Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فاتورة بريكست: تدني صادرات المملكة المتحدة 125 مليار دولار

الشركات التي تصنع المنتجات الرياضية وألعاب الأطفال والمجوهرات والمنتجات الطبية تعاني أكثر من غيرها في ضوء تكاليف عبور الحدود التي أعقبت قرار بريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي

تقلصت التجارة بنسبة 30 في المئة بين عامي 2020 و2023 مقارنة بها لو بقيت بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي (غيتي)

ملخص

أشار تحليل جديد إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد تسبب في عجز يقارب 126 مليار دولار في صادرات المملكة المتحدة السنوية

أشار تحليل جديد إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) قد تسبب في عجز يقارب 100 مليار جنيه استرليني (125 مليار دولار) في صادرات المملكة المتحدة السنوية، ما يجعل الاقتصاد البريطاني أسوأ حالاً مقارنة به لو بقيت البلاد في الاتحاد الأوروبي.

وتعاني الشركات التي تصنع مجموعة من المنتجات، بما في ذلك المنتجات الرياضية وألعاب الأطفال والمجوهرات والمعدات الطبية، أكثر من غيرها بسبب تكاليف عبور الحدود التي فرضها قرار المملكة المتحدة بمغادرة الاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى تقلص التجارة بنسبة 30 في المئة بين عامي 2020 و2023 مقارنة بها لو بقيت بريطانيا في الكتلة التجارية.

ويكشف التحليل أن نمو صادرات المملكة المتحدة، منذ مغادرتها السوق الموحدة، كان أبطأ إذا ما قورن بالاقتصادات المتقدمة الأخرى، ما أدى إلى تكبدها خسارة في نمو صادرات البضائع والخدمات تُقدَّر بنحو 23 مليار جنيه على أساس ربعي.

جون سبرينغفورد، الزميل المشارك في "مركز الإصلاح الأوروبي" CER، المؤسسة البحثية المناصرة للكتلة الأوروبية، والمسؤول عن التحليل قال إن النتائج التي توصل إليها "تُظهر أن بريكست يتسبب في تراجع دائم في التجارة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي".

وقال: "لو لم يحدث بريكست، ولو فاز في الاستفتاء دعاة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، لكانت مستويات التجارة و[الاقتصاد] أعلى بكثير".

 

ورفض سبرينغفورد ادعاءات مؤيدي بريكست القائلة بأن إبرام المملكة المتحدة مزيداً من الاتفاقات التجارية مع بلدان خارج الاتحاد الأوروبي يمكن أن يعوّض التراجع الاقتصادي.

وأضاف: "تنتهك هذه الحجة أحد الثوابت المطلقة القليلة المتوافرة لدينا في الاقتصاد الدولي، ومفاده بأن التجارة مع الاقتصادات الكبيرة القريبة ستكون دائماً أكبر بكثير من التجارة مع الاقتصادات الأصغر البعيدة".

وقال الخبير الاقتصادي توماس سامبسون، الأستاذ المساعد في كلية لندن للاقتصاد، إن بريكست يشكّل "عبئاً على الاقتصاد"، ووصف السيد سبرينغفورد بأنه "محلل محترم". وقال السيد سامبسون إن لديه تفسيراً مختلفاً قليلاً للأرقام، لكن "المرء لا يمكنه التشكيك في جودة عمل [سبرينغفورد]".

وتدعم البيانات المتشائمة ما تقدم بها اقتصاديون آخرون وهو أن مغادرة الاتحاد الأوروبي قد أضرت بأوضاع المملكة المتحدة المالية ولم توفر 350 مليون جنيه أسبوعياً لهيئة الخدمات الصحية كما وعد بوريس جونسون وحملة مؤيدي مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، فإن أسوأ التوقعات التي أشارت إلى أن من شأن بريكست أن يؤدي إلى كارثة اقتصادية ويقود إلى معاناة المواطنين البريطانيين من نقص الغذاء لم تتحقق.

ومع دخول موجة أخرى من الروتين الإداري حيز التنفيذ بعد بريكست، أجرت "اندبندنت" دراسة شاملة لأهم التداعيات الاقتصادية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومدى آثاره الضارة.

النمو الاقتصادي

 

يرفض إلى حد كبير الوزراء المحافظون، سواء كانوا مؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو مناصرين لبقائها فيه، قبول أن بريكست قد أضر بالاقتصاد البريطاني. ومع ذلك، فإن العديد من التقديرات المحايدة من الخبراء سلطت الضوء على الضربة الكبيرة التي تلقاها النمو الاقتصادي في بريطانيا بسبب مغادرتها الاتحاد.

أحدث دراسة هي الأكثر تشاؤماً. فلقد توصل اقتصاديون في مؤسسة "كامبريدج للاقتصاد القياسي" الشهر الماضي أن بريكست قد حرم الاقتصاد البريطاني من 140 مليار جنيه من النمو المحتمل مقارنة بما كان يمكن تحقيقه من خلال البقاء داخل الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة. وبتقييم ذلك من حيث إجمالي القيمة المضافة، التي تشمل القيمة الإجمالية للسلع والخدمات، يتوقع الخبراء أن بريكست قد يترك المملكة المتحدة في وضع أسوأ بمقدار 311 مليار جنيه بحلول عام 2035.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالمثل، فإن البحث الذي أجراه العام الماضي خبراء في "بلومبرغ إيكونوميكس" يسلط الضوء على الخسائر الاقتصادية الناجمة عن بريكست، ويقدر خسارة اقتصاد المملكة المتحدة بنحو 100 مليار جنيه سنوياً. وهذا يترجم إلى انخفاض بنسبة 4 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي مقارنة به لو بقيت المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي.

ويشير السيد سامبسون إلى أن بريكست يكلف المملكة المتحدة ما بين 75 مليار جنيه و125 ملياراً كل عام – أي ما يعادل ثلاثة إلى خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال لـ "اندبندنت": "من الواضح تماماً أن النمو في المملكة المتحدة تباطأ بعد الاستفتاء. يشكل بريكست عبئاً بطيئاً ومتراكماً على الاقتصاد".

وأضاف الخبير الاقتصادي: "جعل كوفيد وحرب أوكرانيا تقييم الأثر أكثر صعوبة، لكن إذا نظر المرء في الدراسات التي تقارن بين المملكة المتحدة والاقتصادات الأخرى، هناك أثر مستمر. ذلك أن الفجوة بين مستوى نمونا والمستوى الذي كان سيسجله [لو لم يقع بريكست] تتسع تدريجاً بمرور الوقت".

خسائر الوظائف والاستثمار

 

وفقاً للخبراء، كانت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي آثار ضارة على مستويات الاستثمار الدولي المتباطئة بالفعل.

كشفت دراسة أجراها مركز الإصلاح الأوروبي في عام 2022 أن بريكست قد كبد المملكة المتحدة خسارة قدرها 33 مليار جنيه من ناحية الاستثمار والتجارة والإيرادات الضريبية. ولاحظ المركز البحثي انخفاضاً بنسبة 13.7 في المئة في الاستثمار عند مقارنة المملكة المتحدة بمجموعة من الاقتصادات المماثلة خلال فصل مالي واحد فقط.

علاوة على ذلك، توقعت دراسة حديثة أجرتها "كامبريدج للاقتصاد القياسي" أن الاستثمار في بريطانيا سينخفض بنسبة 32 في المئة بحلول منتصف العقد المقبل مقارنة بها لو لم يحصل بريكست.

ويسلط الاقتصاديون الضوء أيضاً على تأثير بريكست على الوظائف والأجور. دراسة "كامبريدج للاقتصاد القياسي" تشير إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى انخفاض بمقدار ثلاثة ملايين وظيفة في بريطانيا بحلول عام 2035 مقارنة بما لو بقيت في الاتحاد الأوروبي.

ووجد تقرير دامغ صدر عام 2022 عن "مؤسسة القرار" البحثية وكلية لندن للاقتصاد أن الأجر الحقيقي الذي يتلقاه العامل العادي من المقرر أن يقل بمقدار 470 جنيهاً كل عام مقارنة به في حال بقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي.

وأشارت المؤسستان إلى أنه من المتوقع أن يستمر هذا الانخفاض في الأجور طوال العقد، مما يسهم في انخفاض الرخاء العام خلال عشرينيات القرن الحالي.

العرقلة التجارية

 

يتمثّل أحد الآثار الأكثر وضوحاً لبريكست في التكاليف والمتاعب الإضافية المترتبة على الشركات البريطانية التي تحاول تصدير البضائع إلى الاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن تؤدي الضوابط الجديدة على الواردات من القارة – التي ستأتي في موجتين أخريين في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول) – إلى زيادة الأمور سوءاً.

ذلك أن الضوابط والمعاملات المكلفة المفروضة بعد بريكست فاقمت التعطل المتكرر في ميناء دوفر، بينما شهد العام الماضي فرض بعض محال السوبرماركت تقنيناً على مبيعات الفاكهة والخضار لمواجهة النقص.

ووجدت دراسة مركز الإصلاح الأوروبي التي قارنت اقتصاد بريطانيا بعد بريكست باقتصادات "مماثلة" أن التجارة الإجمالية في البضائع قلّت بنسبة سبعة في المئة نتيجة لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

يتماشى هذا مع دراسة "مؤسسة القرار" لعام 2022، والتي سلطت الضوء على انخفاض بنسبة 8 في المئة في "الانفتاح التجاري" في المملكة المتحدة - نسبة التجارة إلى الناتج الاقتصادي - منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت وزيرة الأعمال والتجارة المؤيدة لبريكست كيمي بادينوك الأسبوع الماضي إن بريكست "يسير على ما يرام" وأن الحكومة "تعالج" المشكلات. وأشارت إلى أن الأرقام تظهر أن الصادرات البريطانية إلى الاتحاد الأوروبي زادت عام 2022. لكن ذلك لا يمثّل سوى تحسن بعد الركود الذي أصاب البلاد بعد بريكست عامي 2020 و2021.

الأستاذ جوناثان بورتس، الزميل البارز في مبادرة "المملكة المتحدة في أوروبا متغيرة" في جامعة "كينغز كوليدج لندن، قال لـ"اندبندنت" إن بريكست "رتب تكلفة كبيرة على الاقتصاد – لكن ليس تكلفة كارثية".

ولفت الاقتصادي البارز إلى عدم اليقين بشأن قدرة الشركات البريطانية على التعافي بشكل كامل من عبء الروتين مع مرور الوقت. وقال: "سيكون [بريكست] عبئاً مستمراً على الاقتصاد. قد تتكيف الشركات مع التكاليف الإضافية، لكن من ناحية أخرى، قد نُستبعَد في شكل متزايد من بعض سلاسل الإمداد".

ارتفاع أسعار المواد الغذائية

 

ثمة أدلة على أن الروتين الإداري كله الذي جاء به بريكست قد أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية. فوفق دراسة أجرتها كلية لندن للاقتصاد عام 2023، دفعت الأسر البريطانية ما يقرب من سبعة مليارات جنيه لتغطية تكاليف الإجراءات البيروقراطية الإضافية.

وأفاد مركز الأداء الاقتصادي في كلية لندن للاقتصاد بأن مغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي رفع متوسط فاتورة المواد الغذائية للأسرة الواحدة بمقدار 250 جنيهاً منذ بريكست. واحتسب أن تضخم أسعار الغذاء ارتفع بنسبة 25 في المئة منذ عام 2019، لكنه كان سيصل إلى 17 في المئة فقط لو بقيت بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي.

ويعتقد الاقتصاديون بأن صدمة الطاقة التي أعقبت غزو أوكرانيا كان لها أثر أكبر من بريكست، لكن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي كان له أثر في الأسعار المعروضة في محال السوبرماركت.

ولفت كبير الاقتصاديين في بنك إنجلترا، هيو بيل، عام 2022 إلى أن بريكست كان أحد عوامل ارتفاع مستويات التضخم في المملكة المتحدة.

