ملخص
يبدو أن روسيا وأوكرانيا لديهما النية لتوسيع الحرب الدائرة بينهما... تعرف إلى الخطوات المتوقعة للتصعيد
قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الثلاثاء، إن الجيش اقترح تعبئة ما يتراوح بين 450 و500 ألف أوكراني إضافي بالقوات المسلحة في ما قد يمثل تصعيداً كبيراً في حرب كييف مع روسيا.
وأضاف الرئيس الأوكراني في مؤتمره الصحافي بمناسبة نهاية العام أنها قضية "حساسة للغاية" سيناقشها الجيش والحكومة قبل اتخاذ قرار في شأن إرسال الاقتراح إلى البرلمان. وقال زيلينسكي، إنه أراد الاستماع إلى آراء مؤيدة لقرار تعبئة مزيد من الأوكرانيين قبل دعم مثل هذه الخطوة، وأردف "إنه رقم كبير للغاية".
وتخوض أوكرانيا حرباً مع القوات الروسية منذ فبراير (شباط) 2022، ويتعامل كلا الطرفين مع أرقام الخسائر كأنها سر قومي، ولكن مسؤولين من الولايات المتحدة يقدرونها بمئات الآلاف من القتلى والمصابين.
وتابع زيلينسكي "قلت إنني سأحتاج إلى مزيد من الآراء الداعمة لهذه الخطوة، لأنها أولاً وقبل كل شيء مسألة تتعلق بالشعب، وثانياً إنها مسألة عدالة، ومسألة قدرة دفاعية، ومسألة مالية".
وشهدت أوكرانيا في البداية اصطفاف عشرات الآلاف من المقاتلين المتطوعين للدفاع عن بلادهم من الحرب الروسية، وتحاول الآن تجنيد المزيد ليحلوا محل الموجودين حالياً على الجبهة.
وكانت هناك مناقشات خلف أبواب مغلقة لأسابيع حول كيفية تحسين عملية التجنيد، وكان رد فعل بعض الأوكرانيين غاضباً على مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر ضباط التجنيد وهم يوزعون أوراق الاستدعاء في الصالات الرياضية والمنتجعات.
وأشار زيلينسكي إلى أن هناك حاجة إلى 500 مليار هريفنيا إضافية (13.5 مليار دولار) لدعم اقتراح تعبئة الجيش، ويريد أيضاً مزيداً من التفاصيل حول كيفية استخدام القوات لمحاربة روسيا.
وكان هناك توتر بين زيلينسكي وقائد الجيش، وانتقد القائد العام للقوات الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني هذا الأسبوع القرار الذي اتخذه زيلينسكي بإقالة رؤساء مكاتب التجنيد العسكري الإقليمية وسط حملة على الفساد في الصيف.
ولا يعرف عدد القوات الأوكرانية، لكنها قالت في الماضي إن لديها نحو مليون جندي مسلح، فيما قامت روسيا بتوسيع جيشها خلال الحرب، وقالت، أمس الثلاثاء، إنها تخطط لتعزيز صفوفها إلى 1.5 مليون جندي.
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، إلى رد "صارم" على الأجهزة الخاصة الأجنبية الساعية بحسبه لزعزعة استقرار روسيا من خلال دعم أوكرانيا.
وقال بوتين في كلمة عبر الفيديو "سلك نظام كييف بدعم مباشر من الأجهزة الخاصة الأجنبية طريق الوسائل الإرهابية، عملياً إرهاب الدولة" مضيفاً "يجب وضع حد بصورة صارمة لمحاولات الأجهزة الخاصة الأجنبية لزعزعة الوضع السياسي والاجتماعي في روسيا".
هجوم وتصدي
قال الجيش الأوكراني، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء، إن روسيا شنت هجومها الجوي الخامس على كييف هذا الشهر في وقت متأخر من أمس الثلاثاء، وإن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية تمكنت من صد الهجوم.
وقال سيرهي بوبكو رئيس الإدارة العسكرية في كييف على تطبيق "تيليغرام" "تشير المعلومات الأولية إلى عدم وجود إصابات أو أضرار في العاصمة".
ولم يتضح بعد الحجم الكامل للهجوم. ولم تتمكن "رويترز" من التحقق بشكل مستقل من التقارير. ولم يصدر بعد تعليق عن روسيا.
وبدأت روسيا تنفيذ ضربات على البنية التحتية للطاقة والجيش والنقل في أوكرانيا بمناطق بعيدة عن خط المواجهة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بعد ستة أشهر من فشل قوات موسكو في السيطرة على كييف وانسحابها إلى شرق أوكرانيا وجنوبها.
وظل الإنذار من الغارات الجوية مفعلاً في معظم مناطق جنوب شرقي أوكرانيا حتى الساعة 23:00 بتوقيت غرينتش، إذ قالت القوات الجوية الأوكرانية إن مناطق خاركيف ودنيبروبتروفسك وكيروفوهراد معرضة لتهديد الهجمات الصاروخية الباليستية الروسية.
وأعلنت السلطات الأوكرانية أن طائرات روسية من دون طيار أغارت ليل الثلاثاء-الأربعاء على العاصمة كييف ومدينتي خاركيف (غرب) وخيرسون (جنوب) حيث أصيب تسعة أشخاص بجروح.
وقال رومان مروتشكو، رئيس بلدية خيرسون، عبر تطبيق "تيليغرام" إنه "خلال قصف خيرسون هذا المساء من قبل المحتلين الروس، أصيب تسعة أشخاص بجروح، بينهم أربعة أطفال" تتراوح أعمارهم بين سنتين و13 سنة.
وأضاف أن الجرحى هم "أم وأطفالها الثلاثة وقد نقلوا إلى المستشفى، وحالتهم متوسطة، وهم مصابون بكدمات وإصابات ناجمة عن متفجرات"، بينما كانت جروح الخمسة الباقين أقل خطورة وقد تم إسعافهم في عين المكان ولم تستدع حالتهم نقلهم إلى المستشفى.
وفي كييف أسقطت الدفاعات الجوية الأوكرانية عدداً من المسيرات الإيرانية الصنع من طراز "شاهد" بينما كانت في طريقها إلى كييف، وفقاً لرئيس الإدارة العسكرية في العاصمة سيرغي بوبكو.
وكتب بوبكو على "تيليغرام" "بحسب البيانات الأولية ليس هناك ضحايا أو أضرار"، موضحاً أن هذا الهجوم، الخامس على العاصمة خلال ديسمبر (كانون الأول) الجاري، تم تنفيذه انطلاقاً من البحر الأسود.
هجمات متزايدة
وفي خاركيف، قال رئيس بلدية المدينة إيغور تيريخوف، إن غارتين في الأقل استهدفتا مباني سكنية، وكتب على "تيليغرام" "جارٍ التحقق من المعلومات حول الضحايا والدمار".
ومنذ الخريف، زادت موسكو من وتيرة هجماتها الليلية على المدن الأوكرانية، في وقت تبدو فيه عزيمة الغربيين على دعم حليفتهم أوكرانيا تضعف.
والثلاثاء، أكد زعيما مجلس الشيوخ الأميركي أن إقرار حزمة المساعدات المخصصة لأوكرانيا والبالغة قيمتها 61 مليار دولار لن يحصل هذا العام، معربين عن أملهما بأن تتحقق هذه الخطوة مطلع العام المقبل على رغم إلحاح البيت الأبيض على المشرعين بسرعة إقرارها.
وقال زعيم الغالبية الديمقراطية في المجلس السيناتور تشاك شومر وزعيم الأقلية الجمهورية فيه ميتش ماكونيل في بيان مشترك إن "المفاوضين ما زالوا يعملون على بضع مسائل ونأمل أن تتيح جهودهم لمجلس الشيوخ بالتحرك سريعاً على صعيد (إقرار هذه الحزمة) مطلع العام المقبل".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال تشاك شومر، زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، للصحافيين "سيعمل مفاوضونا بجد شديد جداً في فترة الاستراحة في ديسمبر ويناير (كانون الثاني)، وهدفنا هو إنجاز شيء ما بمجرد عودتنا".
وقال الجمهوري جون ثون، وهو الرجل الثاني في المجلس، إنه لن يتم التوصل إلى اتفاق قبل يناير. وأضاف في قاعة مجلس الشيوخ "نفد الوقت من الديمقراطيين حتى أصبح من المستحيل التوصل إلى اتفاق جوهري حول أمن الحدود قبل عيد الميلاد".
وحذر البيت الأبيض من أنه بحلول نهاية العام ستنفد المساعدات الأميركية المقدمة لأوكرانيا لدعم مساعيها لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا منذ عام 2022.
وتعثر طلب لإدارة الرئيس جو بايدن للحصول على دعم آخر بقيمة 61 مليار دولار في الكونغرس لأن الجمهوريين قالوا إنه يتعين أن يقترن بضوابط أشد صرامة على الهجرة على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ويعتبر تمويل إسرائيل، وهو عنصر آخر من هذه الحزمة، أقل إثارة للجدل.
وتعد الهجرة واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام في السياسة الأميركية، ولطالما فشلت محاولات إصلاح تحظى بدعم الحزبين على مدى السنوات الـ20 الماضية.
موعد انتهاء الحرب
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، أنه "لا أحد" يمكنه توقع موعد لانتهاء الحرب ضد روسيا، مع تأكيده أن الولايات المتحدة "لن تخون" بلاده رغم المؤشرات إلى تراجع الدعم الغربي.
عقد زيلينسكي مؤتمراً صحافياً عرض فيه حصيلة عام صعب، طبعه إخفاق للهجوم الأوكراني المضاد وتردد غربي في مواصلة تقديم الدعم ومزيد من الضغط الروسي على الجبهة.
وقال إنه في مواجهة النقص في عدد الجنود على الجبهة، اقترح الجيش الأوكراني تعبئة "450 ألفاً إلى 500 ألف شخص"، وهو رقم هائل بالنسبة إلى أوكرانيا.
وأحجم زيلينسكي عن الادلاء بتكهنات حول الفترة التي سيستغرقها القتال. وقال "أعتقد أنه لا أحد يعلم الجواب"، حتى "قادتنا أو شركاؤنا الغربيون".
الأسبوع الماضي، قام الرئيس الأوكراني بجولة دبلوماسية لإقناع الولايات المتحدة وأوروبا بمواصلة إرسال أسلحة وتمويل إلى أوكرانيا التي تتصدى للغزو الروسي منذ عامين تقريباً.
لكن غالبية في الكونغرس الأميركي المنقسم حول مساعدة بقيمة 61 مليار دولار إضافية، لم تستجب له فيما فرض رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان حق النقض على مساعدة جديدة من الاتحاد الأوروبي.
عودة ترمب
غير أن زيلينسكي أكد، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة "لن تخون" أوكرانيا، مشدداً على أن واشنطن "ستفي" بوعودها.
وقبل أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، أقر بأن تغييراً في البيت الأبيض، على غرار عودة الرئيس السابق دونالد ترمب، قد يكون له "تأثير كبير جداً على مجريات الحرب".
وإذ أكد نيته لقاء رئيس الوزراء المجري "لإيجاد حلول"، أعلن زيلينسكي أيضاً أن كييف ستتلقى قريباً "العديد" من منظومات باتريوت الجديدة للدفاع الجوي، من دون أن يحدد عددها.
كذلك، أعلن أن أوكرانيا ستنتج "مليون طائرة مسيرة" لجيشها في 2024، علماً أن هذه الطائرات تضطلع بدور رئيس في الحرب ضد روسيا.
وعلى رغم خيبات الأمل، أشاد الرئيس الأوكراني بالنجاحات التي حققها جيشه، وخصوصاً "انتصاره الكبير" في البحر الأسود في مواجهة روسيا، عبر تمكنه من إقامة ممر بحري لتصدير القمح خصوصاً، في تحد للقصف الروسي والتفوق البحري لموسكو.
وأشار أيضاً إلى موافقة المجلس الأوروبي في ديسمبر على بدء مفاوضات انضمام كييف إلى الاتحاد، في خطوة تنطوي على دلالات رمزية مهمة. وقد عقد مؤتمره الصحافي أمام شاشة حملت خريطة أوكرانيا وعلم الاتحاد الأوروبي.
التفاوض غير وارد
ويبقى التفاوض مع روسيا غير وارد بالنسبة إلى زيلينسكي الذي اعتبر أنه أمر "في غير محله" حالياً مع موسكو "المتغطرسة".
وكان نظيره الروسي فلاديمير بوتين تحدث، الخميس الماضي، أيضاً إلى الإعلام خلال جلسة الأسئلة السنوية، لكن من موقف أقوى يستند إلى قلق كييف وتردد الغربيين، فوعد مواطنيه بالنصر في أوكرانيا.
وأشاد بوتين بنجاحات قواته التي "حسنت مواقعها" على كل خط المواجهة تقريباً.
وأقر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الثلاثاء، بأن العالم "لا يبالي" بالنزاع في أوكرانيا رغم جرائم الحرب "المرتكبة بشكل أساسي" من قبل روسيا.
وزيلينسكي الذي واجه استياء متزايداً قبل بدء الحرب، يواجه أيضاً تجدداً للتوترات السياسية.
وأظهرت استطلاعات رأي أجريت في الآونة الأخيرة أن 62 في المئة من الأوكرانيين يثقون به مقابل 84 في المئة قبل سنة، حين كانت البلاد تحتفل بتحرير خيرسون، عاصمة المنطقة الجنوبية التي تحمل الاسم نفسه.
وفي مؤشر إلى الانقسامات السياسية، بدأ أوكرانيون بالتظاهر خلال الآونة الأخيرة في كييف مطالبين بمزيد من الأموال للمجهود الحربي.