Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الممارسات الوحشية تنقل قتال السودان نحو "الفوضى الخلاقة"

متابعو مواقع التواصل الاجتماعي يطّلعون يومياً على مشاهد وقصص مؤلمة لأفعال وحشية تمارس في ميادين الحرب

قوات الدعم السريع في مقاطعة شرق النيل (أ ب)

ملخص

"أصبح الحديث عن الحرب في البلاد تتغلب عليه الممارسات الخاطئة والشنيعة والانتهاكات المختلفة أكثر مما يجري من معارك، إذ تعج مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات عن عمليات عنف وقتل تمارس بأبشع الصور حتى ضد الأسرى".

فما يحمل قادم الأيام لمصير حرب السودان؟

على رغم أن السودان شهد في تاريخه القديم والحديث حروباً عدة استمر بعضها قرابة أربعة عقود، لكن لم يشهد السودانيون خلالها فوضى وممارسات من قتل ودمار ونهب وسلب واغتصابات، كما حدث في الحرب الحالية المندلعة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، ما أدى إلى موجات نزوح كبيرة من مناطق الصراع إلى الولايات الآمنة وخارج البلاد بخاصة دول الجوار، والتي وصفت بأنها أعلى نسبة نزوح على مستوى العالم.

فالمتابعون لمواقع التواصل الاجتماعي يطّلعون يومياً على مشاهد وقصص مؤلمة لأفعال وحشية تمارس في ساحات وميادين القتال بحق المدنيين والأسرى. فإلى أي مدى ينظر المراقبون لهذا الواقع الأليم وانعكاساته على مجريات هذه الحرب وتطوراتها على المشهد السوداني؟

 

قتل

وفي سياق متصل، قال رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور الصادق علي حسن "أصبح الحديث عن الحرب في البلاد تتغلب عليه الممارسات الخاطئة والشنيعة والانتهاكات المختلفة أكثر مما يجري من معارك، إذ تعج مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات عن عمليات عنف وقتل تمارس بأبشع الصور حتى ضد الأسرى". وأضاف "بات الإعلام من أهم أدوات الطرفين المتحاربين، فالطرفان قدما الشواهد الكافية عن ممارساتهما الوحشية التي تجاوزت نطاق جرائم الحرب إلى الإبادة الجماعية، مثل القتل بأبشع الصور والأدوات وقطع الرؤوس وبتر الأحشاء والتمثيل بجثث القتلى. وبيّن حسن أن "هذه الحرب أصبحت بالفعل عبثية بكل ما تحمل الكلمة من معنى بالنظر لما يمارس فيها من أفعال وحشية، ولهذه الحرب أوجه عدة من شأنها أن تؤدي إلى زعزعة استقرار المواطنين وتعرضهم للتهلكة، ولا سيما القتال المباشر بين الطرفين، وتعطيل أنشطة المدنيين الاقتصادية". وواصل "بالفعل، دخلت الحرب مرحلة الفوضى، لكن التوصيف الصحيح للحالة السودانية أن البلاد تشهد الآن حالة من الحروب الفوضوية التي خرجت عن سيطرة الطرفين المتحاربين وانزلقت في أتون الحروب الجهوية والقبلية". وأكد أنه في ظل هذه الأوضاع الكارثية ستتقدم المشهد السياسي أطروحات التقسيم، "كما أن الخطورة في هذا الأمر أنه لا توجد في ولايات السودان أي مناطق تتوافر فيها مقومات لتأسيس نظم دولة مستقرة، لذلك فإن هذه الحرب سيطول أمدها لتصبح أكثر فوضوية من نموذجي الصومال وليبيا".

وتابع رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور أن "ممارسة الانتهاكات باتت سمة مشتركة بين طرفي الحرب، فمن النماذج، أظهر مقطع فيديو أفراداً يرتدون زي الجيش يحملون رؤوساً تم قطعها من أبدانها وهم يهللون ويكبرون، فضلاً عن أشخاص آخرين يقومون بتقطيع الأحشاء، كما قامت عناصر فريق العمل الخاص التابع للجيش بدخول منازل المواطنين عقب تحرير أحياء أم درمان القديمة وذبح بعض المدنيين بتهم التعاون مع الدعم السريع، وفي المقابل، هناك نماذج عدة مماثلة في البشاعة قامت بها قوات الدعم السريع، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي عدداً من المشاهد الوحشية من قتل وتعذيب بصورة لا تراعي أبسط حقوق الإنسان". وأكد أيضاً أن الحرب أوجدت حالات وظواهر جديدة من الانتهاكات المرتكبة، وأنها تتجه نحو الفوضى العارمة التي من الصعوبة وضع حد لها في ظل هذا الواقع.

جماعات متطرفة

في السياق أيضاً، قال القيادي في حزب الأمة القومي عروة الصادق "في الحقيقة، هذه الحرب غلبت عليها ممارسة كل الفظائع وارتكاب الجرائم الوحشية البشعة من قبل قوات الدعم السريع، فضلاً عن استهداف الطيران الحربي التابع للجيش الشجر والبشر والدواب ومضارب المياه، فكلها مسائل مروعة ومدانة ومستنكرة ومرفوضة، ويشير وجود هذه الممارسات والانتهاكات في حالتنا إلى ازدراء الأديان التي تحرّم قتل الأسير وغير المقاتلين، فضلاً عن عدم احترام قوانين الحرب الدولية وحقوق الإنسان، فهذه الأفعال تعتبر جرائم حرب تستوجب محاسبة المسؤولين عنها، وضرورة اتخاذ المجتمعات والهيئات الدولية إجراءات للحد منها وضمان حماية الضحايا واحترام القوانين الدولية الإنسانية، كما على مجلس الأمن الدولي تفعيل إجراءات مسؤولية الحماية". وتابع الصادق "هذا الانحراف في مسار الحرب يؤكد فرضية بطلان خيار التغيير بالقتال، بالتالي، أي افتراض يقول إن الحرب هي الحل افتراض خاطئ، فعندما تنزلق الحروب نحو الفوضى والانتهاكات الوحشية، يصبح من الصعب السيطرة عليها وتحقيق السلام، وهو ما نراه باتساع رقعة القتال وآثارها في شمال وغرب كردفان، وما آلت إليه الأوضاع في ولاية شمال دارفور وحاضرتها الفاشر التي تشهد معارك ضارية".

وتابع الصادي "انتقال الحرب لهذا المستوى يمكن أن يوصلها سريعاً لمرحلة الفوضى الخلاقة، ما يعني مزيداً من الدمار والضحايا المدنيين". وختم القيادي في حزب الأمة القومي قائلاً "في تقديري، هذا الانزلاق سيمهّد لحالة الفوضى وفتح الباب للجماعات المتطرفة والتدخلات الإقليمية والدولية، ما سيترتب عليه تدمير الهياكل الحيوية والسياسية الاجتماعية والاقتصادية، وإحداث آثار مدمرة على السكان والبنى التحتية، ونهب ثروات المواطنين واستباحة المقدرات، وربما تقسيم البلاد، لذلك من الضروري اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذا الانحراف والعمل على وقف دائم لإطلاق النار واستعادة الاستقرار والسلام في السودان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قطع رؤوس

من جانبه، أشار المتخصص في العلوم السياسية بالجامعات السودانية الزمزمي بشير إلى أن "هذه الحرب التي مرّ عليها أكثر من عام وامتدت إلى ولايات عدة شملت دارفور وكردفان والجزيرة وأطرافاً من وسط البلاد وشماله، وازدادت رقعتها بعد أن كانت محصورة في الخرطوم، تسببت في انتهاكات واسعة من قبل قوات الدعم السريع منذ بداية اندلاعها، من خلال بث مقاطع فيديو مصورة لعدد من أفراد هذه القوات تقوم بإعدام أشخاص في مدينتي الجنينة وزالنجي بدارفور لدى اقتحامها المدينتين، فضلاً عن اختطافها مجموعة من الفتيات، واغتصاب أخريات. كما حدثت من قبل الطرفين، بصورة متفاوتة، حالات تعذيب الأسرى لدرجة القتل".

وأضاف "واضح جداً أن أفراد هذه الميليشيات (الدعم السريع) لم يخضعوا لعمليات تدريب عن كيفية التعامل مع المواطن، بالتالي فإن هذه القوات تجهل حق الأسير والقانون الدولي الإنساني، ولا تعرف مسألة عدم الإفلات من العقاب"، ولفت بشير إلى أن معظم الانتهاكات التي ظهرت في هذه الحرب كانت من طرف "الدعم السريع" لأنها قوات قائمة على الحشد الجماهيري القبلي، "إضافة إلى وجود قوات مرتزقة من دول الجوار الأفريقي، بخاصة أن معظم عناصرها من مرتادي السجون".

وواصل بشير "هذا لا يعني أن قوات الجيش والمستنفرين من أفراد المقاومة الشعبية بريئون من مثل هذه الانتهاكات، فما ظهر من قطع رؤوس لأفراد تابعين للدعم السريع بواسطة عناصر من الجيش يمثل أيضاً انتهاكات". ومضى المتخصص في العلوم السياسية في القول "الأزمة التي يواجهها السودان والتي سبق أن أشارت إليها منظمة اليونيسف هي أن هناك أكثر من خمسة ملايين طفل سوداني خارج نطاق التعليم، بخاصة في المناطق التي تشهد صراعات قبل هذه الحرب، وتشمل مناطق عدة في دارفور، ما جعل كثيرين منهم يشاركون في الحرب الحالية بدلاً من الانخراط في التعليم".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات