Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العمال البريطاني" يغازل ترمب بتبرير انتقاداته للناتو

ديفيد لامي زار واشنطن وتواصل مع مقربين من الرئيس الأميركي السابق  

ديفيد لامي زار واشنطن مؤخرا لتعزيز علاقات حزبه مع الجمهوريين والديمقراطيين (غيتي) 

ملخص

وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية ديفيد لامي، زار واشنطن، أخيراً، وأبدى تفهماً لمواقف دونالد ترمب إزاء الناتو، في تحول مفاجئ بمواقف الوزير وحزبه، فسر على سبيل التمهيد لمرحلة يتولى فيها "العمال" البريطاني السلطة في لندن، ويضطر إلى التعامل مع إدارة جمهورية للبيت الأبيض على رأسها رجل أعمال لم تنسجم ولايته الأولى مع توجهات النواب العمال وقيادتهم في المملكة المتحدة.   

يستشعر حزب العمال البريطاني احتمالات عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. وإذا كتب للحزب تولي السلطة في المملكة المتحدة عبر الانتخابات البرلمانية المقبلة، فلا مفر لـ"العمال" من التعاون مع ترمب في ملفات غربية ودولية كثيرة، بعضها متفق عليه وبعضها الآخر تشوبه التباينات.

وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية ديفيد لامي، طار إلى واشنطن، الأسبوع الماضي، ليذيب الجليد أو يهدم الأسوار مع ترمب وحزبه الجمهوري. المهمة ليست سهلة أبدا وفق تقارير متخصصة، بخاصة أن لامي قد وصف الرئيس الأميركي السابق قبل سنوات بـ"المختل اجتماعياً" و"المتعاطف مع النازيين الجدد".

الخشية البريطانية من عودة ترمب طاولت حزب المحافظين كما "العمال"، وبخاصة في ما يخص مستقبل حلف الناتو والحرب الأوكرانية. لكن يبدو أن "العمال" يخطط لاستراتيجية بخاصة في التعامل مع البيت الأبيض إذا عاد الرئيس السابق. كما أن لامي بعث برسائل عديدة تقول إن "العمال" منفتحون على تغيرات كثيرة.

حتى الآن يتولى لامي وحده مهمة التقارب مع ترمب وحزبه في الولايات المتحدة، فيما يبدو زعيم العمال كير ستارمر بانتظار وضوح توقعات الانتخابات الأميركية المقبلة ليقوم بدوره. وإذا نجح الحزبان بالعودة إلى السلطة في واشنطن ولندن نهاية العام الحالي، سوف نشهد في 2025 أول لقاء بين قيادة بريطانية عمالية وأميركية جمهورية منذ ما يزيد على 15 عاماً عندما اجتمع جورج دبليو بوش مع غوردن براون في البيت الأبيض نهاية سبتمبر عام 2008.

مقاصد ترمب "الحميدة"

اختار لامي تصريحات ترمب حول حلف الناتو لتكون مدخلاً إلى صفحة جديدة في العلاقة بين "العمال" البريطاني و"الجمهوري" الأميركي بعد أن يصل الحزبان إلى السلطة نهاية العام الحالي. فأعاد قراءتها بما يعارض كل الذعر الذي تسببت به أوروبياً. و"بشر" بما حملته بين سطورها من نيات إيجابية لترمب.

الرئيس الأميركي السابق قال يوماً، إن تقاعس دول الناتو عن إنفاق نسبة 2 في المئة من موازناتهم الدفاعية على الحلف، ربما يدفعه إلى التخلي عن الأوروبيين في مواجهة خصومهم في القارة العجوز. وبخاصة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تخشى دول أوروبا من "مشاريعه التوسعية لإحياء أمجاد الاتحاد السوفياتي".

وزير الخارجية في حكومة الظل العمالية، يرى في كلام ترمب مقصداً تحريضياً وليس تهديداً للأوروبيين. فهو يريد حثهم على بذل مزيد من المال والعطايا للحلف الدفاعي نتيجة الحاجة الفعلية إليها. منوهاً بأن عهد رئيس أميركا السابق قد شهد ارتفاعاً في عدد الدول الملتزمة نسبة الـ2 في المئة من أربع دول إلى ثماني.

ودعا لامي دول أوروبا إلى فهم تصريحات ترمب في سياقها من دون "شخصنتها أو تأويلها بما لا تحتمل المفردات". وتعقيباً على هذه الدعوة نشرت صحيفة "بوليتكو" مقالاً لتذكر لامي بكل محطاته التي هاجم فيها الرئيس الأميركي السابق منذ 2017، عندما عارض زيارته المملكة المتحدة بسبب "نازيته وعنصريته".

 

الصين وحرب أوكرانيا

لم يستخدم لامي نظرية "المقاصد الحميدة" في تفسير نية دونالد ترمب بإنهاء حرب أوكرانيا خلال 24 ساعة من عودته إلى البيت الأبيض. ربما فضل تجنب الخوض في بواطن الشخص طالما لم تتضح خططه. أو حاول بطريقته الخاصة ثني الرئيس الأميركي السابق عن مساعيه التي ستلحق الضرر بالأوروبيين عموماً.

