ملخص
شدد الرئيس الروسي على أن روسيا "ستقاتل حتى النهاية" للدفاع عن مصالحها، وحث البيت الأبيض على التركيز على القضايا الداخلية في الولايات المتحدة.
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مقابلة مطولة أجراها معه المذيع الأميركي تاكر كارلسون وبثت في وقت مبكر اليوم الجمعة أن هزيمة قواته في الحرب التي تخوضها في أوكرانيا "مستحيلة".
وقال بوتين للصحافي في صالة كبيرة حيث كانا يجلسان وجهاً لوجه "حتى الآن كانت هناك صيحات وأصوات تدعو إلى إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا في ساحة المعركة".
وأضاف "لكن الآن يبدو أنهم يدركون أن هذا أمر صعب تحقيقه، بل إنه مستحيل. برأيي، هذا الأمر مستحيل بحكم التعريف. هذا لن يحدث أبداً. ويبدو لي أن من هم في السلطة في الغرب يدركون الآن ذلك أيضاً". وتابع "عليهم أن يفكروا في ما سيأتي بعد ذلك. نحن مستعدون لهذا الحوار".
وهذه المقابلة الموجهة للجمهور الأميركي خصوصاً والغربي عموماً استمرت أكثر من ساعتين.
العلاقات مع كييف "ستتعافى"
وشدد الرئيس الروسي خلال المقابلة التي استمرت ساعتين على أن العلاقات بين موسكو وكييف "ستتعافى".
وأضاف "هذه التعبئة في أوكرانيا، هذه الهستيريا، والمشكلات الداخلية، ستؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى اتفاق... يبدو هذا غريباً نظراً إلى الوضع الحالي، ولكن العلاقات بين الشعبين سيعاد بناؤها على أي حال، سيستغرق الأمر كثيراً من الوقت، لكن العلاقات ستتعافى".
وشدد على أن روسيا "ستقاتل حتى النهاية" للدفاع عن مصالحها، وحث البيت الأبيض على التركيز على القضايا الداخلية في الولايات المتحدة.
واعتبر بوتين أن للولايات المتحدة "مشكلات عدة، على الحدود، وقضايا الهجرة، وقضايا الدين"، مضيفاً "أليس من الأفضل التفاوض مع روسيا؟ وعقد اتفاق".
ورداً على سؤال كارلسون حول ما إذا كان حلف شمال الأطلسي قد يقبل سيطرة روسيا على أجزاء من أوكرانيا، قال بوتين "دعوهم يفكرون في كيفية القيام بذلك بكرامة، هناك خيارات إذا كانت هناك إرادة".
محادثة مع بايدن
وأعاد بوتين تصريحات سابقة، بالقول إن الحرب في أوكرانيا ستنتهي "في غضون أسابيع قليلة" إذا توقفت الولايات المتحدة عن إمدادها بالأسلحة. وقال "سأخبركم بما نقوله في هذا الشأن وما ننقله إلى القيادة الأميركية... إذا كنتم تريدون حقاً وقف القتال، فعليكم أن تتوقفوا عن توريد الأسلحة، وستنتهي الحرب في غضون بضعة أسابيع، هذا كل شيء".
وأشار إلى أنه لا يستطيع أن يتذكر آخر مرة تحدث فيها مع الرئيس الأميركي جو بايدن، وقال: "لدي أشياء خاصة أقوم بها"، قبل أن يضيف: "قلت له.. أعتقد أنك ترتكب خطأً فادحاً... من خلال دعم كل ما يحدث هناك في أوكرانيا، من خلال محاولة إبعاد روسيا".
كما أكد الرئيس الروسي أن انتخاب رئيس أميركي جديد، في استحقاق مقرر إجراؤه في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) ويرجح أن يضع الجمهوري دونالد ترمب في مواجهة الديمقراطي بايدن، لن يغير العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. وقال بوتين "لقد سألتني للتو عما إذا كان أي شيء سيتغير إذا جاء زعيم آخر. إنها ليست مسألة من هو الزعيم، أو مسألة شخصية شخص محدد".
وكان ترمب قد تفاخر بأنه يستطيع وضع حد للحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة إذا أعيد انتخابه، من دون أن يخوض في تفاصيل، في حين وصف بايدن نظيره الروسي بأنه "مجرم حرب"، وأظهر دعماً ثابتاً لكييف.
