ملخص
كثيراً ما تعرضت خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، والمنطقة المحيطة بها لهجمات روسية، لكن الضربات أصبحت أكثر كثافة في الأشهر القليلة الماضية مستهدفة البنية التحتية المدنية والطاقة.
اضطر نحو 10 آلاف شخص إلى الفرار من منازلهم في منطقة خاركيف بشمال شرقي أوكرانيا منذ أن بدأت روسيا هجوماً برياً مباغتاً قبل أكثر من أسبوع، وفق ما أفاد حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف اليوم السبت.
وقال سينيغوبوف إن "ما مجموعه 9907 أشخاص تم إجلاؤهم" منذ بدء الهجوم في الـ10 من مايو (أيار)، والذي حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أنه قد يكون تمهيداً لعملية أوسع نطاقاً في هذه المنطقة.
وأعلن زيلينسكي الجمعة أن الغربيين يمنعون أوكرانيا من استخدام الأسلحة التي زودتها بها أوروبا والولايات المتحدة، من أجل ضرب الأراضي الروسية.
وقال زيلينسكي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية "يمكنهم ضربنا انطلاقاً من أراضيهم، وهذا أكبر تفوق تتمتع به روسيا، ولا يمكن لنا أن نفعل أي شيء لأنظمة (أسلحتهم) الموجودة على الأراضي الروسية باستخدام الأسلحة الغربية. ليس لدينا الحق في القيام بذلك"، مؤكداً أنه اشتكى من ذلك مجدداً هذا الأسبوع إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وأشار إلى أن روسيا لا تملك الوسائل لشن هجوم جديد واسع النطاق على كييف، في وقت تشن موسكو هجوماً في شرق أوكرانيا وشمال شرقها. وأوضح "ليست لديهم القوات اللازمة لشن هجوم واسع النطاق على العاصمة كما فعلوا في بداية الغزو"، مبدياً اعتقاده بأن دونباس (شرق) وخاركيف (شمال شرق) هما الهدفان الرئيسان للكرملين.
نقص بعديد القوات الأوكرانية
وأقر الرئيس الأوكراني بأن ثمة نقصاً في عديد القوات الأوكرانية وبأن هذا يؤثر في معنويات الجنود، في وقت يدخل قانون جديد للتعبئة حيز التنفيذ السبت لتعزيز صفوف الجيش. وقال "علينا ملء الاحتياطات (...) ثمة عدد كبير من الألوية الفارغة. علينا أن نفعل ذلك حتى يتمكن الرجال (الموجودون في الخطوط الأمامية) من التناوب بشكل طبيعي. هذه هي الطريقة التي ستتحسن بها الروح المعنوية".
وأعلن أنه رفض فكرة "هدنة" في الحرب مع روسيا أرادها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طوال مدة أولمبياد باريس.
وأوضح زيلينسكي "لقد قلت: إيمانويل، نحن لا نصدق ذلك. فلنتخيل للحظة أن هناك وقفاً لإطلاق النار. أولاً، نحن لا نثق في (فلاديمير) بوتين. ثانياً، هو لن يسحب قواته. ثالثاً، (...) أخبِرني إيمانويل، من الذي يضمن أن روسيا لن تستغل ذلك لإرسال قواتها إلى أراضينا". ورفض الرئيس الأوكراني هدنة من شأنها أن "تصب في مصلحة العدو".
هجوم أوسع نطاقاً
وأعلن زيلينسكي أن هجوم روسيا على منطقة خاركيف يمكن أن يكون مجرد موجة أولى من هجوم أوسع نطاقاً، مضيفاً أن موسكو تريد "مهاجمة" العاصمة الإقليمية التي تحمل الاسم نفسه. وقال "لقد أطلقوا عمليتهم، وهي يمكن أن تضم موجات عدة. وهذه هي الموجة الأولى" في منطقة خاركيف، وذلك في وقت حققت روسيا أكبر مكاسبها الإقليمية منذ نهاية عام 2022.
وأكد الرئيس الأوكراني أنه على رغم التقدم الروسي في الأيام الأخيرة في هذه المنطقة الشمالية الشرقية، فإن الوضع أفضل بالنسبة إلى قواته عما كان عليه قبل أسبوع، عندما عبرت قوات الكرملين الحدود بصورة مفاجئة في الـ10 من مايو (أيار). وقال إن القوات الروسية توغلت ما بين خمسة و10 كيلومترات على طول الحدود الشمالية الشرقية قبل أن توقفها القوات الأوكرانية. وأضاف "لقد أوقفناهم (...) لن أقول إنه نجاح (روسي) كبير، لكن علينا أن (...) نقر بأنهم هم من يتوغلون في أرضنا، وليس العكس".
وإذ أشار إلى أن الوضع لم "يستقر" بعد، قال "على رغم ذلك فإن الوضع تحت السيطرة وأفضل من اليوم الأول" للهجوم، وذلك بفضل التعزيزات المنتشرة. وأكد زيلينسكي أن روسيا تريد مهاجمة خاركيف، وشدد على أن المعركة من أجل هذه المدينة، إذا حصلت، ستكون صعبة على الجيش الروسي. وقال "إنهم يريدون ذلك، يريدون الهجوم"، لكنهم "يفهمون أنها معركة شاقة. إنها مدينة كبيرة وهم يفهمون أن لدينا قوات وأنها ستقاتل لفترة طويلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر زيلينسكي أن الأمر بات بالنسبة إلى أوكرانيا وحلفائها الغربيين متعلقاً بعدم إظهار ضعف، مطالباً بنظامي باتريوت مضادين للطائرات من أجل الدفاع عن سماء المنطقة والجنود الذين يدافعون عنها. وحذر قائلاً "إنهم مثل وحش (...) إذا شعروا بضعف في هذا الاتجاه، فسيندفعون" نحوه، لكنه قال إنه إذا تمكنت القوات الأوكرانية من إيقاف القوات الروسية فإنها ستستسلم. وتابع "برأيي، هم لن يموتوا بالملايين من أجل الاستيلاء على خاركيف".
مشاركة الصين في مؤتمر السلام
ودعا الرئيس الأوكراني الصين إلى المشاركة في قمة سلام حول أوكرانيا في سويسرا الشهر المقبل لن تحضرها روسيا.
وقال "أود أن أرى الصين تشارك في قمة السلام". وأضاف أن لاعبين عالميين على غرار الصين "لديهم تأثير في روسيا"، معتبراً أنه "كلما زاد عدد هذه الدول إلى جانبنا... ستضطر روسيا إلى أن تتعامل مع هذا الأمر".
هدنة أولمبية
من جانبه، ألمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة إلى أنه لن يلتزم هدنة أولمبية وسيواصل المعارك في أوكرانيا خلال أولمبياد باريس، خلافاً لرغبة نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقال بوتين للصحافة الروسية في ختام زيارة للصين استمرت يومين "إن هذه المبادئ الأولمبية، بما في ذلك الهدنة الأولمبية، عادلة جداً (...) لكن قلة من الدول احترمتها عبر التاريخ، باستثناء اليونان القديمة".
ثم ألمح الزعيم الروسي إلى أنه نظراً إلى استبعاد روسيا من ألعاب باريس فإنه ليس عليها الامتثال لمبادئ اللجنة الأولمبية الدولية.
وأضاف "ينتهك المسؤولون الرياضيون الدوليون اليوم مبادئ الميثاق الأولمبي (...) في ما يتعلق بروسيا من خلال منع رياضيينا من المشاركة في الألعاب الأولمبية تحت علمهم ونشيدهم الوطني، لكنهم يريدون منا الامتثال للقواعد التي يفرضونها علينا".
وخلص إلى القول "لكي تطلب شيئاً من الآخرين عليك أن تحترم القواعد بنفسك".
أطلق بوتين الهجوم على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ويطالب بضم خمس مناطق أوكرانية. كما شن الجيش الروسي للتو هجوماً جديداً في منطقة خاركيف.
وكان ماكرون أكد أنه يريد "فعل كل شيء" من أجل التوصل إلى هدنة أولمبية في جميع أنحاء العالم خلال الألعاب الأولمبية. وقال إن الرئيس شي جينبينغ قدم له دعمه في أوائل مايو (أيار).
وكانت روسيا قد خاضت حرباً مع جورجيا خلال دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008.
القوات الروسية تواصل تقدمها
وأعلنت أوكرانيا الجمعة أن القوات الروسية تدمر مدينة فوفتشانسك، وأنها تواصل تقدمها في منطقة خاركيف بشمال شرقي البلاد، المستهدفة بهجوم بري منذ الـ10 من مايو.
وقال الرئيس الروسي إن الهجوم هدفه الرد على الضربات الأوكرانية التي استهدفت الأراضي الروسية في الأشهر الأخيرة، مشيراً إلى أن قواته تتقدم "كما هو مخطط".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية الجمعة أن جيشها يواصل التقدم في شمال شرقي أوكرانيا وأنه سيطر على 12 قرية في منطقة خاركيف خلال أسبوع منذ إطلاق هجوم بري جديد كبير.
وأشار حاكم منطقة خاركيف أوليغ سينيغوبوف في حديث إعلامي إلى أن "القوات الأوكرانية لم تتمكن لغاية الآن من إيقاف العدو". وقال "يستخدم العدو الدبابات والمدفعية لتدمير فوفتشانسك. ويستحيل عملياً البقاء في المنطقة".
ولا يزال نحو 200 مدني موجودين في المنطقة الواقعة على مسافة نحو 50 كيلومتراً من العاصمة الإقليمية خاركيف، بعدما كانت تعد 18 ألف نسمة قبل الحرب.
وغالباً ما يلجأ الجيش الروسي إلى تدمير المدن الأوكرانية بالقصف المتكرر لبسط سيطرته عليها، كما حصل في باخموت العام الماضي وأفيدييفكا في فبراير.
مقتل 3 بقذائف روسية موجهة
وقال رئيس بلدية خاركيف الأوكرانية إيهور تيريخوف على تطبيق "تيليغرام" إن ثلاثة أشخاص في الأقل قتلوا وأصيب 28 آخرون الجمعة في هجوم روسي بقذائف موجهة.
وكان أوليغ سينيغوبوف قد قال في وقت سابق إن شخصاً واحداً قتل في الهجوم، فضلاً عن إصابة أربعة آخرين بجروح خطرة.
وكثيراً ما تعرضت خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، والمنطقة المحيطة بها لهجمات روسية، لكن الضربات أصبحت أكثر كثافة في الأشهر القليلة الماضية مستهدفة البنية التحتية المدنية والطاقة.
واتهم الرئيس الأوكراني موسكو بالسعي إلى تحويل المدينة إلى أنقاض. وتنفي موسكو استهداف المدنيين عمداً، لكن الآلاف قتلوا وأصيبوا في غزوها المستمر لأوكرانيا منذ 27 شهراً.
مقتل شخص في بيلغورود
من جانبه، قال حاكم منطقة بيلغورود الروسية فياتشيسلاف غلادكوف الجمعة إن شخصاً قتل وأصيب آخر في هجوم أوكراني بطائرة مسيرة.
وأضاف غلادكوف على "تيليغرام" أن الطائرة المسيرة ضربت قرية نوفايا نوموفكا داخل الحدود الروسية، حيث كان الشخصان يعتنيان بحديقة.
وذكرت وزارة الدفاع الروسية في وقت لاحق أن وحدات الدفاع الجوي اعترضت ودمرت 14 صاروخاً أطلقت من أوكرانيا.
وتشن أوكرانيا هجمات متكررة بالطائرات المسيرة وقذائف المدفعية على بيلغورود ومناطق روسية أخرى على الحدود بين البلدين.