Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل عاد "أسد الأطلس" للظهور في المغرب بعد فقدان أثره منذ عقود؟

يحظى بمكانة خاصة ومميزة فهو رمز وشعار النظام الملكي منذ استقلال البلاد

لم تفض عملية التمشيط التي قامت بها السلطات المعنية إلى أدلة تؤكد وجود "أسد الأطلس" في المغرب (موقع حديقة الحيوانات بالمغرب) 

ملخص

يبدو التاج الملكي محاطاً باثنين من أسود الأطلس على اليمين واليسار، كما أن اللقب الذي ارتبط بالمنتخب المغربي لكرة القدم هو "أسود الأطلس"

تحول خبر تعرض راعية غنم شابة إلى هجوم مفاجئ من قبل أسد في ضواحي مدينة خنيفرة بالمغرب، وشهادات آخرين بأنهم شاهدوا هذا الأسد في مناطق مختلفة من غابات مناطق الأطلس، إلى قضية رأي عام في البلاد، خصوصاً أنه من المعروف أن "أسد الأطلس" المعني بهذه الأخبار لم يعد له أثر منذ أربعينيات القرن الماضي، وفق كثير من الباحثين والمتخصصين.

وفي الوقت الذي أنعشت فيه هذه الأخبار المتداولة فرضية ظهور "أسد الأطلس" من جديد بعد غياب استمر عقوداً عدة، كثف المهتمون والخبراء التحريات للعثور على آثار هذا الأسد، واستبعدت الوكالة الوطنية للمياه والغابات المعنية إدارياً بهذا الموضوع فرضية هجوم "أسد الأطلس" على الفتاة، إذ لم تفض عملية التمشيط التي قامت بها السلطات المتخصصة إلى أدلة لوجود هذا الأسد الضخم.

جدل المشاهدة

عندما خرجت فتاة راعية غنم من سكان منطقة جبال الأطلس لتتحدث بكل عفوية عن تعرضها لهجوم مباغت من قبل حيوان سمته "الأسد"، لم تكن تعلم أنها بذلك قد تسببت في إثارة جدل وسجال كبيرين لم يتوقفا إلى اليوم، بل أفضى كلامها إلى تحرك كبير من السلطات الأمنية المعنية التي قامت بتمشيط المنطقة، وتوجهت وفود من الباحثين والمتخصصين لتحري الحقيقة.

وتباينت المواقف حيال واقعة عودة "أسد الأطلس" من جديد في جبال وغابات المغرب بين ثلاث مجموعات، الأولى شهادات السكان الذين رووا بأنهم شاهدوا أو عاينوا من بعد أسد الأطلس وهو يتجول في المناطق والغابات المجاورة، وبالتالي أكدوا وزكوا شهادة راعية الغنم، والمجموعة الثانية في هذه القصة تتمثل في الذين لم يكذبوا خبر ظهور "أسد الأطلس" المنقرض منذ عقود خلت، لكن أيضاً لم يؤكدوا وجوده، وهم بالخصوص الخبراء والمتخصصون والمستكشفون، ومن بينهم صناع برنامج "أمودو" الوثائقي المعروف الذي تبثه القناة التلفزيونية الحكومية المغربية.

ووفق معدي برنامج "أمودو" الوثائقي والاستكشافي الذي يقول إنه يأمل في أن يكون وراء إثبات عودة "أسد الأطلس"، فإنهم حصلوا على شهادات قوية وموثوقة من قبل بعض سكان المنطقة أدلوا فيها بتفاصيل عن "أسد الأطلس" لا يمكن أن تكون من نسج الخيال، بقدر ما تنم عن مشاهدات حقيقية لهذا الحيوان.

تحريات

وأفاد باحث في علم الأحياء الحيواني ميلود لمرابط بأن المثير في القصة هو هذا الشغف الذي ظهر عند المغاربة لمعرفة حقيقة ظهور الأسد المعروف بـ "أسد الأطلس"، وقد برز ذلك من خلال بحثهم ومتابعتهم لمستجدات الموضوع وتفاصيله، لكن الشغف يتعين أن يكون مقيداً بضوابط البحث والتحري العلمي الصارم.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن "هناك أبحاثاً وتحريات علمية جارية حالياً وتجهيزات رقمية تتيح رصد أية تحركات لهذا الحيوان وهو ما يتطلب حيزاً زمنياً معتبراً، نظراً إلى حجم المنطقة الجغرافي الكبير، قبل الحسم في ظهور أسد الأطلس من عدمه".

