ملخص
دفعت موجة الإقبال على الملاذات الآمنة عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى خفض بمقدار 8 نقاط أساس لتصل إلى 3.916 في المئة
واصلت أسواق آسيا والمحيط الهادئ عمليات البيع اليوم الإثنين وسط تصاعد المخاوف من حرب تجارية عالمية أشعلها فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية، مما غذى حال من العزوف عن الأخطار.
وقادت أسواق هونغ كونغ الخسائر في المنطقة، إذ تراجع مؤشر "هانغ سنغ" بنسبة 10.37 في المئة، وانخفض مؤشر "سي أس آي 300" الصيني بنسبة 6.31 في المئة.
أما في اليابان، فخسر مؤشر "نيكاي 225" القياسي 6.20 في المئة ليصل إلى أدنى مستوياته في 18 شهراً، في حين هوى المؤشر الأوسع "توبكس" بنسبة 6.50 في المئة. وجرى تعليق التداول في العقود الآجلة اليابانية في وقت سابق من اليوم بعد تفعيل قواطع التداول نتيجة الانخفاض الحاد.
وفي كوريا الجنوبية تراجع مؤشر "كوسبي" بنسبة 4.74 في المئة، بينما هبط مؤشر "كوسداك" للأسهم ذات القيمة السوقية الصغيرة بنسبة 4.01 في المئة.
وواصل مؤشر "أس أند بي 200" الأسترالي خسائره ليتراجع بنسبة 3.87 في المئة، ودخل المؤشر في منطقة التصحيح بعدما انخفض بنسبة 11 في المئة منذ آخر ذروة بلغها في فبراير (شباط) الماضي، وذلك في جلسته السابقة.
أما في الهند، فتراجع المؤشر القياسي Nifty 50 بنسبة 3.85 في المئة عند الافتتاح، في حين هبط المؤشر الأوسع BSE Sensex 5.29 في المئة.
على المستثمرين "تناول دوائهم"
وراهن المستثمرون على أن تزايد أخطار الركود الاقتصادي قد يدفع نحو خفض أسعار الفائدة الأميركية في أقرب وقت ممكن، ربما بحلول مايو (أيار) المقبل.
وتحركت أسواق العقود الآجلة بسرعة لتسعير ما يقارب خمسة خفوض ربع نقطة في أسعار الفائدة الأميركية هذا العام، مما أدى إلى تراجع حاد في عوائد سندات الخزانة الأميركية وأضعف أداء الدولار.
وجاء هذا التدهور في الأسواق بعدما قال الرئيس دونالد ترمب للصحافيين إن على المستثمرين "تناول دوائهم"، مؤكداً أنه لن يبرم صفقة مع الصين قبل تسوية العجز التجاري الأميركي. وفي المقابل أعلنت بكين أن الأسواق قد عبرت بالفعل عن رأيها في شأن خططها للرد بالمثل.
وقال كبير محللي العملات الأجنبية في شركة " ITC ماركتس" في سيدني شون كالو لوكالة "رويترز"، "الوسيلة الحقيقية الوحيدة لوقف النزف هي مهاتفة الرئيس ترمب، لكنه لا يظهر أي مؤشر إلى أن انهيار السوق يزعجه بما يكفي لإعادة النظر في سياسة كثيراً ما آمن بها لعقود".
وكان المستثمرون يعتقدون أن خسارة تريليونات الدولارات من الثروات والضربة المحتملة للاقتصاد ستدفع ترمب إلى إعادة النظر في خططه.
وقال رئيس قسم الاقتصاد في "جيه بي مورغان" بروس كاسمان "إن حجم وتأثير السياسات التجارية الأميركية إذا استمرت سيكون كافياً لتحويل الاقتصاد الأميركي والعالمي، الذي لا يزال يتمتع بصحة جيدة، إلى حال ركود"، مقدراً احتمال حدوث تراجع اقتصادي بنسبة 60 في المئة. وأضاف "ما زلنا نتوقع أول خفض للفائدة من الاحتياطي الفيدرالي في يونيو (حزيران) المقبل، لكننا نعتقد الآن أن اللجنة ستجري خفضاً في كل اجتماع حتى يناير (كانون الثاني) المقبل، مما سيخفض الحد الأعلى لنطاق معدل الفائدة إلى 3 في المئة".
وتراجعت العقود الآجلة لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 3.1 في المئة في تداولات متقلبة، بينما هوت العقود الآجلة لمؤشر "ناسداك" بنسبة 4.0 في المئة، مضيفة إلى خسائر الأسبوع الماضي التي بلغت نحو 6 تريليونات دولار من القيمة السوقية.
وامتد الألم إلى أوروبا أيضاً، حيث انخفضت العقود الآجلة لمؤشر "يورستوكس 50" بنسبة 3.0 في المئة، وخسرت العقود الآجلة لمؤشر "فوتسي" 2.7 في المئة، بينما تراجعت العقود الآجلة لمؤشر "داكس" بنسبة 3.5 في المئة.
وتراجعت الأسهم القيادية الصينية (CSI300) بنسبة 4.4 في المئة، بينما يترقب المستثمرون ما إذا كانت بكين سترد بمزيد من إجراءات التحفيز. أما المؤشر الرئيس في تايوان (TWII)، الذي كان مغلقاً الخميس والجمعة، فهوى بنحو 10 في المئة، مما دفع السلطات إلى اتخاذ خطوات للحد من عمليات البيع على المكشوف.
انخفاض أسعار الذهب والنفط
وأدت النظرة المتشائمة للنمو العالمي إلى إبقاء أسعار النفط تحت ضغط شديد، وذلك بعد الخسائر الحادة التي تكبدتها الأسبوع الماضي.
وانخفض خام "برنت" بمقدار 1.35 دولار ليصل إلى 64.23 دولار للبرميل، بينما تراجع الخام الأميركي بمقدار 1.395 دولار إلى 60.60 دولار للبرميل.
وفي آسيا هبط مؤشر "نيكاي الياباني" بنسبة 6 في المئة ليصل إلى مستويات لم يشهدها منذ أواخر عام 2023، بينما تراجع مؤشر "كوسبي" في كوريا الجنوبية بنسبة 5 في المئة. أما المؤشر الأوسع نطاقاً لأسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان التابع لـ(MSCI)، فانخفض بنسبة 3.6 في المئة.
ودفعت موجة الإقبال على الملاذات الآمنة عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى الانخفاض بمقدار 8 نقاط أساس لتصل إلى 3.916 في المئة، في حين قفزت عقود الفائدة الآجلة لتسعر خفضاً إضافياً بمقدار ربع نقطة مئوية من "الاحتياطي الفيدرالي" هذا العام.
وتحولت الأسواق لتظهر احتمالاً بنسبة تقارب 56 في المئة بأن يقدم "الفيدرالي" على خفض أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن في مايو المقبل، على رغم أن رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول قال الجمعة إن البنك المركزي "ليس في عجلة" من أمره في شأن أسعار الفائدة.
هذا التحول في التوقعات نحو موقف أكثر تيسيراً من الفيدرالي دفع الدولار إلى التراجع بنسبة 0.4 في المئة إضافية مقابل الين الياباني، ليصل إلى 146.26 ين، فيما استقر اليورو عند 1.0961 دولار. وفقد الدولار 0.6 في المئة من قيمته أمام الفرنك السويسري، في حين هبط الدولار الأسترالي – الحساس للتجارة – بنسبة 0.4 في المئة أخرى.
ارتفاع الكلف سيضغط على هوامش الأرباح
ويراهن المستثمرون أيضاً على أن التهديد الوشيك بركود اقتصادي سيتفوق على الزيادة المحتملة في التضخم الناتجة من الرسوم الجمركية. ومن المتوقع أن تظهر بيانات أسعار المستهلكين الأميركية المقررة في وقت لاحق هذا الأسبوع ارتفاعاً جديداً بنسبة 0.3 في المئة في مارس (آذار) الماضي، إلا أن المحللين يفترضون أنه مجرد مسألة وقت قبل أن تؤدي الرسوم إلى ارتفاع حاد في الأسعار، من المواد الغذائية إلى السيارات.
ومن المتوقع أن يضغط ارتفاع الكلف كذلك على هوامش أرباح الشركات، تزامناً مع انطلاق موسم نتائج الأرباح، مع استعداد بعض البنوك الكبرى للإعلان الجمعة، ومن المتوقع أن تعلن نحو 87 في المئة من الشركات الأميركية نتائجها بين الـ11 من أبريل (نيسان) الجاري والتاسع من مايو المقبل.
وقال محللو "غولدمان ساكس" في مذكرة "نتوقع أن عدداً أقل من المعتاد من الشركات سيقدم توقعات مستقبلية للربع الثاني من هذا العام أو للعام الكامل 2025 خلال مكالمات الأرباح المقبلة". وأضافوا "سيضطر عديد من الشركات إما إلى رفع الأسعار، وإما إلى قبول هوامش أرباح أقل بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية. نتوقع مراجعات سلبية لتقديرات هوامش الأرباح خلال الفصول المقبلة".
وحتى الذهب لم يسلم من موجة البيع، إذ تراجع بنسبة 0.3 في المئة إلى 3026 دولاراً للأونصة، وترك هذا التراجع المتعاملين في حيرة، متسائلين عما إذا كان المستثمرون يجنون الأرباح من حيث يستطيعون لتغطية الخسائر أو طلبات الهامش في أصول أخرى، في ما قد يتحول إلى موجة بيع ذاتية التغذية.