ملخص
بدأت عادات "السفر الرمضانية" قديماً عبر إحضار وجبات الإفطار وتقديمها للصائمين بالمسجد الحرام، وأخيراً قننت هذه العادة بمعايير دقيقة حديثاً، لضمان الجودة والاطمئنان على سلامة الزوار والمعتمرين.
مع قرب نهاية شهر رمضان الذي يمسك فيه المسلمون عن الطعام لساعات طوال يستعد "أهل مكة" الذين يعيشون قرب قبلة المسلمين طي سفر الإفطار وهي العادة التي توارثوها منذ عشرات السنين.
ويشهد المسجد الحرام خلال شهر الصوم توافد الملايين من البشر، وخلال العام الماضي بلغ عدد القادمين رقماً قياسياً تاريخياً فاق 13.55 مليون معتمر.
ففي سباق الخيرات يتنافس عدد كبير في مكة رغبة في المثوبة، قبيل الإفطار بتقديم آلاف وجبات الإفطار في المسجد الحرام وساحاته، في عادة متوارثة جيلاً بعد جيل لضيافة ضيوف الرحمن زوار المسجد.
وبدأت عادات "السفر الرمضانية" قديماً عبر إحضار وجبات الإفطار وتقديمها للصائمين بالمسجد الحرام، وأخيراً قننت هذه العادة بمعايير دقيقة حديثاً، لضمان الجودة والاطمئنان على سلامة الزوار والمعتمرين.
وفي زمن قياسي توضع أكثر من 3 آلاف سفرة قبل أن يصدح المؤذن بأذان المغرب بـ10 دقائق ومن ثم رفعها خلال دقيقتين استعداداً للصلاة، من قبل ما يقارب 6 آلاف عامل يومياً، في أجواء إيمانية وروحانية وسط هدوء وطمأنينة ومنظومة خدمات حكومية متكاملة.
موقع لكل عائلة مكية
يوضح الباحث في تاريخ مكة ومعالم السيرة النبوية سمير برقة في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، أن العائلات المكية اشتهرت بتحضير سفر الإفطار الرمضانية في المسجد الحرام، ويروي قائلاً "منذ أن وعيت على الدنيا قبل 65 عاماً كانت لكل عائلة من العائلات الكريمة في مكة سفرة رمضانية محددة داخل صحن المطاف وموقع محدد لتقديم الطعام إلى الزوار. وتضم السفرة في ذلك الوقت ما لذ وطاب وليست كما الآن بسبب قلة الأعداد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبين أن كبير العائلة يحرص على الإفطار داخل "الحرم المكي" مع باقي عائلته، إضافة إلى (الصبيان) أو ما يعرف بـ(الخدم) لتقديم الطعام إلى من يشاركهم الإفطار من المعتمرين والزوار، مضيفاً "كان تضم السفرة أنواعاً من الحساء أو الشوربة توضع في مطبقيات، وتشكيلة متنوعة من الأجبان والشريك والكعك والقشدة البلدي والسمبوسك وأنواع التمر واللبن".
وقال برقة "كانت مشاهد الإفطار في الحرم جميلة جداً، تدل على الترابط الديني بين المسلمين وكرم وضيافة المجتمع المكي"، مشيداً بالتنظيم والتقنين الذي تشهده السفر في الوقت الحالي نظراً إلى ازدياد أعداد المعتمرين.
رفع سقف الجودة
ولرفع سقف جودة الوجبات المقدمة لضيوف الرحمن، وضعت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أنظمة وشروطاً للمتطوعين والمتعهدين في تقديم خدمات الإفطار لزوار المسجد العتيق، وهو ما أسهم في عملية التنظيم وقدمت المشروع بصورة حضارية تعكس اهتمام الحكومة بضيوف الرحمن.
وأتاحت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي نظاماً خدمياً تقنياً يوفر حجز سفر إفطار الصائمين للأفراد والجهات داخل الحرم بطريقة منظمة للتسهيل على المستفيدين وترتيب حجوزاتهم، ويهدف النظام إلى ترتيب وإدارة الحجوزات وسرعة إصدار التصاريح، إضافة إلى تحديد أماكن السفر وأنواع الطعام المقدم فيها، وسهولة الوصول إلى السفر والتعامل مع القائمين عليها لتقديم أفضل الخدمات.
ويمكن النظام المستفيد كان فرداً أو جهة بحجز السفرة المطلوبة من خلال النظام، كما يتيح للمستفيد الحصول على تصريح قسم السفر (رجال/ نساء)، واختيار التوسعة والدور والمربع والصف الخاص بالسفرة، واختيار السفر المراد حجزها، عبر إدخال بيانات القائم على كل سفرة وعليها تصدر تذكرة حجز للمستفيد فيها "باركود" خاص بحجزه، ويمكن للفرد حجز سفرتين وللجهات 20 سفرة منها (10 سفر رجال و10 سفر للنساء)، ويتاح لكل سفرة قائم واحد يعمل عليها ويقدم طعام الإفطار.
أما خدمتا توزيع الوجبات داخل الحرم والتوزيع اليدوي فيتطلبان إصدار تصاريح إلكترونية، مشترطة أن تكون الوجبات مطابقة للمواصفات والمعايير المطلوبة من ناحية المكونات والمغلف.
ولأن التمر هو الوجبة الأولى التي يتناولها الصائم يشترط النظام المكي أن تكون "منزوعة النوى"، كما يمنع استخدام التصريح لدخول أطعمة غير مصرح بها، مع التزام الموقع المدون في التصريح، مع استخدام حقائب حافظة للبرودة في نقل الوجبات لداخل المسجد الحرام، ويسمح لكل قائم بتوزيع 150 مغلف تمر.
ليبقى الحرم طاهراً
وبينت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي أن تصريح سفر الإفطار يهدف إلى تنظم آلية توزيع وجبات الإفطار في المسجد الحرام، لضمان استفادة أكبر شريحة من القاصدين لهذه الخدمة.
وتحقق هذه الآلية حفظ خصوصية المسجد الحرام بأن يبقى طاهراً طوال الوقت، وذلك من ناحية نوعية الوجبات المقدمة فيه أو من كيفية فرش السفر وإزالتها بأسرع وقت ممكن.
وأكدت أن الاشتراطات التي وضعتها حققت أهدافها في المحافظة على نظافة المسجد الحرام وسلامة ضيوف الرحمن بتحديد نوعية الوجبات على السفر والمتمثلة في تمر منزوع النوى وفطيرة وكيك ومعمول وعصير وماء، إضافة إلى المشروبات الساخنة من القهوة والشاي.