Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينجح الاستمطار الاصطناعي في مواجهة الجفاف بالمغرب؟

خبراء يعتقدون أن هذه التقنية لن تجدي أي نفع ما لم تترافق مع حملة توعوية تقضي بتغيير سلوكيات المواطنين منعاً لتبذير الماء واستهلاكه بشكل عشوائي

يسير المغرب نحو الجفاف للسنة السادسة على التوالي (مواقع التواصل)

ملخص

يعتقد خبراء أن الاستمطار الاصطناعي عبر تلقيح السحب يتيح رفع منسوب التساقطات بنسب تتراوح بين 14 و17 في المئة شرط أن يحترم تطبيقها عدداً من الشروط

أمام ملامح موسم جفاف جديد في المغرب، وتنامي التحذيرات الرسمية من احتدام "أزمة الماء"، وظهور شبح العطش في عدد من مناطق البلاد، لجأت الحكومة إلى استعمال تقنية الاستمطار الاصطناعي، والمسماة في المغرب ببرنامج "الغيث".

ويلجأ المغرب إلى استخدام هذه التقنية التي يتوافر عليها منذ ثمانينيات القرن الماضي، من خلال تلقيح السحب بهدف استدرار الأمطار، غير أن خبراء ومتخصصين لا يجدون أنها عملية ناجعة للحد من الجفاف وشح الغيث، بقدر ما توجد حلول أخرى أكثر قيمة وفعالية، من قبيل تحلية مياه البحر.

الاستمطار لمواجهة الجفاف

بحلول شهر فبراير (شباط)، يترقب ملايين المغاربة أسارير السماء لعلها تفرج عن تساقطات مطرية تنقذ ما يمكن إنقاذه في موسم فلاحي، قالت الحكومة إنه يسير نحو الجفاف للسنة السادسة على التوالي.

هذا الجفاف المستمر في المغرب دفع أعلى سلطة في البلاد الملك محمد السادس إلى الدعوة للتعامل بجدية وحزم مع أزمة الماء بسبب ما أسماه المرحلة الصعبة للجفاف، وحذر من مغبة الاستعمال الفوضوي واللامسؤول للمياه. كما دق وزير الماء نزار بركة رسمياً وأكثر من مرة تحت قبة البرلمان ناقوس الخطر بشأن وضعية الماء.

ويطمح المغرب لكسب تساقطات مطرية من خلال اعتماد تقنية الاستمطار الاصطناعي، تسعفه في زيادة منسوب المياه الذي يتوافر عليه، والذي لا يكفي حالياً لإنقاذ العام من شبح الجفاف الجاثم على قلوب المغاربة منذ سنوات متتالية.

ويقوم المغرب حالياً بعدد من عمليات الاستمطار الاصطناعي في بعض المناطق الأكثر تضرراً من ندرة التساقطات المطرية، وهي عمليات تتم عادة في الفترة الزمنية الممتدة بين نوفمبر (تشرين الثاني) وأبريل (نيسان).

وتفيد معطيات وزارة الماء والتجهيز المغربية بأنه تم تنفيذ 27 عملية استمطار اصطناعي في الفترة بين نوفمبر 2021 وأبريل 2022، وتنفيذ 22 عملية شبيهة أخرى في الفترة بين نوفمبر 2022 إلى حدود أبريل من عام 2023.

ويعمل برنامج "الغيث" المغربي للاستمطار الاصطناعي إما من فوق الجبال بإطلاق مواد كيماوية على الغيوم من قبيل "يوديد الفضة" و"كلوريد الصوديوم"، أو عبر الجو من خلال طائرات تكون في الغالب تابعة للجيش المغربي، تلقح السحب في السهول والهضاب.

الغاية تبرر الوسيلة

علي شرود، الخبير المغربي في المناخ، أحد الذين يجدون تقنية الاستمطار الاصطناعي نافعة خصوصاً أن الجفاف، بحسبه، واقع معاش وكارثة طبيعية في البلاد، لا سيما في الأعوام الستة الأخيرة التي شهدت ندرة تساقطات مطرية ودرجات قياسية للحرارة وتداخل الفصول.

وأبرز شرود بأنه يمكن للمغرب أن يلجأ إلى تقنية الاستمطار، لأن الغاية تبرر الوسيلة وذلك بسبب استمرار إشكالية ندرة الأمطار، الشيء الذي يتسبب في نقص فادح في منسوب المياه الجوفية والسطحية"، مورداً أنها "تقنية متطورة في دول الشرق الأوسط التي تعرف بكونها مناطق جافة وصحراوية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق هذا الخبير، يتيح الاستمطار الاصطناعي عبر تلقيح السحب، رفع منسوب التساقطات بنسب لا بأس بها (بين 14 و17 في المئة)، شرط أن يحترم تطبيقها عدداً من الشروط والإعدادات منها ضرورة توافر السحب، ومعرفة توقيت مرور الغيوم، وأن تكون التضاريس الجغرافية مواتية، والأخذ في الاعتبار سرعة الرياح، وأيضاً مسألة استخدام هذه التقنية نهاراً أو ليلاً وغيرها من التفاصيل المهمة.

ولفت شرود إلى أن "هذه التقنية صديقة للبيئة، وبالتالي لا خوف من انعكاساتها البيئة"، مشدداً على أنه "قبل اللجوء إلى تلقيح السحب يتعين على المغرب الحفاظ على مخزونه المائي الراهن، وعدم تبذير هذه المادة الحيوية، وأيضاً العمل على تنفيذ مقترحات موازية من قبيل نقل المياه من حوض مائي إلى آخر، فضلاً عن تقنية تحلية البحر، وإعادة تدوير المياه العادمة لسقي الحدائق والمساحات الخضراء مثل تجربة العاصمة الرباط".

وخلص شرود إلى أنه "من المجدي لجوء المغرب إلى تقنية الاستمطار على رغم تكلفتها المالية عند تأخر التساقطات، باعتبار أن الفلاح عادة لا يملك رفاهية الوقت في انتظار تطبيق هذه الحلول السابقة والمشاريع الكبرى".

تقنية غير ناجعة

مقابل من يرى أن تقنية الاستمطار الاصطناعي مطلوبة لمواجهة الجفاف وتعويض ندرة التساقطات المطرية، يعتبر آخرون أنها عملية غير ناجعة تماماً لأسباب عدة، منها يتعلق بالبيئة وما يرتبط بالجفاف نفسه، وأيضاً بسبب التكلفة المالية.

يقول في هذا الصدد الباحث في علم الأرصاد الجوية محمد تونسي، إن أول هذه الأسباب التي لا تجعل من الاستمطار حلاً كافياً وفعالاً لمواجهة الجفاف وقلة تساقطات الأمطار، وبالتالي مجابهة أزمة الماء، هو كون الجفاف بات ظاهرة بنيوية في المغرب.

ويشرح الباحث ذاته أن "المغرب لم يعد يشهد فترات جفاف متباعدة زمنياً، بل صار يمر بفترات جفاف رئيسة متقاربة ومتتابعة، جراء تناقص منسوب المياه الجوفية والسطحية، وذلك لأسباب جغرافية ومناخية مؤثرة".

وأكمل الباحث أنه "إذا لم تتغير سلوكيات المواطنين بتبذير الماء واستهلاكه بشكل عشوائي، فإن الاستمطار لن تكون له أية جدوى فعلية، لأن الأمر يتعلق بثقافة الاقتصاد والحفاظ على هذه الثروة من التبذير والتبديد."

والسبب الثاني، وفق المتحدث، هو التكلفة المالية الباهظة التي يتطلبها تنفيذ تلقيح السحب، بسبب ضرورة توفير العديد من الأجهزة والوسائل لإنجاح الاستمطار"، مبرزاً أن "التكلفة لا تناسب منسوب المياه غير الكافي الذي ينجم عن تلقيح الغيوم، وبالتالي فإن "الخسارة هنا أكبر من الربح"، على حد تعبيره.

وفي هذا السياق، أفادت معطيات حديثة سابقة لوزارة الماء والتجهيز بأن دعم برنامج "الغيث" الخاص بالاستمطار الاصطناعي كلف 17 مليون درهم مغربي عام 2023، بينما كلف أكثر من 160 مليون درهم في الفترة بين 2021 و2023.

ويبدي نشطاء بيئيون تخوفاتهم من إضرار هذه التقنية بالبيئة، ولا يعتبرونها "صديقة للبيئة"، باعتبار أن المواد الكيماوية التي يتم تلقيح السحب بها مضرة، وهو ما تنفيه جهات رسمية وعلمية أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة