Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إجراءات أمنية مشددة لتطويق تظاهرات المزارعين في الهند

تضمنت الاستعداد للمفاوضات وإقامة حواجز وأسلاك شائكة وكتل خرسانية ومعدنية ووضع حاويات الشحن وحفر خنادق على طول حدود المنطقة

تشهد الحدود بين نيودلهي وهاريانا وأوتار براديش تواجداً قوياً لقوات الشرطة الهندية (أ ف ب)

ملخص

تمت أربع جولات من المحادثات حتى الآن، إلا أنها لم تؤد إلى اتفاق إيجابي، وفي الجولة الرابعة التي جرت قبل يومين، وافق المزارعون على تعليق الاحتجاجات موقتاً

تباطأت حركة المرور في شوارع نيودلهي بالأيام الأخيرة بشكل مفاجئ، ونصبت الشرطة حواجز أمنية في نقاط حيوية عدة، وقامت فرق ترتدي الزي العسكري بتنفيذ عمليات فحص دقيقة للمركبات عند نقاط الدخول إلى نيودلهي.

وشهدت المدينة تشديد إجراءات الأمان بشكل ملحوظ في المناطق التي تحتضن المكاتب الحكومية، على رغم أن هذا السيناريو ليس جديداً بالنسبة إلى سكان نيودلهي، إلا أنه حدث بعد فترة طويلة من الاستقرار النسبي منذ الإغلاق التام في الهند بسبب فيروس كورونا. شرطة نيودلهي نفذت إجراءات صارمة تشمل تأمين حدود العاصمة وتعزيز المراقبة في المواقع الرئيسة، وأغلقت المعابر الحدودية بين نيودلهي وولايتي أوتار براديش وهاريانا بشكل كامل، إضافة إلى تشديد التدابير الأمنية. والأسباب ترجع إلى المسيرة المخطط لها من آلاف المزارعين الذين يتجهون نحو نيودلهي للتعبير عن احتجاجهم، إذ قرروا تنظيم مسيرة نحو نيودلهي للتعبير عن مطالبهم قبل أشهر من العام الجديد، وكانت أعدادهم غير متوقعة.

وقررت حكومة مودي عدم السماح للمزارعين بدخول نيودلهي، وهكذا أوقفوا عند حدود شامبو بين البنجاب وهاريانا، على بعد حوالى 250 كيلومتراً تقريباً من نيودلهي. وبعد مرور أسبوع على بدء الاحتجاجات، ما زالوا مستمرين في المخيمات، مما يثير عديداً من الأسئلة حول التطورات المستقبلية.

"احتجاج المزارعين 2.0"

الاحتجاج الذي نظمه المزارعون يعرف الآن بـ"احتجاج المزارعين 2.0"، إذ بدأ التحرك السابق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 في الأصل كاحتجاج ضد قوانين الإصلاح الزراعي الثلاثة، التي تجبر الفلاحين على بيع منتجاتهم للمشترين الذين يختارونهم، بدلاً من الاضطرار إلى الاعتماد حصراً على الأسواق التي تسيطر عليها الدولة، وتوفير حد أدنى للأسعار المدعومة لبعض السلع وانتهى بعد ما يقرب من 13 شهراً، عندما قررت حكومة مودي سحب هذه القوانين في ديسمبر (كانون الأول) 2021. والآن يشتعل الاحتجاج من جديد، إذ يعتبر المزارعون أن الحكومة لم تلب مطالبهم وأن رئيس الوزراء مودي لم يف بوعوده.

إغلاق المنطقة بالقرب من دلهي

يبدو أن الحكومة لا ترغب في الرضوخ لهذه التحركات، ولتفادي اقتراب الاحتجاجات من العاصمة نيودلهي، اعتمدت مجموعة من الإجراءات الرادعة تضمنت الاستعداد للمفاوضات وإقامة حواجز مادية مثل الأسلاك الشائكة والكتل الخرسانية والمعدنية والمسامير الحديدية، إضافة إلى وضع حاويات الشحن وحفر الخنادق على طول حدود المنطقة المستهدفة. كل هذه الجهود كانت تهدف إلى منعهم من الاقتراب من عاصمة الهند وتأمين الحدود، مما أسهم في إغلاق المنطقة بالقرب من نيودلهي.

نقص في إمدادات الوقود

تشهد الحدود بين دلهي وهاريانا وأوتار براديش وجوداً قوياً من قوات الشرطة، إذ تقوم بمراقبة دقيقة لجميع المركبات التي تدخل العاصمة. هذه الإجراءات الأمنية الصارمة أثرت بشكل كبير في حركة المرور في نيودلهي والمناطق الحدودية، مما أدى إلى اضطرابات في الحياة اليومية ووسائل النقل. وأفادت وسائل إعلام بأن هذا الحصار الشديد من الإدارة أدى إلى تعطل البضائع ووسائل النقل بشكل كامل، مما أسفر عن نقص في إمدادات الوقود في المناطق المجاورة. كما قامت السلطات بحجب خدمة الإنترنت عن الهواتف النقالة في بعض مناطق هاريانا، وقامت بحجب حسابات بعض قادة الاحتجاج على وسائل التواصل الاجتماعي.

إغلاق الحدود

أعلنت شرطة نيودلهي فرض المادة 144 في الفترة من الـ12 من فبراير (شباط) إلى الـ12 من مارس (آذار) المقبل، وهي التي تفرض قيوداً على التجمعات والمسيرات وحركة عربات الجرارات التي تحمل الأفراد. وعلى طول حدود هاريانا، يتم نشر قوات الشرطة والقوات شبه العسكرية، وهي مجهزة بطائرات من دون طيار وكاميرات مراقبة لرصد المدن في هاريانا والمناطق التي قد يتجمع فيها المزارعون، وتواصل دلهي إغلاق حدودها لمنع دخول أي مزارعين إلى المدينة.

وعلى رغم هذه الإجراءات، يستمر آلاف المزارعين من البنجاب والولايات المجاورة في مسيرتهم نحو نيودلهي. ودخلت الوقفة الاحتجاجية يومها التاسع اليوم، ففي أيام الاحتجاجات الأولى اندلعت حلقات اشتباك متقطعة بين المزارعين والقوات، مما أسفر عن سقوط عشرات الجرحى، وواجه المزارعون الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في كشمير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فشل المحادثات

وتمت أربع جولات من المحادثات حتى الآن، إلا أنها لم تؤد إلى اتفاق إيجابي. وفي الجولة الرابعة التي جرت قبل يومين، وافق الفلاحون على تعليق الاحتجاجات موقتاً، مع تعليق مسيرتهم "دلهي تشالو" بعد انتهاء المفاوضات مع الحكومة المركزية يوم الأحد. ولكن أعلن قادة المزارعين استئناف مسيرتهم، مشيرين إلى رفضهم اقتراح الحكومة الذي يشمل عقداً يمتد خمسة أعوام لتحديد الحد الأدنى لأسعار الدعم.

وقال الأمين العام للجنة البنجاب كيسان مازدور سانجارش سارفان سينغ باندهير، في حديث هاتفي لـ"اندبندنت عربية"، "لم نغلق باب المحادثات، ولكن اقتراح الحكومة ليس مقنعاً ولا نقبله. جئنا هنا لوضع مطالبنا أمام الحكومة، وإذا كانت الحكومة جادة، يجب عليها أن تزيل الحواجز وتسمح لنا بالوصول إلى نيودلهي".

وأضاف: "عرض علينا من الحكومة شراء عدد من المحاصيل من خلال الاتحاد الوطني الاستهلاكي التعاوني والاتحاد الوطني للتسويق التعاوني الزراعي ومؤسسة القطن الهندية لمدة خمسة أعوام. ولكن هذا ليس كافياً ولهذا فقط، لن ننهي احتجاجاتنا، لدينا مطالب كثيرة وسيكون رفاقنا في التحركات هم من يقررون مصير هذه الاحتجاجات".

مشاعر قلق وعدم ثقة

شارك في التظاهرات نحو 200 منظمة ونقابة ونصب المزارعون في هذه المناطق مخيمات مستخدمين الجرارات والشاحنات، وتجهز هذه المركبات بكميات وفيرة من الطعام يمكن أن تكفي لمدة ستة أشهر، فيما يستمر المزارعون المحتجون في جهودهم لكسر الحواجز المفروضة. وفي ظل هذه الظروف، تسود مشاعر القلق وعدم الثقة والغضب أجواء المزارعين في المخيمات على الحدود، وهم يعتبرون أن الحكومة تقوم بمنعهم من التظاهر بشكل سلمي وتبذل جهوداً لتعقيد الأمور، على غرار ما حدث في المرة السابقة عندما حاولوا تنظيم مسيرة في دلهي. وفي هذا السياق أعلن تحالف ساميوكت كيسان مورتشا، الذي يضم نقابات زراعية عدة، في بيان له أنه "يرغب المزارعون في تنظيم احتجاجات سلمية لتحقيق مطالبهم، ولكن الحكومة تقوم بمنعهم من التظاهر."

مطالب عدة

للمزارعين المحتجين مطالب عدة تتضمن تقنين الحد الأدنى لسعر الدعم والإعفاء من القروض، والتحقيق في قضية قتل أربعة مزارعين في بورخيري، كما يطالبون بتعويض عائلات المزارعين الذين فقدوا حياتهم في حوادث سابقة خلال الاحتجاجات. وتقول النقابات إن ما يزيد على 600 مزارع قضوا في إطار مشاركتهم في التظاهرات ضد قوانين الزراعة الثلاثة.

الطلب الرئيس يتمثل في سن تشريع يضمن الحد الأدنى لأسعار الدعم لجميع المنتجات الزراعية، فالحكومة تقدم حماية للمنتجين الزراعيين حالياً من أي انخفاض حاد في أسعار المحاصيل عبر تحديد حد أدنى لسعر شراء بعض المحاصيل الأساسية. هذا النظام طبق في ستينيات القرن الماضي لدعم الاحتياطات الغذائية ومنع النقص، وتهدف مطالب المزارعين إلى توفير حماية لجميع المحاصيل.

هل تزعج المسيرة مودي في الانتخابات المقبلة؟

عندما يناقش الخبراء السياسيون احتجاجات المزارعين، يبرز احتمال خسارة ناريندرا مودي في الانتخابات المقبلة، إذ يشكل المزارعون الهنود كتلة تصويتية مؤثرة. وعلى رغم أن حكومة رئيس الوزراء الهندي تسعى إلى تجنب خسارتهم، تأتي الاحتجاجات في وقت حساس بالنسبة إلى الهند مع اقتراب موعد الانتخابات في غضون بضعة أشهر. ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحقق مودي فترة ولاية ثالثة على التوالي، لذا تسعى حكومة مودي جاهدة للجلوس مع المزارعين وحل هذه المسألة. وكلف عديد من وزراء حكومته لإجراء محادثات مع المزارعين، ومع ذلك فشلت اجتماعات عدة بين قادة المزارعين ووزراء الحكومة في إنهاء المأزق.

وفي هذا السياق صرح وزير الزراعة أرجون موندا، الذي التقى قادة المزارعين يوم الخميس الماضي، أن المحادثات كانت إيجابية، وأن الطرفين سيجتمعان مرة أخرى يوم الأحد، وأضاف للصحافيين "نعتقد أننا سنجد جميعاً حلاً سلمياً".

انتقاد حكومة مودي

تتصاعد الأبعاد السياسية لمسيرة الفلاحين على جانب آخر، إذ دان "حزب المؤتمر" اختصار INC/الكونغرس، المعارض الرئيس في الهند، بشدة احتجاز المزارعين على الحدود. وينتقد الكونغرس جهود حكومة حزب بهاراتيا جاناتا تحت قيادة ناريندرا مودي، لوقف التظاهرات الزراعية ويصفها بأنها غير ديمقراطية وقاسية. ورداً على ذلك أعربت الحكومة عن استعدادها للتفاوض مع المزارعين، مشددة على استعدادها للحوار المفتوح. وعلى رغم الوعود بالسعي إلى حل الأزمة عبر الحوار، إلا أن احتجاز المزارعين يثير مخاوف في شأن احتمال حدوث اشتباكات مع الشرطة، مما يزيد من التوتر في دلهي.

"حكومة جاهزة للتفاوض"

وفي ما يتعلق بموقف الحكومة قال المتحدث الرسمي باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم أجاي ألوك، "كان المزارعون دوماً محترمين"، وأكد أن الحكومة تبذل قصارى جهدها للاستماع إلى مطالبهم. وأشار أيضاً إلى أن الحكومة أرسلت بالفعل عديداً من الوزراء للتفاوض في هذا السياق، معبراً عن أمله في التوصل إلى "اتفاق يلبي تطلعات الجميع".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير