توحي المؤشرات في الجزائر بأن الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد تتجه نحو الانفراج، خصوصاً بعد تمكن لجنة الحوار والوساطة، في إطار لقاءاتها مع المجتمع المدني والأحزاب والنقابات والحراك، من تحقيق اتفاق حول 3 نقاط أساسية، من بينها ضرورة رحيل الحكومة الحالية ورئيسها نور الدين بدوي.
في وقت شرعت السلطة في التحضير لإجراء تعديلات في قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة المستقلة للإشراف ومراقبة الانتخابات وتنظيمها، بعدما رفعت هيئة كريم يونس تقريرها الذي شمل ما جاء في جلسات الحوار مع مختلف أطياف المجتمع، تترقب القوى السياسية والحراك الإعلان عن رحيل رئيس الحكومة بدوي، ليكتمل تحقيق أهم 3 مطالب مرفوعة إلى النظام المؤقت، والتي علمت "اندبندنت عربية" أنه تم الموافقة عليها ضمن إجراءات التهدئة التي تسبق تحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
وأوضح يونس، منسق لجنة الوساطة والحوار، أنه بعد مقابلة رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح "طالبنا بإجراءات التهدئة وتغيير الحكومة"، مضيفاً أن الإعداد جارٍ لعقد ندوة ستنبثق عنها تشكيلة هيئة تنظيم الانتخابات، بالإضافة إلى إعداد خريطة طريق للفترة الرئاسية المقبلة بعد فترة انتقالية ومراجعة عميقة للدستور.
اتفاق ضمني
يعتقد الناشط السياسي مراد معتوق أن الأمور تتجه نحو الانفراج بعد قبول النظام المؤقت إجراءات التهدئة التي طلبها يونس والحراك وقوى سياسية، ومن بينها رحيل حكومة بدوي، موضحاً أنه بعد قبول تنصيب لجنة مستقلة لتنظيم الانتخابات، وإجراء تعديلات على قانون الانتخابات، فإنه من المرتقب أن يتم الإعلان عن استقالة حكومة بدوي، في الساعات المقبلة.
ولفت معتوق إلى أن هناك شبه إجماع حول إجراء انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن، مضيفاً أن اقتراح قائد الأركان في خطابه، حول استدعاء الهيئة الناخبة يوم 15 سبتمبر (أيلول)، يؤكد أن اتفاقاً ضمنياً بين النظام المؤقت بسلطته الفعلية ممثلة في المؤسسة العسكرية من جهة، والحراك والقوى السياسية والمجتمع المدني من جهة أخرى، لتسهيل المرور نحو الهدف المتمثل في تنظيم الانتخابات الرئاسية التي من المحتمل أن تكون نهاية السنة الحالية أو مطلع 2020 كأقصى تقدير.
زغماتي لخلافة بدوي؟
ووفق معلومات "اندبندنت عربية" من مصدر مطلع، فإنه تم الاتفاق على شخصية وزير العدل الحالي، بلقاسم زغماتي، لخلافة بدوي على رأس الحكومة الجديدة التي ستكون حكومة تصريف الأعمال للوصول إلى تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، عبر وضع كل الضروريات والإمكانيات تحت تصرف الهيئة المستقلة وتسهيل مهمتها، والوقوف على تعديل قانون الانتخابات وفق ما تم طرحه على النظام المؤقت.
وفي خصوص الحديث عن زغماتي لخلافة بدوي، يقول البرلماني السابق عبد الكريم بايري، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن "المؤشرات كانت تشير إلى أن زغماتي تم إخراجه من الدرج لأداء مهمة ليست في مجال العدالة ومحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين، وإنما أبعد من ذلك ستكشف عنها الأيام"، مضيفاً أن "حركيته في قطاع العدالة منحته صدقية لدى الشعب والقوى السياسية، وجعلته محل ثقة، وهو ما كان يبحث عنه النظام المؤقت". وخلص إلى أن خلافة زغماتي لبدوي ممكنة، و"أرى أن الهدف أكبر من ذلك وقد تكون مشروع رئيس الجمهورية".
إعادة الثقة للشعب
يسيطر زغماتي منذ عودته إلى الساحة على المشهد العام في البلاد، لدرجة أنه بات يظهر كرئيس الدولة أو رئيس الحكومة. وهو ما فسرته أطراف عدة منها المعارضة من قوى البديل الديمقراطي، بأنه تحرك مدروس للوصول إلى هدف معين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويشدد زغماتي، خلال كل ظهور له، على الدفاع عن استقلالية العدالة ومحاربة الفساد والفاسدين، والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بثروات البلاد وأموال الشعب أو رهن مستقبل الجزائر، وهو الخطاب الذي بات يستهوي العام والخاص في الجزائر بعد فقدان الثقة خلال السنوات الماضية وبشكل كبير خلال فترة حكم بوتفليقة و"العصابة".
ويوضح زغماتي أن الارتشاء والاختلاس والتعدي على الممتلكات العقارية والأراضي الزراعية واستغلال النفوذ والمحسوبية وخيانة الأمانة وغيرها من الانحرافات هي من العلل والعوائق التي تنخر كيان المجتمع وتشكل عدواناً صارخاً على حقوق الإنسان والأجيال المقبلة، مشيراً إلى أن تعزيز العدالة من خلال محاكمة عادلة، سواء أكان فيما يتعلق بتطبيق القانون ومكافحة الجرائم وحماية الحقوق والحريات، تؤدي بالقضاة إلى الاستقامة والحصول على السمعة الطيبة.
قائد الأركان يقطع الشك باليقين
وفي تحول جديد، اعتبر قائد أركان الجيش، أحمد قايد صالح، أنه من الأجدر استدعاء الهيئة الناخبة في 15 سبتمبر (أيلول)، موضحاً أن تنظيم الانتخابات الرئاسية في مواعيدها القانونية وتعديل قانون الانتخابات وتنصيب الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات أمر ضروري، للخروج من الانسداد. وانتقد أحزاباً "تعمل ضد الدولة والشعب"، وترفض المبادرات والحلول وتكثر من "العويل"، وهي أحزاب مرفوضة شعبيا، لجأت إلى تسخين الجبهة الاجتماعية بهدف تمديد عمر الأزمة خدمة لـ"العصابة". فهل تبين الخيط الأبيض من الأسود في سماء الجزائر؟