Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قراءة في التصويت الاعتراضي اللبناني - الفرنسي بالانتخابات الأوروبية

حل حزب الرئيس ماكرون في المرتبة الرابعة بـ10 في المئة خلف اليمين

الناخبون الفرنسيون من جذور لبنانية انقسمت توجهاتهم وإن مالت لمعاقبة ماكرون (مواقع التواصل)

ملخص

هلل كثيرون في لبنان لنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، فيما انتقدها لبنانيون مقيمون في فرنسا وذكروا بأن حزب ماري لوبان لم يحضر جلسة تخص لبنان في الاتحاد الأوروبي وعارض توصيف "حزب الله" إرهابياً.

شكلت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي صدمة نتيجة تقدم اليمين المتطرف في القارة العجوز، خصوصاً في الدولتين الأقوى بالاتحاد الأوروبي، ألمانيا وفرنسا. ووصف ما حصل بالانقلاب أو الزلزال السياسي، وتوقع بعضهم أن تكون له ارتدادات على السياسات الداخلية للدول الأوروبية وربما الخارجية.

وحصل الاختراق الأهم والأبرز في فرنسا، إذ حصل "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبن على ما يزيد على 33 في المئة من الأصوات، في حين نالت لائحة التحالف السياسي الداعم للرئيس إيمانويل ماكرون 15 في المئة.

وهلل كثيرون في لبنان لنتائج هذه الانتخابات، فيما انتقدها لبنانيون مقيمون في فرنسا وذكروا بأن حزب ماري لوبان لم يحضر جلسة تخص لبنان في الاتحاد الأوروبي وعارض توصيف "حزب الله" إرهابياً، كما كان من أشد الداعمين للحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد. وكثرت التساؤلات في البلد الذي يشكل آخر موطئ قدم لفرنسا في الشرق الأوسط، عن مفاعيل هذه الانتخابات وتأثيرها في الملفات اللبنانية، بدءاً من رئاسة الجمهورية مروراً بالنازحين السوريين وصولاً إلى حرب المساندة لغزة في الجنوب.

مؤشرات متضاربة

وقال الأستاذ في العلاقات الدولية خطار أبو دياب إنه لا إحصاءات ولا استطلاعات رأي يمكن أن تحدد طبيعة تصويت اللبنانيين المقيمين في فرنسا، متحدثاً عن مؤشرات في بعض المناطق الفرنسية كباريس مثلاً التي قد تكون لها دلالاتها بحصول مرشح اليمين الجمهوري فرانسوا كزافييه بيلامي على نسبة كبيرة ومن بينها أصوات اللبنانيين، وفي أماكن أخرى هناك مجموعة من اللبنانيين صوتت لحزبي أقصى اليمين (بارديلا وماريشال)، ومجموعة ثالثة صوتت لجماعات اليسار والخضر، بالتالي فإن الانقسام واضح.

 

 

واستوقفت نتائج تصويت الجالية الفرنسية في لبنان كثيرين، فجاء حزب رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون في المرتبة الرابعة بـ10 في المئة، فيما توزعت أصوات المقترعين في لبنان ومنهم لبنانيون من حملة الجنسية الفرنسية بين 33 في المئة لصالح حزب جان لوك ميلونشون (اليسار الوسط)، و16,97 في المئة لحزب الجمهوريين (اليمين) بقيادة فرنسوا كزافييه بيلامي، وحل حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) بقيادة مارين لوبن في المرتبة الثالثة.

تصويت اعتراضي

ووصف مصدر دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت مشاركة اللبنانيين بالانتخابات بأنه "تصويت اعتراضي" ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسياسته في غزة، إضافة إلى أنهم يعتبرون بأنه لم يتمكن من إحداث أي تغيير في بلادهم الأم.

وكشف المصدر عن أن غالبية المقترعين هم من الأعمار المتوسطة في حين غاب عنصر الشباب، الذين عبروا عن رأيهم في الاعتراض على السياسة العامة للرئيس ماكرون، لكنهم صوتوا لليسار الوسط، في حين كان اللبنانيون تاريخياً مع اليمين الوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت مصادر مطلعة في حديث لـ"اندبندنت عربية" إن معظم الذين صوتوا في لبنان وعددهم 2591 من أصل 18877 مسجلاً، هم في معظمهم من اللبنانيين الحاصلين على الجنسية الفرنسية في الدول الأفريقية الفرنكوفونية ومن الطائفة الشيعية.

وبحسب الأكاديمي خطار أبو دياب المقيم في فرنسا فإن العاطفة هي التي غلبت على الصوت اللبناني الفرنسي وخصوصاً موضوع غزة، ويضيف أنه على رغم أن النسبة التي انتخبت كانت محدودة ولم تتعد15  في المئة، ومن بينهم فرنسيو الأصل ويسكنون في لبنان ويعملون فيه، فإن العاطفة المرتبطة بموضوع فلسطين والبرجوازية الفرنسية من أصل معين هي التي غلبت على تصويت اللبنانيين الأصل.

واعتبر أبو دياب هذا التصويت أنه "عابر وليس نهائياً"، مضيفاً أنه في نهاية المطاف الواضح أن حزب اليمين لا يزال يتمتع بدعم في لبنان وبقاعدة معينة، وكذلك الحزب الاشتراكي، وهذا دليل على حيوية وديمقراطية فيها انعكاس للرأي العام.

وأضاف "إذا كانت مواقف ماكرون الداعمة لإسرائيل إضافة إلى فشل فرنسا منذ عام 2020 في إحداث خرق في أي ملف يتعلق بلبنان، فإن تصويت اللبنانيين المقيمين في فرنسا راعى اعتبارات أخرى وسط انتقاد كثيرين منهم لأحزاب اليمين المتطرف".

هل تتبدل السياسة الأوروبية؟

يستمر الأستاذ في العلاقات الدولية خطار أبو دياب في تحليله مستبعداً أي تغيير في السياسة الخارجية الفرنسية، واعتبر أن تأثير الانتخابات في داخل الدول الأوروبية محدود جداً، مؤكداً أن البرلمان الأوروبي لا يمتلك أصلاً سلطات، وأوروبا ليست كياناً سيادياً، إنما هو برلمان استشاري ويرفع توصيات.

وأعاد التذكير بتوصية رفعها الاتحاد الأوروبي منذ فترة بوضع الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب، وحتى اللحظة لم تطبق أية دولة من أعضاء الاتحاد هذه التوصية بانتظار قرارات الدائرة القانونية في الاتحاد الأوروبي.

ولا تزال الأكثرية في الاتحاد الأوروبي هي نفسها مع (الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي والليبراليون)، كما أن رئيسة البرلمان الحالية روبرتا ميتسولا حافظت على مقعدها، بالتالي من المستبعد حصول أي تغيير على صعيد قرارات الاتحاد الأوروبي أو توصياته، إضافة إلى أن هناك ما يسمى باستمرارية المرفق العام، وبأن القرارات المتخذة لا تتغير بهذه السهولة.

أما بالنسبة إلى فرنسا فالأهم هو في الانتخابات التشريعية التي ستحصل على مرحلتين، ولكن حتى لو وصلت المعارضة ونجح حزب "بارديلا" فإن قضايا الخارجية والدفاع وفق دستور الجمهورية الثالثة تبقى في يد رئيس الجمهورية، بالتالي فإن نسبة التغيير ستكون ضئيلة، بحسب أبو دياب.

 

 

ورأى أن خطابات كل من "بارديلا وماري لوبين ومارشال" في اتجاه المسيحيين الشرقيين تلعب على دغدغة مشاعر بعضهم، كاشفاً عن أن الأحزاب الثلاثة لها خطوط مع الرئيس السوري بشار الأسد، وهم لا يتحدثون ضد سوريا وإيران ولديهم قدرة تأثير مع النظامين السوري والإيراني، بالتالي فإن "بارديلا" الذي يتحدث دائماً عن قضايا المسيحيين في الشرق يمكنه أن يتدخل لدى الرئيس الأسد لإقناعه بإعادة النازحين السوريين الموجودين في لبنان، لا شك أن الصلاحيات ستبقى في يد الرئيس إيمانويل ماكرون للسنوات الثلاث المتبقية من عهده، لكن هامش المناورة لديه سيتراجع بعد هذه الهزة الداخلية.

من وجهة نظر نائب لبناني فرنسي

في السياق نفسه تحدث النائب اللبناني سيمون أبي رميا حامل الجنسية الفرنسية رئيس لجنة الصداقة مع مجلس النواب الفرنسي والمشارك في عضوية لجنة الصداقة مع البرلمان الأوروبي، شارحاً أن اليمين المتطرف حقق تقدماً بشكل عام، إلا أن موازين القوى على مستوى الاتحاد الأوروبي لم تتبدل ولا تزال الأكثرية مع الأحزاب الوسطية نفسها.

وأضاف أبي رميا "يعني ما سبق أنه لن يحصل تغيير دراماتيكي أو جذري على مستوى السياسات التي ستتخذ في البرلمان الأوروبي"، مؤكداً أنه بالنسبة إلى الملفات اللبنانية وفي مقدمها ملف النازحين السوريين، فإن التطور الإيجابي الذي كان بدأ قبل الانتخابات مع التوازنات السابقة لجهة تفهم الموقف اللبناني سيستمر.

واعتبر النائب اللبناني - الفرنسي أن التصويت في فرنسا كان سياسياً داخلياً وليس أوروبياً، بمعنى أن الناخب الفرنسي غلبت حساباته الداخلية على البعد الأوروبي للانتخابات، فعاقب الرئيس ماكرون معترضاً على سياساته الداخلية، وخصوصاً بعد تراجع القدرة الشرائية وموضوع الهجرة واللااستقرار وازدياد الخوف على الهوية الفرنسية وعدم اندماج اللاجئين في المجتمع المحلي.

وعن تأثير تقدم اليمين المتطرف في فرنسا على سياساتها الخارجية استبعد أبي رميا أي تغيير مذكراً بأن النظام الفرنسي هو رئاسي بالتالي فإن الدفاع والسياسة الخارجية تبقى في يد الرئيس ماكرون، وحتى لو نجحت الأحزاب المتطرفة في الانتخابات الفرنسية في الـ30 من يونيو (حزيران) الجاري وفي السابع من يوليو (تموز) المقبل، فلا يتوقع أن يحصل أي تغيير جذري في سياسة فرنسا الخارجية.

ورداً على علاقاتها بسوريا وروسيا، شرح أبي رميا أن الأحزاب اليمينية اختارت الرئيس بشار الأسد على تنظيم "داعش"، لكنها بعد حصولها على نسبة متقدمة في الانتخابات الأخيرة حرصت على اتخاذ مواقف شبيهة بمواقف ماكرون، في حربي أوكرانيا وغزة.

المزيد من متابعات