Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد نحو 8 أشهر على الحرب... هل أنهك الجيش الإسرائيلي؟

تواجه تل أبيب وفق تقارير عسكرية صعوبة في القدرة على الصمود واستمرار الجنود في القتال بالوتيرة نفسها

كشف تقرير إسرائيلي عن أن الجيش يواجه ظاهرة الانتحار خلال الحرب (أ ف ب)

ملخص

قدرة الجيش الإسرائيلي وقوته تراجعتا إلى ما بعد الخط الأحمر الذي حددته هيئة الأركان، بكل ما يتعلق بكمية العتاد الحربي وجنود الاحتياط وقدراتهم على القتال

بعد مرور نحو ثمانية أشهر على اندلاع الحرب في غزة، تواجه إسرائيل، وفق تقارير عسكرية وأمنية، صعوبة في القدرة على الصمود الاجتماعي واستمرار الجيش في القتال بالوتيرة نفسها خلال الأشهر الأربعة الأولى من الحرب، بينما تتراجع قدرته على خوض حرب في الشمال عند الحدود مع لبنان، وفق أكثر من مسؤول أمني وعسكري سابقين، صعدوا تحذيراتهم أمس الأحد، بعد إعلان حركة "حماس" أسر جنود في مكمن في جباليا، على رغم نفي المتحدث باسم الجيش ذلك، مما أثار حال إرباك بين الإسرائيليين، وتزامن بثه مع المواجهات التي شهدتها تل أبيب ومختلف البلدات في إسرائيل، خلال التظاهرات العنيفة التي دعت إليها عائلات الأسرى والداعمون لحملة وقف الحرب فوراً وإعادة الأسرى، إلى جانب أمنيين سابقين وسياسيين ممن يدعون إلى استقالة بنيامين نتنياهو وانتخابات قريبة.

ونظمت هذه المجموعات تحركات شهدت مساء أمس السبت مواجهات وإشعال نيران واعتقالات حتى أعلنت الشرطة فقدان سيطرتها على الوضع، مما اعتبره عسكريون وأمنيون بداية مرحلة جديدة وخطرة، وأنه "إذا لم يحسم متخذو القرار إنهاء الحرب والتوجه إلى صفقة قريبة، فإن إسرائيل أمام مرحلة خطرة". الجنرال المتقاعد إسحاق بريك رد على الأصوات الداعية إلى حرب على لبنان بالقول "نحن جيش صغير. لم ننجح في القضاء على ’حماس‘، فهل سننجح في محاربة ’حزب الله‘ الذي تفوق قدراته العسكرية قدرة ’حماس‘ في غزة أضعاف المرات؟".

تقويض القدرة على الصمود

وتناول بحث معمق 15 استطلاع رأي للجمهور بإشراف معهد أبحاث الأمن القومي، حسم أن المجتمع الإسرائيلي، وفي ظل استمرار القتال واحتدام الشرخ الداخلي والتصدع في المجتمع وداخل المؤسسة العسكرية وبين المؤسستين العسكرية والسياسية، سيكون من الصعب عليه التعافي من الصدمة.

وبحسب العميد (احتياط) مئير اليران، المشرف على البحث، فإن "هجوم حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أدى إلى تقويض قدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود بصورة كبيرة. ويضاف إلى ذلك القتال المتعثر في قطاع غزة ومصير الأسرى ونضال أهاليهم واحتجاجات مختلف شرائح المجتمع، إلى جانب ما يواجهه النازحون الذين تم إجلاؤهم من المستوطنات في الجنوب والشمال من معاناة كبيرة، في وقت يتواصل القتال ضد حزب الله والجبهة المباشرة الناشئة ضد إيران، كما أن عدم أداء الحكومة والنظام السياسي لمهماتهما واحتدام الخلافات داخل الحكومة والخطاب العام السام، كل هذا يشكل تحديات أمام القدرة على الصمود". وحذر معدو هذا البحث من أن "الصورة الحالية في إسرائيل معقدة، ومع استمرار الحرب تتزايد العلامات التي تشير إلى تراجع واضح للصمود الإسرائيلي".

ومن المعطيات التي يشملها هذا البحث، ويعكس وضع الإسرائيليين اليوم:

-92 في المئة من الإسرائيليين كانوا يثقون في بداية الحرب بقدرة الجيش على تحقيق النصر، وتراجعت إلى 64 في المئة حتى مارس (آذار) الماضي.

-انخفاض نسبة الذين يعتقدون بأن أهداف الحرب في غزة ستتحقق، وفقط 10 في المئة من اليهود يعتقدون بأن الجيش قادر على تحقيقها بالكامل أي "النصر الحتمي".

-ثقة الجمهور بالحكومة متدنية لدرجة تراوح ما بين 20 و28 في المئة فقط.

-أما النتيجة الأكثر إثارة للقلق في جانب التضامن، فيتم التعبير عنها من خلال التراجع المستمر في دعم الجمهور اليهودي لهدف الحرب، وهو تدمير نظام "حماس" في غزة.

جيش صغير ومخزون قليل

وإذا كان الوضع داخل المجتمع الإسرائيلي يشهد تصدعاً وتراجعاً في الوحدة الاجتماعية، فإن قدرة الجيش الإسرائيلي وقوته تراجعتا إلى ما بعد الخط الأحمر الذي حددته هيئة الأركان، بكل ما يتعلق بكمية العتاد الحربي وجنود الاحتياط وقدراتهم على القتال.

فتقرير سرّبه مسؤول أمني للموقع الإخباري "مكور ريشون" (المصدر الأول) يشير إلى أن انسحاب الألوية العسكرية وقوات الجيش من غزة بعد أربعة أشهر، ليس لأن الجيش أنجز مهماته القتالية تجاه "حماس" وحقق أهدافه، أو في الأقل نجح ضمن المناطق حيث خاض القتال مثل جباليا وخان يونس وغيرهما، التي عاد إليها في ما بعد وما زال فيها، بل لأن وضع الجيش الإسرائيلي من ناحية القوات المقاتلة والآليات الحربية وما يملكه من عتاد، غير مؤهل لخوض حرب تصل إلى ثمانية أشهر مع حركة "حماس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا المعطى وحده رفع الأصوات الداعية إلى عدم المغامرة بالتصعيد على الجبهة الشمالية مع "حزب الله"، ليس لأن القوات العسكرية غير كافية لمواجهات على جبهتين أو أنها غير مدربة فحسب، بل لأن ما تملكه من عتاد، في الأقل بسلاح البرية لمواجهة صواريخ ومقاتلي "حزب الله"، غير كافٍ كذلك لاستمرار قتالها في غزة، وفق ما أكدته المعطيات وحذر منه الجنرال المتقاعد إسحاق بريك الذي سبق وتبوأ مناصب عدة في سلاح البرية.

ووفق المعطيات التي نشرها "مكور ريشون"، فإن المعارك القاسية في غزة وكمائن "حماس" أدت إلى فقدان كمية كبيرة من العتاد الحربي، تحديداً من المدرعات. ووفق التقرير، "ففي حوزة الجيش الإسرائيلي مدرعات أقل من نصف الكمية التي كانت لديه قبل 10 أعوام، وليس هذا فحسب، بل إنها أقل بكثير من الخط الأحمر الذي وضعته هيئة أركان الجيش الإسرائيلي لكمية العتاد التي يجب أن تكون لدى الجيش في حدها الأدنى".

ويضيف التقرير أن "الجيش الإسرائيلي هو جيش صغير جداً قياساً بالمهمات التي يتعين عليه القيام بها في الجبهات المختلفة"، أي جنوباً تجاه غزة وشمالاً تجاه لبنان.

وإذا كان النقص في العتاد وصل إلى ما بعد الخط الأحمر، فإن نقص الجنود لا يقل خطورة، وبحسب التقرير "النقص بالجنود ملموس في جميع أنحاء الجيش، والنقص الأكبر والأخطر في مستوى الضباط الميدانيين بين قادة الوحدات والسرايا".

أما حال الجنود النفسية بسبب الفترة الطويلة في القتال ومن دون إجازات، فتنعكس بصورة كبيرة ليس على الجنود وكفاءتهم فحسب، بل على المواطنين كذلك، فـ"هؤلاء الجنود يواجهون توتراً هائلاً ولا وقت لديهم للتخلص من أحداث واجهوها بأنفسهم خلال الحرب"، وفق التقرير الإسرائيلي الذي تشير معطياته إلى أن "المعوقين بين الجيش تجاوزوا الـ10 آلاف فيما يرتفع عدد من يعانون أمراضاً نفسية باستمرار، لا سيما أن النقص الكبير في عدد الضباط يقلق جداً قيادة الجيش الإسرائيلي".

وإزاء هذا الوضع، كشف التقرير عن أن الجيش وللمرة الأولى يواجه ظاهرة الانتحار خلال الحرب، وليس بعد الصدمة من الحرب، في جيل يراوح بين 40 و50 سنة، بينما كان ينحصر على جيل العشرينيات والثلاثينيات. وعلى رغم أن الجيش رفض الإعلان عن جميع المعطيات ويسعى إلى إخفائها، خصوصاً في ما يخص هذا الجانب، فإن مسؤولاً فيه قال إن ما لا يقل عن 10 جنود انتحروا خلال حرب غزة.

غير أخلاقيين

ويقول الباحث في مجال التفكير اليهودي والإسرائيلي ميخا غودمان "من مأزق إلى فخ... في أكتوبر خرجنا إلى حرب لإعادة المخطوفين وكسر القدرات العسكرية والسلطوية لـ’حماس‘، وإعادة الأمن لمواطني إسرائيل"، ويضيف أن "الائتمان الذي أعطي لإسرائيل في الحرب انتهى قبل أن تنهي إسرائيل المعركة وتحقق مهماتها. لقد صفينا الائتمان قبل أن نصفي الحركة. والوضع الذي وصلنا إليه هو الأسوأ في العالم، في الغرب نُعتبر غير أخلاقيين، وفي الشرق الأوسط نعتبر غير مهددين".

وفي رد على سؤال ما هو النصر من وجهة نظره؟ يتابع غودمان "هو تحقيق، ولو بالمعقول، أهداف الحرب. الطريق إلى هناك طويل جداً ونجاحه متعلق بعاملين، وحدة صف إسرائيلية وشرعية دولية. إذا لم تكُن إسرائيل موحدة الصف ومصممة، فلا نصر لنا في حرب غزة، وإذا لم يدافع أصدقاء إسرائيل في العالم عنها في الساحة الدبلوماسية ويسلحونها من ناحية عسكرية، فأيضاً لا نصر لنا".

كلمات غودمان والتحذيرات من استمرار الحرب والدعوة إلى التوجه نحو صفقة أسرى فوراً، جاءت على وقع صفارات الإنذار في تل أبيب وبلدات الجنوب بعد أن خلت معظم شوارعها من الناس عقب إطلاق صواريخ من غزة، ويتابع "هذه معادلة حماس اليوم، كلما تعمق الجيش في غزة تخرج الحركة مخزون صواريخها الطويلة المدى، فإطلاق الصواريخ على تل أبيب والجنوب من بعد 800 متر فقط من وجود مقاتلي الجيش الإسرائيلي في غزة، يؤكد من جديد أنه لا وجود لنصر حتمي بعد ثمانية أشهر من القتال، والقضاء على ’حماس‘ بات وهمياً".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير