Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثائق أميركية: قصف المفاعل النووي العراقي سمح لموسكو بالتغلغل عربيا (4 -5)

القادة السعوديون نظروا بإيجابية إلى دعم واشنطن قرار إدانة إسرائيل في الأمم المتحدة

ووفقاً للتقييم الاستخباراتي الأميركي تعرضت قدرة واشنطن على تعزيز التعاون العربي ضد المعسكر السوفياتي أو جلب العرب والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات لضربة قوية (اندبندنت عربية)

ملخص

تقييم وكالات الاستخبارات الأميركية المشتركة لآثار الهجوم الإسرائيلي على العراق، خلص إلى أن الضربة الإسرائيلية للمفاعل العراقي، قد تكون حدثاً مفصلياً في الشرق الأوسط وتخلق حقائق عسكرية وسياسية جديدة. 

 

في منطقة لا تهدأ فيها التنافسات والصراعات والحروب كان السباق نحو قدرة إنتاج سلاح نووي طموحاً سعت إليه دول عدة، فسبقت إليه إسرائيل في ستينيات القرن الماضي وتمكنت بمساعدة فرنسا من إنتاج عشرات القنابل النووية على رغم أنها لم تعلن ذلك رسمياً. وسعت إليه دول أخرى في الشرق الأوسط في فترات زمنية لاحقة كانت آخرها إيران التي تزعم أن برنامجها النووي سلمي، ومع ذلك بدا للإسرائيليين أن العراق يسير بمساعدة فرنسية إيطالية على نهج مشابه.

ولكن سعيه انتهى في مثل هذا الشهر قبل 43 عاماً حينما قصفت طائرات إسرائيلية في الـ7 من يونيو (حزيران) 1981 مفاعله النووي جنوب بغداد ودمرته جزئياً، مما أحدث تداعيات خطرة ما زال أثرها باقياً حتى اليوم.

وفي سلسلة من خمس حلقات تكشف "اندبندنت عربية" عبر عشرات الوثائق الأميركية التي رفعت عنها السرية من الاستخبارات المركزية والبيت الأبيض والخارجية والأرشيف الوطني، الأجواء التي سبقت ورافقت العملية العسكرية الإسرائيلية التي فاجأت العالم وأثرت في رؤية الدول العربية للولايات المتحدة ودورها في المنطقة.

 

 

وفي الحلقات الثلاث الأولى كشفنا كيف أن الاستخبارات المركزية لم تمتلك دليلاً دامغاً على أن العراق قرر حيازة أسلحة نووية، ولماذا حذرت واشنطن من أن ضرب المنشآت النووية سيكون نكسة خطرة لجهود السلام التي تبذلها بالمنطقة، وحين قصفت إسرائيل مفاعل أوزيراك العراقي نفت الولايات المتحدة علمها المسبق بالضربة وقررت مبكراً أن إسرائيل انتهكت اتفاق استخدام الأسلحة الأميركية في غير الدفاع عن النفس.

ولكن بعد ذلك سعى مجلس الأمن القومي إلى تقديم مبررات للضربة الإسرائيلية للتأثير في قرار الرئيس ريغان، ولهذا تجنبت الإدارة الأميركية تحديد موقفها النهائي واعتزمت استخدام الفيتو لمنع معاقبة إسرائيل في مجلس الأمن، لكنها أبدت استعدادها لإدانة الهجوم.

 

 

وفي الحلقة الرابعة نسلط الأضواء على الوثائق الأميركية التي تكشف مزيداً حول تداعيات الهجوم الإسرائيلي وردود الفعل العربية وتقييم إدارة ريغان لرد فعل الرئيس العراقي صدام حسين، وكيف كانت الضربة الإسرائيلية حدثاً مفصلياً حدد العلاقة الأميركية الإسرائيلية مرة أخرى وجعلها قضية مركزية في السياسة الإقليمية، لكنه أضاف مفاهيم جديدة إلى العلاقات الأميركية العربية.

هل ينتقم العراق؟

في اجتماع شهري عقده كبار المسؤولين في الاستخبارات خلال الـ19 من يونيو 1981 لبحث تداعيات الهجوم الإسرائيلي على المنشأة النووية العراقية في التويثة واحتمالات الانتقام العراقي أو العربي، أشارت مذكرة موجهة من مساعد مسؤول الاستخبارات الوطنية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا إلى مدير الاستخبارات المركزية ونائبه، إلى أن المشاركين في الاجتماع لم يعتقدوا أنه من المحتمل أن يتخذ رد الفعل العراقي صورة هجوم ضد إسرائيل أو الولايات المتحدة.

 

 

ويعود هذا التقييم إلى أن بغداد تعترف بعدم احتمالية النجاح العسكري لمثل هذه المهمة، وأن الرئيس العراقي صدام حسين نفسه كان يرى أنه يقف "إلى جانب الملائكة" بحسب التعبير الأميركي، في إشارة إلى أنه المعتدى عليه الذي لم يخطئ في شيء بينما ينظر إلى إسرائيل بصورة واضحة على أنها دولة منبوذة دولياً، وهو حريص على إدامة هذا التصور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير الوثيقة إلى أن العراق كان يؤكد الخيار الدبلوماسي ومن غير المرجح أن ينزلق مرة أخرى قريباً إلى النمط التاريخي "لدعم الإرهاب" بحسب الوصف الأميركي، ومع ذلك لم تستبعد الوثيقة أن يحاول العراق استخدام الفلسطينيين للانخراط في أعمال إرهابية إذا كانوا على استعداد لتنفيذ أوامر بغداد.

 

 

ورأى المشاركون في الاجتماع أنه من غير المرجح أن تكون هناك محاولة عراقية لتوجيه ضربة قاضية ضد إيران في محاولة لاستعادة هيبة العراق المفقودة، فبغداد ليست لديها الرغبة في القيام بهجوم عسكري، ويبدو صدام حسين حريصاً أكثر من أي وقت مضى على إنهاء الحرب العراقية الإيرانية، ومن المرجح أيضاً أن يواصل صدام جهوده لإصلاح الأمور مع سوريا وبذل جهد صوري مماثل مع ليبيا على رغم أنه لا يتوقع نتائج ذات مغزى مع طرابلس.

 حدث مفصلي في الشرق الأوسط

غير أن أهم وثيقة أميركية تتعلق بتداعيات الهجوم الإسرائيلي على المفاعل النووي العراقي في الدويثة صدرت في الأول من يوليو (تموز) 1981 من وكالة الاستخبارات المركزية، وتتعلق بتقييم وكالات الاستخبارات الأميركية المشتركة لآثار الهجوم الإسرائيلي على العراق الذي خلص إلى أن الضربة الإسرائيلية للمفاعل العراقي قد تكون حدثاً مفصلياً في الشرق الأوسط، وتخلق حقائق عسكرية وسياسية جديدة بعدما أصبحت العلاقة الأميركية الإسرائيلية مرة أخرى قضية مركزية في السياسة الإقليمية، وأضيفت مفاهيم جديدة إلى العلاقات الأميركية العربية.

 

 

ووفقاً للتقييم الاستخباراتي الأميركي تعرضت قدرة واشنطن على تعزيز التعاون العربي ضد المعسكر السوفياتي أو جلب العرب والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات لضربة قوية، إذ تبين للقادة العرب أن منشآتهم العسكرية والاقتصادية ليست بعيدة من متناول القوة الضاربة الإسرائيلية، وبدلاً من جرهم إلى عملية التفاوض لتحقيق سلام مع تل أبيب فإن العملية التي أثبتتها إسرائيل لن تؤدي إلا إلى تسريع سباق التسلح.

طرق بديلة

وفي غياب دور أميركي لكبح جماح إسرائيل التي أعلنت أنها لن تسمح لدولة عربية ببناء قدرات لتصنيع أسلحة نووية، سيقوم القادة العرب بتكثيف بحثهم عن طرق بديلة لدعم أمنهم وحماية مصالحهم مما يمثل فرصة سانحة للاتحاد السوفياتي.

وعدت الوثيقة أن القضية النووية وحدها لها آثار بعيدة المدى إذ أصبح تطوير خيار الأسلحة النووية جزءاً من النقاش العام في الشرق الأوسط، بعدما نجح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشى ديان في تبديد الغموض الذي أحاط بالبرنامج النووي الإسرائيلي بالاعتراف بقدرة إسرائيل على إنتاج الأسلحة النووية، وأوضحت الغارة على العراق التحدي الذي يواجه العالم العربي بعبارات واضحة.

ولهذا اقترح الرئيس العراقي أن تقوم حكومات العالم الثالث بتزويد العرب بردع نووي لقدرات إسرائيل النووية الهائلة، فيما كانت رسالته إلى العرب الآخرين هي أنهم لا يستطيعون التمتع بالأمن ما دام إسرائيل وحدها لديها تهديد نووي.

وتوقع التقييم الاستخباري الأميركي أن يتعاطف غالب دول العالم الثالث مع موقف صدام حسين، بعدما أشار اجتماع أخير لمنظمة الوحدة الأفريقية في نيروبي إلى أن عدداً من المشاركين في المؤتمر ينظرون إلى المفاعل العراقي المدمر باعتباره رمزاً لتطلعات العالم الثالث، مما يضر المواقف العامة تجاه الولايات المتحدة وأن رد الفعل العربي سيشير إلى ما إذا كانت الغارة الإسرائيلية بمثابة نقطة تحول أم لا.

 

 

أما على المستوى الشعبي فتوقع مجتمع الاستخبارات الأميركي أن الغضب العربي سيتجه نحو الولايات المتحدة باعتبارها المسؤولة عن ذلك، وسيوجه اللوم حول صعود إسرائيل إلى القيادات العربية لعدم نجاحها في حماية المصالح العربية.

وفي ظل هذه الضغوط سيسعى بعض الزعماء العرب إلى الحصول على الحماية في الوحدة العربية الغامضة على الدوام، وسيكثفون تكديس أسلحتهم التقليدية وسيبحثون عن طرق جديدة لتقييد القوة الإسرائيلية، وفي بعض الحالات قد يعيدون تقييم علاقاتهم مع واشنطن ويغيرون وجهة نظرهم في شأن الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

ردود الفعل العربية

وتشير الوثيقة الأميركية إلى أنه لم تتم ترجمة الغضب العميق ولا الاقتناع الواسع النطاق داخل العالم العربي بأن الولايات المتحدة متورطة بطريقة أو بأخرى إلى أفعال، فعلى رغم انطلاق دعوات للانتقام من قبل بعض المتشددين العرب ووسائل الإعلام العربية فإن موافقة العراق على القرار التوفيقي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أدى إلى تقويض المطالبات الخاصة باستخدام سلاح النفط، ذلك أن استخدام النفط أو النفوذ المالي يتطلب على أية حال إجماعاً عربياً مماثلاً لذلك الذي توصل إليه في بغداد بعد توقيع مصر على اتفاقيات كامب ديفيد.

تداعيات فورية

وكانت العواقب السياسية المباشرة للغارة على خطوط يمكن التنبؤ بها بحسب مجتمع الاستخبارات الأميركي، فقد تلقى الرئيس العراقي صدام حسين ضربة لمكانته وطموحه في أن يكون زعيماً للعالم العربي وحركة عدم الانحياز، وسيستغرق العراق أعواماً عدة لإعادة بناء منشآته النووية حتى لو وجدت بغداد موردين متعاونين للتكنولوجيا النووية.

ومن بين أهم العواقب المؤلمة المرتبطة بالغارة بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة كان الإضرار بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ونظام الضمانات التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فعلى رغم أن النطاق الكامل للضرر لم يكن واضحاً في البداية فإن الإسرائيليين أثاروا جدلاً حول مدى فعالية نظام الضمانات الأمنية من خلال تبرير غارتهم على أساس أن نظام الضمانات التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية مجرد خدعة.

ولهذا كان من المحتمل أن يكون لهذا النقاش تأثير ضار، ذلك أن نظام الضمانات على رغم عدم قدرته على منع أية دولة من تطوير سلاح نووي فإنه كان من المفترض منذ فترة طويلة أن يكون له قيمة رادعة، لأنه يرفع الكلف السياسية لقرار تطوير الأسلحة.

 

 

في المقابل حصل العراقيون على دعم معظم أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية بسبب القبول العام بأن الضمانات الدولية والثنائية في شأن برنامج العراق كانت كافية للحماية من تحويل المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، لكن تصريحات صدام حول الحاجة إلى توفير قدرة عربية لإنتاج أسلحة نووية كان من المحتمل أن تمنع نقل التكنولوجيا النووية في المستقبل إلى العراق من غالبية أعضاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

الإضرار بالسياسة الأميركية

وبحسب الاستخبارات الأميركية، أضرت الغارة الإسرائيلية بالأساس المنطقي لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط القائمة على التعاون ضد التهديدات القادمة من الاتحاد السوفياتي، إذ توقعت الوثيقة الاستخباراتية أن يعلن الزعماء العرب بقوة أكبر من ذي قبل أن العدوان الإسرائيلي والإحباط في شأن الطموحات الفلسطينية هما القضيتان المركزيتان اللتان تسببان عدم الاستقرار، وأن الولايات المتحدة تملك المفتاح لكلتيهما ولذلك من المرجح أن تقابل طلبات الولايات المتحدة بالتعاون في مواجهة التهديد السوفياتي بمطالب مضادة وليس بالتعاطف.

 

 

وإضافة إلى ذلك فإن الغارة الإسرائيلية على العراق منحت الاتحاد السوفياتي الفرصة لتحسين موقفه في الشرق الأوسط وزيادة تشويه سمعة عملية كامب ديفيد للسلام، إذ شجع السوفيات الرأي القائل بأن الولايات المتحدة متورطة في الهجوم بهدف توحيد العرب ضد واشنطن وتل أبيب، وتوقعت الاستخبارات الأميركية أن تحاول موسكو أيضاً استغلال التوترات الإضافية في العلاقات بين العرب والولايات المتحدة عبر تشجيع الدول العربية المحافظة، مثل الأردن وعلى تعزيز علاقاتها مع موسكو.

 وعلى رغم أن السوفيات كانوا يشعرون بخيبة أمل إزاء التعاون الأميركي العراقي في الأمم المتحدة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي، فإنهم استخدموا الغارة لإظهار الدعم السوفياتي لبغداد بغية عكس تحول العراق نحو الغرب.

ومع ذلك توقع الأميركيون أن يواصل العراق انفتاحه على الغرب رغم الجهود السوفياتية، وبخاصة أنه من غير المرجح أن يغير الاتحاد السوفياتي سياسته الحذرة تجاه توفير التكنولوجيا النووية لدول أخرى، والتي تعود إلى أن تصورات موسكو لأخطار انتشار الأسلحة النووية تتطابق في كثير من النواحي مع المخاوف الأميركية.

كما أن الصادرات النووية السوفياتية عموماً تخضع لضوابط صارمة لا تقل عن تلك المطبقة على عمليات نقل الأسلحة النووية الأميركية.

 مشكلات طويلة الأمد

وتوقعت أيضاً أجهزة الاستخبارات الأميركية أن تثير الغارة الإسرائيلية في العالم العربي شكوكاً عميقة في قدرة الولايات المتحدة أو في نيتها، على لعب دور غير متحيز في صنع السلام في الشرق الأوسط، لأنه في نظر العرب حولت واشنطن إسرائيل إلى قوة عسكرية كبرى تهدد الأمن العربي، ثم رفضت كبح استخدام تل أبيب لتلك القوة وهو شعور سيستغله السوفيات.

ولكن في الوقت نفسه تثبت الغارة للزعماء العرب المعتدلين في الأقل أنهم لا يملكون سوى قليل من البدائل لاستمرار مشاركة الولايات المتحدة في عملية السلام، ومن ثم فإن الغارة ستدفعهم إلى مضاعفة جهودهم للتأثير في سياسة إدارة ريغان في الشرق الأوسط، وبخاصة إذا كانوا يعتقدون أن هذه السياسة ما زالت في مرحلة التكوين.

 خطر الصدمات الجديدة

 وفي حين لم يكن من الواضح أن القيام بعمل عربي قوي ضد المصالح الأميركية أمر مرجح على المدى القريب، فإن الوثيقة الاستخباراتية أشارت إلى أن صناع القرار والرأي العام العربي سيكونون حساسين للغاية تجاه الصدمات الجديدة في عدد من المجالات، وأن الخطر الأعظم هو أن بعض الإجراءات الإسرائيلية الجديدة أو المواقف الأميركية التي يعدها العرب معادية ستتطور قبل أن يهدأ الغضب في شأن الغارة على العراق، وإذا حدثت مثل هذه الأعمال فإن الأخطار التي تهدد مصالح الولايات المتحدة ستتزايد بصورة كبيرة، ويمكن أن تجعل الضغوط على الحكومات العربية للانتقام من الولايات المتحدة لا تقاوم.

وعدت الوثيقة أن الرأي العام المحلي سيكون عاملاً مهماً وأنه من المستحيل التكهن بالتوقيت الذي قد يقرر فيه الزعماء العرب سواء فردياً أو جماعياً، أن بقاءهم السياسي يعتمد على اتخاذ إجراءات أكثر قوة لتهدئة المشاعر الشعبية، وأنه من المحتمل أن تكون الغارة الإسرائيلية على العراق دفعت بعض القادة العرب إلى الاقتراب من هذه النقطة النظرية.

احتجاجات أصدقاء أميركا

وراقبت أجهزة الاستخبارات الأميركية المختلفة ردود الفعل العربية الأكثر سخونة على الغارة من الحكومات في الشرق الأوسط الداعمة للولايات المتحدة بصورة عامة، وافترضت أن كل واحدة منها تعتقد أن علاقاتها بالولايات المتحدة تجعلها عرضة خصوصاً للانتقاد.

الأردن

وعلى سبيل المثال كان رد فعل الأردن عاطفياً للغاية ومعادياً بشدة للولايات المتحدة، إذ دعا عدد من الشخصيات الأردنية البارزة إلى إعادة النظر في علاقات النظام مع الولايات المتحدة، وقالوا إن واشنطن لا بد أن تكون على علم بالغارة مقدماً وأن ارتباط الأردن الوثيق بالولايات المتحدة يشكل إحراجاً ومسؤولية.

ومع ذلك هدأ الغضب الأولي، ومن المرجح أن تظل الروابط مع الولايات المتحدة سليمة إلى حد كبير.

مصر

 وعلى رغم حجب كثير من الفقرات في الوثيقة الأميركية حول ردود الفعل المصرية والسعودية والتي لا تزال سرية، فإن الوثيقة كشفت عن فقرات قليلة ذكرت فيها أن الرئيس المصري أنور السادات بدا مستسلماً لإعادة انتخاب بيغن، وربما يكون مستعداً لاستئناف مفاوضات الحكم الذاتي المتوقفة إذ لا يريد الزعيم المصري أن يعطي تل أبيب أي عذر لرفض إعادة شرق سيناء إلى السيادة المصرية، في أبريل (نيسان) 1982 وفقاً لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

 

 

ومع ذلك رجحت الاستخبارات الأميركية أن الغارة زادت من فرص أن تبحث مصر بعد أبريل عن بدائل جديدة لمحادثات الحكم الذاتي، وتسعى إلى إعادة ترسيخ مكانتها في العالم العربي من خلال تقليص علاقاتها مع إسرائيل بصورة كبيرة، وهذا لا يعني أن تلغي مصر معاهدة السلام لكن السادات قد يكون مستعداً لوقف عملية التطبيع إذا تم استفزازه أكثر.

السعودية

وعدت الاستخبارات الأميركية أن تأثير الغارة على العلاقات الأميركية السعودية لن يكتمل حتى يتمكن القادة السعوديون من تقييم المواقف داخل دوائر صنع القرار، وبين الجمهور السعودي وفي المجالس العربية بصورة أكثر كفاءة، لكنها أشارت إلى أن القادة السعوديين نظروا بإيجابية إلى دعم واشنطن قرار الأمم المتحدة الذي يدين إسرائيل، مما صرف الأسئلة حول قيمة العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة، ورفضت السعودية علناً فكرة التواطؤ الأميركي حول الغارة الإسرائيلية.

العراق

ومن وجهة نظر الاستخبارات الأميركية كان رد فعل صدام حسين على الغارة محكوماً إلى حد كبير بقلقه في شأن الحرب مع إيران، وحاول استخدام المشاعر المعادية لإسرائيل لتحسين علاقات العراق مع سوريا وليبيا الداعمتين العربيتين الرئيستين لإيران، إذ كان يرغب في إنهاء المساعدات العسكرية الليبية والسورية لإيران وإنشاء جبهة عربية قوية ضد طهران والضغط على الإيرانيين للتفاوض على إنهاء الحرب قدر أمله في توحيد العرب ضد إسرائيل، لكن الهدف الأكثر واقعية هو ببساطة كسب تعاطف أكبر مع صراع العراق ضد إيران وإحراج السوريين والليبيين بسبب دعمهم المستمر لطهران.

وفسرت الوثيقة سلوك صدام حسين المعتدل هذا إلى رغبته في تعزيز علاقاته مع الدول العربية المعتدلة، التي دعمت تحركاته بعيداً من موسكو ومساعيه الحربية ضد إيران، كما أن هذا السلوك حظي باستحسان دول أوروبا الغربية والعالم الثالث التي اعتادت على ردود الفعل العراقية الأكثر تطرفاً، إذ سمح صدام حسين بتوجيه انتقادات للولايات المتحدة لدورها في تسليح إسرائيل، لكنه لم يكرر حتى الانتقاد المعتاد للولايات المتحدة في أول خطاب علني له بعد الغارة.

وقد يعكس ضبط النفس هذا تصميمه المستمر على تحقيق التوازن في علاقاته مع القوى العظمى، غير أن الغارة الإسرائيلية إضافة إلى الشكوك العميقة في أن الولايات المتحدة كانت شريكة، عززت موقف البعثيين المتشددين الذين يعارضون ميل صدام حسين الأخير نحو الغرب.

 

 

وقالت الوثيقة إنه من السابق لأوانه الحكم على مدى خطورة الضرر الذي لحق بمكانة صدام حسين في الداخل بسبب الغارة، فقد عارض بعض المسؤولين العراقيين قراره بقبول حل وسط في الأمم المتحدة، وأدت الغارة إلى تفاقم حالة عدم الرضا في شأن الحرب مع إيران.

ليبيا

وسرعان ما رأى الرئيس الليبي القذافي في الغارة فرصة لتجديد أوراق اعتماده الإقليمية من خلال اللعب على موضوع الوحدة العربية في مواجهة العدوان الإسرائيلي والأميركي، إذ تحركت ليبيا بقوة لإعادة العلاقات مع عدد من الدول العربية بما في ذلك المغرب والأردن والعراق والسعودية.

وقدرت الاستخبارات الأميركية الدوافع الكامنة وراء تصرفاته بالخوف من نيات الولايات المتحدة وكذلك من الهجوم الإسرائيلي على ليبيا، ومن أجل تسهيل عودته إلى التيار الرئيس العربي وتحقيق درجة أعظم من الاحترام الإقليمي، وتوقعت أميركا بدرجة محدودة وغير مؤكدة أن يخفف القذافي موقتاً من دعمه أو تخريبه لجيرانه العرب.

اقرأ المزيد

المزيد من وثائق