Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل التجنيد الإجباري خيار أوروبا الأمثل للاستعداد لحرب عالمية ثالثة؟

في وقت تدرس فيه ألمانيا تطبيق هذه الفكرة على جميع الأشخاص البالغين من العمر  18 سنة، نسلط في الآتي الضوء على التدابير التي اتخذتها دول أوروبية أخرى لضمان تحفيز شبابها على الدفاع عن وطنهم والدروس التي يمكن للمملكة المتحدة أن تستخلصها في هذا الإطار

القائد ماغنوس فريكفال من فوج "غوتلاند P18" في السويد (أ ف ب / غيتي)

ملخص

باعتباري أماً لثلاثة أبناء، ما زالوا جميعهم أصغر من أن يرتدوا الزي العسكري الرسمي، فإن فكرة استدعائهم إلى الخدمة بمجرد بلوغهم العمر المناسب، هي مثيرة للقلق حقاً

ما إن بلغت إيمي فيلاندر سن الـ18، حتى تلقت - كما أي شاب أو شابة بعمرها في السويد - رسالة رسمية عبر البريد الإلكتروني من الحكومة، تسألها عما إذا كانت تفكر في الانضمام إلى جيش البلاد ضمن خدمة "الدفاع الشامل" السويدية. وتستعلم الرسالة عن مدى لياقتها البدنية، وعما إذا كانت لديها أي مشكلات صحية، وعن دوافعها للانخراط في الخدمة العسكرية.

وتتذكر فيلاندر تلك اللحظات قائلة: "اعتقدت أن الإقدام على هذه الخطوة قد يكون أمراً إيجابياً". وعلى هذا الأساس قامت الشابة بملء الاستمارة على النحو المطلوب. وبعد فترة وجيزة، وجدت نفسها في أقصى المناطق الشمالية من السويد، تتعلم مهارات كتفكيك البنادق والرماية وبناء ملاجئ (إلى جانب "مهمات أساسية كالحفاظ على خزانة مرتبة وسرير موضب"). وعلى مدار خدمتها العسكرية التي دامت 10 أشهر، اكتسبت فيلاندر كفاءة في قيادة دبابة عبر تضاريس جغرافية مختلفة. وقالت لي: "تتيح لك هذه التجربة اكتشاف كثير عن نفسك - وتدركين أنك قادرة على تحقيق أكثر مما كنت تتخيلين. كنت أتوقع أن يكون الأمر صعباً - وكان حقاً كذلك - لكنه كان ممتعاً أيضاً".

أصبحت فيلاندر الآن في سن الـ21، وهي تدرس العلوم السياسية في إحدى جامعات ستوكهولم، وتدرك أنه يمكن استدعاؤها في أية لحظة لخدمة بلادها. وهذا الأمر ينطبق على أي فرد في السويد يتراوح عمره ما بين الـ16 والـ70 سنة. وكانت هذه الدولة التي انضمت أخيراً إلى "حلف شمال الأطلسي" (ناتو) وضعت استراتيجيتها الدفاعية الشاملة في عام 2017، وبموجبها يحتفظ بسجلات كاملة عن جميع المواطنين على قائمة الخدمة، بدءاً من يوم ميلادهم الـ18 وما بعده، مما يتيح للسلطات إمكانية استدعائهم في أي وقت إذا ما دعت الحاجة.

هذا لا يعني تحديداً أنه يتعين على كل شخص القيام بالخدمة العسكرية، إذ يمكن للأفراد أيضاً اختيار الخدمة المدنية، كالانضمام إلى خدمات الطوارئ على سبيل المثال. إلا أنه إذا وجدت البلاد نفسها في حال تأهب قصوى، فيمكنها تعبئة الأفراد حتى سن الـ70 للقيام بمهمات مختلفة، حتى لو كان ذلك من أجل المساهمة في الوظائف المجتمعية الأساسية كنقل المياه، أو رعاية الأطفال، أو إعداد الطعام. وتؤكد التوجيهات السويدية الرسمية على "ضرورة تعاون جميع القطاعات المجتمعية خلال فترات التأهب القصوى، للحفاظ على استمرار العمليات والخدمات الحيوية في البلاد من دون انقطاع، ويتوجب على الذين يستدعون إلى الخدمة العسكرية الحضور لتلبية نداء الواجب على الفور".

