Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الخارجية السعودية" ترحب بطرفي النزاع السوداني وتعلن استئناف التفاوض

الجيش يصعد برياً بالخرطوم و"الدعم السريع" تسيطر على نيالا ثاني أكبر مدن البلاد

تواصلت المعارك العنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور (مواقع التواصل)

ملخص

معارك ضارية جنوب دارفور عشية انطلاق مفاوضات جدة اليوم

استأنف طرفا النزاع في السودان مفاوضاتهما في مدينة جدة السعودية بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ ستة أشهر، التي أودت بحياة أكثر من تسعة آلاف شخص، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية السعودية، الخميس.

وقالت الوزارة في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس) "ترحب المملكة العربية السعودية باستئناف المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع في مدينة جدة بتيسير من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية".

وكان مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية طلب عدم كشف هويته أشار، أمس الأربعاء، إلى أن "الجولة الجديدة ستركز على ضمان وصول المساعدات الإنسانية من دون عوائق وتحقيق وقف لإطلاق النار وإجراءات أخرى لبناء الثقة".

وانطلقت المفاوضات وسط ترقب شعبي كبير لوقف إطلاق النار في السودان وتباين الأوساط السياسية والمجتمعية حول الموقف من التفاوض بين قطاع عريض مؤيد له وآخرين داعمين للحسم العسكري.



لا توقف للمعركة

ويرأس وفد الجيش إلى جدة، قائد القوات البحرية، اللواء محجوب بشرى، بجانب اللواء أبو بكر فقيري، والسفير عمر صديق، والمقدم طلال سليمان، بينما يقود وفد "الدعم السريع" العميد عمر حمدان، بجانب المستشار محمد المختار وكل من عز الدين الصافي وفارس النور.

ووقع الطرفان في 11 مايو (أيار) الماضي "إعلان جدة" لحماية المدنيين، من دون التزام يذكر بمحتواه، إذ تواصلت بعده المعارك الضارية بين الطرفين.

وفي 27 يوليو (حزيران) الماضي، سحب الجيش وفده المفاوض بحجة التشاور، ثم اشترط بعدها ضرورة التزام "الدعم السريع" بالخروج من منازل المواطنين والمؤسسات الخدمية، للعودة مجدداً إلى طاولة المفاوضات.

وعشية مفاوضات اليوم، أكدت القيادة العامة للقوات المسلحة أن قبولها الدعوة بالذهاب إلى جدة يهدف إلى استكمال ما تم الاتفاق عليه من قبل، وهو "تنفيذ إعلان جدة كاملاً، لتسهيل العمل الإنساني وعودة مواطنينا والحياة الطبيعية إلى المدن التي عاث فيها المتمردون نهباً وحرقاً وقصفاً عشوائياً واغتصاباً"، وفق عبارات بيان للناطق الرسمي باسم الجيش. وأضاف البيان أن العودة إلى التفاوض تأتي استجابةً لدعوة كريمة من دولتي الوساطة بمنبر جدة (المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية) لاستئناف العملية التفاوضية مع ميليشيات "الدعم السريع" المتمردة، وإيماناً من القوات المسلحة السودانية بأن التفاوض من الوسائل التي ربما تنهي الحرب".

وأعربت القوات المسلحة عن أملها في أن "تلتزم ميليشيات التمرد هذه المرة بما تم الاتفاق عليه سابقاً"، مشيرةً إلى أن "استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية". واعتبرت أن "القضاء على المتمردين ودحرهم" هو هدفها والشعب السوداني وهي ملتزمة به لوضع البلاد في "مسارها الصحيح".

رؤية ومخاوف

من جانبها، أكدت قوات "الدعم السريع"، وصول وفدها المفاوض إلى مدينة جدة "استجابةً لدعوة الوساطة وتقديراً للظروف القاسية التي يعيشها الشعب السوداني".

وجددت قوات "الدعم السريع" في بيان، رفضها لأي شروط يمليها من أسمتهم "الفلول وأعوانهم"، "لأنهم في الأصل من أشعل هذه الحرب من أجل السلطة وقطع الطريق أمام تطلعات شعبنا في الحرية والعدالة والحكم الديمقراطي".

وأكد البيان أن "وفد الدعم السريع يحدوه الأمل في أن يتحلى الطرف الآخر بالمصداقية والواقعية والإرادة في الوصول إلى حل يوقف الحرب وينهي معاناة الشعب السوداني"، آملةً في أن "يكون الوفد الآخر موحداً ومستقلاً برأيه ويملك التفويض اللازم للحديث باسم القوات المسلحة لا عن أجندة ’فلول المؤتمر الوطني’، من أجل مناقشة قضايا الشعب المتطلع لبناء دولة جديدة على هدى الديمقراطية والمساواة والسلام المستدام. وأضاف البيان، "جاء وفدنا إلى جدة يحمل رؤية قواتنا المطروحة للحل الشامل والمتضمنة لأجندة وتطلعات شعبنا في بناء الدولة السودانية على أسس جديدة وإعادة بناء جيش قومي مهني واحد وتخليصه من قبضة وحاكمية فلول النظام البائد الإرهابي".

السيطرة على نيالا

قالت قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي تقاتل الجيش السوداني اليوم الخميس إنها سيطرت على مدينة نيالا، ثاني أكبر مدن البلاد.

وتشكل السيطرة على عاصمة ولاية جنوب دارفور في غرب السودان نقطة تحول في الحرب الممتدة منذ ستة أشهر، وتأتي في وقت من المقرر أن يستأنف فيه الطرفان المفاوضات في جدة.

ولم يرد الجيش على طلب للتعليق، ولم يتسن التحقق من صحة إعلان قوات الدعم السريع بسبب انقطاع في شبكات الاتصالات.

واستطاع الجيش حماية قواعده الرئيسة في الخرطوم على رغم انتشار قوات الدعم السريع على الأرض في غالبية أنحاء العاصمة.

وفي الوقت نفسه نقلت الحكومة معظم مقارها إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان إنها سيطرت على مقر الجيش الرئيس في نيالا وصادرت كل عتاده، ونشرت مقطعاً مصوراً لم يتسن لـ "رويترز" التحقق من صحته لجنود يحتفلون بإطلاق الأعيرة النارية ويقولون إنهم اجتاحوا القاعدة.

ونشرت القوات أيضاً مقطعاً مصوراً للرجل الثاني في قيادتها عبدالرحيم دقلو الخاضع لعقوبات من الولايات المتحدة، وقالت إنه يتزعم الجهود.

وشهدت نيالا موجات من القتال العنيف، وأودى القصف الجوي والمدفعي بحياة العشرات ودمر منازل المدنيين وعطل الخدمات الأساس.

ونيالا مركز تجاري يقول المراقبون إن "الدعم السريع" قد تتخذها قاعدة لها.

ونزح ما لا يقل عن 670 ألف شخص من سكان ولاية جنوب دارفور من منازلهم، وجنوب دارفور هي ثاني أكثر الولايات تضرراً بعد ولاية الخرطوم.

واتهمت قوات الدعم السريع التي تقع قواعدها القوية في جيوب إقليم دارفور بارتكاب مذبحة عرقية في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، وتأجيج التوتر في أنحاء المنطقة.

وسيطرت أيضاً على زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، أما عاصمتا الولايتين الأخريين في الإقليم فقد انتشرت قوات الدعم السريع في أنحاء الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، على رغم احتفاظ الجيش بقواعده هناك، بينما تدور معارك ضارية في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.


إخلاء الأعيان

وكان الطرفان أكدا في "إعلان جدة" الموقّع في العشرين من شهر مايو (أيار) الماضي (من دون التزام يُذكر بالتطبيق) على التزامهما بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، واعتبار مصالح الشعب السوداني وسلامته هي أولوية رئيسة، والالتزام بضمان حماية المدنيين السودانيين في جميع الأوقات، والامتناع عن تجنيد واستخدام الأطفال في الأعمال العدائية، وإجلاء الجرحى والمرضى من دون تمييز.

وأكد السفير عمر صديق، عضو وفد التفاوض من جانب الجيش، أن "المفاوضات ستنبني أساساً على تنفيذ ما سبق الاتفاق عليه"، معتبراً أن "إعلان جدة مهم للغاية لتأكيد الالتزام بما جاء في الاتفاقية الموقّعة، وأهم بنودها إخلاء قوات الدعم السريع للأعيان المدنية ومنازل المواطنين، وتسهيل مرور فرق الإغاثة، وفتح الطرق والجسور وسحب المظاهر العسكرية من الشوارع".

ترحيب إقليمي ومحلي

من جانبه، أعلن الاتحاد الأفريقي مباركته لاستئناف المفاوضات وعودة المفاوضين للجلوس إلى طاولة الحوار في منبر جده اليوم.

وصرح مدير ديوان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمد حسن ولد لبات، المتحدث الرسمي بشأن ملف السودان، لـ "اندبندنت عربية"، أن "الاتحاد يؤيد ويبارك كل خطوة تسهم في وقف النار ووضع حد عاجل لعملية التدمير الشامل للسودان من أي جهة كانت".

واعتبر محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة السابق، القيادي بقوى الحرية والتغير (المجلس المركزي)، أن "قرار العسكريين بالاتجاه إلى جدة للتفاوض قرار مسؤول وكبير وشجاع، يستشعر عظم المسؤولية والحفاظ على وحدة البلاد".

ووصف حزب الأمة القومي، قرار الجيش وقوات "الدعم السريع"، باستئناف التفاوض بأنه يستحق الإشادة والدعم. واعتبر الحزب في بيان، أن "التصميم على توقيع وقف شامل لإطلاق النار مهمة وطنية، وإنسانية ودينية سامية، وخطوة مهمة ستضع الأسس الصحيحة للسلام المستدام".

تفاؤل حذر

في السياق، أبدى أستاذ التفاوض والعلاقات الدولية، عبدالرحمن شريف، تفاؤله "كون الطرفين أكدا في بياناتهما منذ البداية، اتفاقهما على أن معاناة الشعب السوداني بلغت حداً غير محتمل، والتأكيد على أولوية توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين، ما يعد مؤشراً جيداً على إمكانية الاتفاق على هذا البند بسلاسة خلال التفاوض".

ولفت شريف إلى أنه "من الضروري استتباع بند القضايا الإنسانية بوقف لإطلاق النار والأعمال العدائية، ما يتيح الممرات الآمنة لوصول الإغاثات والمعونات، فضلاً عن تمهيده الطريق وتهيئة الأجواء الخاصة بتدابير بناء الثقة بين الطرفين والتي غالباً ما تشمل الإفراج عن الأسرى والمحتجزين لدى كل طرف".
ونوّه الاكاديمي إلى أن "اللغة العدائية والاتهامات التي تضمنتها بيانات الطرفين تعبّر عن هوة واسعة في الثقة بينهما، لا سيما تشكيك الدعم السريع في مصداقية وفد الجيش واتهامه بالتعبير عن أجندة سياسية بعينها، وهي قضية جدلية صعبة الإثبات، لكنها يمكن أن تؤثر في مسار التفاوض، ما لم تنجح الوساطة بما تملك من نفوذ وتسهيلات في تجسير هذه الهوة".

ورأى أستاذ التفاوض "إمكانيةً للاتفاق حول الملف الإنساني والقضايا المرتبطة به، غير أن الملف العسكري الأمني يظل شائكاً وأكثر تعقيداً، تتصادم فيه رؤى الطرفين بشكل حاد ومتقاطع، إذ بينما يطالب الدعم السريع بإصلاح وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى قبل أي حديث عن الدمج، يرى الجيش الدخول مباشرةً في ترتيبات الدمج والتسريح، وهو ما لا يتسق مع رؤية الدعم السريع التي ترى أن يسبق الإصلاح الأمني والعسكري الدمج والتسريح".  

