ملخص
شهدت سوريا تجدداً لأعمال العنف في الأسبوع الماضي بعد 4 أعوام من الهدوء النسبي، مع سيطرة "هيئة تحرير الشام" وفصائل متحالفة معها على أراض خاضعة لسيطرة الحكومة في شمال البلاد.
بدأ جيش النظام السوري اليوم الأربعاء "هجوماً معاكساً" ضد فصائل المعارضة في محافظة حماة بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، تمكن خلاله من إبعاد تلك الفصائل التي حققت تقدماً واسعاً في شمال البلاد إثر هجوم بدأ الأسبوع الماضي.
وقال المرصد إن "هيئة تحرير الشام" والفصائل المتحالفة معها "فشلت في السيطرة على جبل زين العابدين قرب مدينة حماة إثر معارك طاحنة مع قوات النظام التي شنت هجوماً معاكساً بعد منتصف ليل الثلاثاء-الأربعاء، بدعم جوي"، ما مكنّ الجيش من إبعاد الفصائل "عن مدينة حماة نحو 10 كيلومترات".
الدعم الروسي
في الموازاة، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن موسكو تدعم بقوة إجراءات القيادة السورية لمواجهة هجمات يشنها من وصفتهم بأنهم "جماعات إرهابية".
وقالت زاخاروفا إن التقدم الذي أحرزته قوات المعارضة السورية في الأيام القليلة الماضية لم يكن ممكناً دون دعم وتحريض من الخارج. وأضافت أن قوات المعارضة السورية حصلت على طائرات مسيرة وتدريب من الخارج.
واتهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أمس الثلاثاء، أوكرانيا بتقديم دعم عسكري لعناصر "هيئة تحرير الشام"، الفصيل الذي يقود مع حلفائه هجوماً ضد القوات السورية في شمال غربي سوريا.
وقال نيبينزيا في اجتماع لمجلس الأمن الدولي لبحث التصعيد في سوريا "نود لفت الانتباه خصوصاً إلى وجود آثار يمكن التعرف عليها تشير إلى ضلوع المديرية الرئيسة للاستخبارات الأوكرانية في تنظيم الأعمال العدائية وتزويد المقاتلين بالأسلحة في شمال غربي سوريا".
وأضاف، "نشير إلى تحديد هوية مدربين عسكريين أوكرانيين (...) كانوا يدربون مقاتلي هيئة تحرير الشام على العمليات القتالية".
وشدد السفير الروسي على أن "مقاتلي هيئة تحرير الشام لا يخفون حقيقة أنهم مدعومون من أوكرانيا فحسب، بل يتباهون بذلك"، متهماً أوكرانيا بتزويدهم بطائرات مسيرة على وجه الخصوص.
وأضاف، أن "التعاون بين الإرهابيين الأوكرانيين والسوريين المدفوعين بالكراهية لسوريا وروسيا مستمر لتجنيد مقاتلين في القوات المسلحة الأوكرانية وتنظيم هجمات ضد القوات الروسية والسورية في سوريا"، بحسب تعبيره.
اشتباك روسي - أميركي
اشتبكت روسيا والولايات المتحدة في الأمم المتحدة الثلاثاء، حيث اتهمت كل منهما الأخرى بدعم "الإرهاب" خلال اجتماع لمجلس الأمن انعقد بسبب التصعيد المفاجئ للقتال في سوريا.
ودعا روبرت وود نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة إلى خفض التصعيد في القتال في سوريا وحماية المدنيين. كما عبر عن قلقه من أن الهجوم تقوده "هيئة تحرير الشام". واتهم وود قوات الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا بالتسبب في "سقوط ضحايا مدنيين في الهجمات على المدارس والمستشفيات"، قائلاً إن "حقيقة إدراج الولايات المتحدة والأمم المتحدة هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية لا تبرر مزيداً من الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد وداعموه الروس".
وفي تصريحات موجهة إلى وود، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، "ليس لديك الشجاعة للتنديد بهجوم إرهابي واضح على المدنيين المسالمين في المدن السورية المسالمة". ورد وود متهماً نيبينزيا بأنه "ليس في وضع يسمح له بإلقاء محاضرات علينا في شأن هذه القضية" لأن موسكو "تدعم الأنظمة التي ترعى الإرهاب في جميع أنحاء العالم". وأضاف، "الولايات المتحدة حاربت آفة الإرهاب على مدى عقود وستواصل فعل ذلك".
أبواب حماة
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء، بأن عناصر "هيئة تحرير الشام" والفصائل المتحالفة معها باتوا "على أبواب" مدينة حماة في وسط سوريا، فيما أكد الجيش أنه أرسل تعزيزات.
وتشن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل معارضة متحالفة معها منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجوماً مباغتاً في شمال غربي سوريا أطلقت عليه اسم "ردع العدوان". وسيطرت هذه القوات على عشرات البلدات وعلى قسم كبير من حلب، ثاني أكبر مدينة في سوريا، وتواصل تقدمها جنوباً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح المرصد أن "قوات ردع العدوان باتت على أبواب مدينة حماة (...) التي شهدت موجة نزوح كبيرة نتيجة لاحتدام المعارك في محيط المدينة"، مشيراً إلى أنها تعرضت "لقصف صاروخي من قبل هيئة تحرير الشام والفصائل العاملة معها".
من جهتها، نقلت وكالة "سانا" الرسمية للأنباء عن مصدر عسكري قوله، إن "تعزيزات عسكرية كبيرة وصلت إلى مدينة حماة لتعزيز القوات الموجودة على الخطوط الأمامية والتصدي لأي محاولة هجوم قد تشنها التنظيمات الإرهابية المسلحة".
وأضافت، أن "قواتنا المسلحة موجودة على أطراف المدينة"، و"يتم العمل على استعادة عدد من المواقع والبلدات التي دخلتها التنظيمات الإرهابية المسلحة".
وبحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقراً ويعتمد على شبكة كبيرة من المصادر في سوريا فقد "نزحت عشرات العائلات" من مناطق عدة في ريف حماة الغربي والشمالي.
وتمكنت الفصائل من السيطرة على مدن وبلدات عدة في ريف حماة الشمالي "بعد اشتباكات عنيفة مع قوات النظام".
جبهة جديدة
وفي وقت سابق، قالت قوات الحكومة السورية وتحالف يقوده الأكراد وتدعمه الولايات المتحدة، إن مسلحين من التحالف اشتبكوا في قتال مع قوات حكومية في شمال شرقي البلاد لتنفتح جبهة جديدة على طريق إمداد حيوي.
واستيلاء المعارضة على حلب، أكبر مدينة في سوريا قبل الحرب، كان أكبر هجوم منذ سنوات.
وتجمدت خطوط المواجهة في الصراع منذ عام 2020 بعد أن استعاد الرئيس السوري بشار الأسد معظم أنحاء البلاد من المعارضة بفضل مساعدة القوة الجوية الروسية والمساعدة العسكرية من إيران وشبكتها من الجماعات المسلحة.
ولكن الآن تركز روسيا على الحرب في أوكرانيا، في حين أدت الضربات الإسرائيلية على مدى الأشهر الثلاثة الماضية إلى تدمير قيادة "حزب الله"، أقوى قوة مدعومة من إيران تقاتل في سوريا.