Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يمكن لمنتدى دافوس أن يفجر مفاجأة؟

من السهل أن يسخر المرء من المنتدى الاقتصادي العالمي إذ تحكمه منذ أعوام دموع التماسيح وادعاءات الحاضرين بالفضيلة التي تتناقض مع أفعالهم. لكن الاقتصاد العالمي المضطرب قد يدفع إلى تركيز الاهتمام والتفكير بصورة أكثر حدة. فهل يمكن للمصلحة الذاتية أن تنقذنا؟

استقبال جليدي: الثلوج تغطي دافوس مع التقاء كبار الأطراف الفاعلة في الاقتصاد العالمي (أ ب)

من السهل للغاية أن يسخر المرء من الاجتماع السنوي لقادة المال والأعمال في العالم في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تستضيفه دافوس.

ستكون هناك انتقادات كثيرة ضده، وبالمثل، لن يكون هناك نقص في ادعاءات الحاضرين بالفضيلة التي تتناقض مع أفعالهم. هؤلاء هم أشخاص يحبون التظاهر بأن حال العالم تهمهم حتى أثناء سفرهم على متن طائرات خاصة واستمتاعهم بالضيافة الفخمة التي تقدمها الشركات الراعية.

ومع ذلك، إذا كان ثمة وقت يصح فيه إثبات خطأ الساخرين بيننا، يأمل المرء في أن يكون قد حان هذا الوقت الآن.

يعاني العالم الغني ارتفاعاً شديداً في معدل التضخم – وهو تحدٍّ لم يتم التغلب عليه بعد. وفي الوقت نفسه، أصدر البنك الدولي أخيراً تحذيراً صارخاً: "مع اقتراب العالم من منتصف العقد الذي من المفترض أنه عقد للتحول على صعيد التنمية، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمي رقماً قياسياً مؤسفاً بحلول نهاية عام 2024 – فهو سيشهد أبطأ نصف عقد على صعيد نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ 30 سنة".

هذا أمر مهم. فمن المبرر أن يستمر الناس في تسليط الضوء على المشكلات المتعلقة بالطريقة التي يعمل بها الاقتصاد العالمي وتركيزه لمخزونات ضخمة من الثروة في أيدي عصبة صغيرة، سيحضر بعض أفرادها إلى دافوس، ذلك أن التفاوت مشكلة مستمرة ومحرك لعدم الاستقرار.

ومع ذلك، من الصحيح أيضاً الإشارة إلى أن النمو الاقتصادي انتشل مئات الملايين، بل مليارات الناس، من براثن الفقر. ويهدد غيابه، أو تباطؤه، بإعاقة هذا التقدم الذي تلقى ضربة قوية من الجائحة، وهي التي ألقت عدداً كبيراً من الهاربين من الفقر في الفقر مرة أخرى.

ومثل ذلك التباطؤ مشكلة حقيقية. من المتوقع أن ينخفض النمو العالمي للعام الثالث على التوالي – من 2.6 في المئة العام الماضي إلى 2.4 في المئة هذا العام. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن تنمو الاقتصادات النامية بنسبة 3.9 في المئة فقط، أي أقل بأكثر من نقطة مئوية من متوسط الأعوام الـ10 الماضية. وبعد أداء مخيب للآمال العام الماضي، من المتوقع أن تنمو البلدان المنخفضة الدخل بنسبة 5.5 في المئة، أي بوتيرة أضعف مما كان متوقعاً في السابق.

إذا كان من شيء واحد قد يدفع لتركيز الاهتمام والتفكير بصورة أكثر حدة في دافوس فهو الحقائق الصارخة التي تواجه حالياً مجتمع الاستثمار وعملاءه الأثرياء

 

ينجذب المستثمرون بصورة رئيسة إلى هذه الأسواق "الناشئة" لما تقدمه عادة من عوائد إذا ما قورنت بالأخطار، وتعرض احتمال الحصول على منافع أكبر مما كانوا سيحصلون عليه من خلال الاستثمار في أسواق أكثر هدوءاً، لكن الأقل ربحية، في العالم الثري بالفعل. ماذا يحدث إذا تبخرت المنافع في مقابل المخاطرة؟

غني عن القول إن الأمور تزداد تعقيداً بسبب مجموعة بؤر التوتر الآخذة في الاتساع حول العالم. أحدثها والتي لفتت الانتباه إلى الحرب المنسية بصورة مخزية في اليمن، هجمات المتمردين الحوثيين على سفن الشحن. قد يؤدي ذلك إلى إحياء مشكلة التضخم، من خلال التأثير في سلاسل الإمداد، وفق تحذير صدر عن شركة "نكست" Next لبيع الملابس بالتجزئة في تحديثها التجاري الأخير، أو من خلال تحفيز زيادة في كلف الطاقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفق هذا كله تظل المشكلة الملحة المتمثلة في تغير المناخ الكارثي، والحاجة إلى انتقال أكثر حزماً بعيداً من الوقود الأحفوري. لا يوجد تهديد أكبر من هذا، ومع ذلك هو معرض لخطر أن تحجبه مشكلات تبدو سطحياً أكثر إلحاحاً.

إن التقدم الحالي نحو تحول صديق للبيئة غير كافٍ. ومع ذلك، كان الدافع وراء هذا التقدم في المقام الأول هو إدراك الأثرياء للأخطار الاقتصادية التي يفرضها تغير المناخ الذي هم السبب الرئيس فيه، حتى لو كانت التداعيات الأشد خطورة ستؤثر بصورة غير متناسبة في السكان الأكثر فقراً في الجنوب العالمي.

هناك الآن اقتصاد مزدهر صديق للبيئة، ويستمر في النمو واكتساب الزخم، حتى في مواجهة السياسات المعوقة لهذا التقدم، التي لا تزال تظهر في أماكن مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ومن الواضح أن هذين البلدين يمكن أن يغرقا أكثر في عادات سيئة وقديمة اعتماداً على نتيجة الانتخابات المقبلة.

إذا كان هناك شيء واحد ربما يدعو إلى تركيز الاهتمام والتفكير بصورة أكثر حدة في دافوس فهو الحقائق الصارخة التي تواجه حالياً مجتمع الاستثمار وعملاءه الأثرياء. قد يشعر المرء كثيراً بأن أسوأ ما قد يعانونه هو الاضطرار إلى ضبط أساليبهم، في حين أن الضحايا الحقيقيين للاقتصاد العالمي البطيء هم أولئك المجبرون على العيش بحفنة من الدولارات في اليوم.

لكن أولئك ليسوا أشخاصاً اعتادوا على الضبط من أي نوع، ذلك أن المصلحة الذاتية، والتهديد الذي تتعرض له، ربما يقنعانهم بالانغماس في محادثات أكثر جدية مما اعتدنا عليه. لا تتوقعوا كثيراً من أي بيان. لكن ربما يمكننا التمسك بالأمل في شيء أفضل وراء الكواليس، حيث يجري العمل الحقيقي دائماً. لا توجد حقاً قوة محفزة أقوى من المصلحة الذاتية.

© The Independent

المزيد من آراء