ملخص
الحكومة الشرعية قالت إن "الشعب اليمني يدفع في كل يوم ثمن مغامرات الحوثي"، محذرة من "كارثة إنسانية تهدد حياة شعبنا والأجيال القادمة لعشرات السنوات".
يأتي إعلان غرق السفينة "روبيمار" في البحر الأحمر اليوم السبت تجسيداً لذروة الأزمة التي يشهدها الساحل الغربي لليمن كأول سفينة تغرق منذ بدء الأحداث العسكرية الجارية، وهو ما وصفته الحكومة الشرعية بأنها "كارثة بيئية لم تعهدها اليمن والمنطقة وتمثل مأساة جديدة لبلادنا وشعبنا".
وتحمل السفينة محتويات خطرة تضم أسمدة كيماوية، وهو ما يضاعف خطورتها على الحياة البحرية، واليمن بشكل عام.
وبلغة الواقف بلا حيلة أمام أمواج سواحلها الهائجة، قال رئيس الوزراء أحمد بن مبارك في أول تصريح حكومي بعد غرق السفينة إن "الشعب اليمني يدفع في كل يوم ثمن مغامرات ميليشيات الحوثي التي لم تكتف بإغراق اليمن في كارثة الانقلاب والحرب وما تمخض عنها من مآس لحقت بكل أسرة يمنية، بل تصنع كارثة إنسانية تهدد حياة شعبنا والأجيال المقبلة لعشرات السنوات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلنت وزارة الخارجية اليمنية أمس الجمعة أنها فوجئت بتعرض محيط السفينة البريطانية المنكوبة قبالة سواحل المخا لقصف جوي حوثي جديد، طاول زورق صيادين يمنيين، مما أدى إلى مقتل وفقدان بعض الصيادين.
كما ذكرت أن استهداف الحوثيين للسفينة الجانحة مجدداً عقد جهود ومساعي الإنقاذ، وبات يهدد بحدوث كارثة بيئية واسعة النطاق، مشيرة إلى أن ترك السفينة لمصيرها سيؤدي إلى أضرار جسيمة على البيئة البحرية ومئات الآلاف من اليمنيين الذين يعتمدون على الصيد البحري، فضلاً عن الأضرار التي قد تصل إلى محطات تحلية مياه البحر على طول الساحل اليمني، مشيرة إلى انعقاد الحكومة الدائم لمواجهة تداعيات الكارثة البيئية غير المسبوقة.
ومنذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) يشن الحوثيون هجمات بالصواريخ والمسيرات المفخخة تستهدف السفن العابرة قبالة السواحل الغربية لليمن في الجزء الشمالي الذي يسيطرون عليه، في حين تسيطر القوات الحكومية على الجزء الجنوبي بما في ذلك مضيق باب المندب.
اشتراط حوثي
وفي موقف يعبر عن عدم إدراكها لخطورة الموقف وتبعات الحادثة على غذاء اليمنيين وأمنهم، جدد الحوثيون اليوم السبت اشتراطهم للسماح بسحب السفينة البريطانية "إدخال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة". وقال عضو المجلس السياسي الأعلى للجماعة محمد علي الحوثي في تدوينة عبر منصة "إكس"، "نؤكد مجدداً أن العرض سار لقطر (سحب) السفينة (روبيمار) في مقابل إدخال شاحنات إغاثة لغزة".
يذكر أنه منذ الـ19 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نفذت جماعة الحوثي المدعومة من إيران، نحو 60 هجوماً بالمسيرات والصواريخ على سفن تجارية في هذا الممر الملاحي المهم دولياً، مدعية ارتباطها بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، وذلك دعماً لقطاع غزة الذي يشهد حرباً إسرائيلية عنيفة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما دفع القوات الأميركية والبريطانية إلى شن ضربات مشتركة على مواقع عدة في اليمن تابعة للجماعة اليمنية منذ الـ12 من يناير (كانون الأول)، في محاولة ردعها وحماية الملاحة البحرية.
وكان الحوثيون استهدفوا "روبيمار" المملوكة التي ترفع علم بيليز بواحد من صاروخين باليستيين في الـ19 من فبراير (شباط) الماضي، مما أدى إلى تسرب نفطي في البحر بطول 18 ميلاً، وسط مخاوف من تسرب مواد سامة من حمولة السفينة البالغة 41 ألف طن من الأسمدة، عالية الخطورة.
"لا علاقة لنا بإسرائيل"
وفي وقت سابق قال الحوثيون إن 64 سفينة نجحت في عبور البحر الأحمر بأمان، بعد نفي علاقتها بإسرائيل وفقاً لتصريح نشره القيادي محمد علي الحوثي، عبر منصة "إكس"، في وقت تحدثت فيه وكالات إخبارية دولية أن 21 سفينة في الأقل بثت عبارة "لا علاقة لنا بإسرائيل" أو عبارة مماثلة خلال وجودها في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن.
وأشار موقع "AIS" الدولي المتخصص بمراقبة حركة السفن إلى تغييرات في هويات بعض السفن، إذ بدأت تعلن عدم ارتباطها بإسرائيل من خلال رفع شعار "لا علاقة لنا بإسرائيل"، لتجنب أية ضربة قد تكلف السفن والشركات كثيراً.
ويفهم من إجراء شركات النقل تجنب اضطرارها إلى تغيير مسار سفنها بعيداً من البحر الأحمر وقناة السويس الذي سيضاعف من قيمة الكلفة الإجمالية المعتادة، ويعد مؤشراً على تزايد قلقها من الأخطار المحتملة التي تواجه السفن التجارية.
وفي الـ12 من يناير الماضي، أصدر البيت الأبيض بياناً مشتركاً مع 10 دول، جاء فيه أنه رداً على هجمات الحوثيين ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، نفذت القوات المسلحة الأميركية والبريطانية هجمات مشتركة ضد أهداف في مناطق تسيطر عليها الجماعة في اليمن.
تحول تاريخي
يُذكر أن التصعيد الحوثي دفع مئات السفن لتغيير مسار عبورها المعتاد من الممر المائي العربي إلى طريق رأس الرجاء الصالح، وهو ما تسبب برفع كلفة النقل الدولي بالتالي ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأدوية وغيرها.
وبسبب تلك الهجمات أوقفت معظم شركات الشحن بالحاويات الكبرى، ومن بينها ميرسك الدانماركية، وهاباغ لويد الألمانية، وكوسكو الصينية، شحناتها عبر البحر الأحمر، إضافة إلى شركة النفط بريتيش بتروليوم البريطانية.
وتبحر عبر مضيق باب المندب وقناة السويس المصرية أكثر من 25 ألف سفينة كل عام ويتسبب هذا الالتفاف في مضاعفة مسافة ومدة الإبحار التي تتراوح بين 12 إلى 15 يوماً إضافية لكل رحلة، وهو ما يكلف السفن الكبيرة ما يقدر بنحو مليون دولار من الوقود لكل رحلة.
ويقول الحوثيون إن هجماتهم تأتي تضامناً مع غزة في حين يسخر منهم اليمنيون الذين طالبوهم بفتح المعابر والطرقات التي يعانيها نحو 6 ملايين مدني في مدينة تعز (جنوب غربي البلاد)، والإيفاء بالالتزامات التي قطعوها على أنفسهم كسلطة أمر واقع، وفي مقدمها صرف المرتبات التي يرفضون دفعها للعام السابع على التوالي.