ملخص
أضاف الصينيون عاملاً جديداً لاضطراب سوق السندات الأميركية بالتخلص بقدر كبير مما بحوزتهم من سندات الخزانة
على رغم محاولة رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي طمأنة الأسواق في تصريحاته قبل يومين بأن البنك سيتعامل بحذر مع سياسة التشديد النقدي (رفع سعر الفائدة وسحب السيولة من السوق)، فإن أسواق الأسهم شهدت هبوط مؤشراتها مع ارتفاع العائد على سندات الخزانة وتراجع أسعارها. ويتناسب معدل العائد عكسياً مع قيمة السند، وتشهد سوق السندات اضطراباً مستمراً في الأسابيع الأخيرة مع ارتفاع أسعار الفائدة وعوامل أخرى.
وأضيف إلى تلك العوامل ما كشفته بيانات وزارة الخزانة الأميركية حول حيازة سندات الدين السيادي الأميركية، إذ أظهرت الأرقام هذا الأسبوع أن المستثمرين الصينيين، وهم من أكبر المشترين لسندات الخزانة الأميركية، تخلصوا مما بحوزتهم من السندات والأسهم الأميركية بأكبر قدر في أغسطس (آب) وبمعدل غير مسبوق منذ أربع سنوات.
وتخلص مستثمرون مؤسساتيون صينيون مثل بنك الشعب الصيني ومستثمرون صينيون خواص وصناديق مما تصل قيمته إلى 15 مليار دولار معظمها من سندات الخزانة الأميركية التي بلغ إجمالي مبيعاتها في تلك الفترة 21.2 مليار دولار، أي إن نصيب المستثمرين الصينيين من حجم التخلص من سندات الدين الأميركية وصل إلى ثلاثة أرباع مبيعاتها في ذلك الشهر، بينما وصلت مبيعات المستثمرين الصينيين من الأسهم الأميركية التي بحوزتهم إلى خمسة مليارات دولار الشهر قبل الماضي.
أسباب البيع الصيني
مع أن الزيادة الهائلة في مبيعات المستثمرين الصينيين لسندات الخزانة الأميركية قد تكون مبررة في ظل اضطراب سوق السندات أخيراً، إلا أن بعض المحللين يرجعون ذلك أيضاً إلى محاولات البنك المركزي الصيني دعم العملة الوطنية، اليوان، والعمل على استقرار سعر صرفه مقابل الدولار.
وقال المدير المشارك في شركة "أس بي أي آسيت مانجمنت" ستيفن إنس في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" عن تفسير تخلص الصينيين من سندات الخزانة الأميركية، "هناك تكهنات قوية في السوق بأن هذا التحرك يعكس توجه الصينيين لتسييل ما بحوزتهم من سندات الخزانة لزيادة احتياطاتهم من النقد الأجنبي للدفاع عن اليوان في ظل تراجعه".
وفقد اليوان نسبة 5.7 في المئة من قيمته مقابل الدولار منذ بداية هذا العام، ويعود ذلك إلى الفارق الكبير في أسعار الفائدة العالية على الدولار والمنخفضة في الصين، وهذا ما يجعل المستثمرين الأجانب يسحبون أموالهم من الأصول الصينية ويستثمرونها في أصول دولارية أميركية للحصول على عائد أعلى بسبب ارتفاع سعر الفائدة.
ارتفع العائد على سندات الخوانة الأميركية متوسطة الأجل لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له منذ عام 2007 هذا الأسبوع، وتعد تلك السندات المؤشر القياسي لأسواق السندات حول العالم، ويعني ارتفاع العائد انهيار قيمتها نتيجة عمليات البيع الكبيرة لها، وارتفع العائد على سندات الخزانة طويلة الأجل لمدة 30 عاماً إلى أكثر من خمسة في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتلك السندات الأخيرة هي التي تستخدم عادة من قبل المقرضين، كالبنوك وغيرها، لضمان القروض العقارية وغيرها من القروض طويلة الأمد للمستهلكين. ويعني ارتفاع العائد وتراجع سعر السند أن ترفع مؤسسات الاقراض كلفة الاقتراض على المقترضين، كما أن أكبر الحائزين لسندات الخزانة، متوسطة وطويلة الأجل، هي صناديق معاشات التقاعد التي تضمن بها دخلاً ثابتاً للوفاء بالتزاماتها الشهرية تجاه المشتركين فيها، ويعني تدهور قيمتها انخفاض قيمة ادخار معاشات التقاعد تلك.
اضطراب السندات والأسعار
لا يقتصر تأثير اضطراب سوق السندات على زيادة مشكلات الأسواق المالية فحسب، ولا حتى تأثير ذلك المباشر على معدلات النمو الاقتصادي واحتمالات الركود، بل إن الارتفاع الكبير في معدلات العائد وهبوط قيمة السندات يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغط على الإنفاق الاستهلاكي نتيجة ارتفاع الأسعار، وذلك ما حذر منه رئيس أكبر صندوق إدارة أصول في العالم في مقابلة مع الصحيفة هذا الأسبوع.
وحذر رئيس صندوق "بلاكستون" جوناثان غراي، من أن ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأميركية سيضر بالمستهلكين قريباً ويزيد من تباطؤ الاقتصاد. وأضاف "حين تصل كلفة القرض العقاري الذي مدته 30 عاماً أو قرض شراء سيارة إلى نسبة ثمانية في المئة فإن ذلك سيؤثر بتأكيد سلوك المستهلكين"، أي إن الأسر ستقلل من إنفاقها الاستهلاكي بما يشطب قدراً معقولاً من نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويضيف "هناك بالتأكيد تأثير في كل الأصول حين يصبح هذا وضع سندات الخزانة متوسطة الأجل لمدة 10 سنوات".
وتوقع غراي أن سياسة الاحتياطي الفيدرالي في شأن الفائدة عامل أساسي في ضمان استقرار سوق السندات. وقال "حين تستقر أسعار الفائدة ويبدو واضحاً أن الاحتياطي الفيدرالي توقف عن سياسة التشديد النقدي وحين يستقر وضع سندات الخزانة متوسطة الأجل لمدة 10 سنوات، عند ذلك يشعر المستثمرون أنهم على أرض صلبة لاتخاذ قرارتهم الاستثمارية... ويتوقف التوجه نحو بيع الأعمال والأصول ويبدأ التمويل وتضييق الفارق بين الدين وحجم السيولة".