انضمام روسيا للناتو
واعتبر بوتين أن روسيا "خدعت" من قبل الغرب بعد نهاية الحرب الباردة، قائلاً إنها "وقعت ضحية لحلف شمال الأطلسي". وأضاف: "دعونا ندخل في حقيقة أنه بعد عام 1991، عندما توقعت روسيا أن يتم الترحيب بها في أسرة الأمم المتحضرة، لم يحدث شيء من هذا القبيل"، وتابع "لقد خدعونا".
وأكد "الوعود كانت أن الناتو لن يتوسع شرقاً، لكنه حدث خمس مرات، كان هناك خمس موجات من التوسع". وذكر أن روسيا كان ربما بإمكانها الانضمام إلى "الناتو" تحت قيادته، لكن انفتاحه على هذه الفكرة قوبلت بالرفض من قبل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون.
وأضاف أن روسيا سحبت قواتها من محيط كييف خلال بداية "العملية الخاصة" في أوكرانيا "برغبتها"، من أجل تسهيل اتفاق السلام، مشيراً "قال لي نظرائي في فرنسا وألمانيا: كيف يمكن أن تتخيلهم (الأوكرانيون) يوقعون على اتفاق سلام والبندقية مصوبة إلى رؤوسهم؟ ينبغي سحب القوات من كييف... قلت، حسناً، لقد سحبنا القوات من كييف".
وقال الرئيس الروسي في مقابلته الأولى مع صحافي غربي منذ اندلاع النزاع في أوكرانيا "بمجرد سحب قواتنا من كييف، ألقى المفاوضون الأوكرانيون على الفور جميع اتفاقاتنا في سلة المهملات، واستعدوا لمواجهة مسلحة طويلة الأمد بمساعدة الولايات المتحدة وشركائها في أوروبا".
غزو بولندا أو لاتفيا "غير وارد"
وأكد أنه "من غير الوارد" أن تغزو القوات الروسية بولندا أو لاتفيا، مشدداً على أنه "ببساطة ليست لدينا أي مصلحة" في توسيع الحرب الدائرة في أوكرانيا.
وسأل كارلسون الرئيس الروسي "هل بإمكانك أن تتخيل سيناريو ترسل فيه قوات روسية إلى بولندا؟" فأجاب "في حالة واحدة فقط: إذا هاجمت بولندا روسيا".
وأضاف بوتين "ليس لدينا اهتمام ببولندا أو لاتفيا أو بأي مكان آخر. لماذا نفعل ذلك؟ ببساطة ليس لدينا أي اهتمام... هذا غير وارد بتاتاً"، واعتبر أن الحديث عن أن موسكو قد تفعل ذلك يهدف إلى إشاعة الخوف.
الغرب يخشى الصين أكثر من روسيا
وأشار بوتين إلى أن الغرب يخشى الصين أكثر من روسيا، مشيراً إلى "الإمكانات الهائلة" لجارته الجنوبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال "إن الغرب يخاف من الصين القوية، أكثر من خوفه من روسيا القوية، لأن روسيا لديها 150 مليون نسمة، والصين يبلغ عدد سكانها 1.5 مليار نسمة، واقتصادها ينمو بسرعة فائقة، بنحو خمسة في المئة".
وأضاف: "لقد كان ينمو أكثر من ذلك، لكن هذا يكفي بالنسبة إلى الصين، وكما قال بسمارك ذات مرة، الإمكانات هي الأهم. وإمكانات الصين هائلة".
وقال: "لقد قلت إن العالم ينقسم إلى نصفين... دماغ الإنسان ينقسم إلى نصفين أيضاً، أحدهما مسؤول عن نوع واحد من الأنشطة، والآخر مسؤول عن الإبداع وما إلى ذلك... ولكنه لا يزال دماغاً واحداً في الرأس نفسه"، مضيفاً "يجب أن يكون العالم واحداً، وينبغي أن نتقاسم الأمن، بدلاً من المطالبة بالمليار الذهبي، هذا هو السيناريو الوحيد الذي يمكن للعالم أن يكون فيه مستقراً ومستداماً".
العلاقة مع بوش وترمب
وقال بوتين إنه كانت لديه "علاقة جيدة للغاية" مع الرئيسين الأميركيين السابقين، دونالد ترمب وجورج دبليو بوش، خلال فترة رئاستهما.
وأشار إلى أن "بوش كان ينظر إليه في كثير من الأحيان على أنه فتى من الريف لا يفهم كثيراً"، قبل أن يوضح أن "الأمر ليس كذلك". وقال "بصورة عامة، على المستوى الشخصي، كانت تربطني به علاقة جيدة جداً".
وبخصوص ترمب قال "كانت لدي علاقة شخصية مع ترمب أيضاً. الأمر لا يتعلق بشخصه كقائد".
تفجير "نورد ستريم"
وسأل كارلسون الرئيس الروسي عمن يقف خلف تفجير خط أنابيب "نورد ستريم"، وأجاب بوتين "أنتم بالطبع"، ليرد تاكر بالقول إنه "كان مشغولاً في ذلك اليوم".
وقال بوتين "ربما أنت لديك عذر غياب، ولكن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ليس لديها مثل هذا العذر".
وأضاف "الناس يقولون دائماً في مثل هذه الحالات، ابحث عن شخص مهتم، لكن في هذه الحالة، لا ينبغي أن نبحث فقط عن الشخص المستفيد، بل أيضاً عن الشخص الذي يتمتع بالقدرات".
وتابع "لأنه قد يكون هناك كثير من الأشخاص المهتمين، لكن ليس كلهم قادرين على الغوص في قاع بحر البلطيق وتنفيذ هذا التفجير".
إشادة بإيلون ماسك
وأشاد بوتين بالملياردير الأميركي إيلون ماسك، ووصفه بأنه "شخص ذكي للغاية"، ويمكنه مساعدة العالم في إيجاد طرق آمنة لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقال "أعتقد أنه لا يوجد أحد بإمكانه وقف إيلون ماسك، وسيفعل ما يراه مناسباً"، مضيفاً "مع ذلك، ستحتاج إلى إيجاد أرضية مشتركة معه. يجب البحث عن طرق لإقناعه".
وتابع قائلاً "أعتقد أنه شخص ذكي. أعتقد حقاً أنه كذلك، لذلك تحتاج إلى التوصل إلى اتفاق معه؛ لأن الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى إضفاء طابع رسمي عليه، وإخضاعه لقواعد معينة".
قضية غيرشكوفيتش
وفي شأن قضية الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش المحتجز في روسيا منذ نحو عام بتهمة التجسس، أكد بوتين أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق للإفراج عنه.
وقال "أعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق. ليست هناك محرمات لتسوية هذه القضية. نحن مستعدون لحلها، لكن بعض الشروط تناقش عبر قنوات أجهزة الاستخبارات".
وتحدث بوتين باللغة الروسية خلال المقابلة مع كارلسون وجرت دبلجة تصريحاته إلى الإنجليزية. وبدأها بحديث مطول حول علاقات روسيا مع أوكرانيا وبولندا ودول أخرى.
وقال الكرملين إن بوتين وافق على إجراء المقابلة مع كارلسون لأن النهج الذي يتبعه مذيع "فوكس نيوز" السابق يختلف عن التغطية "أحادية الجانب" للصراع في أوكرانيا التي تتبعها عديد من وسائل الإعلام الغربية.
ويعتبر كارلسون على علاقة وثيقة بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الذي من المتوقع أن يكون مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل.
ويدعو ترمب إلى وقف تصعيد الحرب في أوكرانيا حيث تقدم إدارة الرئيس جو بايدن دعماً قوياً لحكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما أنه يعارض إرسال مليارات الدولارات من المساعدات.
والثلاثاء، قال المذيع في مقطع فيديو فصل فيه الأسباب التي دفعته للسفر إلى روسيا لمقابلة بوتين إن "معظم الأميركيين غير مطلعين، وليست لديهم أي فكرة عما يحدث في المنطقة، هنا في روسيا أو على بعد 600 ميل في أوكرانيا".
وأضاف "يجب أن يعرفوا، لأنهم يدفعون جزءاً كبيراً من الثمن"، في إشارة إلى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا والذي لطالما انتقده.
والأربعاء، قال البيت الأبيض إن هذه المقابلة الجديدة مع بوتين لم تكن ضرورية لكي يدرك الشعب الأميركي "وحشية" الرئيس الروسي.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جون كيربي لصحافيين إن "ما فعله بوتين في أوكرانيا يجب أن يكون واضحاً للجميع، وكذلك الأسباب الوهمية والسخيفة التي يحاول من خلالها تبرير أفعاله".