ملخص
الاقتصاد البريطاني يسجل صفر نمو واشتداد الأزمة الاقتصادية يتربص بالحكومة ورئيسها.
لا يمكن اعتبار خبر تسجيل الاقتصاد البريطاني صفر نمو خبراً جيداً، إلا ربما لأنه أنقذ رئيس الوزراء المتعثر ريشي سوناك من مأزق التحديات الذي يتربص به.
فلكي نقول إن الاقتصاد في ركود، يجب أن يسجل انكماشاً على مدى فصلين متتاليين كليهما من ثلاثة أشهر. لكن توقعات بنك إنجلترا صدقت هذه المرة إذ ترقبت استقرار الاقتصاد. وغياب النمو لا يعني نمواً سلبياً [انكماشاً]. والنتيجة أفضل أيضاً مما كان القلب التجاري للندن قد توقعه. وسيأمل رئيس الوزراء ووزير المالية في أن يصيب بنك إنجلترا مجدداً في المستقبل: هو يتوقع انتعاشاً متواضعاً في الفصل الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن شأن التعمق بشكل أكبر في الأرقام يبين أن الزيادة المتواضعة في نشاط قطاع البناء واستقرار الإنتاج (التصنيع والتعدين وغيرهما) ترافقا مع تراجع قطاع الخدمات المهيمن بنسبة 0.1 في المئة، ما تسبب بعرقلة رئيسة للنمو. واللافت مدى سوء أداء الخدمات التي تعنى بالتعامل المباشر مع العملاء. لقد تراجع أداؤها بنسبة 0.7 في المئة، في إشارة جديدة لأثر أزمة تكاليف المعيشة، مع ما يرافقها من زيادة حادة في معدلات الفوائد إلى 5.25 في المئة، في الاقتصاد الاستهلاكي.
تؤدي المعدلات العالية غرضها لجهة خفض معدل التضخم، ومن المتوقع أن يبدي معدل التضخم في المملكة المتحدة تراجعاً كبيراً لدى نشر أرقام أكتوبر (تشرين الأول) الأربعاء. لكن معدلات الفائدة العالية تخنق النمو وستواصل خنق النمو لبعض الوقت والسبب، كما حذر بنك إنجلترا الأسبوع الماضي، هو أن الآثار الكاملة لم تلقِ بظلالها بعد. لم نبلغ في الواقع منتصف الطريق المفضية إلى هناك.
ومع ذلك، برزت بعض الإيجابيات الأخرى للسيد سوناك ووزير ماليته جيريمي هانت، الذي أصدر بياناً آخر من البيانات المتمحورة حول "المواظبة" رداً على الأرقام. لقد شهد سبتمبر (أيلول) انتعاشاً متواضعاً، فقد سجل معدل النمو 0.2 في المئة. وبدأت الأجور الحقيقية في الارتفاع، ما من شأنه أن يقلص الضغط على الاقتصاد الاستهلاكي المتعثر، في حين انخفض عدد أيام العمل الضائعة بسبب الإضرابات، ما خفف من عرقلة النشاط الناجمة عن الاضطرابات العمالية في بريطانيا.
وهرع سيمون فرنش، الخبير لدى "بانميور"، إلى منصة "إكس"، ليشير إلى أن هذه التطورات كلها مجتمعة "تضعف الحجة" القائلة بأن المملكة المتحدة تعاني بالفعل من الركود. نسمع ذلك كثيراً في الآونة الأخيرة. وقال إن المرء يستطيع حتى أن يجادل، قائلاً إن "الاقتصاد البريطاني يظهر (حتى الآن) صموداً لافتاً على رغم القفزة الكبيرة في تكاليف الاقتراض وتكاليف السلع الغذائية الأساسية والتيارات الجيوسياسية المتقاطعة". والعبارة الأخيرة هي إشارة إلى الحروب التي هيمنت على الدورة الإخبارية الأخيرة.
لكن استنتاجه الأولي لا يزال متشائماً. وقال: "يصعب التوصل إلى استنتاج يختلف عن ذلك القائل بأن المملكة المتحدة عالقة في ديناميكية من ديناميكيات معدل النمو المنخفض".
هناك يكمن الإجماع. قال بول داليس، الخبير لدى "كابيتال إيكونوميكس"، في ملاحظة أُصدِرت بعد نشر الأرقام: "ستثير أرقام الناتج المحلي الإجمالي للفصل الثالث جدلاً كبيراً حول ما إذا كان الاقتصاد في حالة ركود أم لا (كان معدل النمو المنشور 0.0 في المئة، لكن الناتج المحلي الإجمالي انخفض بالفعل بنسبة 0.02 في المئة أو 173 مليون جنيه استرليني (216 مليون دولار)".
وفي حين أن هذا الرقم لا يزال أفضل من توقعاته، إلا أنه حذر من أن الصمود النسبي للمملكة المتحدة يأتي مع جانب سيئ: "النقطة الأساسية هي أن الاقتصاد ليس ضعيفاً بما يكفي للحد بسرعة من معدل التضخم الأساسي ومن نمو الأجور. وعلى هذا النحو، لا نتوقع أن يتمكن بنك إنجلترا من خفض معدلات الفائدة حتى أواخر عام 2024، وليس منتصف عام 2024 كما هو متوقع على نطاق واسع".
هذا هو المجال الذي تصبح فيه الأمور صعبة على سوناك وهانت. قد يرغبان بشدة في أن يتمكنا من منح الاقتصاد والناخبين ونواب الحزب الحاكم المضطربين حماسة مفرطة في العام الجديد مع بعض التخفيضات الضريبية.
المشكلة في خطوة كهذه، إذا قبلتم حجة داليس، أنها ستكون تضخمية. وهذا من شأنه ألا يؤدي إلا إلى تعزيز إحجام بنك إنجلترا عن مساعدة الاقتصاد من خلال خفض معدلات الفائدة، التي يبدو من المؤكد أنها ستبقي عام 2024 بأكمله على طريق النمو الصفري، حتى لو أُبعِد ذلك الركود المخيف في نهاية المطاف.
© The Independent