تتوافق هذه الملاحظات مع تعليقات بول جونسون، رئيس معهد دراسات المالية العامة، المؤسسة البحثية المرموقة، الذي وصف بريكست في العام نفسه أنه كان "بكل وضوح هدفاً اقتصادياً وضعته بريطانيا في مرماها" [أي أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد أدى إلى عواقب اقتصادية سلبية على المملكة المتحدة، على رغم أنه كان يهدف إلى تحقيق نتائج إيجابية].

ولهذا السبب دعت مجموعات قطاع الأغذية الحكومة إلى إبرام اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي لمواءمة معايير الصحة والسلامة الحيوانيين بين الطرفين في محاولة لتخفيف بعض من عبء المعاملات.

وأشار البرفيسور بورتس إلى أن استطلاعات الرأي أن بيانات الاستطلاع تشير إلى أن جزءاً كبيراً من البريطانيين يعتقدون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم يكن له تأثير إيجابي على الاقتصاد. ومع ذلك، أشار إلى أن الكثيرين استسلموا للنتيجة، وأضاف: "ثمة إجماع قوي بين الناخبين على أن بريكست لم ينجح – لكن الحال أيضاً أن معظمهم لا يريدون إعادة فتح الموضوع برمته".

فرص بريكست في المستقبل

 

مات ليش، مدير السياسة العامة والتواصل في معهد الشؤون الاقتصادية، وهو مركز أبحاث معني بالأسواق الحرة، أكد أن بريكست، على رغم بعض التعطل، لا يزال يمثّل فرصة رائعة للمملكة المتحدة.

وقال: "لن يكون من الممكن الحكم على بريكست إلا في الأجل البعيد، سواء استفادت المملكة المتحدة من فرصه أم لا. هناك بلا شك بعض الاضطراب الذي يترتب على مغادرة الاتحاد الأوروبي، لكنني أعتقد بأن بعضاً من ذلك مبالغ فيه إلى حد كبير".

وأضاف ليش أن تكاليف بريكست "كانت دائماً مبالغاً فيها" وستعتمد العوامل التي ستجعل بريكست ناجحاً على تحسين المملكة المتحدة للعلاقات التجارية مع أجزاء أخرى من العالم.

والجانب الثاني، الذي قال السيد ليش إن الحكومة "لم تستفد منه كثيراً حتى الآن"، هو وجود اختلاف تنظيمي بين الاتحاد الأوروبي في مجالات محددة يمكن أن يشكّل ميزة لاقتصاد المملكة المتحدة.

وأشارت وزارة الأعمال والتجارة إلى النجاحات في ورقة أصدرتها في الذكرى السنوية الرابعة لبريكست كدليل على نجاح الحكومة في الوفاء بالوعود المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت السيدة بادينوك: "تروي الإحصاءات والنجاحات الواردة في صفحات 'الذكرى السنوية الرابعة لبريكست' قصة قوية – قصة عن بريطانيا العالمية التي تزدهر على المسرح العالمي. عندما غادرنا الاتحاد الأوروبي، برز كثير من التوقعات بانحدار حتمي. وثبت أن هذه التوقعات كانت خاطئة.وأضافت: "تستفيد وزارتي من حرياتنا المحققة بعد بريكست لجعل المملكة المتحدة أفضل مكان في العالم لإطلاق الأعمال وتطويرها. نحن نهدم الحواجز أمام التجارة. أزلنا ما يقرب من 500 حاجز حتى الآن. عام 2023، كان هذا يعادل إزالة حواجز تجارية بقيمة حوالى مليون جنيه كل ساعة.وختمت: "إن قناعة الشعب البريطاني بأن المملكة المتحدة ستتفوق إذ أصبحنا أسياد أنفسنا قد أتت بثمارها. مهمتي – ومهمة وزارتي – هي الآن البناء على هذه الإنجازات. أن ندافع بصوت عال وفخر عن الأسواق الحرة والتجارة الحرة والمشاريع الحرة باعتبارها أضمن طريق للازدهار الاقتصادي".تعليقات الصور:

© The Independent