ملخص
الذهب يواصل التراجع والأونصة تسجل مستوى 1831 دولاراً
يواجه الذهب منافسة شديدة هذا العام باعتباره الملاذ المفضل للمستثمرين الحذرين، واستقرت أسعاره عند 1831.8 دولار للأونصة في تعاملات نهاية الأسبوع الماضي، وهو أدنى إغلاق لها منذ مارس (آذار) الماضي أي أدنى مستوى في سبعة أشهر، ويأتي ذلك بعد انخفاض سعر المعدن الثمين خلال الأشهر القليلة الماضية، مع تسارع عمليات البيع في الأسابيع الأخيرة بسبب ارتفاع عوائد السندات والدولار.
ويميل المستثمرون إلى تفضيل السندات الحكومية على الذهب عندما تكون العائدات مرتفعة، لأنها تقدم مدفوعات كوبونات منتظمة، وارتفاع قيمة العملة الأميركية يجعل شراء الذهب أكثر كلفة بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب، وهو سعر مقوم بالدولار.
وعلى خلفية بيانات تقرير الوظائف الأميركية، ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.6 في المئة إلى مستوى 106.96 نقطة، فيما صعدت العملة الأميركية أمام الين بنسبة 0.75 في المئة إلى مستوى 149.46 ين.
وفي وقت سابق من العام الحالي، قفزت أسعار الذهب إلى مستوى شبه قياسي، إذ أدى انهيار عديد من البنوك الإقليمية الأميركية والتضخم الثابت إلى دفع المستثمرين إلى البحث عن ملجأ من اضطرابات السوق. ويراهن المستثمرون أيضاً على أن الأزمة المصرفية ستدفع بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التحول عن حملته لرفع أسعار الفائدة، وهي خطوة يمكن أن تعزز أيضاً الشهية للذهب.
ومنذ ذلك الحين، استقر القطاع المصرفي، وظلت سوق العمل والاقتصاد في الولايات المتحدة يتمتعان بمرونة ملحوظة على رغم دورة رفع أسعار الفائدة التاريخية التي أقرها بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأمر الذي أثار المخاوف من أن البنك المركزي قد يبقي أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول.
الذهب يتصدر قائمة المستفيدين من التضخم
وفيما استفاد المعدن النفيس من موجة التضخم التي ضربت جميع الاقتصادات واتجاه البنوك المركزية إلى تشديد السياسة النقدية ورفعت أسعار الفائدة إلى معدلات قياسية، لكن البنك المركزي الأميركي كشف في اجتماعات سبتمبر (أيلول) الماضي، أنه من المرجح أن يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام ويبقيها مرتفعة حتى عام 2024، مما يرسل عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد من الزمن ويغذي ارتفاع الدولار.
وتعرض الذهب لضربة قوية، وكذلك أسهمت شركات تعدين المعادن الثمينة، وخسرت أسهم شركة "باريك غولد" بنسبة 11 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وانخفضت أسهم شركة "كينروس غولد" بنسبة ثلاثة في المئة، فيما تراجعت أسهم شركة "نورثام بلاتنيوم" بنسبة 22 في المئة.
وانخفض صندوق "إي بي دي آرغولد شيرز" المتداول في البورصة، وهو صندوق شائع يتتبع أداء الذهب المادي، بنسبة خمسة في المئة خلال الفترة نفسها، وعلى رغم هذه الموجة من الخسائر لكن لا يرفض المستثمرون المعدن النفيس كأحد أهم الملاذات الآمنة في أوقات عدم اليقين الاقتصادي أو خلال موجات الخسائر التي تضرب أسواق الأسهم.
يقول المدير المالي لشركة "كوستكو"، ريتشارد غالانتي، خلال مكالمة أرباح الشركة، الأسبوع الماضي، إن بائع التجزئة يبيع عادة سبائك الذهب التي تزن أونصة واحدة في غضون ساعات قليلة بعد إعادة تخزينها على الموقع الإلكتروني. ويتوقع كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "تيليموس"، مات دميتريسزين، أن يتم تداول أسعار الذهب بين 1700 و1900 دولار خلال الأشهر الستة المقبلة، وتمتلك شركته مركزاً صغيراً في صندوق متداول في البورصة يمتلك سبائك ذهب فعلية، وتخطط للاحتفاظ بها كتحوط ضد عدم اليقين في الأسعار. أضاف "هناك دائماً خطر حدوث بعض الأحداث غير المتوقعة".
البنوك المركزية تواصل التوسع في شراء الذهب
ووفق بيانات حديثة لمجلس الذهب العالمي، أضافت البنوك المركزية العالمية نحو 77 طناً من الذهب إلى احتياطاتها الرسمية خلال أغسطس (آب) 2023، لترتفع إلى 35.683 ألف طن، وكانت الصين وبولندا وتركيا من المشترين الرئيسين مرة أخرى في أغسطس الماضي.
وأشار مجلس الذهب العالمي، إلى أنه مع الاقتراب من الربع الرابع، تظل البنوك المركزية في طريقها لتحقيق إجمالي سنوي قوي لمشتريات الذهب، وتزيد مشتريات البنوك المركزية بنسبة 38 في المئة خلال أغسطس مقارنة بمشتريات يوليو (تموز) الماضي.
وخلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس 2023، بلغ صافي مشتريات البنوك المركزية مجتمعة نحو 219 طناً، وهو ما يفوق بشكل مريح صافي المبيعات المجمعة في شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار) البالغة 96 طناً.
ويشهد الذهب طلباً ملحوظاً باعتباره أحد الملاذات الآمنة وقت الأزمات، وسط تصاعد حدة التداعيات الاقتصادية المصاحبة للحرب الروسية في أوكرانيا، إلا أنه يواجه ضغوطاً من حين لآخر جراء رفع أسعار الفائدة وقوة الدولار الأميركي.
وأشار مجلس الذهب إلى أن الاتجاه طويل الأجل للطلب الصحي من البنوك المركزية لا يزال قائماً، وأفاد التقرير، "تشير عملية الشراء الأخيرة هذه إلى أننا تجاوزنا الآن صافي البيع الذي شهدناه في أبريل ومايو، الذي كان مدفوعاً في المقام الأول بعمليات البيع المكثفة وغير الاستراتيجية من تركيا".
أضاف "لا يزال الشراء كبيراً ولكنه يقتصر على عدد صغير من البنوك. ومرة أخرى، قاد بنك الشعب الصيني البنوك مضيفاً 29 طناً أخرى خلال الشهر. وبذلك يصل صافي مشتريات الصين السنوية إلى 155 طناً".
وارتفعت حيازات "المركزي" الصيني من الذهب إلى 2165 طناً في نهاية أغسطس الماضي، وهو ما يمثل ما يزيد قليلاً على أربعة في المئة من إجمالي الاحتياطات.