Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقتل 15 مدنيا في الخرطوم بعد تعرض منازلهم للقصف

مفاوضات جدة تبحث مسودة وقف النار بين طرفي القتال في ظل أزمة إنسانية في دارفور

تواصل الاشتباكات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مناطق عدة بولاية الخرطوم (أ ف ب)

ملخص

مناوشات بالفاشر وقصف متبادل في الجنينة

قتل 15 مدنياً في الخرطوم اليوم السبت إثر تعرض منازلهم للقصف، بحسب ما أكد مصدر طبي فيما تستمر الحرب منذ قرابة سبعة أشهر بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".
وقال المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية، طالباً عدم الكشف عن هويته إن جثامين القتلى المدنيين وصلت إلى مستشفى النو بمنطقة أم درمان في ضاحية الخرطوم.

 وأسفرت الحرب في السودان عن سقوط 10400 قتيل وفقاً لمنظمة "أكليد" المعنية بإحصاء ضحايا النزاعات وكذلك أدت إلى نزوح ولجوء 5.8 مليون سوداني، وفق الأمم المتحدة.

وشهدت العاصمة السودانية اشتباكات بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في مناطق عدة بولاية الخرطوم، ودوت أصوات القذائف والانفجارات القوية في محيط سلاح المدرعات جنوب الخرطوم والقيادة العامة للقوات المسلحة وسط العاصمة، وسمعت في جنوب الحزام بالخرطوم أصوات دوي القصف المدفعي العنيف في مناطق تمركزات قوات "الدعم السريع" في نواح متاخمة لأرض المعسكرات والمدينة الرياضية والسوق المركزية.

وأوضحت مصادر عسكرية أن الطيران الحربي والطائرات المسيرة دمرت عدداً من الأهداف في محيط المدرعات وشرق النيل وشمال مدينة الخرطوم بحري، ومعسكراً للتدريب على طريق سوبا الغربي، وأشارت المصادر إلى أن مدفعية الجيش في قاعدتي وادي سيدنا وكرري العسكريتين قصفتا تجمعات لـ "الدعم السريع" شمال وجنوب غربي أم درمان، واستمرت العمليات النوعية والتمشيط البري الذي تقوم به قوات العمل الخاص المشتركة مستهدفة نقاط ارتكاز "الدعم السريع" وسط أحياء أم درمان القديمة والمنطقة الصناعية وأم بدة حتى تخوم سوق ليبيا وقندهار أقصى جنوب العاصمة، وذكر شهود أن الاشتباكات العنيفة تواصلت بمختلف أنواع الأسلحة في مناطق شمال جبل أولياء مع عمليات استطلاع وتحليق كثيف للطيران الحربي في سماء المنطقة.

وفي أم درمان، قال مواطنون، إن اشتباكات برية عنيفة دارت بين الجانبين في محيط حامية سلاح المهندسين ومحلية أم بدة وسلاح المهندسين جنوب أم درمان، وتمكنت قوات من الجيش من إيصال معونات غذائية إلى بعض أحياء الفتيحاب القديمة المجاورة للحامية التي ظلت محاصرة أسابيع عدة.

حصار ومخاوف

وفي أعقاب المعارك التي وقعت بين الطرفين في مدينة الأبيض عاصمة شمال كردفان قبل أسبوع، ساد الترقب والهدوء الحذر في وقت واصل الطيران الحربي طلعاته في سماء المدينة، وسط مخاوف السكان من تجدد المعارك بخاصة بعد تصاعد وتيرتها في إقليم دارفور وولاية غرب كردفان المجاورة لها. وكشفت مصادر طبية عن أن المدينة تواجه تحديات كبيرة في وصول المعينات الطبية والمساعدات الإنسانية للنازحين والمواطنين، بسبب الحصار الذي تضربه قوات "الدعم السريع" عليها بإغلاق الطرق القومية، محذرة من آثار الحصار في ظل تعرض المدينة لخطر انتشار حمى الضنك، ومخاوف انفجار الكوليرا وسط المواطنين ومعسكرات النازحين، ما لم تتخذ تدابير صحية عاجلة.

تصاعد نزوح دارفور

ومع الاحتقان وبوادر المعارك بمدينة الفاشر شمال دارفور، تصاعدت وتيرة عمليات نزوح كبيرة من سكان معسكري نيفاشا وأبوجا للنازحين بحثاً عن مناطق آمنه.

كما تشهد الأوضاع الأمنية في مدينة الجنينة غرب دارفور تأزماً حاداً جراء تواصل المواجهات والقصف المدفعي بين الطرفين ليومين متتاليين، بينما فشلت مساع أهلية لوقف الاشتباكات ومنع تمدد القتال، بعد رفض قادة الجيش اقتراح تسليم مقر قيادة الفرقة (15) في المدينة لقوات "الدعم السريع"، مقابل ضمان الخروج الآمن للراغبين في الوصول إلى مدينة أدري على الحدود التشادية، وهاجمت قوات "الدعم السريع" بقوات كبيرة مقر قيادة الجيش في الجنينة، وتمكنت بعد اشتباكات مع قوة تابعة للجيش، من دخول محلية كرينك التي تمثل البوابة الشرقية لغرب دارفور.

ومنذ دخولها مدينتي نيالا وزالنجي جنوب ووسط دارفور، الأسبوع الماضي، تحشد قوات الدعم السريع قواتها لإسقاط الفرقتين السادسة بالفاشر والـ 15 بالجنينة.

قلق في نيالا

في الأثناء، شهدت مدينة نيالا جنوب دارفور بداية للعودة التدريجية لحركة الحياة والمواطنين العادية وسط حذر وترقب وانتشار عسكري لقوات "الدعم السريع" في كل الطرقات والمداخل، وفي ظل انقطاع تام للكهرباء والاتصالات باستثناء خدمات الإنترنت الفضائي "ستارلنك". وانتظمت في المدينة، وفق مصادر محلية، مبادرات شبابية شرعت في عمليات نظافة الأحياء الشرقية للمدينة وسوق نيالا الكبير، وسط مخاوف الأهالي من عودة الطيران الحربي لقصف أهدف في المدينة مجدداً. 

وأصدرت كتلة ثوار غرب دارفور بياناً دانت فيه "جرائم ميليشيات الدعم السريع والميليشيات العربية المساندة لها في محلية كرينك"، واتهمت قوات "الدعم السريع" بممارسة أساليب وحشية ومهينة ضد المدنيين العزل بعد انسحاب الجيش من المحلية، تتعارض مع كرامة الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة بالتعذيب والضرب المبرح والتقييد بالحبال والاقتياد إلى أماكن مجهولة.

استباحة

وأكدت الكتلة أن "ولاية غرب دارفور باتت شبه مستباحة من قبل الميليشيات، إذ نهبت المنازل والأسواق والماشية وأتلفت الممتلكات، مع فرض حصار محكم على المدنيين ومنعهم من الخروج وممارسة الاغتصاب ضد القاصرات وتجنيد الذكور القصر قسراً للعمل كطهاة ودروع بشرية"، وطالب البيان المواطنين بمغادرة الولاية حفاظاً على حياتهم وأرواح الأطفال مناشداً المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتدخل العاجل والسريع لإنقاذ ما تبقى من المدن.

أصبحت خارج نطاق سلطة الدولة

بدوره، أعرب مركز "مشاد" لحقوق الإنسان التابع لمنظمة شباب من أجل دارفور عن قلقه العميق إزاء تردي الأوضاع الإنسانية بإقليم دارفور، مع استمرار "الميليشيات" في انتهاكاتها ضد المدنيين العزل، متهماً قوات "الدعم السريع" بالتهجير القسري لنازحي معسكر الحصاحيصا في زالنجي عقب سيطرتها على ولاية وسط دارفور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جانبها، نفت قيادة القوات المشتركة للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا انسحابها من مدينة الفاشر، مؤكدة، في المقابل، أنها عززت قواتها في نقاط ارتكازاتها الدفاعية عن الأسواق ومقرات المنظمات والأحياء أواخر هذا الأسبوع.

"لحيادها حدود"

وحذرت القوات في بيان للمتحدث باسمها الرائد أحمد حسين مصطفى الطرفين من استهداف المدنيين مؤكدة "أن لحيادها حدوداً"، وأن موجات النزوح وهلع المواطنين سببها إشاعات هدفت لزيادة احتقان الوضع وانفجاره بشكل كارثي، كون مدينة الفاشر تعد بمثابة مركز لإيواء الفارين من الحرب في الإقليم، وجددت القوات المشتركة تأكيد موقفها المحايد من الحرب ومواصلتها العمل لحماية الأسواق والمدنيين وممتلكاتهم، بما في ذلك إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية ومقار المنظمات الإنسانية حتى تتمكن من تقديم المساعدات للمتضررين، فضلاً عن بذل أقصى جهودها لوقف الحرب بمخاطبة الطرفين للكف عن تجديد الاشتباكات بالفاشر ومختلف مدن البلاد. 

وأوضح الباحث الأمني ضو البيت دسوقي، أن استراتيجية الحصار مع الضغط المتواصل التي تنتهجها قوات "الدعم السريع" فشلت في الخرطوم، لكنها نجحت في دارفور نتيجة ضعف الإمداد اللوجستي هناك، وقال دسوقي إن "الدعم السريع" ظل يعمل بتكتيك إنهاك الخصم بالحصار والاستنزاف بتتابع الهجمات والقصف ثم المباغتة بهجوم كبير، وهو ما فتح لها أبواب الدخول لمدينتي نيالا وزالنجي.

تكتيك الإسقاط

أضاف الباحث الأمني "لكن التكتيك نفسه لم ينجح في الخرطوم نظراً لتوفر خطوط الإمداد والتعويض بنجاح خطة الجيش في تأمين قنوات انسياب الإمداد عبر طرق مختلفة، لذلك لم ينجح في الدخول إلى القيادة العامة وسلاح المدرعات وبقية المقار العسكرية الأخرى العاصمة، على رغم الحصار الطويل والهجمات المتتالية في عشرات المحاولات الفاشلة لاقتحامها منذ أكثر من ستة أشهر". ولفت الباحث الأمني إلى أن واقع المعارك في إقليم دارفور يشير إلى أن دخول قوات "الدعم السريع" واستيلائها على مدينة الجنينة من شأنه أن يمهد لها الطريق إلى الفاشر، كما أن سقوط الفاشر سيفتح لها الطريق للوصول إلى شمال كردفان عبر غربها.

إغلاق الاجتماعات

وأوضحت مصادر دبلوماسية أن مفاوضات منبر جدة بين الجيش وقوات "الدعم السريع" وصلت مرحلة الاجتماعات المغلقة لبحث مسودة وقف إطلاق النار التي أعدتها الوساطة المشتركة، وأشارت المصادر إلى تجاوب وفدي التفاوض مع ورقة الوساطة التي عرضت على الطرفين للنظر في التنازلات الممكنة بشأن إقرار التزامات كل منهما تجاه حماية المدنيين ووقف العدائيات وفتح الممرات الآمنة تمهيداً لوقف تام لإطلاق النار.

وكانت السعودية حضت الطرفين على مواصلة ما اتفقا عليه في إعلان جدة 11 مايو (أيار) الماضي، بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان، واتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقع من الطرفين في الشهر ذاته.  

"تقدم"

من جانبها، حضت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" كلاً من القوات المسلحة و"الدعم السريع" على ضرورة المضي قدماً في المباحثات وصولاً لوقف عدائيات حقيقي للأغراض الإنسانية، ولعملية سياسية تنهي الحرب وتخاطب جذورها بمشاركة واسعة للقوى المدنية الديمقراطية لا تستثني أحداً سوى المؤتمر الوطني (الحركة الإسلامية) وواجهاتها.

وثمن أول اجتماع (افتراضي) للهيئة القيادية التحضيرية للتنسيقية برئاسة عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق جهود السعودية والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي و"إيغاد" في منبر جدة. وشدد الاجتماع على ضرورة مضاعفة الجهود من أجل وقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية الملحة في السودان، والتخطيط الجيد لانعقاد المؤتمر التأسيسي للهيئة في موعده المتفق عليه.

أممياً، طالب مامادو ديان بالده المدير الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين دول العالم ببذل مزيد لجهود لتخفيف معاناة ستة ملايين شخص نزحوا في الأشهر الستة الأخيرة في السودان، ووصف بالده المكلف شؤون السودان معاناة السودانيين بـ "الرهيبة" بالنظر إلى معدل نزوح مليون شخص شهرياً من واقع أن الأشهر الستة الماضية من القتال شهدت نزوح ستة ملايين شخص اضطروا للفرار.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات