Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائق أميركية عن جبهة الجولان: واشنطن تخوفت من الحظر النفطي العربي (3-5)

السعودية خفضت إنتاجها 10 في المئة ومن ثم حظرته على واشنطن والداعمين لإسرائيل

ضباط إسرائيليون أسرى من قبل القوات السورية على جبهة الجولان يجلسون في 16 أكتوبر 1973 بمنطقة دمشق (أ ف ب)

ملخص

منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) تخفض إنتاج النفط بنسبة لا تقل عن خمسة في المئة شهرياً حتى يتم الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة واستعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين.السعودية خفضت إنتاجها 10 في المئة ومن ثم حظرته على واشنطن  والداعمين لإسرائيل

بحلول الـ31 من مايو (أيار) الجاري، يكون نصف قرن مضى على توقيع اتفاق فض الاشتباك بين القوات الإسرائيلية والسورية الذي تم في مثل هذا اليوم من عام 1974، لتنتهي بذلك رسمياً المعارك القتالية والمناوشات بين الجانبين، التي اندلعت بشكل مفاجئ في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973 على الجبهتين السورية والمصرية ضد إسرائيل، واستمرت بشكل متقطع على مدى نحو ثمانية أشهر.

في الحلقتين السابقتين من هذه السلسلة، كشفت "اندبندنت عربية" عن وثيقة فض الاشتباك النهائية، والنص الذي يعتبر في آخر بنوده أن هذا ليس اتفاق سلام، ولكنه خطوة نحو سلام عادل ودائم على أساس قرار مجلس الأمن رقم 338، كما كشفنا عن مجموعة من الوثائق الأخرى التي عكست الأجواء السابقة على هذا الاتفاق من استعدادات عسكرية ثم حرب ومفاوضات.

 

 

وفي هذه الحلقة نستكمل أجواء فرض الحظر النفطي العربي بقيادة السعودية على الدول الداعمة لإسرائيل والتوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي التي رافقت قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار، وكيف انعكس ذلك على سوريا ومصر ومواقفهما من مؤتمر جنيف للسلام.

الدعم الأميركي لإسرائيل وردود الفعل

بدأ الجسر الجوي الأميركي الذي يحمل مساعدات عسكرية لإسرائيل وبسرعة غير مسبوقة يوم الـ10 من أكتوبر (تشرين الأول) 1973 بعدما فقدت إسرائيل كثيراً من العتاد خلال الأيام الأولى للحرب، لكن في الـ14 من الشهر ذاته حذرت مذكرة من الاستخبارات المركزية بأن الدول العربية المصدرة للنفط ملتزمة بنوع من العمل المنسق ضد المصالح الأميركية، لكنها اعتبرت أن ردود أفعال الدول العربية قد تختلف بناء على قوة ووضوح عملية إعادة تزويد إسرائيل بالإمدادات العسكرية وبحسب نوعية السلاح، إذ تعد طائرة فانتوم 4 المقاتلة في نظر الدول العربية مثالاً للتفوق التكنولوجي للجيش الإسرائيلي، ولهذا فإن تزويد إسرائيل بهذه الطائرة سيؤدي إلى أقصى درجات ردود الفعل.

 

 

كان الأميركيون متخوفين من تأثيرات الحظر النفطي العربي، ففي وثيقة صدرت من الاستخبارات المركزية الأميركية يوم الـ16 من أكتوبر (تشرين الأول) 1973، ناقشت مجموعة العمل الخاصة في واشنطن التي تضم كبار المسؤولين والوزراء التداعيات المتوقعة لهذا الحظر، ففي حين اعتبر وزير الدفاع جيمس شيلزنغر أن أميركا في حالة جيدة، لأنها لا تحتاج سوى إلى قليل من النفط العربي، أوضح نائب وزير الخارجية كينيث راش أنه لا يوجد لدى الولايات المتحدة أي خطط في حال فرض حظر نفطي، قائلاً "إذا كان هناك حظر، فسنكون جميعاً في مأزق كبير لأن لدينا إمدادات تكفي لمدة 30 يوماً فقط، بينما لدى الأوروبيين نحو 60 يوماً، وهذه هي الكارثة ففي غضون 15 يوماً سيكون هناك ذعر".

 

 

وبينما رد مدير الاستخبارات الأميركية وليم كولبي بأن الشرق الأوسط لا يوفر كثيراً من الاحتياجات الأميركية، رد راش بأن إجمالي الواردات النفطية يمثل نحو 25 من الاستهلاك، ويشمل ذلك النفط من كندا وفنزويلا وغيرها، ويأتي نحو سبعة في المئة فقط من الشرق الأوسط.

بدء حظر النفط العربي

لكن في اليوم التالي الـ17 من أكتوبر قررت منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك) خفض إنتاج النفط بنسبة لا تقل عن خمسة في المئة شهرياً حتى يتم الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة واستعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين، كما وعدت الدول العربية بمواصلة تسليم النفط إلى الدول الصديقة التي تقدم للعرب مساعدة مادية فعالة، وهددت بفرض حظر كامل على الدول التي تستخدم قواتها المسلحة لمساعدة إسرائيل.

ووفقاً لوثيقة الاستخبارات المركزية الصادرة في الـ19 من أكتوبر، خفضت المملكة العربية السعودية بالفعل إنتاجها الحالي بنسبة 10 في المئة وبعض الدول الأخرى مثل العراق، الذي لا يستطيع تصدير معظم إنتاجه بسبب إغلاق موانئ شرق البحر المتوسط، قد يلجأ تخفيضات أولية كبيرة للغاية، ليصبح الخفض العربي الشامل بنسبة تتراوح بين خمسة في المئة و10 في المئة، وهو ما يمثل خسارة تتراوح بين مليون ومليوني برميل يومياً، كما هددت السعودية ودول أخرى عدة، بما في ذلك ليبيا وأبو ظبي والكويت، بفرض حظر كامل على الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تتلقى فقط نحو مليون برميل يومياً من النفط العربي (بما في ذلك المنتجات المكررة في أوروبا).

 

 

وقدرت الوثيقة أن الزيادة في أسعار النفط ستكون محسوسة في المقام الأول في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الغربية، وترتفع فواتير واردات النفط لكل من الولايات المتحدة واليابان بنحو 3 مليارات دولار، في حين ستقترب التكاليف الإضافية التي تتحملها أوروبا الغربية إلى أكثر من 8 مليارات دولار.

خشية التدخل السوفياتي

لكن مع احتدام المعارك في الأسبوع الثاني من الحرب وتمكن الإسرائيليين من استعادة بعض الأراضي التي سيطر عليها السوريون في الجولان، وبدء اختراق صفوف الجيش المصري في منطقة الدفرسوار، مما أتاح لوحدات مدرعة إسرائيلية العبور إلى الضفة الغربية، انصب الاهتمام الأميركي على تصور التدخل السوفياتي المباشر في الحرب وفقاً لما فصلته وثيقة من الاستخبارات المركزية الأميركية في الـ19 من أكتوبر 1973.

 

 

حددت الوثيقة ثلاثة تصورات لهذا التدخل، أولها إدخال قوة عرقلة كبيرة من القوات البرية السوفياتية لوقف التوجهات الإسرائيلية بشكل فعال، والثاني إدخال قوة عسكرية رمزية، مثل فوج محمول جواً، أما التصور الثالث فهو إدخال وحدات دفاع جوي تكتيكي سوفياتية في محاولة للتغلب على التفوق الجوي الإسرائيلي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غير أن تقييم الاستخبارات الأميركية رجح التصور الثالث بالنظر إلى مشكلات الخدمات اللوجستية والنقل في التصورين الأولين، لأن إدخال القوات البرية السوفياتية الأكثر استعداداً للالتزام بمنطقة دمشق أو السويس هي الفرق السبعة المحمولة جواً المنتشرة في جميع أنحاء الاتحاد السوفياتي، والتحرك جواً حتى لواحدة من هذه الفرق (نحو 7400 رجل، و1000 قطعة سلاح كبيرة) وعناصر النقل الآلية الأساسية سيتطلب ما لا يقل عن 350 رحلة جوية، وستكون هناك حاجة إلى طائرات ضخمة ووقت طويل، كما سيكون التأثير العسكري لفرقة أو فرقتين سوفياتيتين محمولتين جواً في الوضع الحالي ضئيلاً لأن فرقة واحدة محمولة جواً، مجهزة في المقام الأول بالمدفعية الخفيفة والمدافع المضادة للدبابات، لن تتمتع بالقوة النارية أو القدرة على المناورة من محاربة القوات المدرعة أو الآليات الإسرائيلية بفعالية.

