Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل لاحت فرصة اليمين الفرنسي لإسقاط الحكومة؟

يستعد لتقديم مقترح ضدها أثناء مناقشة الموازنة ومراقبون: مناورة فاشلة لا يمكن تنفيذها

تم رفض مذكرة عدم الثقة الأولى التي قدمت ضد رئيس الوزراء الجديد غابرييل أتال في الجمعية الوطنية (رويترز)

ملخص

كان رئيس الوزراء انتقد هذا التصعيد باعتباره "مذكرة عدم الثقة الوقائية"، معتبراً أنه تم تقديمها حتى قبل إعلانه للسياسة العامة. كما انتقد "الأسطورة الجماعوية" التي قدمها خصومه من اليسار، مؤكداً أن عالمهم يعتمد على فكرة عدم الحاجة إلى الاتحاد الأوروبي وفرض الضرائب بصورة مستمرة.

يعلن جزء كبير من اليمين في فرنسا جاهزيته للتحرك مع إعلان استعداده لتقديم مذكرة اعتراض أو لوم ضد رئاسة الحكومة، إذ أكد كل من رئيس مجموعة حزب الجمهوريين في مجلس الشيوخ، برونو ريتايلو، ورئيس النواب في حزب الجمهوريين، أوليفييه مارليه، ورئيس حزب الجمهوريين، إيريك سيوتي، استعدادهم لاتخاذ إجراءات ضد رئاسة الحكومة.

أعضاء حزب الجمهوريين يثيرون التساؤل: هل حان الوقت لإشعال النيران في البرلمان من أجل إسقاط الحكومة بعد مرور ما يقارب عاماً على قرار الثقة الذي كاد، بفارق تسعة أصوات فقط، أن يؤدي إلى سقوطها خلال مناقشة إصلاح التقاعد في الـ20 من مارس (آذار) 2023.

في الأثناء، تم إرسال تحذير رسمي، عبر رسالة وقعها إيريك سيوتي إلى رئيس الوزراء، إذ انتقد رئيس حزب الجمهوريين "عدم مسؤولية" و"عدم صدق" الحكومة، وأوضح بقوله "ستضطرون إلى تقديم التقرير أمام الجمعية الوطنية خلال طرح قانون تسوية الموازنة واعتماد حسابات الدولة لعام 2023".

مناورة فاشلة

في مقابلة مع المستشار البلدي السابق شارل قازان، أعرب عن رأيه قائلاً "ما يقوم به اليمين هو مجرد مناورة فاشلة لا يمكن تنفيذها في الواقع، نظراً إلى أن الوضع الاقتصادي الفرنسي الحالي لا يسمح بذلك، بخاصة مع تداعيات الأزمة في أوكرانيا وتدهور الوضع الاقتصادي والتداعيات الناجمة عن جائحة كورونا".

وأضاف المستشار البلدي السابق شارل قازان "من جانب آخر، لا يمكن للجمهوريين أو اليمين المعتدل حالياً إسقاط الحكومة الفرنسية، خصوصاً أن من يبحثون عن ذلك هم درمان وبرنولومار، ولكن الانتباه والتركيز حالياً يتجهان نحو الانتخابات الأوروبية المقبلة وليس نحو قصر الإليزيه".

وفي سياق الوضع السياسي في فرنسا، أشار السياسي والمستشار البلدي السابق شارل قازان إلى أن رئيس الحكومة الفرنسية غابريال أتال لم يمض وقت طويل على توليه المنصب في التاسع من يناير (كانون الثاني) الماضي، وواجه تحديات كبيرة ومعقدة في بداية فترة حكمه، وهذه التحديات تتزامن مع الأحداث في أوكرانيا. ومن ثم لا يمكن الحكم على نجاحه أو فشله أو على سياسته في هذه المرحلة المبكرة، إذ مرت فقط 65 يوماً على توليه رئاسة الحكومة الفرنسية.

استغلال مسألة الموازنة

في السياق نفسه، يصرح عضو الحركة الديمقراطية السياسي طارق وهبي لـ"اندبندنت عربية" قائلاً "مقترح لوم الحكومة ليس بطرح ثقة، مما يعني أن بإمكانهم انتقاد الحكومة من دون أن يتبع ذلك محاسبتها أو استقالتها".

ويضيف وهبي "بدأت المشكلة المالية في فرنسا منذ اللحظة الأولى لرئاسة إيمانويل ماكرون، عندما كان إدوار فيليب رئيساً للحكومة، وتفاقمت مع أزمة كورونا. كانت أولويات الحكومة في تلك الفترة الاستمرارية مهما كلف ذلك، مما أدى إلى زيادة الدين العام الفرنسي إلى مستويات تفوق الناتج المحلي الإجمالي للبلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على ما يبدو، يرى عضو الحركة الديمقراطية السياسي طارق وهبي أن اليمين يسعى إلى استغلال مسألة الموازنة، محاولاً إظهار أنه في فترة حكمهم كانت حساباتهم دائماً جيدة والموازنة متوازنة وأنهم قادرون على المحاسبة. ومع ذلك فهو يشير إلى أن وزير الاقتصاد برونو لومير، الذي كان ينتمي إلى اليمين التقليدي يشكل جزءاً من هذه الحركة، وهذا يعتبر جزءاً من عملية سياسية تهدف إلى تقويض سمعة إيمانويل ماكرون كرئيس للجمهورية واختياره أتال رئيساً للحكومة.