مشاورات أديس أبابا وجوبا

في غضون ذلك، تُختتم مساء اليوم الخميس بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مداولات الاجتماع التحضيري لوحدة القوى المدنية الديمقراطية وتشكيل أوسع جبهة لإيقاف الحرب واستعادة المسار الديمقراطي.

وأوضح مصدر سياسي أن "الاجتماعات ركزت على إيقاف الحرب وتوفير المعونات الإنسانية وابتداء العملية السياسية بعد وقف الحرب"، مشيراً إلى "نجاح الاجتماعات في توافق الأحزاب والحركات المسلحة ولجان المقاومة والتنظيمات النقابية والمهنية والمدنية على هيكل تنظيمي للتحضير للمؤتمر العام للجبهة خلال ثلاثة أسابيع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي عاصمة "جنوب السودان" جوبا، اتفقت الأطراف الموقعة على اتفاق السلام في ختام اجتماعها التشاوري لبحث وقف الحرب، على دعم "منبر جدة" للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتفويض رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، لدعوة القوى السياسية والمدنية السودانية لمفاوضات سلام تسهم في وقف الحرب.

معارك ضارية

ميدانياً، تواصلت أمس الأربعاء 25 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، المعارك العنيفة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مدينة نيالا عاصمة جنوب دارفور التي تشهد منذ يومين معارك ضارية وقتال شرس لعب فيه الطيران الحربي دوراً مهماً في تشتيت القوات المهاجمة ومطاردتها خارج المدينة.

وقال شهود إن الوضع في مدينة نيالا بات غايةً في السوء، إذ حوصر المواطنون داخل الأحياء السكنية وخلت أحياء عدة تماماً من السكان، مع أسواق مغلقة واتصالات مقطوعة.

وأكد الناطق الرسمي للجيش، العميد نبيل عبدالله، أن "قوات الفرقة 16 بنيالا تسطر فصولاً من التضحية والفداء وتدحر هجمات للميليشيات المتمردة وتكبدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد".

كما شهدت العاصمة السودانية، هدوءاً نسبياً تخلله تبادل متقطع للقصف المدفعي بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في محيط القيادة العامة وسلاحي الذخيرة والمدرعات بمنطقة الشجرة العسكرية. كما استمرت المناوشات والاشتباكات في مناطق أخرى من العاصمة، بشمالها وجنوبها، وفي أم درمان، وشمال الخرطوم بحري.

تمشيط وقصف

وذكرت مصادر عسكرية أن الجيش وسع عمليات التمشيط البرية في شرق الخرطوم وشارع المطار كما تمكنت من ضبط مخازن للأسلحة من ضمنها مدافع ثقيلة في قرية موسى بغرب أم درمان، وتمكن من إسقاط طائرة مسيرة لـ"الدعم السريع" في ضاحية العيلفون شرق الخرطوم.

وبحسب شهود عيان، قصفت مدفعية "الدعم السريع" من منصاتها شمال الخرطوم بحري، أحياء الثورة بمحلية كرري شمال أم درمان. وأصابت مقذوفات سوقاً مكتظة بالحارة (5) تسببت في إصابة عشرات المواطنين بجروح متفاوتة، وتصاعدت سحب الدخان جنوب شرقي مدينة بحري نتيجة قصف من قاعدة وادي سيدنا على مواقع "الدعم السريع" هناك.

ووقعت اشتباكات عنيفة استمرت لساعات تمكن فيها الجيش من صد هجوم لـ"الدعم السريع" متعدد الجهات على معسكر "الاحتياطي المركزي" بأم درمان، بجانب اشتباكات عنيفة دارت داخل أحياء أم درمان القديمة، والعباسية، وبانت، ومحلية أم بدة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات