ملخص
كلف الرئيس محمود عباس رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج بإيصال المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة بالاستعانة بعناصر الجهاز وأبناء حركة "فتح" في القطاع
مع أن السلطة الفلسطينية لم تنكر انخراطها المباشر بجهود إيصال المساعدات الغذائية في قطاع غزة، فإنها رفضت بشدة اتهامات حركة "حماس" لها باستخدام ملف المساعدات غطاءً لسعيها إلى استعادة سيطرتها على القطاع الذي طردته منه الحركة قبل 17 سنة.
وعلى رغم أن السلطة الفلسطينية شددت على أن إدخالها المساعدات إلى أهالي قطاع غزة الذين يتعرضون لسياسة تجويع إسرائيلية، يأتي بدافع "مسؤولياتها تجاه شعبها"، فإن "حماس" شددت على أنه "يخفي رغبة السلطة بالتستر وراء ذلك للعودة للقطاع".
وكشف مسؤول أمني فلسطيني في حديثه إلى "اندبندنت عربية" عن أن الرئيس محمود عباس كلف رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج بإيصال المساعدات الغذائية إلى قطاع غزة بالاستعانة بعناصر الجهاز، وأبناء حركة "فتح" في القطاع.
وتحتفظ السلطة الفلسطينية منذ سيطرة "حماس" على القطاع بعشرات الآلاف من الموظفين في قطاع غزة، أكثر من 15 ألف منهم من الأجهزة الأمنية.
ووفق معلومات "اندبندنت عربية" فإن جهاز الاستخبارات الفلسطينية أشرف السبت الماضي على إدخال قافلة مساعدات من مصر إلى شمال قطاع عبر الهلال الأحمر الفلسطيني. وإثر ذلك، أعلنت حركة "حماس" إفشال "مخطط أمني للاستخبارات الفلسطينية لإدارة الأوضاع في قطاع غزة بالتنسيق مع إسرائيل".
وقالت وزارة الداخلية التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة، إنها اعتقلت 10 متورطين في المخطط بعد تسللهم إلى قطاع غزة في قافلة مساعدات للهلال الأحمر دخلت عبر معبر رفح البري.
ووفق الوزارة فإن مخطط ماجد فرج يتكون من ثلاث مراحل، تبدأ بـ"الأمن الغذائي تحت غطاء الهلال الأحمر الفلسطيني، والثانية تستهدف العشائر، والثالثة تتعلق بالأمن الشامل"، لكن المتحدث باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية طلال دويكات شدد على أن السلطة الفلسطينية "لن تعود إلى قطاع غزة إلا بتوافق وطني فلسطيني، وموافقة حركة (حماس)"، مشيراً إلى أن السلطة "لن ترجع إلى القطاع على ظهر دبابة إسرائيلية".
وأكد الدويكات في تصريح خاص أن حركة "حماس" تشن حملة تشويه لدور المؤسسة الأمنية الفلسطينية، وتوجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة. وقال إن السلطة الفلسطينية "لن يكون لها أي دور عسكري أو أمني مباشر ورسمي في غزة إلا بوجود توافق وطني شامل على ذلك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق الدويكات فإن الرئيس عباس كلف اللواء ماجد فرج الاستعانة بعناصر وضباط في الأمن الفلسطيني الموجودين في غزة لإيصال المساعدات الغذائية للمناطق التي تتعرض للتجويع.
وفي وقت يرفض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة باعتبارها "جهة إرهابية"، اقترح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قبل أسابيع تولي رئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج إدارة قطاع غزة موقتاً بعد انتهاء الحرب.
وبحسب الدويكات فإن تقديم المساعدات للفلسطينيين الذين يتعرضون للتجويع "مسؤولية وطنية للسلطة الفلسطينية، ويجب أن يلاقي استحسان وتشجيع الجميع، وليس إطلاق حملات لتشويهه".
وأشار الدويكات إلى أن ذلك العمل الإنساني "لا يحتاج إلى إذن من أحد"، مضيفاً أنه "من غير المقبول تفسيره على أنه محاولة من السلطة الفلسطينية للبحث عن دور في القطاع".
وكشف دويكات عن قتل الجيش الإسرائيلي ضابطين فلسطين كانا مكلفين تقديم المساعدات لأبناء شعبنا في قطاع غزة خلال الأيام الماضية.
واعتبر المتحدث باسم حركة "فتح" منذر الحايك أن جهاز الاستخبارات الفلسطينية جزء من النظام السياسي الفلسطيني، وأن السلطة يجب عليها إرسال مساعدات غذائية لقطاع غزة كما تفعل منذ سنوات بتخصيص 140 مليون دولار شهرياً للقطاع.
وأشار الحايك إلى أن "فتح" ترحب بأي طريقة لإدخال المواد الغذائية للقطاع في ظل "حرب التجويع"، رافضاً الاتهامات للأمن الفلسطيني باستغلال ملف المساعدات لأهداف سياسية.
ووفق الحايك الموجود في مدينة غزة فإن منظمة التحرير الفلسطينية التي تتبع لها السلطة الفلسطينية هي "صاحبة المشروع الوطني"، مضيفاً أن حكومة محمد مصطفى يجب أن تتولى مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة.
وفي شأن موافقة حركة "حماس" على السماح للحكومة بالعمل، أوضح الحايك أن تولي الحكومة مسؤولياتها في غزة "مصلحة عليا للشعب الفلسطيني"، قائلاً إن "معارضة (حماس) للحكومة لا مبرر له".
تهميش متبادل
ويرى المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة بيرزيت أحمد جميل أن "عزم الاتهامات المتبادلة بين حركتي (فتح) و(حماس) يقف وراءها إصرار الطرفين في تهميش بعضهما بعضاً، وعدم التنسيق بينهما".
ورجح عزم "وجود أهداف سياسية لمن يقوم بإدخال المساعدات، وبأن تكون مقدمة لدور سياسي لمن أدخلها"، مشيراً إلى أن كل المساعدات التي تصل إلى القطاع بحراً وبراً وجواً تدخل بالتنسيق مع إسرائيل، قائلاً إن "جزءاً ممن يدخل المساعدات له أهداف سياسية واضحة".
وفي شأن عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، أشار عزم إلى أن "العودة الكاملة لم تكن يوماً هدفاً محرماً أو خطيئة، لكن شرط أن لا يحدث دون تفاهم وتنسيق وطنيين وعبر مسارات شرعية".
تجدد الخلافات
واعتبر المحلل السياسي جهاد حرب أن "استعانة الاستخبارات الفلسطينية بعناصرها الموجودين في القطاع لإدخال وتوزيع المساعدات في قطاع غزة يعيد الخلافات بين حركتي (فتح) و(حماس) إلى الواجهة من جديد".
ووفق حرب فإن ذلك يأت في ظل حرص حركة "حماس" على استمرار السيطرة على قطاع غزة.
وأشار حرب إلى أن إسرائيل غير معنية بتنظيم الحياة في قطاع غزة، مضيفاً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى إعادة الأوضاع في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
لكن نتنياهو - وفق حرب - يريد "أن تكون حركة (حماس) ضعيفة ومنبوذة من المجتمع الدولي، بهدف منع إقامة دولة فلسطينية لإبقاء الانقسام الجغرافي والسياسي بين قطاع غزة والضفة الغربية".