صحيفة " ذا تايمز" تقول، إن لامي التقى عدداً من المقربين للرئيس الأميركي السابق من بينهم إلبريدج كولبي الذي يتوقع أن يحصل على منصب مستشار الأمن القومي، ومدير حملة ترمب الانتخابية كريس لاسيفيتا. وعبر هؤلاء أوصل وزير خارجية الظل قلق "العمال" البريطاني إزاء "السلام غير المنصف لأوكرانيا".

ما فعله لامي في هذا الإطار، يشبه ما فعله وزير خارجية بريطانيا ديفيد كاميرون وقبله رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون وخليفته ليز تراس. جميعهم حذروا من سلام يشجع بوتين على غزو دولة أوروبية ثانية وثالثة ورابعة، ولكن لم يصدر من ترمب إلى الآن ما يهدئ قلوب القلقين من ذاك السلام في أوروبا.

وفق ما تسرب للصحيفة ذاتها أيضاً حول زيارة لامي، فإن العمال والمحافظين في بريطانيا يربطان بين التعاون مع الحلفاء ضد بوتين في أوروبا، والعمل معهم في مواجهة التهديدات الصينية. وهذا ينفي احتمال التغير الجذري في السياسة الخارجية للمملكة المتحدة في حال وصول كير ستارمر إلى المنزل رقم 10.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مثل "العمال" الأعلى

نقلت "ذا تايمز" عن مسؤول في "العمال" البريطاني، إن الحزب ينظر بإيجابية إلى السياسة التي اتبعها رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي في التعامل مع الولايات المتحدة في عهد ترمب. وفحواها وفق المسؤول الذي لم تسمه الصحيفة، "التحدث حول خططك بهدوء وأنت تضع سلاحاً على خاصرتك".

المثل الياباني الأعلى لحزب العمال في علاقته مع الولاية الجديدة المتوقعة لترمب، فسرته صحيفة "ذا جارديان" بقول لامي إنه "حريص على إيجاد أرضية مشتركة مع ترمب لخدمة المصلحة الوطنية البريطانية". كما أن زيارته الأخيرة لواشنطن شملت وفق الصحيفة ذاتها، محادثات مع ممثلين عن الجمهوريين والديمقراطيين لتأكيد انفتاح الحزب تجاه العمل مع أي إدارة للبيت الأبيض.

وفق ما تسرب في وسائل الإعلام، أبدى مدير حملة ترمب كريس لاسيفيتا، إعجابه بوزير الخارجية في حكومة الظل، وقوله إن لامي أقرب من كاميرون إلى الحزب الجمهوري، مع ملاحظة "التوافقات الواضحة بين الرجلين في سياستهما".

كذلك استدعت التقارير المقارنة بين لامي وسلفه إميلي ثورنبيري، وزيرة الخارجية في حكومة الظل بعهد الزعيم السابق للحزب جيرمي كوربين، للتدليل على ترحيب الجمهوريين بالتعامل مع الحكومة العمالية المتوقعة برئاسة كير ستارمر في لندن. إذ إن ثورنبيري اضطرت إلى إلغاء رحلتها إلى واشنطن قبل أعوام بعد رفض إدارة ترمب استقبالها، في حين أن لامي التقى مسؤولين جمهوريين عديدين خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة.

انفتاح لامي ورسائله

ثمة مثل آخر أعلى ينظر إليه لامي في الطريق نحو قيادة الدبلوماسية البريطانية بعد فوز حزبه بالانتخابات العامة المقبلة، وفق استطلاعات الرأي. تقول صحيفة "ذا تلغراف" إن الوزير في حكومة الظل يقتدي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في التواصل مع نظرائه عبر تطبيقات مثل "واتساب". فيحافظ لامي على مراسلة وزراء الخارجية في دول عديدة على أمل أن يصبح "نظيرهم" قريباً.

يحرص لامي أيضاً على التواصل المباشر مع نظرائه المستقبلين والمسؤولين في الدول القريبة لبلاده. ويحاول في كل لقاء إظهار مرونة كبيرة في سياسات الحزب الخارجية حتى لو تعارض ذلك مع مواقف سابقة له، كما حدث عندما أيد، أخيراً، تعزيز الترسانة النووية البريطانية في حين أنه قال أمام البرلمان قبل 8 أعوام إنه "كمسيحي يرى أن المملكة المتحدة يجب أن تتخلى عن السلاح النووي".

تقول الباحثة في معهد تشاتام هاوس أوليفيا أوسوليفان، إن الدبلوماسية البريطانية المؤيدة لسياسات ترمب يمكن أن تثير نقمة النواب العمال الاشتراكيين المحسوبين على زعيم الحزب السابق جيرمي كوربين. ولكن لامي أظهر، أخيراً، تعاطفاً كبيراً مع هذا التيار من خلال مطالبته بوقف صادرات السلاح لإسرائيل.

وتلفت صحيفة "اندبندنت" إلى أن وزير الخارجية في حكومة الظل أظهر نجاحاً ملحوظاً في مد جسور التواصل مع كل حلفاء المملكة المتحدة. وعلى رغم ذلك ليس من المستبعد أن ينقله ستارمر لوظيفة أخرى بعد الفوز في الانتخابات البرلمانية المقبلة، لافتة إلى احتمال إعادة ديفيد ميليباند، الذي كان وزيراً للخارجية في عهد غوردون براون، من خلال مجلس اللوردات. أو تعيين دوغلاس ألكسندر، الذي كان وزيراً للتنمية الدولية في حكومة حزب العمال الأخيرة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير