Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب غزة تضع مستقبل الرياضة الإسرائيلية على المحك

5 أندية تتبع مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي انضمت إلى الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم

من المقرر أن يتخذ مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قراراً في موعد أقصاه 20 يوليو في شأن قبول أو رفض طلب فلسطين، تعليق عضوية الاتحاد الإسرائيلي للعبة (رويترز)

ملخص

قتل ما لا يقل عن 180 لاعب كرة قدم منذ بدء الحرب في غزة، ودمرت كل البنى التحتية الرياضية في القطاع، بينما بينت إحصائية للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، أن الخسائر المادية للرياضة الفلسطينية عقب تدمير الملاعب والمرافق الرياضية المختلفة في قطاع غزة وصلت إلى نحو 20 مليون دولار.

بعد مضي ثمانية أشهر من الحرب على غزة، تتيقن إسرائيل يوماً بعد آخر أنها وسط أزمة استراتيجية عالمية مستفحلة، فالحرب التي أراد منها صناع القرار الإسرائيليون قلب الطاولة على الفلسطينيين ورد الاعتبار لصورة إسرائيل وجيشها ومكانتهم العالمية إثر هجمات "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عادت وفقاً لخطابات وتحليلات سياسيين وأكاديميين ومثقفين إسرائيليين، بنتائج عكسية، ضاعفت من مأزق تل أبيب وزاد من عزلتها، فمع تصاعد مقاطعة دولية جدية، غير رسمية، للأكاديميا الإسرائيلية، ومقاطعة عالمية لأعمال فنية وثقافية وسينمائية، ومنها تصاعد لحركات الاحتجاج الطلابية في الجامعات الأميركية، يواجه الرياضيون الإسرائيليون حالاً متنامية من النبذ العالمي، لم تتوقف عند رفض المنتخب الإيرلندي مصافحة نظيره الإسرائيلي، قبل المباراة الأولى في تصفيات بطولة أوروبا لكرة السلة للسيدات 2025 في عاصمة لاتفيا، ريغا في فبراير (شباط) الماضي، ولا عند تعليق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA)  إقامة أي مباراة ينظمها في إسرائيل "حتى إشعار آخر". فالمبادرة الفلسطينية الأخيرة بطلب تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) والتي من المقرر أن يبت فيها "فيفا" في موعد أقصاه الـ20 يوليو من (تموز) المقبل، تضع مستقبل الرياضة الإسرائيلية على المحك، خصوصاً بعد اتهام إسرائيل في محكمة الجنائية الدولية، بارتكاب جرائم حرب وإبادة في قطاع غزة، وإصدار مذكرات اعتقال ضد قيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية.
وبحسب المادتين "3" و"4" من النظام الأساسي لـ"فيفا"، فإن الاتحاد الدولي للعبة يلتزم بـ"احترام جميع حقوق الإنسان المعترف بها دولياً، ويسعى جاهداً إلى تعزيز حماية هذه الحقوق"، وأن "التمييز من أي نوع ضد بلد أو شخص عادي أو مجموعة من الأشخاص محظور ويعاقب عليه بالإيقاف أو الطرد".
وجاء في وثيقة سياسة "الفيفا" لحقوق الإنسان أن الاتحاد "يسعى جاهداً إلى تجاوز مسؤوليته في احترام حقوق الإنسان، على النحو المنصوص عليه في مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية، من خلال اتخاذ تدابير لتعزيز حماية حقوق الإنسان والإسهام بصورة إيجابية في التمتع بها. وأكدت المادة السابعة من النظام الأساسي أن الاتحاد "سيعمل بصورة بناءة مع السلطات المعنية وأصحاب القرار وسيبذل كل جهده في سبيل الالتزام بمسؤولياته الدولية في مجال حقوق الإنسان". ويتطلب إيقاف اتحاد عضو من قبل مجلس "فيفا" موافقة ثلاثة أرباع الاتحادات الأعضاء الحاضرة والمؤهلة للتصويت والمكونة من 211 اتحاداً. وسبق أن اتخذ المجلس الدولي، إجراءات ضد دول أعضاء بناءً على تصرفات حكوماتها، فجمد مشاركة الأندية الروسية في المسابقات الدولية بعد الحرب الروسية على أوكرانيا في 2022 ولحقها فرض الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA)  حظراً على الأندية الروسية بالمشاركة في مسابقاته. كما أوقف المجلس عام 1994 عضوية يوغوسلافيا، نتيجة للحروب الأهلية في دول البلقان، وجاءت الخطوة آنذاك إثر قرار الأمم المتحدة إصدار عقوبات نتيجة للمجازر المرتكبة في البوسنة والهرسك.

تأثير حقيقي

الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، الذي طالب "فيفا" في أبريل (نيسان) الماضي بفرض عقوبات على نظيره الإسرائيلي، وتعليق نشاطه على خلفية انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان والقانون الإنساني في قطاع غزة حالياً، التي تراوح بين العواقب المباشرة للتفجيرات على الأراضي الفلسطينية ومقتل ما لا يقل عن 180 لاعب كرة القدم، منذ بدء الحرب، وتدمير جميع البنى التحتية الرياضية في غزة، دعا كذلك إلى التصدي لإدراج فرق كرة قدم تابعة لمستوطنات مقامة في الضفة الغربية ضمن الدوري الإسرائيلي، إذ رصد الاتحاد انضمام خمسة من أندية المستوطنات على الأقل إلى الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم. ورغم أن الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم، وصف المطالب الفلسطينية بتعليق عضويته في الاتحاد الدولي بأنها "محاولة ساخرة"، وحث "فيفا" على فصل السياسة عن الرياضة والسماح لمنتخبه بمواصلة محاولة التأهل لبطولة أوروبا للرجال هذا الصيف، فإن المطالب الفلسطينية وفقاً لمحللين قد تحدث تأثيراً حقيقياً، خصوصاً أن كرة القدم الإسرائيلية تمس قطاعات متنوعة، وسيكون لتعليق إسرائيل أصداء عامة غير مسبوقة.

ويرى الكاتب تمير سوريك في مقال نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، "أن مقاطعة المنتخب الوطني الإسرائيلي لكرة القدم تبعث رسالة مفادها أن العمل ليس كالمعتاد، وأن هناك ثمناً لجرائم إسرائيل الدولية، وأن نظام الفصل العنصري غير شرعي". وأضاف "إنها نقطة الضعف في الائتلاف الحالي وخطوة يمكن أن تدق إسفينا بين مكوناته".
وبينت إحصائية للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، أن الخسائر المادية للرياضة الفلسطينية عقب تدمير الملاعب والمرافق الرياضية المختلفة في قطاع غزة وصلت إلى نحو 20 مليون دولار. وأظهرت الأرقام أن ما لا يقل عن ثمانية ملاعب ونحو 30 نادياً دمرت بالكامل. فيما تشير تقديرات المجلس إلى أن أكثر من 6000 لاعب ومدرب وكادر رياضي، فقدوا مصدر رزقهم الوحيد. واتهم المجلس في بيان إسرائيل بتحويل جزء من ملاعب القطاع إلى "مراكز اعتقال وتنكيل وإعدام"، مؤكداً أن ما حدث في ملعب اليرموك بمدينة غزة، حين أجبر عشرات المدنيين على خلع ملابسهم "جريمة واضحة أمام العالم". وأضاف "ترتكب تل أبيب انتهاكات صارخة ضد الرياضة الفلسطينية، ترتقي لجرائم حرب وجرائم ضد القانون الدولي الإنساني".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعليق وطرد

الأصوات المنادية بحرمان إسرائيل من محافل الرياضة الدولية لم تتوقف عند الدعوة الفلسطينية إلى تعليق عضوية إسرائيل في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، فقد وقع أكثر من 37 ألف شخص على عريضة "حركة الديمقراطية في أوروبا 2025" (DiEM25)  تطالب بالإيقاف الفوري لإسرائيل عن المشاركة في جميع الألعاب الرياضية الدولية، حتى تمتثل بصورة كاملة للقانون الدولي والأنظمة الرياضية". ووقع أكثر من 200 رياضي إيرلندي على رسالة مفتوحة، طالبوا فيها المحافل الرياضية الدولية ومعها اللجنة الأولمبية الإيرلندية بالتحقيق في انتهاكات إسرائيل للميثاق الأولمبي وفرض العقوبات عليها. وسبق تلك الخطوات، أن طلبت مجموعة من اتحادات كرة القدم في الشرق الأوسط والتي تمثل 12 دولة، من مسؤولي كرة القدم العالمية "فيفا" و"يويفا" منع إسرائيل من المشاركة في بطولات كرة القدم، وراسلت جميع الاتحادات الوطنية لكرة القدم البالغ عددها 211 والاتحادات الإقليمية الستة لمساندتها، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي تعد إسرائيل عضواً فيه. وهي الخطوة التي على إثرها أصدر عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي، بياناً رسمياً خاطبوا فيه الاتحادين الدوليين "فيفا" و"يويفا" لطرد إسرائيل من لعبة كرة القدم.

ويأتي ذلك في وقت أطلق 300 ناد رياضي ومركز شبابي فلسطيني مع مؤسسات أهلية فلسطينية نداءً طالبوا فيه اللجنة الأولمبية الدولية بمنع إسرائيل من المشاركة في الألعاب الأولمبية ابتداءً من دورتها المقبلة في باريس في يوليو (تموز) المقبل، "حتى تنهي انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، وخصوصاً نظام الفصل العنصري والإبادة الجماعية التي يرتكبها في قطاع غزة"، حسب تعبيرهم، مطالبين "اللجان الأولمبية في الوطن العربي والجنوب العالمي والدول الصديقة" بالانضمام لمطلبهم والضغط على اللجنة الأولمبية الدولية. كما ناشدوا المجتمعات الرياضية حول العالم تبني مطلبهم والضغط على اللجنة الأولمبية الدولية بالطرق المناسبة، بما يشمل التعطيل السلمي المدروس لأنشطة واجتماعات اللجنة. وأشاروا إلى أن "السماح بمشاركة إسرائيل في الألعاب الأولمبية المقبلة، بينما تشن حربها الإبادية في غزة، من شأنه أن يؤشر للمجتمع الدولي بأن اللجنة الأولمبية الدولية راضية عن أفظع جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل". وتتمسك اللجنة الأولمبية الدولية بالتعايش القائم منذ عام 1995 بين اللجنتين الأولمبيتين الوطنيتين الإسرائيلية والفلسطينية، ومبدأ "حل الدولتين" الموروث من عملية "أوسلو" للسلام والذي اعتمده اتحاد "فيفا" أيضاً.


تخوفات إسرائيلية

وبحسب تقرير نشره "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة تل أبيب في وقت سابق، فإن رفض لاعبين من دول عربية وإسلامية وأخرى دولية، منافسة لاعبين إسرائيليين يأتي في إطار "نزع الشرعية عن إسرائيل"، متهماً منظمات مثل "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (BDS) بتوجيه "انتقادات ضد سياسة إسرائيل من خلال معارضة إشراك رياضيين إسرائيليين في مباريات، ومحاولات لإلغاء أحداث رياضية".
ووفق تقرير المعهد، فإن "إسرائيل تحاول محاربة هذه الظاهرة، من خلال التعاون مع دول ومنظمات رياضية في أنحاء العالم، لعلمها أن الأنشطة الرياضة الدولية تتوجه إلى جماهير واسعة، ليس أقل وربما أكثر من الحلبة الدبلوماسية الدولية". وأوصى التقرير بأنه من أجل التمكن من استضافة مباريات دولية في المستقبل، ينبغي على إسرائيل زيادة موازنة وزارة الثقافة والرياضة الإسرائيلية، التي تعد متدنية للغاية قياساً بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، داعياً "إسرائيل إلى زيادة الجهود الاستباقية التي تمارسها بواسطة استخدام حقائق بسيطة من عالم الرياضة، والتي من شأنها أن تدل على أنها مجتمع ديمقراطي وتعددي". وختم التقرير توصياته بأن على إسرائيل "مواجهة حملات ’BDS‘ بواسطة مجتمعات مدنية تقدم الدعم لإسرائيل والرد على أنشطة غايتها وصم إسرائيل". وأضاف "يجب تجنيد أحداث رياضية من أجل بناء جسور متينة لإسرائيل بواسطة بناء شرعية مستقلة لها هدف طويل الأمد".
ومنذ إعلان قيام إسرائيل عام 1948، هددت الدول العربية بمقاطعة الألعاب الأولمبية عام 1948 إذا ما رفع العلم الإسرائيلي في حفل الافتتاح، فيما استبعدت اللجنة الأولمبية الدولية إسرائيل من الألعاب لأسباب فنية. وكان اتحاد إسرائيل لكرة القدم في الفترة بين عامي 1954 و1974، عضواً في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ومنتمياً إلى "فيفا"، إلا أن مقاطعة جامعة الدول العربية لإسرائيل، ورفض دول عربية وإسلامية عدة التنافس ضدها، بلغ ذروته بعد فوز إسرائيل بمرحلة تصفيات كأس العالم عام 1958 لآسيا وأفريقيا دون لعب مباراة واحدة، وهو ما أجبر "فيفا" في عام 1974، على طرد إسرائيل من مجموعة الاتحاد الآسيوي بقرار من الكويت، تبناه الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بغالبية 17 صوتاً مقابل 13 مع امتناع ستة أعضاء عن التصويت. وللالتفاف على الحظر، تم قبول إسرائيل كعضو منتسب في اتحاد الاتحادات الأوروبية لكرة القدم  (UEFA) عام 1992، وتم قبولها كعضو كامل في المجموعة منذ عام 1994.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات