مؤشرات إيجابية غيّرت مسار الأسواق الأميركية والعالمية، أمس الجمعة، مع إعلان واشنطن وبكين عن عقد جولة مفاوضات جديدة للوصول إلى اتفاق بخصوص الحرب التجارية الدائرة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وبعد أن بدأت البورصات الأميركية، الثلاثاء الماضي، أسبوعها بعد عطلة عيد العمال بهبوط قوي فاق 1% لكل مؤشراتها، على خلفية بدء سريان حزمة جديدة من الرسوم الجمركية الأميركية على البضائع الصينية في الأول من سبتمبر (أيلول) الحالي، عادت أمس لتنهي الأسبوع على ارتفاع قارب 2% وسط تفاؤل المستثمرين بعودة الطرفين إلى طاولة الحوار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أوضاع البورصات
وتعيش البورصات الأميركية ومن خلفها العالمية والخليجية تذبذبات قوية منذ شهر مايو (أيار) الماضي، عندما قررت الإدارة الأميركية فرض رسوم جمركية بنسب تصل إلى 25% على البضائع الصينية، وفتحت معركة تجارية بين الطرفين بدأت تهدد بحدوث ركود اقتصادي عالمي.
وأنهت مؤشرات البورصات الثلاث الرئيسة هذا الأسبوع على مكاسب بلغت في "ستاندرد آند بورز 500"، الذي يقيس أكبر 500 شركة أميركية 1.8%، بينما قفز مؤشر "ناسداك"، الذي يجمع كبرى شركات التكنولوجيا بنسبة 1.76%، في إشارة إلى تفاؤل المستثمرين بأسهم التكنولوجيا التي تصنع في الصين والمتأثرة بشكل أساسي من هذه الحرب وارتفاع الرسوم. كما ارتفع مؤشر "داو جونز" بنسبة عالية أيضا عند 1.5%.
تأثير أكبر اقتصاد عالمي
وساعد على بلوغ هذه القفزات إشارات متباينة جاءت من الاقتصاد الأميركي نفسه، حيث عزز تقرير الوظائف الأميركية من احتمال استمرار خفض الفائدة في اجتماع "المركزي الأميركي" المقبل، وجاءت أرقام الوظائف أقل من المتوقع. لكن في المقابل، ترك رئيس "المركزي" جيروم باول الأسواق في حيرة، أمس، عندما اعترض على ما يروج له بأن "الاحتياطي" يستخدم ورقة الفائدة للتأثير في القرارات السياسية الأميركية، معتبرا أن الاقتصاد وأرقامه وحدها هي ما تحدد توجهاته المستقبلية.
وكانت تحركات "المركزي الأميركي" الركيزة الأساسية التي يعتمدها المستثمرون في اتجاهاتهم نحو الأسهم أو السندات في الأشهر الأخيرة. فعندما خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي للمرة الأولى منذ 11 عاما، خفض المستثمرون سريعا حيازتهم من الأسهم وتحولوا نحو السندات الطويلة الاجل، لتأمين الحصول على عوائد طويلة الأجل على استثماراتهم، متخوفين من مسار جديد لخفض الفائدة في السنوات المقبلة مع احتمال ركود اقتصادي على خلفية الحرب التجارية وتأثيراتها العالمية.
المستثمرون متفائلون بانتهاء الحرب
في الوقت نفسه أنصت المستثمرون لصوت المفاوضين الصينين والأميركيين في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، لذا كان إعلان وزارة التجارة الصينية أمس بأن المفاوضات ستعود في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بمثابة بارقة أمل لاحتمال انتهاء الصراع بين الطرفين.
وقالت الوزارة في بيان مقتضب نقلته "رويترز"، "إن كبير المفاوضين الصينيين ليو هي التقى صباح الخميس (بتوقيت بكين) كلاً من ممثّل التجارة الأميركية روبرت لايتهايزر ووزير الخزانة ستيف منوشين". وأضاف البيان "اتفق الطرفان على عقد الجولة الثالثة عشرة من المشاورات الاقتصادية والتجارية الرفيعة المستوى بين الصين والولايات المتحدة في واشنطن في أوائل أكتوبر والحفاظ على اتصال وثيق".
ويقول طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز "كروم" للدراسات الاستراتيجية لـ"اندبندنت عربية"، "إن كانت رد فعل الأسواق المالية أمس إيجابيا باعتبار أن الولايات المتحدة والصين ستجريان مباحثات لحل النزاع التجاري بينهما في أكتوبر، إلا أننا لا نتوقع أن نرى نتائج مؤكدة ستأتي من هذه المباحثات". ويضيف الرفاعي أنه "يعتقد أن هذه الحرب سوف تتصاعد قبل حلها".
وتتعطل المباحثات بين الطرفين منذ نحو عام تقريبا، ووصلت إلى طريق مسدود في مايو الماضي عندما قررت واشنطن رفع الرسوم الجمركية ثم لحقتها بكين بالتعامل بالمثل.
الحكومة الأميركية تريد حلا
وقال لاري كودلو، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، أمس الجمعة، "إن إدارة ترمب تريد أن ترى نتائج في الأجل القريب لمباحثات التجارة التي ستعقد بين الولايات المتحدة والصين في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه امتنع عن التكهن بأي نتائج أو أي تأجيلات محتملة للرسوم الجمركية الأميركية.
وانهارت المباحثات في مايو بعد أن تراجعت بكين عن تعهدات كانت قدمتها في وقت سابق لإحداث تغييرات لحماية الملكية الفكرية وسرقة التكنولوجيا الأميركية والتحكم بالعملة (اليوان).
اليوان سلاح صيني
وعلى العكس من ذلك، استخدمت بكين سلاح العملة منذ رفعت الحكومة الأميركية الرسوم الجمركية، إذ خفضتها لفترات متتالية لتعطي أفضلية تنافسية لسلعها المصدرة إلى الولايات المتحدة.
ورد الرئيس الأميركي على هذه المحاولة بزيادة نسب الرسوم الجمركية إلى 30% من 25% على بضائع صينية بقيمة 250 مليار دولار، وسيبدأ سريانها في أول أكتوبر (تشرين الأول).
وبفضل هذه المؤشرات الإيجابية، ارتفعت السلع الرئيسة كالنفط كما قفزت البورصات الأوروبية على وقع إشارات الحلحلة للتجارة الأميركية الصينية. وارتفعت أسعار النفط فوق 61 دولارا للبرميل أمس، بنسبة تقارب 1%، لتسجل عند التسوية 61.54 دولار للبرميل بينما أغلقت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط مرتفعة 22 سنتا، أو 0.4%، عند 56.52 دولار للبرميل .وواصلت أسواق الأسهم الأوروبية الصعود لثالث جلسة على التوالي أمس الجمعة بصعود قارب 1.7%.
وفي تحرك تحفيزي آخر، خفض البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 25 نقطة أساس إلى 7%، أمس في ثالث خفض لتكلفة الاقتراض هذا العام، وقال إن خفضا آخر للفائدة محتمل في أحد اجتماعاته الثلاثة المقبلة.