Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العقارات غير المباعة في الصين حفرة عميقة تمتص المال

391 مليون متر مربع من الوحدات السكنية غير مأهولة في البلاد حتى أبريل الماضي

قيمة المخزون غير المباع من المنازل في الصين سجل أكثر من 620 مليار دولار (أ ف ب)

ملخص

تخمة العقارات الخاملة تمثل صداعاً في رأس الحكومة الصينية، إذ إنها تسبب اضطراباً وتوتراً لثاني أكبر اقتصاد في العالم

في مختلف أنحاء الصين، من العاصمة بكين في الشمال إلى شنتشن في الجنوب، تظهر ملايين المنازل المبنية حديثاً غير مأهولة، إذ إن ما يقارب من 391 مليون متر مربع من العقارات السكنية غير المباعة في الصين حتى أبريل (نيسان) الماضي، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء.

ملايين الأمتار المربعة غير المأهولة بالسكان تعادل تقريباً مدينتي مانشستر وبرمنغهام مجتمعتين في بريطانيا.

إلى ذلك، فإن تخمة العقارات الخاملة تمثل صداعاً في رأس الحكومة الصينية، إذ إنها تسبب اضطراباً وتوتراً لثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعدما أثارت التساؤلات حول الغرض من بناء هذا الكم من المنازل في دولة كان ينظر فيها إلى الاستثمار العقاري على أنه رهان آمن.

ومنذ أن دخل القطاع العقاري في حالة من الفوضى في عام 2020، بسبب الوباء والحملة التنظيمية المفاجئة، كانت تلك الصناعة تغذي نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد قبل الجائحة.

ويكمن جوهر المشكلة في أنه مع اهتزاز الثقة في الاقتصاد وفشل كبار مطوري العقارات في تسليم الشقق المدفوعة الأجر، فإن مشتري المنازل المحتملين يبقون أموالهم خارج السوق.

في غضون ذلك، وفي منشور حديث على موقع "ويبو"، كتب أحد المستخدمين "في هذا البلد السحري فإن الاستثمار يعادل المقامرة، فبغض النظر عما تستثمره سواء كان ذلك شراء منزل أو فتح متجر صغير إذا خسرت المال أو أفلست فلا علاقة لذلك بالبلد، فكل هذا خطأك لأنك تريد المقامرة "، قبل أن يحظر المنشور بعدها.

وجربت السلطات المحلية أساليب مختلفة لتشجيع الناس على الاستثمار في سوق العقارات مرة أخرى، إذ تقدم مدينة شنيانغ شمال شرقي الصين دعماً بقيمة 100 يوان (14 دولاراً) للمتر المربع لبعض مشتري المنازل، في حين تقدم مدينة كايفنغ بمقاطعة خنان بوسط الصين استرداد ضريبة الدخل لأي شخص يشتري عقاراً جديداً خلال عام من بيع عقاره القديم، أيضاً تشجع مدينة تشانغسا عاصمة مقاطعة هونان، المطورين على تقديم المبالغ المستردة من دون طرح أسئلة لودائع الإسكان إذا غير المشتري رأيه في غضون سبعة أيام.

لكن كل المحاولات باءت بالفشل، ففي الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) الماضيين، انخفضت مبيعات العقارات السكنية المبنية حديثاً بأكثر من 30 في المئة عن العام الماضي.

وهذه مشكلة كبيرة خصوصاً بالنسبة لشركات التطوير العقاري المثقلة بالاستدانة بالفعل، التي أصبحت أموالها الآن مقيدة بمخزون من المساكن غير المباعة، الأمر الذي يدفع المطورين إلى حافة الإفلاس.

"التحفيز الحكومي قطرة في محيط"

وفي ظل الوضع العقاري القاتم اضطرت الحكومة إلى التدخل، ففي الشهر الماضي، كشف بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) عن تدشين صندوق إعادة إقراض بقيمة 300 مليار يوان (42.1 مليار دولار) لدعم الحكومات المحلية والشركات المملوكة للدولة لشراء الأسهم غير المباعة وتحويلها إلى إسكان بأسعار معقولة وخفض البنك المركزي الحد الأدنى للدفعة المقدمة المطلوبة للمشترين المحتملين.

وعن ذلك، قال المسؤول في بنك الشعب الصيني تاو لينغ إن "الشركات المحلية المملوكة للدولة ستشجع على استخدام الأموال لشراء منازل بأسعار معقولة وتحويلها إلى أماكن إقامة بأسعار معقولة".

لكن المحللين يقولون إن التحفيز (الأكثر قوة الذي تقدمه بكين حتى الآن) سيكون قطرة في محيط مقارنة بمشكلات قطاع العقارات، خصوصاً أن الحكومات المحلية المثقلة بالفعل بديون بقيمة 13 تريليون دولار، ستكون غير قادرة على الإنقاذ عندما تتعرض أيضاً لضغوط الموازنة.

وتعليقاً على ذلك، قال كبير الاقتصاديين في بنك "هانغ سينغ" دان وانغ إلى صحيفة الـ"غارديان"، إن "حجم هذه السياسة صغير جداً في الواقع، بحيث لا يوفر مزيداً من الإسكان بأسعار معقولة للأشخاص الذين يحتاجون إليه"، مشيراً إلى أن هذه السياسة تدور حول احتواء الأخطار بالنسبة لمطوري العقارات أكثر من تعزيز سوق الإسكان.

أما المدير الإداري لشركة "أورينت كابيتال ريسيرش" للأبحاث المالية أندرو كولير فقال إلى الصحيفة إن "المحاولات السابقة لإعادة تطوير الإسكان العشوائي في المدن الصينية المترامية الأطراف واجهت صعوبات بسبب الفساد والافتقار إلى القدرة المالية على الاستمرار لدى السلطات المحلية"، مضيفاً "على رغم أن الإرادة قد تكون موجودة في الحكومة المركزية، فإن الحكومات المحلية التي وزعت الأموال بالفعل في البرنامج السابق في وضع مالي أضعف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "بينما يسعى هؤلاء اللاعبون المحليون بشدة إلى إثبات قدرتهم على الاستمرار في تحقيق النمو فإنهم سيواجهون صعوبات مع أولويات أخرى ولن يرغبوا في إضافة التزامات ديونهم إلى استثمارات لن توفر أي أرباح طويلة الأجل".

في العام الماضي، لم يحظ المخطط التجريبي الذي يشمل ثماني مدن إلا باهتمام ضئيل وفي كثير من الأحيان لا ترى السلطات المحلية أن مبادرات الإسكان الميسور الكلفة مجدية تجارياً، وأشارت تقارير وسائل الإعلام الحكومية إلى أنه استُخدم جزء صغير فحسب من مبلغ 100 مليار يوان (13.8 مليار دولار) الذي تم توفيره في المخطط التطوعي.

ويتوقع المحللون أن يكون المخطط الوطني باهتاً كذلك، حتى لو كانت الحكومات المحلية راغبة في جمع كل أو معظم المساكن الشاغرة، فإن الإقراض المتاح حديثاً لن يكون كافياً.

واستناداً إلى متوسط ​​سعر المتر المربع للمنازل المبنية حديثاً في الصين، تبلغ قيمة المخزون غير المباع أكثر من 4.3 تريليون يوان (620 مليار دولار).

لا يوجد طلب حقيقي في السوق

من جانبها، قالت كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في بنك "ناتيكسيس الاستثماري" أليسيا غارسيا هيريرو، إن "السلطات تعلم أنه لا يوجد طلب حقيقي في السوق على العقارات غير المبيعة، في حين أن تسهيلات إعادة الإقراض هي مجرد وسيلة لتجنب المشكلات الإضافية".

وتوقعت هيريرو إصدار مزيد من قرارات الإصلاح المالي لتعزيز تأثير السياسة"، مرجحة أن يكون ذلك خلال اجتماع الجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في يوليو (تموز) المقبل.

وكجزء من الجهود الرامية إلى تهدئة سوق الإسكان، شددت الحكومة على شعارها القائل إن "المنازل للعيش فيها، وليست للمضاربة".

وبهذا المقياس حققت الحكومة بعض النجاح إذ يبلغ متوسط ​​الوقت المستغرق لبيع منزل جديد في أغنى مدن الصين الآن أكثر من عامين، مقارنة بأقل من 10 أشهر في عام 2017، أما في العاصمة فيبلغ متوسط ​​الوقت المستغرق للبيع نحو أربعة أعوام.

لكن السوق أصبحت الآن باردة جداً، إذ قال كولير "ليس لدى الحكومة المركزية كثير من الخيارات لتغيير سوق العقارات"، مستدركاً أنها "حفرة عميقة تمتص المال".