Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جرائم طعن النساء تتضاعف في بريطانيا وجهود المكافحة متدنية

حصري: في وقت تكشف أرقام جديدة عن اتساع نطاق جرائم الطعن بالسكاكين في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، تقول عائلات الضحايا إنه يجب أن يكون هناك "احتجاج على المستوى الوطني"

هولي غازارد (أعلى يسار الصورة)، وإليان أندام (أعلى اليمين)، وإيلي غولد (أسفل اليسار) وفاليري فورد مع ابنتها جاهزارا، جميعهن ضحايا الطعن بالسكاكين (مصادر مختلفة)

ملخص

الطعن بالسكاكين يهدد حياة النساء والفتيات في المملكة المتحدة وتعاطي الحكومة مع هذا الوضع لا يرتقي إلى مستوى بشاعة الجريمة.

ارتفع عدد جرائم الطعن بالسكاكين ضد النساء والفتيات ليتخطى الضعفين خلال الأعوام الخمسة الأخيرة في المملكة المتحدة، في وقتٍ نبهت ناشطاتٌ إلى أنه لا يتم بذل جهود كافية للحفاظ على سلامتهن.

وتبين أرقام جديدة حصلت عليها صحيفة "اندبندنت" أن عدد النساء اللواتي قُتلن أو جُرحن أو تعرضن للتهديد بسكين، ارتفع من 6 آلاف حالة في عام 2018، إلى أكثر من 13700 حالة في عام 2022 - ما يكشف عن حجم هذه الأزمة الحقيقي. وتشمل الجرائم تلك المتعلقة بالنشل والاغتصاب والقتل وخرق النظام العام والسرقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت إليان أندام في الخامسة عشرة من عمرها عندما قضت ضحية جريمة طعن بسكين وهي في طريقها إلى مدرستها في ضاحية كرويدون جنوب لندن في سبتمبر (أيلول) الماضي. أما ماهاك شارما البالغة من العمر 19 سنة، فتعرضت هي الأخرى لطعناتٍ حتى الموت في المنطقة نفسها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعدما كانت قد انتقلت للتو إلى المملكة المتحدة من الهند.

وتعتبر ناشطاتٌ في مجال وقف هذه الجرائم ضد النساء والفتيات، أن الإحصاءات التي تغطي آخر عام كامل وهو العام 2022 تؤكد الحاجة الملحة لمعالجة الأزمة، ولا سيما منها ما يتعلق بالعنف الأسري. وحذرت جيس فيليبس العضو في البرلمان عن حزب "العمال" المعارض، من أن "الأمور تتفاقم تدريجاً على نحو تصاعدي".

نيك غازارد الذي تُوفيت ابنته هولي البالغة من العمر 20 سنة، بعدما قام صديقها السابق العنيف بطعنها 14 مرة في عام 2014 قال بمرارة: "لو كانت هذه الجرائم عملية إرهابية، لقامت احتجاجاتٌ واسعة على المستوى الوطني".

وتظهر أرقام العام 2022 ما يأتي:

• ارتفاع عدد ضحايا جرائم السكاكين من الإناث بنسبة 43 في المئة في منطقة ويست ميدلاندز، من 1010 في عام 2018، إلى 1448 في عام 2022، وفقاً لثاني أكبر قوة شرطة تُعنى بإنفاذ القانون في المملكة المتحدة.

• في مقاطعة إيسيكس، تضاعف عدد الضحايا أكثر من 4 مرات في الإطار الزمني نفسه - من 435 إلى 1879

• سجلت شرطة "إيفون أند سومرسيت" (وهي قوة الشرطة الإقليمية المسؤولة عن إنفاذ القانون في مناطق بريستول وباث والشمال الشرقي لإنجلترا) زيادةً في عدد ضحايا الطعن بالسكاكين بنسبة 46 في المئة، على مدى الأعوام الـ 5 الأخيرة، وارتفع الرقم من 593 إلى 868

وعلى أثر طلبٍ بموجب "قانون حرية الحصول على المعلومات" تقدمت به صحيفة "اندبندنت"، استجابت 26 قوة من أجهزة الشرطة البالغ عددها 43 في المملكة المتحدة، بتبادل بياناتها المتعلقة بجرائم الطعن بسكاكين، التي كانت الضحايا فيها فتيات أو نساء.

ومع ذلك، لم تستجب "شرطة العاصمة البريطانية"  Metropolitan Police، وهي أكبر قوة لإنفاذ القانون في المملكة المتحدة. لكن أحدث البيانات السنوية من العاصمة تشير إلى أن 282 جريمة قتل - أو 4 من كل 10 جرائم - تُعزى إلى حوادث مرتبطة بسكين أو أدوات حادة، أي بزيادةٍ مقدارها 19 في المئة عما كان الوضع عليه في العام الفائت.

وذكرت أجهزة الشرطة أن الطريقة التي يتم من خلالها تسجيل جرائم الطعن بسكاكين قد خضعت لتغييراتٍ في عام 2019، لكنها لم تتمكن من أن تعزو سبب هذا الارتفاع في الأرقام إلى تلك التغييرات.

يُشار إلى أن السكاكين والأدوات الحادة تُعد من الأسلحة الأكثر شيوعاً التي تُستخدم في الهجمات المميتة ضد النساء في هذا البلد. واستناداً إلى بيانات "المكتب الوطني للإحصاء" Office of National Statistics التي تنتهي في مارس (آذار) من عام 2022، فقد قُتلت ضحية من كل 3 ضحايا جرائم قتل (33 في المئة) على يد شريك أو شريك سابق، في حين قضت أكثر من ضحية من كل 10 ضحايا (13 في المئة) على يد أحد الأقارب. ومن الجدير بالذكر أن نحو 40 في المئة من هذه الوفيات حدثت داخل منزل الضحية أو حوله، في مقابل 7 في المئة في الشوارع أو الأماكن العامة الأخرى.

السيدة فيليبس التي لطالما عُرفت بدفاعها القوي عن ضرورة مواجهة العنف المنزلي، أعربت عن عدم رضاها عن "مشروع قانون مواجهة العنف المنزلي"  Domestic Abuse Bill الذي وضعته الحكومة البريطانية، معتبرةً أنه غير كافٍ لحماية النساء. وتعزو العضو في البرلمان عن دائرة بيرمنغهام ياردلي الأزمة إلى تراجع خدمات الشباب والعاملين في هذا المجال، والتخفيضات المالية التي اعتمدتها المجالس المحلية، والنقص في موارد أجهزة الشرطة والقضاء.

وتقول النائبة المعارضة - التي تتلو كل سنة على مسامع أعضاء البرلمان أسماء النساء اللواتي قُتلن على يد رجال - إن "الأمور تزداد سوءاً على نحوٍ تدريجي، وجرائم الطعن بسكاكين ضد النساء باتت بمثابة مظهر كلاسيكي من مظاهر العنف المنزلي، وهي ليست مدرجة في استراتيجية مكافحة جرائم الاعتداء بالسكاكين الأوسع نطاقاً".

وتضيف السيدة فيليبس: "ليتها (الحكومة) تهتم بمعالجة الانتهاكات والاعتداءات الجنسية والمنزلية، بمقدار ما تولي اهتماماً بمسألة ترحيل مهاجرين إلى رواندا".

معلومٌ أن القانون المعتمد في الوقت الراهن في بريطانيا، ينص على أن القتلة الذين يحضرون سلاحاً إلى مسرح الجريمة، يخضعون لعقوبةٍ بالسجن لا تقل عن 25 عاماً، في حين أن الحد الأدنى لعقوبة السجن التي يواجهها الأفراد عندما يرتكبون جريمة من دون إحضار سلاح إلى مكان الحادث، يبدأ بـ 15 عاماً. وبما أن القتلة المنزليين هم أكثر عرضةً لاستخدام الأدوات المنزلية المتاحة بسهولة - كسكاكين المطبخ على سبيل المثال - فقد يحصلون على أحكام بالسجن تكون في العادة مخففة نسبياً وأكثر تساهلاً.

وكانت كارول غولد قد نظمت حملةً نشطة لسد هذه الثغرة القانونية، بعد مقتل ابنتها إيلي التي كانت في سن السابعة عشرة على يد صديقها التي دامت علاقتها به ثلاثة أشهر.

وقد حُكم على توماس غريفيث في عام 2019 بالسجن مدى الحياة بمدة عقوبة مخففة لا تقل عن 12 سنةً ونصف السنة، وذلك بعدما دخل إلى منزل عائلة إيلي، وقام بخنق الضحية ثم طعنها 13 مرة. وقد حاول تصوير الهجوم على أنه انتحار، من خلال غرز سكين في جانب رقبتها.

وتوضح الوالدة أن ابنتها "كانت قد خرجت مع الجاني قبل بضعة أشهر فقط من حادثة القتل"، مشيرةً إلى أن "إنهاء العلاقة يُعد من أخطر الأوقات التي يمكن أن تتعرض لها المرأة".

الناشطة نغوزي فولاني رأت في حديثٍ مع صحيفة "اندبندنت" أن أزمة ارتفاع كلفة المعيشة ربما تكون لها انعكاسات على ارتفاع عدد الجرائم التي تُرتكب ضد النساء".

السيدة فولاني كانت قد أنشأت مؤسسة "سيستا سبيس"  Sistah Space الخيرية التي تُعنى بالدفاع عن ضحايا العنف الأسري من النساء السوداوات، وذلك في أعقاب وفاة فاليري فورد وابنتها جاهزارا البالغة من العمر 22 شهراً. وقد تعرضتا للطعن حتى الموت في عام 2014 على يد رولاند ماكوي، الزوج السابق للسيدة فورد، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 35 سنة.

وتقول السيدة فولاني: "شهدنا أخيراً زيادةً كبيرة في الإبلاغ عن هجماتٍ بسكاكين أو أدوات حادة على النساء. ونحن نعيش في مرحلة كسادٍ اقتصادي في الوقت الراهن، ونجد أن الجناة في الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة غالباً ما يتحولون إلى أفراد عنيفين".

وقد قامت منظمة "سيستا سبيس" بحملةٍ من أجل الدفاع عن "قانون فاليري"  Valerie’s Law، وهو تشريع يهدف إلى فرض التدريب المتخصص وجعله إلزامياً لجميع مراكز الشرطة والوكالات الحكومية الأخرى التي تدعم النساء والفتيات السوداوات المتضررات من العنف المنزلي.

وتلفت المنظمة إلى "الحاجة للتأكيد على نقطة واحدة وهي أن العنف المنزلي ليس قضيةً تقتصر مواجهتها على النساء فحسب، بل هي مشكلة تعني جميع الأفراد".

وتعتبر دنيز أوغور نائبة مدير "تحالف إنهاء العنف ضد النساء" End Violence Against Women Coalition، أن العنف الذي يمارسه الرجال ضد النساء هو مظهرٌ من مظاهر قضية ثقافية تتطلب المعالجة".

وأضافت أن "النساء والفتيات يواجهن تهديداً مستمراً بالعنف من جانب الذكور، سواءٌ كان ذلك في الأماكن العامة، أو في مكان العمل، أو عبر الإنترنت، أو داخل منازلنا، حيث تحدث غالبية أعمال العنف".

ورأت أنه "إذا أردنا تغيير هذا الوضع، فمن الأهمية بمكان أن تصب الحكومة اهتمامها على تعزيز العلاقات السليمة وأن تقوم بالاستثمار فيها، إضافةً إلى التركيز على التثقيف الجنسي القائم على مبادئ الموافقة والمساواة، وتنظيم حملاتٍ عامة لتغيير المواقف التي تبرر مثل هذا العنف والانتهاكات وتسعى إلى تطبيع هذه الممارسات. فالنساء والفتيات يستحققن أفضل من ذلك".

كارولين نوكس النائبة عن حزب "المحافظين"، انتقدت الحكومة لإحجامها عن التزام استراتيجية تعليمية جديدة مصممة خصيصاً للأولاد، تهدف إلى معالجة القضايا المتعلقة بالتحرش الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

السيدة نوكس التي تتولى رئاسة "اللجنة المشتركة للمرأة والمساواة" - المؤلفة من نواب ينتمون إلى مختلف الأحزاب البريطانية - شددت "على أهمية التعليم كأداةٍ قوية وضرورية في منع العنف ضد النساء والفتيات". ورأت أن "من الضروري توسيع نطاق التثقيف المتعلق بالعلاقات والشؤون الجنسية والصحية، إلى ما بعد مرحلة التعليم الثانوي، وإشراك الأولاد والشباب بشكلٍ فعال في مكافحة السلوكيات الضارة".

وفي تعليقٍ على ما تقدم، قال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية إن "الحكومة ملتزمةٌ رفع مستوى التعامل مع هذه الجرائم البشعة".

وأضاف: "لقد قطعنا خطواتٍ كبيرة في مجال حماية ضحايا العنف الأسري، وتصنيفه على أنه تهديدٌ وطني. إضافةً إلى ذلك، يقوم ’الصندوق الخاص بالشابات والفتيات‘Young Women and Girls Fund الرائد، بتدخلات متخصصة تتعلق بالشابات والفتيات المستضعفات، لا معرضات لخطر الاستغلال أو العنف".

وختم الناطق الرسمي بالقول: "سنواصل التعاون بشكلٍ وثيق مع أجهزة الشرطة والمحاكم، لإحالة المزيد من المجرمين إلى العدالة، وقد وضعنا توقعات واضحة لطريقة استجابة الشرطة".

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات