ملخص
يوم المقابلة هو فرصة طالب العمل لتقديم أفضل ما لديه وإقناع لجنة الاختبار بأنه الشخص المناسب للوظيفة. وهذه مجموعة نصائح قد تساعدك في اجتياز الخطوة.
قبل أسابيع قليلة هاتفتني قريبة شابة على وشك أن تخطو خطوتها الأولى في طريق الحياة المهنية. وبما أن الوظيفة التي كانت تتقدم إليها في مجال الإعلام ارتأت أنني أفضل من يقدم لها النصح. لم أرد أن أخيب أملها بإخبارها أنني لم أخضع خلال 21 سنة من العمل في الإعلام إلا لثلاث مقابلات مهنية كان آخرها قبل 11 عاماً، لكنني وعدتها بأن أسدي إليها بنصيحة مفيدة.
استشرت صديقاً لي يعمل في إدارة الموارد البشرية، ولجأت إلى مكتبتنا المحلية، وخلصت إلى مجموعة من الإرشادات والتوجيهات أرسلتها إلى قريبتي، وها أنا أضعها بين يدي من قد يحتاج إليها.
أهمية مقابلات العمل
تعتبر مقابلات العمل من الخطوات الرئيسة في عملية التوظيف، ولها أهمية كبيرة للطرفين، سواء المرشح للوظيفة أو جهة التوظيف، كما تلعب بشكل عام دوراً حيوياً في تحديد ما إذا كان المتقدم مناسباً للوظيفة وملائماً لبيئة عمل محددة من عدمه.
في كتاب "احصل على تلك الوظيفة: مقابلات" Get that Job: Interviews الصادر ضمن سلسلة "أساسات العمل" عن دار "بلومزبري" للنشر، أن تقييم المهارات والخبرات يعدان من أبرز الأمور التي تسمح مقابلة العمل بفحصها بشكل أفضل من خلال التفاعل المباشر، حيث تكون فرصة توفر نظرة أعمق حول كيف استطاع المرشح تحقيق المهام والمشاريع السابقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك يسمح هذا اللقاء المبدئي لجهة التوظيف بتقييم شخصية المتقدم وملاءمته لثقافة الشركة، الأمر الذي يعد مهماً لضمان التوافق الجيد بين الموظف وبيئة العمل.
يمكن اعتبار المقابلة منصة لتوضيح التفاصيل الخاصة بالوظيفة وتوقعات العمل، حيث تكون هذه فرصة للمرشح لطرح الأسئلة وفهم ما يتوقع منه بشكل أفضل في حال توظيفه.
تساعد مقابلات العمل في بناء الثقة بين الطرفين، وربما يكون الاتصال الشخصي أكثر فاعلية في إقناع جهة التوظيف بقدرات المرشح واستعداده لتحمل المسؤولية. كما أنها فرصة تسمح بتقييم قدرة المرشح على التفاعل والتواصل بفاعلية، وهي مهارات مهمة في معظم الوظائف، بخاصة تلك التي تتطلب تفاعلاً مستمراً مع فريق العمل أو العملاء.
أخيراً، تعد المقابلة فرصة للمرشح للتعبير عن اهتمامه بالوظيفة والتزامه بالشركة، الأمر الذي يعزز انطباعاً إيجابياً حول استعداده للمساهمة بشكل فعال في العمل.
الاستعداد للمقابلة
إلى جانب الحظ بالطبع، يمكن أن تكون الثقة بالنفس والاستعداد الجيد الفارق الذي يميز شخصاً ما عن بقية المتقدمين. يخبرني صديقي العامل في إدارة الموارد البشرية أن التهيؤ الجيد لمقابلة العمل يمكن أن يكون حاسماً في تحديد نتيجة عملية التوظيف، ويقدم لي مجموعة من النصائح القيمة في ما يتعلق بالاستعداد.
يركز كثير من المتقدمين على تحضير معلومات عن أنفسهم، لكنهم يغفلون عن إجراء بحث شامل ومتعمق حول الشركة التي يرغبون في العمل فيها، في حين أن إجراء بحث عن الشركة وفهم رؤيتها وأهدافها وقيمها وثقافتها وآخر التحديثات فيها يساعد المتقدم على توجيه إجاباته بطريقة تتوافق مع قيم الشركة. من الضروري أيضاً تكوين فهم جيد لما تقدمه الشركة من منتجات أو خدمات، وقراءة الوصف الوظيفي بعناية بغية فهم جميع المتطلبات والمهام، والتفكير في كيفية ملاءمة خبرات المتقدم ومهاراته مع متطلبات الشاغر.
على طالب العمل أيضاً أن يحضر إجابات عن الأسئلة الشائعة في مقابلات العمل مثل: "أخبرني عن نفسك"، "ما هي نقاط قوتك وضعفك؟"، "لماذا تريد العمل في هذه الشركة؟"، إلى جانب استعداده لأسئلة محددة متعلقة بالمجال الوظيفي الخاص به والفرصة التي يتقدم للحصول عليها.
ينصح كذلك بالتدرب على الإجابات بصوت عال لتحسين الوضوح والثقة، وإذا أمكن القيام بمحاكاة مقابلة عمل مع صديق أو فرد من العائلة، والحصول على قسط كاف من النوم الليلة السابقة للمقابلة، وتحضير الملابس وأية مواد قد يحتاج إليها المرء لتجنب العجلة والارتباك في الصباح، إلى جانب التخطيط المسبق للطريق الذي سيسلكه للوصول إلى مكان اللقاء، أو تفقد جهاز الكمبيوتر والاتصال بالإنترنت في حال تم الاتفاق على إجراء اللقاء عن بعد.
اليوم الحاسم
يقول ديف أوجلا في كتاب "50 طريقة للحصول على وظيفة" 50 Ways To Get a Job، إن يوم المقابلة هو فرصتك لتقديم أفضل ما لديك وإقناع لجنة الاختبار بأنك الشخص المناسب للوظيفة. ويستعرض الكاتب مجموعة من النصائح لهذا اليوم الكبير، يبدؤها بالاستعداد الخارجي حيث ينبغي ارتداء زي مناسب يعتمد على ثقافة الشركة. فبالنسبة إلى الشركات الرسمية تعد البدلة الخيار الأفضل، وفي الشركات ذات البيئة الأقل رسمية يمكن انتقاء ملابس ذات مظهر احترافي لكنها أقل رسمية. وفي كلتا الحالين تعد النظافة والترتيب عنصرين أساسيين، إذ لا بد من التأكد من أن الملابس نظيفة ومكوية، إلى جانب الأهمية الكبيرة للعناية الشخصية مثل الاستحمام وترتيب الشعر وحلق الذقن. كذلك كن حريصاً على جلب نسخة إضافية من سيرتك الذاتية، وقائمة بالمراجع إذا كانت متاحة ومطلوبة، ودفتر صغير وقلم لتدوين ملاحظاتك خلال المقابلة.
ويضيف أوجلا أن وصولك يوم المقابلة مبكراً قبل نحو 10 إلى 15 دقيقة من الموعد الفعلي، يعطي انطباعاً جيداً ويتيح لك فرصة للاسترخاء. يمكنك استغلال هذا الوقت للقيام ببعض تمارين التنفس لمساعدتك في الحفاظ على هدوئك.
عند دخولك إلى مكان المقابلة، قم بمصافحة لجنة الاختبار بثبات، وابتسم، وحافظ على التواصل البصري أثناء التحية، واستخدم عبارات ودية مثل "صباح الخير" أو "مساء الخير" مع ذكر اسم الشخص إذا كنت تعرفه.
تلعب الثقة في النفس والصدق في الإجابات دوراً مهماً في ترك طابع إيجابي لدى اللجنة، لذلك حافظ على نبرة صوت متوازنة وواضحة وتجنب التحدث بسرعة كبيرة أو صوت منخفض جداً، وحاول الالتزام بإجابات محددة من تجاربك لتوضيح موقفك ووجهة نظرك.
عند مواجهتك أسئلة مثل "ما هو الراتب الذي تتوقعه؟" يرد في كتاب "احصل على تلك الوظيفة" أن أفضل طريقة للإجابة هي البحث المسبق عن متوسط الرواتب للوظيفة في مجالك، وتقديم نطاق تقريبي بدلاً من رقم محدد. يمكنك قول شيء من قبيل "أنا منفتح لمناقشة الراتب بناء على المسؤوليات والفوائد الإجمالية للوظيفة الموكلة إليّ".
وإذا سئلت "ما الذي ستضيفه إلى شركتنا؟" فتحدث عن مهاراتك وخبراتك الفريدة التي تجعلك مرشحاً مثالياً وكيف يمكنك المساهمة في تحقيق الشركة لأهدافها. وإذا كان السؤال عن سبب اختيارك هذه الشركة بالذات يمكنك ذكر أسباب محددة تتعلق بثقافة الشركة، مهمتها، رؤياها، أو مشاريعها التي تجدها جذابة.
بعد المقابلة
عقب خوض هذه التجربة الموترة للأعصاب، هناك 4 احتمالات: إذا كنت راضياً عن العرض الذي قدمته الشركة أظهر تقديرك وحماستك للفرص وعبّر للجنة الاختبار عن ذلك من خلال قولك إنك متحمس جداً لبدء التعاون مع الشركة وتتطلع إلى الانضمام لفريقها.
أما إذا كنت ترغب في التفاوض على العرض، فقم بذلك بطريقة مهنية موضحاً الأسباب التي تجعلك تعتقد أن طلباتك معقولة وتستحق أن تأخذها اللجنة في الاعتبار.
في حال وجدت أن الفرصة المعروضة لا تناسبك، كن حريصاً على رفضها بطريقة مهنية ولبقة تحافظ على سمعتك المهنية وعلاقات إيجابية مع الشركة. ابدأ رفضك بالتعبير عن شكرك على العرض الذي تم تقديمه، وقل إنك تقدر فعلاً الفرصة والوقت الذي خصصته الشركة لمقابلتك. واشرح قرار رفضك بشكل موجز وواضح وعلله بأسباب مهنية أو شخصية واقترح البقاء على اتصال مع الشركة وحرصك على فرص للتعاون في المستقبل.
أما إذا واجهت الاحتمال الرابع وهو رفض الشركة لطلبك، فتذكر أن هذا لا يعني نهاية مسيرتك المهنية أو أنك لا تمتلك المهارات اللازمة، بل يمكن اعتباره فرصة للتعلم والنمو.
اعتبر الرفض جزءاً طبيعياً من عملية البحث عن عمل، فلكل شركة حاجات ومعايير محددة قد لا تتطابق دائماً مع ما تقدمه أنت كفرد، وهذا لا يقلل من قيمتك المهنية.
إذا كان ممكناً، اطلب من الشركة ملاحظات بناءة عن مقابلتك. قد تكون هذه المعلومات مفيدة لتحسين أدائك في المقابلات المستقبلية.
امنح نفسك بعض الوقت لتقييم تجربتك، وفكر في الأسئلة التي وجدت صعوبة في الإجابة عليها، وكيف كانت لغة جسدك، وطريقة تحدثك، واستخدم هذا التحليل لتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين.
حاول استخدام تجربة الرفض كدافع للنمو المهني، سواء عنى ذلك تحسين مهارات المقابلة، أو تعلم مهارات جديدة أو تحسين سيرتك الذاتية ومراجعك من وظائفك السابقة.
من الأهمية بمكان ألا تدع الرفض يؤثر في ثقتك بنفسك، وتذكر أنك تمتلك مهارات وخبرات قيمة، وأن الفرصة المناسبة لم تأت هذه المرة لكنها في انتظارك.
بعد إعطاء نفسك الوقت الكافي للتأمل في التجربة، واصل البحث عن فرص عمل جديدة وتقديم الطلبات، فكل مقابلة تخوضها تبني خبرتك وتقربك أكثر من العثور على الوظيفة المناسبة. واستغل هذه الفترة لبناء شبكتك المهنية وتوسيعها، فالاتصالات التي تبنيها قد تفتح أمامك أبواباً لفرص لم تكن تعلم بوجودها.
صحيح أنني لا أتمنى خوض هذه التجربة في أي وقت قريب، لكن لجوء قريبتي الشابة إليّ جعلني أدرك أهمية تذكر هذه النصائح والإرشادات بغض النظر عن المرحلة التي وصلنا إليها حالياً في حياتنا المهنية، ففي كل المراحل تعد مقابلات العمل نقاط تحول حاسمة، واختبارات لا ينبغي أن يستهين المرء بها.