 

 

وفي التصور الثاني سيكون لدى السوفيات فوج أو فوجان من مشاة البحرية يصل عددهم إلى 4 آلاف رجل في أسطول البحر الأسود ترافقهم سفن وطائرات مخصصة لأسطول البحر الأسود تعمل حالياً في شحن الأسلحة إلى سوريا ويجب إعادتها من أجل نقل مشاة البحرية إلى الشرق الأوسط، ومع ذلك تبدو الحاجة إلى الهبوط البرمائي بعيدة، ولن يكون لهذه القوة الصغيرة تأثير يذكر.

كما قيمت الاستخبارات الأميركية إمكان نقل قوات جوية، إلا أنها وجدت أنها ستستغرق أياماً عدة، لكن يمكن نقل صواريخ دفاع جوي متحركة لمواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي، كما يمكن نقل صواريخ سكود التي لم ترجح الاستخبارات الأميركية إمكان استخدامها إلا في حال التهديد بضرب المدن الإسرائيلية.

تحرك كيسنجر

وبعد تحقيق الهدف الذي أراده كيسنجر منذ البداية، وهو التحرك لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن فقط بعد تمكين الإسرائيليين من المبادرة واستعادة أجزاء من الأراضي التي سيطر عليها المصريون والسوريون، شرع وزير الخارجية الأميركي ومستشار الأمن القومي في زيارة موسكو من أجل التوافق على وقف إطلاق النار في مجلس الأمن الدولي، وأرسل له مدير الاستخبارات الوطنية يوم الـ20 من أكتوبر برقية تخبره عن أفضل خطوط وقف إطلاق النار التي يمكن رسمها على أساس التضاريس والاعتبارات الاجتماعية والسياسية.

وفي الـ21 من أكتوبر أنهى مكتب الاستخبارات الجغرافية تصويراً بيانياً لخطوط وقف إطلاق النار المقترحة بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا، في وقت اتفقت فيه الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على رعاية قرار مشترك في مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار.

سوريا رفضت وقف إطلاق النار ثم قبلته

وفي يوم الإثنين الـ22 من أكتوبر صدر قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النار، لكن بينما طلب مدير الاستخبارات الوطنية تقدير الكيفية التي من المحتمل أن تسلكها كل دولة في شأن مسألة وقف إطلاق النار، والانتهاء من ورقة حول قيود التصوير الفوتوغرافي في مراقبة وقف إطلاق النار، أمرت إسرائيل قواتها باستئناف القتال ضد مصر بسبب ما وصفته بالانتهاكات المستمرة لوقف إطلاق النار من القوات المصرية، وردت القاهرة بالتأكيد على أن الخطوة الإسرائيلية أجبرتها على استخدام القوة لضرب الإسرائيليين، وفقاً لوثيقة الاستخبارات المركزية يوم الـ23 من أكتوبر 1973.

 

 

لكن سوريا من جانبها رفضت قبول اقتراح وقف إطلاق النار، على رغم الجهود التي بذلها كل من الرئيس السادات والملك الأردني حسين بن طلال لإقناع الرئيس الأسد بالموافقة عليه، كما رفض العراق صراحة وقف القتال، بينما وافق مجلس الوزراء الأردني على وقف إطلاق النار، لكن مع التنبيه على بقاء القوات الأردنية في سوريا تحت السيطرة السورية.

ولمزيد من الضغط على واشنطن حظرت السعودية وجميع الدول العربية المنتجة للنفط في هذا اليوم شحنات النفط إلى الولايات المتحدة، كما أوقف العراق والجزائر الشحنات إلى هولندا لوقوفها إلى جانب الإسرائيليين، وأعلنت خمس دول عربية هي السعودية والكويت وأبو ظبي والجزائر وقطر خفض الإنتاج الكلي بنسبة 10 في المئة على الفور، على أن يتبعه خفض بنسبة خمسة في المئة شهرياً بعد ذلك.

لكن بعد اشتداد القتال يوم الـ23 من أكتوبر اتفقت إسرائيل ومصر على وقف جديد لإطلاق النار، كما أعلنت دمشق قبولها قرار الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار واشترطت سوريا، كما فعلت مصر، الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة، وحث القرار جميع الأطراف على العودة للمواقع التي كانوا يشغلونها عندما أصبحت الهدنة سارية المفعول، وطلب من الأمين العام إرسال مراقبين من الأمم المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار، ومع ذلك تجنب القرار المشكلة الصعبة المتمثلة في تحديد خط وقف إطلاق النار، كما فشلت جلسة مجلس الأمن في معالجة الأسئلة المتعلقة بكيفية إطلاق مفاوضات السلام وتنفيذ القرار الغامض رقم 242.

 

لكن سوريا من جانبها رفضت قبول اقتراح وقف إطلاق النار، على رغم الجهود التي بذلها كل من الرئيس السادات والملك الأردني حسين بن طلال لإقناع الرئيس الأسد بالموافقة عليه، كما رفض العراق صراحة وقف القتال، بينما وافق مجلس الوزراء الأردني على وقف إطلاق النار، لكن مع التنبيه على بقاء القوات الأردنية في سوريا تحت السيطرة السورية.

 

 

ووفقاً لوثيقة الاستخبارات الأميركية الصادرة يوم الـ24 من أكتوبر (وثيقة مرفقة رقم 5) انتهك الإسرائيليون مرة أخرى قرار مجلس الأمن وحاولوا التقدم جنوباً على الجبهة المصرية قرب السويس على رغم المقاومة المصرية الشديدة، واستنتج الأميركيون أن إسرائيل ترغب في السيطرة على مدينة السويس من أجل قطع خطوط إمداد القوات المصرية في القطاع الجنوبي من سيناء، ولكي يصبحوا قادرين على منع عودة القوات المصرية من الضفة الشرقية لقناة السويس.

واقتصر القتال على الجبهة السورية على الغارات الجوية والقصف المدفعي في منطقة جبل الشيخ، إذ قصفت المدفعية السورية مواقع خسرتها أمام الإسرائيليين، وقالت دمشق إنها أسقطت 11 طائرة إسرائيلية، بينما قالت تل أبيب إنها دمرت 10 مقاتلات سورية وقصفت موانئ اللاذقية وبانياس.

ضغوط سعودية متجددة

ووفقاً للوثيقة نفسها (رقم 5) أفادت السفارة الأميركية في جدة بأن كبار المسؤولين السعوديين يريدون تقليل الضرر الذي قد تلحقه الأزمة الحالية بالعلاقات الأميركية - السعودية، وأنهم ينظرون إلى وقف إطلاق النار باعتباره خطوة إيجابية مهمة، لكنهم أيضاً حذروا من أنه إذا لم يعقب قرار وقف إطلاق النار انسحاب إسرائيلي من بعض الأراضي العربية في الأقل، أو إذا أدى تجدد القتال إلى انتكاسات عربية كبرى، فقد تمارس الرياض مع جيرانها العرب مزيداً من الضغوط على الولايات المتحدة.

في الوقت نفسه تولد لدى الأميركيين انطباع واسع النطاق بأن إسرائيل تحايلت من أجل تعزيز مكاسبها حول السويس والجيش الثالث المصري بينما تلقي باللوم على المصريين، ففي أعقاب اجتماع لتقرير الوضع العسكري طلب مدير الاستخبارات الأميركية وليم كولبي إعداد مذكرة في شأن أي دليل على وجود حيل إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار في القطاع الجنوبي من قناة السويس.

تصورات أميركا لخطوط وقف إطلاق النار في الجولان

بعد أسبوع واحد من قرار مجلس الأمن الدولي أصدرت الاستخبارات المركزية الأميركية ورقة مفصلة يوم الـ30 من أكتوبر تشرين الأول 1973 حول خطوط وقف إطلاق النار المحتملة أو البديلة في الجولان وسيناء ومناقشة الوضع في القدس (وثيقة مرفقة رقم 6) التي أخذت في الاعتبار عند اختيار مواقع وتكوينات الخطوط التضاريس والعوامل الاقتصادية والاجتماعية ذات الصلة، إضافة إلى الوضع العسكري والسياسي الحالي، بحيث توفر خطوط وقف إطلاق النار المقترحة معاً أساساً محتملاً لانسحاب القوات المتقاتلة مرحلياً على حد وصف الوثيقة.

مرتفعات الجولان

تصف الوثيقة مرتفعات الجولان بأنها منطقة شبه قاحلة من التلال الصخرية والسهول المغطاة بالأشجار، يبلغ طولها 65 كيلومتراً وعرضها 20 كيلومتراً، ومن الحدود الإسرائيلية - السورية السابقة ترتفع التضاريس فجأة إلى تلال وعرة ترتفع 600 متر (2000 قدم) فوق وادي الأردن العلوي وبحيرة طبرية، وفي شرق هذه التلال يرتفع سهل متدحرج باتجاه الشمال الشرقي، وتتكون أعلى ارتفاعاتها من خط من التلال البركانية الممتدة من المنحدرات السفلية شديدة الانحدار لجبل الشيخ في الشمال إلى وادي الرقاد، وهو واد نهري محفور بعمق في الجنوب.

وتعد معظم المنطقة عبارة عن أراض زراعية، إذ كانت المنطقة المحيطة بمدينة القنيطرة ذات يوم منتجاً مهماً للقمح، كما تستخدم الأراضي شديدة الانحدار للزراعة في المراعي، وقبل حرب عام 1967 كان عدد السكان في مرتفعات الجولان يزيد على 100 ألف نسمة، وكانت كثافة سكان الريف نحو 80 شخصاً لكل كيلومتر مربع (200 شخص لكل ميل مربع)، لكن معظم السكان فروا شرقاً عندما استولى الإسرائيليون عليها عام 1967.

 

 

وترى الوثيقة أن الإسرائيليين يعتبرون أن حيازة الأراضي المرتفعة المطلة على وادي الأردن العلوي وبحيرة طبرية أمر حيوي لدفاعهم الوطنين نظراً إلى أنهم كانوا يتعرضون لعمليات قنص متقطعة من هضبة الجولان قبل حرب 1967، بينما يعتبر السوريون أنفسهم أصحاب الحق في هذه الأراضي، ويتفاقم استياؤهم من طردهم من أراضيهم بسبب ضعف دمشق، كما لا توجد حواجز تضاريسية فعالة بين عاصمتهم والجولان المحتل، على بعد أقل من 60 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي.

وإضافة إلى الاعتبارات العسكرية، هناك عوامل أخرى تؤثر من وجهة النظر الأميركية في إحجام إسرائيل عن التخلي عن الأراضي المحتلة في مرتفعات الجولان، وهي أنهم أنشأوا (منذ عام 1967) عدداً من المستوطنات الجديدة في معظم أنحاء المنطقة وبذلوا جهوداً كبيرة في بناء الطرق وتطوير المياه واستصلاح الأراضي وغيرها من المشاريع، كما قاموا بتحويل جزء كبير من الأراضي السورية السابقة إلى جزء لا يتجزأ من إسرائيل.

أربع مجموعات محتملة لخطوط وقف إطلاق النار

الخطة أ

 أن ينسحب الإسرائيليون إلى خط وقف إطلاق النار الإسرائيلي عام 1967 وتثبيت خط مراقبين تابع للأمم المتحدة على طول معالم التضاريس الرئيسة، يتراوح بين أربعة إلى ثمانية كيلومترات شرق خط وقف إطلاق النار لعام 1967، وأن تتمركز القوات السورية على مسافة تقريبية ومتساوية شرق خط المراقبة.

وفي هذه الخطة لن تخسر سوريا أية قرى كبيرة أو غيرها من الأماكن المأهولة بالسكان ذات الأهمية، وسيزال التهديد المباشر لدمشق، وستحقق القوات السورية تقدماً طفيفاً نحو الغرب، واعتماداً على كيفية إدارة المنطقة منزوعة السلاح، قد يجد بعض السوريين الذين نزحوا عام 1967 أنه من الممكن العودة لأراضيهم السابقة، ومن المحتمل أن يستمر حرمان السوريين من معظم الأجزاء الوسطى والغربية من مرتفعات الجولان.

 

 

وعلى رغم أن دمشق قد تشعر بأنها معرضة للهجوم، ستظل معظم المنطقة تحت النفوذ الإسرائيلي، وسيحتفظ الإسرائيليون بجميع مستوطناتهم الجديدة، ومن المحتمل أن تستمر عملية دمج الجولان في إسرائيل.

بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي فإن الخطة تتضمن التراجع إلى خط وقف إطلاق النار الإسرائيلي عام 1967، وسيكونون مترددين في التنازل عن الأراضي المرتفعة التي حصلوا عليها بشق الأنفس في محيط جبل الشيخ، وسيتم سحب قواتهم مسافة كبيرة تمتد لأكثر من 20 كيلومتراً.

الخطة ب

 ينسحب الإسرائيليون من الشمال إلى موقع جنوب وغرب ذلك الجزء من خط أنابيب النفط تابلاين الذي يمتد من الحدود مع لبنان، وفي الجنوب سيكون موقعهم غرب الجزء الجنوبي من خط وقف إطلاق النار الإسرائيلي عام 1967، ويمتد خط مراقبي الأمم المتحدة على طول الطريق الذي يمتد من بانياس شمالاً عبر القنيطرة إلى نقطة يعترض فيها خط مراقبي الأمم المتحدة في الخطة (أ) الجزء الجنوبي من خط المراقبة.

 

وعلى رغم أن دمشق قد تشعر بأنها معرضة للهجوم، ستظل معظم المنطقة تحت النفوذ الإسرائيلي، وسيحتفظ الإسرائيليون بجميع مستوطناتهم الجديدة، ومن المحتمل أن تستمر عملية دمج الجولان في إسرائيل.

 

 

وسيسمح بوجود القوات السورية في الشمال وإلى الغرب حتى خط وقف إطلاق النار الإسرائيلي السابق (1967)، وفي الجنوب سيمتد خطهم شرقاً على طول خط عرض 33 درجة لمسافة قصيرة ثم جنوباً وشرقاً إلى نوى ومن نوى إلى الحدود الأردنية (يتوافق جزئياً مع الجزء نفسه كما في الخطة أ).

 

 

ومن شأن الطرق أن تسهل الانتشار والدعم اللوجستي لقوة الأمم المتحدة، ولن يخسر الإسرائيليون أياً من مستوطناتهم الجديدة لصالح السوريين، على رغم أن بعضها سيقع في "المنطقة منزوعة السلاح" التي تشرف عليها الأمم المتحدة، وستستعيد سوريا بعض أراضيها المفقودة في الشمال.

ولن يكون أي من الطرفين راضياً تماماً عن هذه الخطة، إذ ينتظر أن يكون الإسرائيليون مترددين في سحب قواتهم العسكرية من الأراضي المفيدة تكتيكياً، كما سيرغب السوريون في استعادة مزيد من أراضيهم السابقة.

الخطة ج

تسحب القوات العسكرية الإسرائيلية بالكامل من مرتفعات الجولان، مع إنشاء منطقة محرومة أو "منطقة عازلة" يتراوح عرضها من نحو ثلاثة إلى 10 كيلومترات على طول جانبها الغربي، وستكون المنطقة المحظورة واسعة بما يكفي للقضاء على خطر القنص من مرتفعات الجولان إلى داخل الأراضي الإسرائيلية.

 

 

وستستعيد سوريا جزءاً كبيراً من أراضيها المفقودة الواقعة إلى الغرب، وسيتخلى الإسرائيليون عن كل مستوطناتهم الجديدة، لكن يبدو من غير المرجح في هذا الوقت أن تتمكن أية حكومة إسرائيلية من الفوز بالانتخابات في إسرائيل بعد تقديم مثل هذا التنازل.

الخطة د

ينسحب الإسرائيليون بالكامل من هضبة الجولان، وتتحول المنطقة بأكملها إلى منطقة منزوعة السلاح، وتتمتع قوات الأمم المتحدة بمرونة أكبر في الحركة ويمكنها ممارسة سيطرة أفضل على المنطقة، وإذا أثبتت الأمم المتحدة قدرتها على حفظ السلام، فستعفى إسرائيل من عبء الحفاظ على قوات الدفاع في المنطقة.

وستكون سوريا سعيدة برؤية انسحاب عسكري إسرائيلي، ومن المحتمل أن يضطر الإسرائيليون إلى التخلي عن مستوطناتهم الجديدة لصالح السوريين العائدين، لكن أيضاً من غير المرجح أن تتمكن أية حكومة إسرائيلية من النجاة من مثل هذا التنازل.

اقرأ المزيد

المزيد من وثائق