Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقاضي العراق إيران دوليا بسبب "ضربة أربيل"؟

بغداد قدمت شكوى لمجلس الأمن وتأمل في إدانة طهران أممياً وتحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية لفرض عقوبات جديدة عليها

الموقع الذي أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه شن هجمات صاروخية عليه في إقليم كردستان العراق (أ ف ب)

ملخص

قصف أربيل يمهد للعراق طريق مقاضاة إيران دوليا

قدم العراق شكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ضد إيران على خلفية استهداف الحرس الثوري مقراً في أربيل، تزعم طهران أنه تابع لجهاز "الموساد" الإسرائيلي.

ومساء الإثنين الماضي، أعلن الحرس الثوري الإيراني أنه شن هجمات صاروخية في مدينة أربيل بإقليم كردستان العراق استهدفت ما قال إنه "مقر رئيس لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)".

وتعتبر الشكوى تطوراً خطراً في العلاقات العراقية-الإيرانية، في ظل حكومة مدعومة من أحزاب شيعية حليفة لطهران متجاوزة بذلك سياسة الاستنكار والإدانة التي كانت تصدر من قبل المسؤولين العراقيين بعد كل ضربة توجه إلى أراضي العراق.

وجوبهت الضربة الإيرانية على إقليم كردستان بردود فعل عنيفة من قبل بغداد مقارنة بضربات إيرانية سابقة، إذ قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في اليوم التالي إن القصف الإيراني يمثل "عملاً عدوانياً وتطوراً خطراً يقوّض العلاقات القوية بين البلدين".

فيما أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي أن ما وصفته ادعاءات إيران باستهداف مقر لــ"الموساد" في محافظة أربيل "لا أساس له من الصحة".

ويبدو أن العراق عازم على المضي بالشكوى المقدمة ضد إيران مع زيادة حجم التوتر الدبلوماسي بين البلدين، فاستدعت بغداد سفيرها لدى طهران لغرض التشاور وسلمت السفير الإيراني لديها مذكرة احتجاج.

والقصف الإيراني ليس الأول الذي تقوم به إيران، إذ شنت سابقاً هجمات على مناطق حدودية بالمدفعية استهدفت من تصفهم طهران بمعارضين ينطلقون من الأراضي العراقية.

وبحسب المتابعين للشأن السياسي، فإن الشكوى العراقية ستمضي في مجلس الأمن الدولي وقد تلاقي دعماً غربياً، وربما تطاول إيران عقوبات جديدة إضافة إلى القيود المفروضة عليها من جانب الولايات المتحدة الأميركية إذا ما استمرت بغداد في شكواها.

موقف واقعي

ويصف مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل موقف بلاده بأنه واقعي لأن ما يحصل يمثل انتهاكاً لسيادة الدولة.

وقال إن "الموقف العراقي الرسمي تجاه الضربات الصاروخية الإيرانية لأربيل واقعي، لاسيما وأنها تشكل انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، خصوصاً المادة الثانية الفقرة الرابعة التي تلزم الدول اللجوء لحسم النزاعات في ما بينها بالطرق السلمية والجهود الدبلوماسية مع احترام القانون الدولي".

وأضاف فيصل أن "السياسة الإيرانية منذ عام 1979 إلى يومنا هذا لا تحترم القانون الدولي أو حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولا تحترم المبادىء الكبرى في عدم التدخل في الشؤون السيادية للدول، إذ إنها تتدخل في شؤون العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها من الدول العربية والإسلامية والأفريقية".

ويرى أن الموقف العراقي يعبرعن التزام بغداد بالقانون الدولي وعلاقات حسن الجوار، ولهذا السبب "تم سحب السفير العراقي لدى طهران وتسليم السفارة الإيرانية في بغداد مذكرة احتجاج شديد تجاه هذا العدوان المسلح الصاروخي المتكرر على أربيل تحت حجج وذرائع واهية".

ودان العراق العدوان الإيراني وقدم شكوى لمجلس الأمن الدولي، فيما استنكرته جامعة الدول العربية لأنه يعرض الأمن الإقليمي لخطر كبير، بحسب فيصل، الذي أشار إلى أن الموقف الدبلوماسي الواضح الذي عبّر عنه رئيس الوزراء ووزير الخارجية وبعض القيادات في الدولة ومجلس النواب يؤكد أن هناك رأياً عاماً مناهضاً لاستخدام طهران القوة العسكرية في علاقاتها مع دول الجوار.

وأشار فيصل إلى وجود قوى وأحزاب في العراق مؤيدة لاستراتيجية طهران، إذ تظهر تصريحاتهم ارتباطهم الوثيق بالحرس الثوري، وكذلك الإيمان بمخططات "فيلق القدس" عبر تقليد مرجعية قم وفتاوى علي خامنئي.

عقوبات دولية

من جهته، قال مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي إن "الذرائع الإيرانية واهية وغير مبررة ولا يوجد ما يثبت وجود شبكات لجهاز ’الموساد‘ في أربيل كما تدعي إيران"، لافتاً إلى أن طهران تريد أن تستهدف النموذج المتقدم في الفيدرالية بإقليم كردستان وترمي إلى تقويض القدرات الاقتصادية والبنية التحتية هناك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما متخصص العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، فرجح أن تؤدي الضربة الصاروخية على أربيل إذا ما تم إثباتها إلى عقوبات دولية على إيران، خصوصاً أنها تشكل اختراقاً لمواثيق الأمم المتحدة.

وأوضح أن الضربة الصاروخية الإيرانية تزامنت مع ما يعرف بـ"الهجوم على باكستان" وأن النظرة الدولية الأخيرة تجاه طهران تعكس حال القلق التي تعيشها المنطقة.

رسالة أميركية

وأعرب الفيلي عن اعتقاده بألا تستهدف طهران أربيل مجدداً بصورة مباشرة وإنما قد تفعل ذلك مستقبلاً عن طريق حلفائها، مشيراً إلى أن الرسالة التي أرسلتها إيران من خلال عمليتها هي ضرب الاقتصاد الكردي لأن المستهدف أكبر شخصية اقتصادية لديها مشاريع استثمارية.

ولم يستبعد الفيلي أن تكون الضربة رسالة إلى كل دول المنطقة ومن ضمنها الولايات المتحدة، لا سيما أن المكان المستهدف قريب من القنصلية الأميركية التي لم تفتتح بعد، وبذلك تكون تحذيراً لواشنطن برسالة مفادها بأن "كل أهدافكم ومصالحكم تحت مرمانا".

وقتل رجل الأعمال الكردي بيشرو دزيي وجرح نجله جراء استهداف منزله خلال القصف الصاروخي الإيراني على أربيل.

جدية الحكومة

ورأى الباحث في الشأن السياسي الكردي عبدالسلام برواري أن هناك جدية من قبل الحكومة العراقية حول شكوى إيران، معرباً عن أمله في أن يتعامل مجلس الأمن الدولي بجدية مع هذه الشكوى.

وقال إن "هناك ارتياحاً في كردستان حيال موقف الحكومة العراقية على رغم أن هذا الموقف ما زال أقل من موقف دولة لها سيادتها تم قتل مواطنيها، إلا أنه قياساً بردود الفعل السابقة على قصف إيراني أو دخول قوات تركية كان أفضل لأن هناك لجنة تحقيق تم تشكيلها".

واعتبر موقف الحكومة العراقية تطوراً إيجابياً لم يكن متوقعاً، لا سيما أن الكتل السياسية التي تقف خلف التشكيل الحكومي عاجزة عن القيام بأي شيء ضد إيران، لافتاً إلى أن الجدية تبقى على عاتق مجلس الأمن هل يأخذ الأمر بجدية وكيف تتم صياغة القرار.

وانتقد برواري موقف بعض القوى الموالية لطهران التي دافعت من خلال منصاتها الإعلامية عن الموقف الإيراني، واصفاً دفاعهم عن طهران بـ"قضية خاسرة".

أحقية العراق

فيما يبين الخبير القانوني علي اللامي أن ما قامت به إيران يعتبر عدواناً وفق التعريف الوارد في قرار الأمم المتحدة 3314 الصادر في 1974، مشيراً إلى أحقية العراق في رفع الطلب للمحكمة الجنائية العليا.

وقال إن "هذا الفعل يتيح للعراق الرد على العدوان وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة وإقامة الشكوى أمام مجلس الأمن، وكذلك طلب فرض العقوبات على إيران وإلزامها سحب قواتها من العراق".

وشرح اللامي أن لدى العراق أحقية في الطلب من مجلس الأمن إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية وفق المادتين الثانية والتاسعة من "اتفاقية منع الإبادة الجماعية" الصادرة عام 1948، والتي تنطبق على قتل السياح في أربيل وقطع المياه أيضاً.

وأكد أنه لا يمكن إقامة الشكوى من قبل العراق ضد إيران مباشرة أمام هذه المحكمة الجنائية الدولية لأن الدولتين ليستا عضوين في "اتفاقية روما" 1998 الخاصة بهذه المحكمة، لافتاً إلى أحقية بغداد في إقامة دعوى أخرى في محكمة العدل الدولية على اعتبار أن التحرك الدولي أفضل، إذ يتيح ميثاق الأمم المتحدة ذلك في غالبية مواده.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير