ملخص
يعمل الجيش الإسرائيلي خلال اقتحاماته المتواصلة كل ليلة على تنفيذ عمليات عسكرية تتنوع بين اعتقال فلسطينيين والقضاء على خلايا مسلحة
تخشى إسرائيل من فتح جبهة جديدة ضدها في الوقت الذي لا تزال تشن فيه غاراتها المكثفة على قطاع غزة، ولذلك فرض الجيش الإسرائيلي إجراءات عسكرية مشددة على مدن الضفة الغربية، وأعاق التواصل في ما بينها.
وقتل الجيش الإسرائيلي 100 فلسطيني تقريباً منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري في الضفة الغربية، واعتقل أكثر من 1300 آخرين، بهدف "القضاء على المسلحين وإحباط هجماتهم" على حد تعبيره.
وكانت الضفة الغربية تشهد تصاعداً في وتيرة أعمال العنف حتى قبل هجوم "حماس" والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن موجة العنف تصاعدت بشكل كبير.
ومنذ بداية العام الجاري قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 322 فلسطيني، فيما سقط 30 إسرائيلياً برصاص مسلحين فلسطينيين في الضفة.
ويتهم الجيش الإسرائيلي حركة "حماس" بمحاولة فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، واصفاً "التهديد بالمرتفع".
وفي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء، حذر المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاندد من أن "خطر حدوث مزيد من التدهور للوضع في الضفة الغربية لا يزال كبيراً"، مشيراً إلى أن "العنف فيها زاد بشكل لافت منذ بداية الحرب".
وحثت الإدارة الأميركية السلطة الفلسطينية على "مواصلة، وتعزيز الخطوات لاستعادة الهدوء والاستقرار في الضفة".
وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل أيام "على أهمية الحفاظ على الهدوء والاستقرار في الضفة الغربية".
لكن ما يجري في الضفة الغربية من اقتحام يومي للجيش الإسرائيلي لمراكز المدن والقرى والبلدات يبقى بالنسبة إلى الفلسطينيين "لا يذكر"، مقارنة بسقوط نحو ستة آلاف قتيل من مواطنيهم في قطاع غزة في غارات للطائرات الإسرائيلية سوت مربعات سكنية بأكملها بالأرض.
اقتحامات ليلية
ويعمل الجيش الإسرائيلي خلال اقتحاماته المتواصلة كل ليلة على تنفيذ عمليات عسكرية متنوعة بين اعتقال فلسطينيين والقضاء على ما يصفها "خلايا مسلحة رداً على هجماتها، وإحباط هجمات أخرى قبل وقوعها".
وقبل أربعة أيام قتل الجيش الإسرائيلي 13 فلسطينياً بينهم خمسة أطفال إثر عملية عسكرية شنها في مخيم "نور شمس" قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.
واستمرت تلك العملية نحو 30 ساعة، قتل خلالها ضابط إسرائيلي، وخلفت دماراً واسعاً في المخيم.
وقال الجيش الإسرائيلي إن العملية استهدفت "القضاء على المطلوبين والمسلحين"، غير أن العشرات منهم ظهروا وسط المخيم فور انسحاب قوات الجيش.
وردد أحد المسلحين في المخيم أن "الجيش الإسرائيلي يريد قتل روح المقاومة، لكنه فشل اليوم كما في السابق، ولن يقدر على فعل ذلك".
ولجأ الجيش الإسرائيلي قبل ثلاثة أيام إلى استخدام طائرات حربية لقصف نفق أسفل مسجد في مخيم جنين وصفه بـ "ممر إرهابي تحت الأرض"، وقتل فيه شخصين من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
وقال الجيش الإسرائيلي إن المسلحين "استخدموا المسجد قاعدة لتخطيط وتنفيذ هجمات، بما في ذلك تفجير عبوة ناسفة أخيراً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دهم مسجد
وكان الجيش الإسرائيلي دهم في يوليو (تموز) الماضي المسجد، وقال إنه عثر بداخله على فتحتي أنفاق مترابطتين، ومتفجرات وأسلحة ومعدات عسكرية منتشرة في أنحاء المسجد وداخل الفتحتين.
وتحولت الشوارع الرئيسة الواصلة بين شمال الضفة الغربية وجنوبها إلى شبه خاوية من الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين، وذلك بسبب خوف الجانبين من هجمات متبادلة، حيث هاجم مستوطنون قرى عدة في شمال الضفة الغربية، بخاصة في جنوب نابلس.
وقتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون ستة فلسطينيين في قرية قصرى، كما أحرق مستوطنون آخرون مركبات للفلسطينيين في قرية حوارة.
كما أحرق المستوطنون مساء أمس الثلاثاء، منزلاً غير مأهول على أطراف قرية تلفيت جنوب نابلس.
وأشار الناشط في مقاومة الاستيطان صالح الخواجا إلى أن حملة الاعتقالات الضخمة لمئات الفلسطينيين "قللت من تصاعد عمليات المقاومة في الضفة الغربية".
وقال خواجا، إن تراجع الهجمات يأتي أيضاً بسبب سعي الجيش الإسرائيلي إلى "ضرب كل القوى المنظمة، وغياب القدرة على عملية البناء المنظم لأجهزة متكاملة سياسياً وعسكرياً في داخل مناطق الضفة الغربية".
ويتحرك الجيش الإسرائيلي في الضفة كما يشاء، حتى في المناطق الخاضعة للسيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية.
الأحزاب الدينية
من جهته، رأى المحلل السياسي خليل شاهين أن الضفة الغربية تشكل "جوهر استهداف المشروع الصهيوني بخاصة الأحزاب الدينية الحاكمة في إسرائيل". وأضاف شاهين أن تلك الأحزاب مدعومة من الجيش الإسرائيلي "تعمل على ضم الضفة الغربية لإسرائيل، ومحاولة تهجير الفلسطينيين منها".
وأوضح شاهين أن "الضفة الغربية تتوفر فيها دائماً عناصر لتفجر الأوضاع، على رغم عمليات الاعتقال والضربات الاستباقية".
واعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن "جرأة الجيش الإسرائيلي ارتفعت في ظل الحرب على قطاع غزة، حيث قصفت طائرات مسجداً في جنين".
وأشار منصور إلى أن إسرائيل تمتلك معلومات هائلة عن أنشطة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وبأنها تستهدف الخلايا المسلحة فيها لإحباط أي هجمات مستقبلية".