كلاو، "في الوقت الطبيعي عندما يكون التضخم أعلى، وأيضاً أسعار الفائدة أعلى، لا تتوقع أن يصمد الإنفاق بشكل جيد".
وبدلاً من تحويل كل ما لديهما من أموال احتياطية إلى حساب منزل أو حساب تقاعد، أنشأت كانديس وياسمين كيلي صندوقاً مالياً بعد حضورهما جنازات متتالية قبل بضعة أشهر. ويضيف الزوجان بضع مئات من الدولارات من رواتبهما كل شهر إلى الصندوق، الذي استخدماه لتجربة قوائم تذوق المطاعم الفاخرة وشراء حقيبة يد ياسمين التي تحلم بها.
وبدلاً من انتظار قضاء وقت ممتع عندما يتقاعدان، تقول كانديس، وهي محللة إدارية تبلغ من العمر 26 عاماً وتعيش في شارلوت بولاية نورث كارولاينا، إنهما راغبتان في الاستمتاع بأموالهما وهم صغار، حتى لو كان ذلك يعني العمل لفترة أطول.
وتقول كانديس، "جميع القواعد الموجودة حول المال وأسلوب الحياة هي مجرد أشياء اخترعها الناس، لذلك نحن نلعب لعبة مختلفة، وبصراحة أعتقد أننا نستمتع أكثر".