وأما الطرف الثالث في القصة فهو السلطات الإدارية والأمنية المعنية، لا سيما الوكالة الوطنية للمياه والغابات التي أكدت ضمن بلاغ سابق أن "آثار الأقدام المكتشفة بهذه المناطق تعود لفصيلة كلاب أو ذئب شمال أفريقيا، كما أن تشريح جثة خروف في منطقة ولماس يفترض أنه تعرض إلى هجوم من قبل الأسد، وفقاً لشهادات محلية، أظهر أن آثار العضة لا تتطابق مع عضة الأسد، وبالتالي استبعاد فرضية الأسد وترجيح هجوم كلب أو ذئب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قصة الانقراض

ولعل سبب اهتمام المغاربة بقصة "أسد الأطلس" يعود لرغبتهم الدفينة في ظهوره وعودته للواجهة بعد انقراض دام أعواماً طويلة، فهناك من يرجع آخر ظهور لـ "أسد أطلس" إلى أربعينيات القرن الماضي.

ويقول الباحث لمرابط في هذا الصدد إنه لا توجد رواية ثابتة وموثوقة بخصوص تاريخ اختفاء "أسد الأطلس"، لأن هناك باحثين يروون أن آخر ظهور له كان في بداية العشرينيات من القرن الـ 20، وتحديداً في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب، وذلك بسبب الصيد الجائر والمفرط لهذا الحيوان المفترس من أجل المتاجرة في تهريب جلوده إلى الدول الأوروبية.

وأردف المتحدث عينه بأن هناك رواية أخرى، وهي الأقرب للمنطق بالنسبة إليه، ترجع اختفاء "أسد الأطلس إلى الأربعينيات، وهي فترة زمنية كان فيها المغرب لا يزال خاضعاً للاحتلال الفرنسي، وكانت آخر صورة له تلك التي التقطها طيارون فرنسيون وهو يمشي في جبال الأطلس الصغير"، معلناً أن "العامل الأبرز لهذا الانقراض يتجلى في الصيد غير القانوني لهذا الكائن الحيواني لأهداف تجارية، من دون أن يكون هناك خلف أو امتداد لنسل ملك الحيوانات هذا، وأيضاً إلى عامل آخر لا يقل أهمية وهو اجتثاث الغابات وتقلص أعداد الحيوانات التي يقتات منها الأسد".

ولفت الباحث إلى أن هناك بضعة أسود تحتفظ بها الحديقة الوطنية للحيوانات في مدينة الرباط، لكنها لا ترقى لتكون بسلالة "أسد الأطلس" نفسها المعروف بسمات جسدية معينة ومحددة، من طول الجسد والذيل والكتف وغير ذلك، غير أنها تبقى مع ذلك وعاء حيوانياً يحافظ على امتداد الأسد المغربي من الانقراض الكامل.

ويفيد موقع حديقة الحيوانات في الرباط على الإنترنت بأن "أسد الأطلس" أو "الأسد البربري" يعتبر صنفاً منقرضاً، وتأوي حديقة الحيوانات في الرباط حوالى 38 أسداً منذ أعوام عدة، كما أن الحديقة تدعم البحث في مجال الحيوانات المتوحشة، وهي تؤوي 22 صنفاً مهدداً في المغرب، وثمانية أصناف تمثل موضوع إعادة الإدماج، من بينها خمسة أصناف منقرضة في البلاد.

تماثيل

وكان المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث في المغرب (مؤسسة علمية وبحثية حكومية) أعلن في ديسمبر (كانون الأول) 2022 اكتشاف بقايا عظمية لأسد الأطلس في موقع بيزمون بضواحي مدينة الصويرة غرب البلاد، يرجع تاريخها لأكثر من 110 آلاف عام، وذلك من طرف باحثين مغاربة وباحثين من جامعة أريزونا وإيكس مارسيليا بفرنسا.

وكان اكتشاف بقايا "أسد الأطلس" في غرب المغرب مفاجئاً إلى حد ما، باعتبار أن "أسد الأطلس"، كما يدل على ذلك اسمه، عُرف بوجوده في جبال وغابات الأطلس، وهي البقايا التي عرضت في سابقة من نوعها في يناير (كانون الثاني) 2023 ضمن معرض تحت شعار "أسد الأطلس في المغرب... حكاية زئير يمتد آلاف السنين"، شمل جميع القطع العظمية الأحفورية لأسد الأطلس.

ويحظى أسد الأطلس عند المغاربة بمكانة خاصة ومميزة، فهو رمز وشعار النظام الملكي منذ استقلال البلاد، إذ يبدو التاج الملكي محاطاً باثنين من أسود الأطلس على اليمين واليسار، كما أن اللقب الذي ارتبط بالمنتخب المغربي لكرة القدم هو "أسود الأطلس".

وأيضاً عند مدخل الحديقة الوطنية للحيوانات ينتصب تمثال أسد الأطلس باعتباره الرمز الأكبر لهذه الحديقة، وحوله يتحلق الزائرون ويلتقطون صوراً للذكرى، كما ينتصب تمثال منحوت على الحجر لأسد الأطلس في إحدى ساحات مدينة إفران الواقعة في الأطلس المتوسط الذي يعتبر أحد معالم هذه المدينة السياحية المعروفة بثلوجها وجمال مناظرها الطبيعية.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات