كما كان متوقعاً، أبقى مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة ثابتة، ما أدى إلى انتعاش قوي في "وول ستريت" التي قفزت كل مؤشراتها بنسب وصلت إلى 1.6 في المئة.
وتركت الرسائل التي أرسلها رئيس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، الأسواق في حالة من عدم اليقين بخصوص مستقبل الفائدة، لكن المستثمرين فسروها بشكل إيجابي، حيث بات "الفيدرالي" لأول مرة في وضع غير متأكد إذا كان قد قام بعملية التشديد بما يكفي بالفعل للسيطرة على التضخم، أو إذا كان الاقتصاد قد يحتاج إلى مزيد من الضبط.
أوضاع تشبه اللغز
وقال جيروم باول، إن الوضع لا يزال يشبه اللغز، لكنه أكد على استعداد صناع السياسة النقدية في البنك المركزي الأميركي لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى إذا توقف التقدم بشأن التضخم، من ناحية أخرى قال إن المسؤولين في الفيدرالي يشعرون بالقلق من أن ارتفاع أسعار الفائدة القائمة على السوق قد يبدأ في التأثير في الاقتصاد بطريقة كبيرة، وهم يريدون عدم تعطيل الديناميكية المستمرة للنمو الثابت في الوظائف والأجور.
وفي مؤتمره الصحافي الذي يعقد كما جرت العادة في نهاية اجتماع مجلس الاحتياطي الذي يستمر يومين، قال بأول، إن مسار العمل الأفضل في الوقت الحالي في ظل حالة عدم اليقين، هو الحفاظ على سعر الفائدة القياسي للبنك الاحتياطي الفيدرالي في النطاق الحالي بين 5.25 في المئة إلى 5.50 في المئة، "لنرى كيف تتطور بيانات الوظائف والأسعار من الآن وحتى اجتماع السياسة المقبل في ديسمبر (كانون الأول).
ترويض التضخم
وبعد مرور ما يقرب من 20 شهراً على بدء تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي الصارم للسياسة النقدية، قال باول إنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الظروف المالية العامة لا تزال مقيدة بما يكفي لترويض التضخم الذي لا يزال يعتبره أعلى بكثير من هدف البنك المركزي البالغ اثنين في المئة.
وقال باول للصحافيين "لسنا واثقين من أننا لم نفعل كفاية، ولسنا واثقين من أننا وصلنا" إلى هذه المرحلة التقييدية بما فيه الكفاية، فبحسب باول لقد انخفض التضخم، لكنه لا يزال أعلى بكثير من هدف "الفيدرالي" البالغ اثنين في المئة، وأن بضعة أشهر من البيانات الجيدة ليست سوى بداية.
حجم التضخم
وبلغ التضخم السنوي، استناداً إلى المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي، 3.4 في المئة في سبتمبر (أيلول) للشهر الثالث على التوالي. وباستثناء تكاليف الغذاء والطاقة المتقلبة، بلغ المعدل 3.7 في المئة، دون تغير يذكر عن أغسطس (آب).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورداً على سؤال عما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي مازال يحافظ على سياسته تجاه رفع أسعار الفائدة على رغم إبقائها معلقة في الاجتماع، أجاب باول "هذا هو السؤال الذي نطرحه، هل يجب علينا رفع أسعار الفائدة أكثر؟"
مراقبة الرهن العقاري
لكن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي أقر أيضاً بأن الارتفاع الأخير في عائدات سندات الخزانة وأسعار الفائدة على الرهن العقاري وتكاليف التمويل الأخرى يمكن أن يكون لها تأثير خاص في الاقتصاد إذا استمرت بالزيادة، وسوف يراقب مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي تلك التأثيرات عن كثب أثناء تحركهم في الاجتماعات المقبلة، حيث ستحدد ما إذا كان سعر الفائدة سيرفع مرة أخرى.
وقال باول "إن ارتفاع عوائد سندات الخزانة يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض بالنسبة إلى الأسر والشركات، وهذه التكاليف المرتفعة ستؤثر في النشاط الاقتصادي طالما استمر التشديد النقدي"، خصوصاً عند الأخذ في الاعتبار القروض العقارية ذات السعر الثابت لمدة 30 عاماً التي تقترب من ثمانية في المئة، بالقرب من أعلى مستوى لها منذ 25 عاماً.
الاقتصاد الأميركي القوي
وأوضحت تعليقات باول أنه على رغم ترك سعر الفائدة دون تغيير للاجتماع الثاني على التوالي، فقد قام أيضاً بتقييم ما أسماه وتيرة الارتفاع السنوية "الضخمة" البالغة 4.9 في المئة للنمو الاقتصادي الأميركي في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر بعد طفرة في الإنفاق الاستهلاكي.
وكان اجتماع "الفيدرالي" قال في بيانه إن "النشاط الاقتصادي توسع بوتيرة قوية في الربع الثالث"، في إشارة إلى أن الاقتصاد مازال يحمل علامات على إمكان دفع التضخم للارتفاع، وهو مؤشر مقلق للبنك المركزي.
وعقب انتهاء الاجتماع الذي وافق فيه كل أعضاء "الفيدرالي" بالإجماع على تثبيت الفائدة، تحركت أسواق الأسهم إيجاباً في حين قلص الدولار الأميركي مكاسبه وأغلق مستقراً مقابل سلة من العملات، بينما انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية وزاد متداولو أسعار الفائدة قصيرة الأجل من الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع سعر الفائدة وسيبدأ في خفض أسعار الفائدة بحلول يونيو (حزيران) من العام المقبل.