ضمن تقارير نهاية العام من الشركات والأبحاث المالية والاقتصادية ومؤسسات التصنيف الائتماني، أصدرت مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني تقريراً حول الأعمال والشركات غير المالية في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا العام المقبل 2024.
وعلى رغم أن التقرير لا يحمل أي تغيير في التصنيف الائتماني لتلك الشركات والأعمال بعد، فإنه يغير النظرة المستقبلية إلى سلبية.
واستندت التوقعات بصورة أساسية إلى أن العوامل التي أدت إلى النظرة المستقبلية السلبية هذا العام 2023 مستمرة في العام المقبل أيضاً.
من أهم التحديات التي تواجه الشركات والأعمال في غير القطاع المالي زيادة تأثير ارتفاع أسعار الفائدة والأخطار المحيطة بكلفة الطاقة وإمداداتها وتأثير التضخم المرتفع وبطء النمو في سلوك المستهلكين بحسب ما ذكر التقرير.
إلا أن التقرير أشار إلى عوامل يمكن أن تغير النظرة المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، منها عودة معدلات النمو الاقتصادي إلى نسبة اثنين في المئة وأكثر، واستقرار أسعار الفائدة أو بدء خفضها وتباطؤ ارتفاع معدلات التضخم وإحراز تقدم على صعيد مواجهة ندرة مصادر الطاقة وتراجع معدلات التخلف عن سداد الديون والإفلاس.
وبحسب تقديرات التقرير فإنه في حال تحسن تلك العوامل أكثر يمكن أن تصبح النظرة المستقبلية لأداء الشركات غير المالية إيجابية وليست فقط مستقرة.
تحديات أكبر لأوروبا
على رغم أن هناك شركات كثيرة تمكنت من التكيف هذا العام مع الظروف الاقتصادية الصعبة، فإن النظرة المستقبلية السلبية لأداء الشركات مستمرة، مما يعني احتمالاً أكبر لمزيد من خفض التصنيف الائتماني العام المقبل.
والاحتمال الأكبر هو أن تستمر العوامل السلبية العام المقبل في أوروبا وبريطانيا، أكثر منها في الشرق الأوسط وأفريقيا، وقدر التقرير استمرار الجمود في النشاط الاقتصادي بصورة عامة في دول الاتحاد الأوروبي مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة لا تزيد على واحد في المئة لعام 2024 في المتوسط مقابل نسبة نمو عند 0.7 في المئة متوقعة هذا العام.
وأشار التقرير إلى أن النمو الحقيقي للاقتصاد في كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا سيكون أقل من نسبة واحد في المئة للعام المقبل.
واستند تحليل مؤسسة "موديز" على بيانات أرقام مثل مؤشرات مديري المشتريات وبيانات البنك المركزي الأوروبي، وكلها تدل على استمرار انكماش قطاع التصنيع والخدمات في دول منطقة اليورو وبريطانيا إضافة إلى استمرار تراجع إقراض البنوك في المنطقة للشركات والأسر.
يضاف إلى تلك المؤشرات استمرار الأخطار الجيوسياسية مع الحرب في الشرق الأوسط وفي أوكرانيا واحتمالات تأثيرها في أسواق الطاقة، بخاصة في أوروبا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بالنسبة إلى مؤسسة التصنيف الائتماني فإن أكثر من 65 في المئة من الشركات التي تصنفها في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هي في نطاق ما يسمى "مرتبة المضاربات"، أي إنها وضع تصنيف ائتماني منخفض، وأكثر من نصف تلك الشركات والأعمال يتراوح تصنيفها الائتماني ما بين B2 وB3 هذا العام 2023.
وفي الفترة من يناير (كانون الثاني) الماضي إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تجاوز عدد الشركات التي خفضت المؤسسة تصنيفها الائتماني عدد الشركات التي رفعت تصنيفها.
صعوبة التمويل
بصورة عامة فإن وضع السيولة للشركات والأعمال لم يتغير كثيراً هذا العام، سواء بالنسبة إلى الشركات عالية التصنيف الائتماني أو تلك في مرتبة المضاربات.
مع ذلك، زاد عدد الشركات التي تقع في فئة التصنيف الائتماني الأقل (عند Caa) وتعاني ضعفاً شديداً في السيولة إلى نسبة 57 في المئة مقابل نسبة 49 في المئة في العام الماضي 2022، لذا يقدر التقرير زيادة عدد الشركات في المنطقة التي تتخلف عن سداد ديونها العام المقبل 2024 بنسبة 3.6 في المئة بحلول أكتوبر (تشرين الأول) 2024، مقابل نسبة 2.9 في المئة حتى نوفمبر 2023.
ومع استمرار أسعار الفائدة مرتفعة وقرب استحقاق ما يصل إلى نسبة 40 في المئة من الديون ستجد الشركات صعوبة في التمويل بخاصة تلك الشركات التي تتعرض عائداتها المالية للتذبذب الشديد. وهكذا يقدر تقرير "موديز" أن يزيد عدد الشركات التي تعاني نقصاً شديداً في التمويل والتي لن تتمكن من توزيع أرباح على الأسهم أو التوسع في الإنفاق الاستثماري لتوسيع نشاطها أو تمويل سداد مستحقات الديون.
من المتوقع أن تزيد صعوبة التمويل للشركات والأعمال مع استمرار أسعار الفائدة مرتفعة، بحسب إشارات معظم البنوك المركزية بأنها وإن توقفت عن رفع أسعار الفائدة فإن العودة إلى خفضها ضمن توجه تيسير نقدي قد لا يكون قبل النصف الثاني من العام المقبل، وسيؤدي ذلك أيضاً إلى استمرار تباطؤ النمو الاقتصادي مما يمثل ضغطاً إضافياً على الشركات والأعمال.