بحسب رأيه، يعتقد طارق وهبي أن ما يجهزون له هو استخدام النقد للإشارة إلى عدم قدرة غابريال أتال على تحمل مسؤولية إدارة البلاد على النحو المطلوب، وأنه غير قادر على تخفيض الأعباء الاقتصادية خلال توليه منصب رئيس الحكومة، بهدف وضع عقبات في طريقه نحو الرئاسة المقبلة في 2027.

يقول وهبي "من ناحية أخرى، يبذل أتال جهوداً مهمة لتخفيف الأعباء عن الدولة من خلال موضوع الضرائب، لكن هذا ليس بالأمر البسيط، خصوصاً بعد أزمة كورونا وتصاعد التوترات في أوكرانيا". ويشير أيضاً إلى مشكلة الإنفاق على التسلح والصرف في هذا المجال، الذي لا يتناسب مع إطار الموازنة العامة، مما يعزز من التحديات الاقتصادية.

السياسة السياسية

يشير عضو الحركة الديمقراطية إلى أن ما يقوم به اليمين المعتدل أو الجمهوريون هو نوع من السياسة السياسية، وليس أكثر من ذلك.

ويضيف وهبي "عندما يصلون إلى الحكم، إذا نجحوا في ذلك، ستكون هناك مفاجأة كبيرة، لأن إدارة فرنسا مالياً لم تعد بهذه البساطة، وسيلاحظون وجود مشكلة كبيرة في الموازنة العامة الفرنسية".

 

 

وفي تحليله للمشهد السياسي الفرنسي، يعتبر عضو الحركة الديمقراطية أن المشهد السياسي قادر على التغيير مع الانتخابات النيابية في الاتحاد الأوروبي القادمة، يونيو (حزيران) 2024، حين ستكون العنصر المهم لتحديث العمل السياسي والفكر السياسي داخل إطار الأحزاب الفرنسية.

وفي ما يتعلق بموضوع الموازنة، يرى وهبي أنها مسألة حسابية وتقنية لا يمكن تجاهلها. مع ذلك هناك خيارات سياسية تتعلق برفع الضرائب، وهي التي ليست محبذة بالنسبة إلى الحكومة. وإضافة إلى ذلك يرى أن تخفيض المصروفات يحتل مواقع مهمة في الدولة. وهناك مشكلة كبيرة تتعلق بدفع المعاشات للعاطلين من العمل، إذ تسعى الحكومة للسيطرة على هذه المؤسسة التي تدفع لهم، والتي تقع خارج إطار التخصص الحكومي. ومن ثم ليست لها علاقة مباشرة بالحكومة للتدخل فيها، لذلك فإن العمل لتخفيض مدة دفع الرواتب وقيمتها سيكسب الدولة أموالاً تستعملها في حقل آخر.

عجز الموازنة الفرنسية

بلغ عجز الموازنة العامة لفرنسا لعام 2023 نحو 5.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، أي 154 مليار يورو (167.06 مليار دولار)، وفقاً للبيانات التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية، في حين عد هذا الرقم أعلى بكثير من الـ4.9 في المئة المدرجة من قبل وزارة الاقتصاد والمالية في قانون الموازنة لعام 2024 الذي تم اعتماده نهاية العام الماضي. أما الدين العام فقد بلغ 110.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

من ناحية أخرى، تأثرت وزارة الاقتصاد بالتباطؤ في النمو أيضاً مما دفعها إلى إعادة النظر في توقعاتها الاقتصادية الكبرى لعام 2024 في منتصف فبراير (شباط) والإعلان عن مجموعة جديدة من التدابير التقشفية بقيمة 10 مليارات يورو (11.93 مليار يورو) للدولة بتأثير فوري. وكان من المتوقع أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 1.4 في المئة بقانون الموازنة لعام 2024، لكنه الآن متوقع بنسبة واحد في المئة هذا العام، وهو ما يعتبره عديد من الاقتصاديين متفائلاً للغاية.

مرافعة عدم الثقة

تم اليوم رفض المذكرة الأولى لعدم الثقة التي قدمت ضد رئيس الوزراء الجديد غابرييل أتال في الجمعية الوطنية. قدمت هذه المذكرة من قبل أحزاب المعارضة اليسارية احتجاجاً على عدم طلب أتال التصويت على الثقة من الجمعية الوطنية بعد خطابه السياسي العام في الـ30 من يناير، فيما لم تحصل المذكرة سوى على 124 صوتاً، ومن دون دعم من النواب الجمهوريين والجبهة الوطنية فإنها فشلت في حصد الأصوات الـ289 اللازمة لإسقاط الحكومة.

وكان رئيس الوزراء انتقد هذا التصعيد باعتباره "مذكرة عدم الثقة الوقائية"، معتبراً أنه تم تقديمها حتى قبل إعلانه السياسة العامة. كما انتقد "الأسطورة الجماعوية" التي قدمها خصومه من اليسار، مؤكداً أن عالمهم يعتمد على فكرة عدم الحاجة إلى الاتحاد الأوروبي وفرض الضرائب بصورة مستمرة.

أمام الضغوط المتزايدة من اليمين بعد إعلان غابرييل أتال عن إصلاح المساعدة الطبية للأجانب عبر القانون التنفيذي بدلاً من المرور بها أمام البرلمان، تمكنت الحكومة من تجاوز تحديها الأول بنجاح. وبينما كانت هذه المهمة تعتبر روتينية لإليزابيث بورن ومذكراتها السابقة من عدم الثقة التي بلغت 31 مرة، استطاع غابرييل أتال البقاء في منصبه. ومن هنا يطرح السؤال: هل ينجح رئيس الحكومة الفرنسية في دحض ما يروج له اليمين في ما يتعلق بمذكرة اللوم؟

المزيد من تقارير