حذرت النائب الأول للمدير العام لصندوق النقد الدولي غيتا غوبيناث، من أن العالم يتجه نحو "حرب باردة جديدة" تهدد بإبادة التجارة الحرة كما نعرفها.
وقالت غوبيناث إن "تحول اتجاهات الاستثمار وتفتت التجارة قد يؤدي إلى خسائر طويلة الأجل في عالم منقسم إلى كتلتين تتمحوران حول الولايات المتحدة والصين"، مشيرة إلى أن "خطوط الصدع" بدأت تظهر مع تزايد التجزئة الجيواقتصادية، على رغم "عدم وجود علامات على تراجع واسع النطاق عن العولمة".
وحذرت قائلة، "إذا تعمق الانقسام فقد نجد أنفسنا في حرب باردة جديدة". ولفتت إلى أن أي انحدار إلى مثل هذه الظروف يمكن أن يؤدي إلى إبادة المكاسب من التجارة المفتوحة".
ونصحت قائلة "في نهاية المطاف من مصلحة صناع السياسات والجميع الدعوة بقوة إلى نظام تجاري متعدد الأطراف قائم على القواعد والمؤسسات التي تدعمه".
الصين وأميركا
وفي كلمة ألقتها، أمس الإثنين، في افتتاح المؤتمر العالمي الـ20 للرابطة الاقتصادية الدولية في كولومبيا، نقلتها صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، أوضحت غوبيناث أن "الصين لم تعد أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، إذ أدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين منذ عام 2018 إلى الحد بصورة فعالة من الواردات الصينية من المنتجات الخاضعة للرسوم الجمركية.
ووفقاً لبيانات الجمارك الصينية الرسمية، كانت الولايات المتحدة ثالث أكبر شريك تجاري للصين حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد رابطة دول جنوب شرقي آسيا والاتحاد الأوروبي.
والصين أيضاً لم تعد وجهة بارزة للاستثمار الأجنبي المباشر من الولايات المتحدة. وأشارت غوبيناث إلى أن "الصين تخسر قوتها أمام الأسواق الناشئة مثل الهند والمكسيك والإمارات". وتابعت أن هناك أدلة تشير إلى أن الروابط المباشرة التي شوهدت بين الولايات المتحدة والصين في الماضي يتم استبدالها بروابط غير مباشرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت "على سبيل المثال، قامت شركات تصنيع الإلكترونيات الكبرى بتسريع نقل الإنتاج من الصين إلى فيتنام، في ضوء التعريفات الجمركية الأميركية على البضائع الصينية".
وتابعت "ومع ذلك، فإن فيتنام تحصل على معظم المدخلات من الصين، في حين تذهب معظم الصادرات إلى الولايات المتحدة".
تفوق مكسيكي
وأضافت النائب الأول للمدير العام للصندوق "في الوقت نفسه تفوقت المكسيك على الصين كأكبر مصدر للسلع إلى الولايات المتحدة في عام 2023، لكن عديداً من الشركات المصنعة التي تفتتح مصانع في المكسيك هي شركات صينية، وتستهدف السوق الأميركية".
وتشير الأرقام الصادرة عن الرابطة المكسيكية للمجمعات الصناعية الخاصة إلى أن واحدة من كل خمس شركات جديدة في العامين المقبلين ستكون صينية.
وحذرت غوبيناث أيضاً من أن درجة الترابط الاقتصادي بين الدول أصبحت الآن أعلى مما كانت عليه في الماضي، حيث تمثل التجارة العالمية حالياً نحو 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مقارنة بـ24 في المئة خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي من نحو عام 1946 إلى عام 1989.
أكثر اندماجاً
وقالت "أصبحت اقتصادات الدول أكثر اندماجاً في السوق العالمية، ومن خلال سلاسل القيمة العالمية المعقدة، من المرجح أن يؤدي هذا إلى رفع كلف التفتت". ومن المخاوف الأخرى المتعلقة بالتشرذم انقطاع التعاون الدولي.
واستشهدت غوبيناث بتحليل حديث لصندوق النقد الدولي، وشددت على أن تجزئة التجارة في المعادن ذات الأهمية الحيوية للتحول الأخضر العالمي مثل النحاس والنيكل والكوبالت والليثيوم من شأنه أن يجعل التحول "أكثر كلفة" لأن هذه المعادن مركزة جغرافيا ولا يمكن استبدالها بسهولة.
وأضافت أن الاضطراب في تجارة هذه المعادن الأساسية سيؤدي إلى تقلبات حادة في أسعارها، وقمع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وإنتاج السيارات الكهربائية".