في ألمانيا، تبين أخيراً أن الاستراتيجيين العسكريين يناقشون ثلاث خطط محتملة للاستعداد في زمن الحرب، اثنتان منها تتضمن خيار الخدمة العسكرية الإجبارية لمدة سنة، وذلك لجميع الذكور عند بلوغهم من العمر 18 سنة. وذكرت صحيفة "صاندي تلغراف" البريطانية أن المسؤولين الألمان أصبحوا في المراحل النهائية من المناقشات في هذا الصدد، ومن المتوقع أن يكشف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس عن خطط رسمية نهائية الشهر المقبل. 

والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ينبغي علينا جميعاً أن نفكر في اتباع نهج مماثل؟ هذه المسألة باتت ملحة، خصوصاً بعد التصريحات التي أدلى بها العام الماضي قائد الجيش البريطاني الجنرال السير باتريك ساندرز الذي قال: "بصفتنا جيل ما قبل الحرب، يجب علينا الاستعداد بالمثل. إنها مسألة تتطلب جهداً وطنياً شاملاً". وأثارت كلماته هذه - ولا سيما منها ما يتعلق بضرورة "وجود جيش قادر على التوسع السريع. وتدريب وتجهيز جيش من المواطنين" - قلقاً وتكهنات واسعة النطاق في البلاد.

لكن ما الآثار المترتبة على إنشاء جيش المواطنين؟ فهل ستتم دعوتنا جميعاً إلى الخدمة، بما في ذلك بناتنا وأبناؤنا؟

يجب أن أقر هنا بأن من البديهي أن أشعر بعدم الاستقرار أو أن أبدو غير متأثرة تماماً بكل هذه الضجة الراهنة. وباعتباري أماً لثلاثة أبناء، ما زالوا جميعهم أصغر من أن يرتدوا الزي العسكري الرسمي، فإن فكرة استدعائهم إلى الخدمة بمجرد بلوغهم العمر المناسب، هي مثيرة للقلق حقاً. لقد اعتاد جيل الألفية لدينا على السلام في هذا البلد على مدى العقود القليلة الماضية، ويبدو غير آبه إلى حد ما باحتمال نشوب حرب في بلادنا، أو حتى بالتفكير في الأمر. ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن التمتع بهذه الفترة الطويلة من السلام يشكل استثناء وليس هو القاعدة. وعلى رغم أننا قد لا ننخرط رسمياً في صراع في الوقت الراهن، فمن المهم أن نتذكر أنه منذ عام 1945، لم يمر سوى عامين فقط - 1968 و2016 - من دون أن يفقد جندي، أو بحار، أو طيار بريطاني، حياته نتيجة لأعمال عسكرية.

لقد أذكت روسيا حدة هذه التهديدات منذ أن غزت جارتها أوكرانيا قبل أكثر من عامين، وربما منذ أن ضمت شبه جزيرة القرم إليها في عام 2014. وكما أوضح الجنرال ساندرز، فإن "أوكرانيا تمثل نقطة ضغط رئيسة على نظام عالمي حساس وهش، يسعى أعداؤنا إلى تفكيكه. كما أن النفوذ الخفي والكبير لدول مثل الصين وإيران، يزيد من الشعور بأن خطوط المعركة رسمت. وليس من المبالغة القول إننا بالفعل جيل ما قبل الحرب، وإننا نعيش في عالم هو على حافة الصراع".

ويبدو أن دولاً أخرى - ولا سيما منها جيراننا في أوروبا - تدرك هذا الواقع وتجري استعداداتها بناء على ذلك. فعلى سبيل المثال، تتبع كل من النروج وفنلندا قواعد أكثر صرامة في ما يتعلق بالخدمة الوطنية. ففي عام 2013، صوت البرلمان النرويجي على توسيع نطاق التجنيد الإجباري ليشمل النساء، مما يجعلها أول عضو في "حلف شمال الأطلسي" وأول دولة أوروبية، تعتمد الخدمة العسكرية الإلزامية لكلا الجنسين.

 

ولطالما كانت فنلندا التي انضمت أخيراً إلى حلف الـ"ناتو" في حال تأهب ويقظة فرضها التهديد الذي تشكله عليها جارتها روسيا. فكل مواطن فنلندي ذكر يتفاوت عمره ما بين 18 و60 سنة، هو ملزم بأداء الخدمة العسكرية (على رغم توافر خيار بديل أيضاً يتيح له القيام بخدمة غير عسكرية). وعند الانتهاء من أداء هذا الواجب، يصبح الجميع جزءاً من وحدات الاحتياط التابعة لقوات الدفاع الفنلندية، التي تعد الآن إحدى أكبر القوات في العالم، التي تضم 870 ألف فرد. والأمر ينطبق على دول أخرى كالدنمارك وإستونيا وسويسرا والنمسا، حيث الخدمة العسكرية هي إلزامية للرجال. أما في النمسا، فيقتصر الأمر على الجيش أو القوات الجوية، إذ إن هذه الدولة غير الساحلية ليست لديها قوات بحرية.

من الجدير بالذكر أيضاً أن هذا الاتجاه كان ملحوظاً في البلدان التي استفتي الناس فيها على الإبقاء على التجنيد الإجباري، وكانت الإجابات بصورة عامة هي نعم. إذ شهدت سويسرا تصويتاً بنسبة 73 في المئة لمصلحة التجنيد الإلزامي في عام 2013، في حين جاءت نتيجة استفتاء قامت به النمسا بنسبة 59.8 في المئة لمصلحة التجنيد. وسجلت نسبة التأييد لمبدأ الخدمة العسكرية الإلزامية في فنلندا في الوقت الراهن مستوى قياسياً بلغ 82 في المئة.

المهندس الفنلندي أنتي روكونن كتب مقالة العام الماضي يصف فيها تجربته في الخدمة العسكرية، وشدد على "الأهمية المستمرة لمواصلة دروس القيادة وتنمية الشعور بالمسؤولية وبناء المهارات اللازمة للتصرف خلال الحرب". وأكد أن هذه التجربة تغرس في الفنلنديين فهماً عملياً عميقاً لدورهم كعناصر صغيرة لكن حاسمة ضمن آلية نظام دفاعي أكبر، مشيراً إلى أن جميع هذه العوامل تعزز التصميم الجماعي القوي لديهم والإرادة للدفاع عن بلدهم.

هذا الشعور لا يبدو تماماً على هذا النحو هنا في بريطانيا. ففي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، سأل استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" YouGov (المتخصصة بأبحاث السوق في المملكة المتحدة) عن نوع الخدمة الوطنية - إن وجدت - التي سيؤيدها البريطانيون. وكانت النتائج مخيبة للآمال، على أقل تقدير. ولم يحظ أي مخطط خدمة إلزامية بدعم شامل من المواطنين، وكان الخيار الأكثر تفضيلاً هو برنامج مجتمعي مدته شهر واحد فقط، لكن حتى هذا الاقتراح لم تتخط الموافقة عليه لدى الرأي العام، عتبة 45 في المئة. وكان دعم البريطانيين لأي شكل من أشكال الخدمة الوطنية منخفضاً بشكل خاص بين الأشخاص الذين تتفاوت أعمارهم ما بين 18 و24 سنة - وهي الفئة الديموغرافية التي يتعين عليها القيام بالخدمة. وكشف استطلاع للرأي أجري أخيراً بتكليف من محطة "جي بي نيوز" عن أن 14 في المئة فقط من البريطانيين هم على استعداد للقيام بالخدمة في الجيش عن طيب خاطر إذا ما جرى تجنيدهم. واللافت أن أبناء "الجيل زد" Gen Z (الأفراد الذين ولدوا ما بعد "جيل الألفية" وقبل "جيل ألفا"، تحديداً ما بين عامي 1997 و2012) أظهروا أعلى ميل للقيام بأي شيء ممكن لتجنب أداء هذه الخدمة".

قد لا يكون مستغرباً أن يواجه الجيش البريطاني في الوقت الراهن أزمة تجنيد، فالإحصاءات الأخيرة تكشف عن أن المعدلات ظلت باستمرار أقل من الأهداف الموضوعة سنوياً في المملكة المتحدة لأكثر من عقد من الزمن. وفي العام الماضي جرى تجنيد 5560 عسكرياً نظامياً، وهو عدد أقل بكثير من الهدف المحدد بـ 8200 جندي. وأقرت شركة "كابيتا" Capita للتعاقد الخارجي باحتمال فشلها في تحقيق هدف هذه السنة بمقدار الثلث.

 

وعلى رغم أن المملكة المتحدة هي سادس أكبر الدول على مستوى العالم التي تنفق على موازنات الدفاع، بحيث يبلغ إجمالي النفقات في الوقت الراهن 45.9 مليار جنيه استرليني (57 ملياراً و834 مليون دولار أميركي)، فإن الجيش البريطاني هو في أصغر حجم له منذ خمسينيات القرن الـ19، ويتألف الآن من 75983 عنصراً نظامياً فقط في الخدمة. وانخفض حجمه إلى النصف خلال الأعوام الـ30 الأخيرة.

من هنا، هل يتعين علينا أن نجبر الناس على التجنيد في القوى العسكرية لتعزيز هذه الأعداد؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما بالضبط الأدوار المطلوبة منهم؟

يبدو أن وجهة النظر السائدة بين الخبراء العسكريين هي "لا". ويؤكد اللواء تشيب تشابمان المظلي السابق وكبير المستشارين العسكريين البريطانيين، أن "إنشاء جيوش ليس بالمهمة السهلة. لكن من الأهمية بمكان استقطاب أشخاص لديهم حماسة حقيقية للخدمة، يتطوعون للتجنيد مدفوعين بشعور بالواجب تجاه مصالح المملكة المتحدة". وينبه تشابمان إلى خطورة "إجبار الأفراد على الخدمة العسكرية، لأن ذلك قد تكون له نتائج عكسية - فمن المرجح أن يؤدي الأمر إلى شعورهم بالإحباط، كما يتطلب إعدادهم وقتاً وموارد أكثر من أولئك الذين يرغبون حقاً في الخدمة".

ويسخر ألفي آشر وهو جندي مظلي سابق يشرف على حساب  @MilitaryBanter على "تويتر" / "أكس"، من هذه الفكرة، ويقول "من المحتمل أن ينتهي بنا المطاف إلى استخدام الجيش الراهن بأكمله كفريق تدريب لهذا التوسع. ونظراً إلى أننا نعاني أساساً نقصاً في الموظفين ومن الإفراط في التزاماتنا، فإن ذلك سيفاقم المشكلة".

لا يبدو أن هذه مشكلة تعانيها السويد وفنلندا ودول أخرى في أوروبا الشرقية، ويبدو أن الشباب هناك، حتى لو لم يرغبوا في حمل السلاح، هم أكثر حماسة بشكل عام للمساهمة في تحقيق المصلحة العامة لبلادهم. في المقابل، في بريطانيا، على عكس ذلك - سواء كان ذلك بسبب الشعور بالذنب المستمر بعد الاستعمار، أو صعود الفردية المفرطة، أو حقيقة أن البلاد شهدت صراعات طويلة وغير شعبية في كل من أفغانستان والعراق - هناك شعور بالتردد عندما يتعلق الأمر بالاشتراك للدفاع عن الملك والبلاد، فلدينا "مجتمع يتردد" في الإقدام على ذلك، بحسب تعبير تشابمان.

ويقول اللواء المظلي السابق: "أنا شخصياً أعتقد أنه إذا فهم أفراد ’جيل زد‘ ما مصالحهم الحيوية حقاً - على سبيل المثال، التهديد الذي يمثله التعطيل الروسي تحت الماء لكابلات الغاز والطاقة والإنترنت التي تشغل الاقتصاد الرقمي، على حياة جميع مستخدمي ’تيك توك‘ - فإنهم سيتحركون للقيام بشيء ما".

وتوجد في المقابل قيود على ما يجب فعله بالقوات إذا كانت متوافرة. ويشير تشابمان إلى أن "الأمر لا يتعلق بالرقم الأساسي للقوى، بل بالقدرات التي تمتلكها". وسواء كانت قوة قتالية دائمة أم جيشاً من جنود الاحتياط في وضع الاستعداد، فهناك حاجة إلى المعدات المناسبة لهم لاستخدامها، ولأن يكونوا مدربين تدريباً جيداً وجاهزين للعمل. ويقول بن باري وهو ضابط سابق في الجيش وأحد الزملاء البارزين لقسم الحرب البرية في "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية"International Institute for Strategic Studies (IISS): "يمكنك امتلاك جميع معدات التكنولوجيا باهظة الثمن التي تريدها، لكن لا فائدة من ذلك إذا لم يقم بتشغيلها أشخاص لديهم حماسة متقدة، وتدريب جيد، ويكونون منظمين ضمن وحدات".

 

ويستشهد على ذلك بمثل إسرائيل، التي لديها نسبياً جيش دائم صغير، لكنها تمتلك عدداً كبيراً من جنود الاحتياط بفضل الخدمة العسكرية الإلزامية. ويضيف قائلاً: "يمكنهم تعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط بسرعة كبيرة - وشاهدنا ذلك في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وهم يمتلكون جميع المعدات اللازمة. أما بريطانيا فبصراحة ليس لديها ذلك".

إلا أن جوهر القضية لا يقتصر فقط على القوة العسكرية. وعلى حد تعبير أحد كبار ضباط الجيش الذي لم يذكر اسمه، فقد قال ساخراً إن "هذه ليست مشكلة يتعين على الجيش حلها". ويرى باري أن "العبرة المستفادة من أوكرانيا، ومن سائر الحروب الأخيرة الأخرى، هو أن الحرب ليست مجرد جهد عسكري. لا بل يجب أن تكون جهداً وطنياً شاملاً". ويعتبر أن إعداد الناس لطريقة التعامل مع حالات الطوارئ يجب أن يمثل جزءاً من البرنامج التعليمي في المدارس، متسائلاً: "لماذا لا تكون الإسعافات الأولية جزءاً إلزامياً من المنهج التعليمي الوطني؟ ونظراً إلى مستوى التهديد السيبراني الذي يتعرض له أسلوب حياتنا الرقمي المتزايد، فلماذا لا يكون الأمن السيبراني كذلك؟".

وإذا كنا في مرحلة ما قبل الحرب، فهناك أمور أخرى يمكن أن تقوم بها البلاد لزيادة استعدادنا. وتحتفظ كل من الدنمارك والسويد بنظام صفارات إنذار، يجرى اختباره بانتظام كل سنة. ويعرف بوق الإنذار الخارجي في السويد باسم "هيسا فريدريك" Hesa Fredrik (أو "هورس فريدريك" Hoarse Fredrik نسبةً إلى الصوت الغليظ للبوق)، ويتم اختباره أربع مرات في السنة، في أول يوم اثنين من كل من شهر مارس (آذار) ويونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول)، ما لم يكن يوم عطلة. وإذا ما سمع المواطنون صفارات الإنذار خارج تلك الفترات المحددة، فسيعلمون أنها ليست اختباراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما في سويسرا، فيتعين على جميع المساكن أن يكون لديها مأوى نووي خاص بها - وهي إحدى الدول الوحيدة في أوروبا التي لديها ما يكفي من المخابئ لحماية سكانها من انفجار نووي. ويوجد في فنلندا نحو 50500 ملجأ للدفاع المدني، قادر على استيعاب نحو 4 ملايين و800 ألف شخص. وفي عام 2022 بعد الغزو الأوكراني، حصل تهافت على شراء حبوب اليود (التي يمكن أن تساعد في الحماية من التعرض للإشعاعات) بعدما أوصت الحكومة الفنلندية الأسر بتخزين جرعات منها.

على النقيض من ذلك، حتى لو لم تكن شخصاً مرتاباً من حصول كوارث وتخطط عادة لها وتكون مستعداً لأسوأ السيناريوهات، فلا بد أن تشعر بقلق من أن المملكة المتحدة لديها 258 ملجأ مجتمعياً فقط متاحاً لحماية مواطنيها. كما أن غياب المناقشات الجادة حول ضرورة تخزين حبوب اليود، قد يثير تساؤلات حول مستوى استعداد البلاد لمواجهة تهديدات محتملة.

ولعل أكثر ما تلقيناه في هذا الصدد هو الاقتراح المخيب للآمال إلى حد ما، الذي تقدم به أوليفر دودن نائب رئيس الوزراء الشهر الماضي، الذي نصح فيه البريطانيين بالاستعداد لانقطاع في الخدمات الرقمية، من خلال تخزين إمدادات أساسية كالمصابيح الكاشفة، والشموع، وأجهزة الراديو التي تعمل بالبطاريات.

إذاً هل نحن في ورطة؟ هل يمكن أن يصل بنا الأمر إلى نقطة تصبح فيها فكرة الجنرال ساندرز في شأن تعبئة جيش المواطنين ضرورة؟ نظراً إلى طبيعة الحرب التي نشهدها اليوم، هل يهم فعلاً ما إذا كان بإمكانك إطلاق النار من سلاح ناري أو قيادة دبابة، إذا كانت لديك مهارات مثل قيادة طائرات مسيرة ، أو القرصنة السيبرانية من خلال اختراق نظام العدو؟ من المؤكد أن صراعات المستقبل تتطلب مثل هذه القدرات التي قد يمتلكها بشكل بدهي "جيل زد"، وفقاً لمؤشرات عدة.

إلا أن المستشار العسكري تشابمان يختم محذراً: "لا تكونوا واثقين للغاية من ذلك. إن العمليات الإلكترونية والمعلوماتية مهمة، لكن إذا ظهر العدو في دبابة، فيجب أن تكون لديكم دبابة لمواجهته". أو ربما يتعين في الأقل أن تعرفوا كيف تقودون إحداها. إنه أمر تعرف إيمي فيلاندر، في الأقل، كيف تقوم به. وربما ينبغي علينا نحن البريطانيين أن نحذو حذوها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير