Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستزيد الانتخابات الهندية نفوذ الولايات المتحدة في جنوب آسيا؟

تستغل واشنطن التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تواجهها الهند وباكستان لتحقيق أهدافها الاستراتيجية

عاد مودي مرة أخرى إلى سدة الحكم لكنه لا يتمتع بنفس الشعبية والقوة السياسية بعد الانتخابات الأخيرة (أ ف ب)

ملخص

أنتج التحالف الأميركي المتنامي مع الهند من جهة والعلاقة المتدهورة بين الصين وباكستان من جهة أخرى، بيئة مواتية لتمكين واشنطن من تحقيق أهدافها الاستراتيجية في جنوب آسيا.

نجح حزب بهارتيا جناتا في تشكيل الحكومة في الهند للمرة الثالثة لكنها أخفقت في الحصول على الغالبية البسيطة، مما يعني أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي سيضطر إلى الاعتماد على تحالف أحزاب لإكمال فترة ولايته الثالثة.
وسيكون لتشكيل حكومة ائتلافية في الهند بقيادة رئيس وزراء لا يتمتع بصلاحيات كاملة، تبعات جيوسياسية على المنطقة التي تعج بالصراعات المحلية والمنافسات العالمية، إذ تحاول الولايات المتحدة كبح جماح الاقتصاد الصيني بمساعدة الهند من جهة بينما تحاول الصين توسيع مشاريعها التنموية من جهة أخرى، وتحاول باكستان وأفغانستان في الوقت نفسه التحرر من أغلال العمليات الإرهابية التي تمنعهما من التقدم الاقتصادي.

تحديات داخلية


ويتوقع أن يزيد اعتماد الحكومة الهندية على الولايات المتحدة نظراً للتحديات الداخلية التي ستواجهها، بينما سيضمن فوز مودي استمرار التحالف الاستراتيجي المتنامي بين دلهي وواشنطن وتعميق العلاقات الاستراتيجية لاحتواء الصين التي تواجه مشكلات متزايدة على المستوى الإقليمي، إذ توترت علاقاتها مع شريكها القديم باكستان بسبب التقدم البطيء في مشروع الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، وزيادة الهجمات الإرهابية على المشاريع الصينية والمواطنين الصينيين داخل باكستان.
وفي الوقت ذاته أنتج التحالف الأميركي المتنامي مع الهند من جهة والعلاقة المتدهورة بين الصين وباكستان من جهة أخرى، بيئة مواتية لتمكين واشنطن من تحقيق أهدافها الاستراتيجية في جنوب آسيا.
ويذكر أن أولويات الولايات المتحدة تغيرت بصورة كاملة نظراً للتغييرات الاقتصادية والاستراتيجية التي تشهدها المنطقة، إذ لم يعد توازن القوى في المنطقة بين باكستان والهند أمراً مهماً لدى واشنطن بسبب الفوارق الاقتصادية الهائلة بين الجانبين، والسياسات الخارجية التي تتبعها كل من نيودلهي وإسلام آباد، إضافة إلى أن المصالح الأميركية الاستراتيجية طويلة الأمد في احتواء الصين تتشابك مع مصالح الهند بينما تميل باكستان إلى المعسكر الصيني من الناحية المالية والعسكرية.

باكستان لا تشكل خطراً على الهند

وتضاءلت الأهمية الاستراتيجية لإسلام آباد بالنسبة إلى واشنطن بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان في أغسطس (آب) 2021 إذ تلقي الولايات المتحدة اللوم على باكستان في هزيمتها بأفغانستان، وترى أن ظهور موجة إرهاب جديدة في باكستان هي نتيجة طبيعية لسياستها الداعمة لـ"طالبان" في أفغانستان.
ومن ناحية أخرى لم تعد واشنطن تأبه بخطر تدهور العلاقات بين القوتين النوويتين باكستان والهند، نظراً للمشكلات الاقتصادية التي تواجهها باكستان واعتمادها على صندوق النقد الدولي لتجنب العجز الاقتصادي مما أعطى الولايات المتحدة مساحة أكبر للتركيز على أهداف استراتيجية أخرى في المنطقة، بل إن تجديد اتفاق وقف إطلاق النار على الحدود الباكستانية - الهندية بين الدولتين خلال عام 2021 ساعد باكستان أيضاً على التركيز على التهديد الإرهابي المستمر من الحدود الأفغانية، بينما استغلت الهند فترة الهدوء في نقل بعض قواتها من كشمير إلى الحدود مع الصين في منطقة الهيمالايا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتريد الولايات المتحدة الحفاظ على الوضع الراهن في العلاقات الهندية الباكستانية من أجل ضمان عدم تورط الهند على جبهتين عسكريتين، وحتى لا تنشأ أزمة عسكرية مع الصين وباكستان في آن واحد.
وتشكل البيئة الاستراتيجية الحالية في جنوب آسيا وضعاً مثالياً للولايات المتحدة لتعزيز مصالحها الاستراتيجية واستغلال المخاوف التي تواجهها باكستان والهند لتحقيق أهدافها. وعلى سبيل المثال تستغل الولايات المتحدة المخاوف الهندية من التورط في جبهتين بصورة كبيرة لتعزيز تحالفها المناهض للصين، كما أن فشل المحادثات بين الهند والصين التي امتدت إلى 20 جولة في حل خلافاتهما زاد من اعتماد دلهي على واشنطن.
ومن ناحية أخرى وعلى نحو مماثل تعتمد باكستان على واشنطن في محادثاتها مع المؤسسات المالية الدولية التي تلجأ إليها إسلام آباد بين الفينة والأخرى بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، وساهمت الولايات المتحدة في تأمين حزمة قروض من صندوق النقد الدولي لباكستان.

علاقة واشنطن مع إسلام آباد ونيودلهي

وتتمحور العلاقات الأميركية - الباكستانية حول نقطتين رئيستين إحداهما ترتبط بعلاقة الصين بباكستان، إذ طالبت الولايات المتحدة باكستان أكثر من مرة بعدم استخدام قروض صندوق النقد الدولي لسداد ديونها للصين، وإعادة التفاوض على شروط شراكتها مع شركات الطاقة الصينية على كلفة إنتاج الطاقة وجعلها منافسة للشركات المحلية.

والنقطة الأخرى التي تهتم بها الولايات المتحدة في علاقتها مع باكستان هي الوضع الأمني في أفغانستان والمخاوف من ظهور جماعات إرهابية في المنطقة مرة أخرى، إذ تراقب واشنطن موجة الإرهاب في أفغانستان وبخاصة الهجمات التي تشنها حركة "طالبان الباكستانية" وتنظيم "داعش خراسان".
وأجرى الجانبان محادثات لتنسيق سياساتهما حول مكافحة الإرهاب إذ تشكل حركة "طالبان" الباكستانية مصدر القلق الأكبر بالنسبة إلى إسلام آباد، فيما تنظر واشنطن إلى قدرة "داعش خراسان" على شن هجمات خارج أفغانستان بقلق كبير، إذ تعتقد أن ذلك تنظيم قد يتجرأ على شن هجوم إرهابي على الأراضي الأميركية من أفغانستان خلال الأشهر المقبلة.
وبخلاف العلاقات الأميركية - الباكستانية التي تنحصر في الأمور الأمنية واعتماد باكستان على الصين تتمتع الولايات المتحدة بعلاقة متعددة الأوجه وأكثر تنوعاً وشمولاً مع الهند، إذ تتبنى الدولتان وجهة نظر مشتركة ضد الصين، وتعتمد الهند على الولايات المتحدة والدول الغربية في هذا السياق بسبب رغبتها في أن تصبح مركزاً للاقتصاد العالمي بدلاً من الصين.
ووفرت رغبة الغرب في نقل مستودعاته ومراكزه الصناعية من الصين لضمان مرونة عمل سلاسل التوريد، فرصة للهند التي تمثل موقعاً بديلاً مثالياً للمصانع الغربية الكبرى بسبب اقتصادها المزدهر وكلف العمالة الرخيصة، إضافة إلى قربها من الولايات المتحدة.
ويمكن التوقع في ظل الأوضاع الراهنة وتقلبات المصالح الاستراتيجية أن المنطقة ستشهد وضعاً معقداً من التحالفات والخصومات بين القوى الإقليمية والعالمية في المستقبل القريب، وينبغي على باكستان في مثل هذه الأجواء أن تتجنب الوقوف مع محور ضد الآخر وتسعى إلى إصلاح اقتصادها والسيطرة على التهديدات الأمنية.

نقلاً عن اندبندنت أوردو

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات