Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تهميش منظمة التحرير يفقد الفلسطينيين بوصلة وحدتهم

تعامل عرفات وعباس مع السلطة كجسم موقت على أمل الانتقال إلى الدولة

رئيسا السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات والحالي محمود عباس (مواقع التواصل) 

ملخص

في دلالة على تهميش منظمة التحرير ومؤسساتها لم ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني (البرلمان) سوى ثلاث مرات خلال العقود الثلاثة الماضية، بمعدل اجتماع كل 10 سنوات.

تحولت منظمة التحرير الفلسطينية إلى مؤسسة "مهمشة ومحدودة التأثير" بعد 60 سنة على تأسيسها، لكي تكون الكيان السياسي للفلسطينيين، وتمكنهم من استعادة حقوقهم الوطنية، وتوحيد صفوفهم.

لكن السلطة الفلسطينية التي أنشئت قبل 30 سنة كنواة لدولة فلسطين، وجسر بين المنظمة والدولة، استولت على صلاحيات منظمة التحرير، وتمثيلها "الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني".

وتعاملت القيادة الفلسطينية بزعامة الراحل ياسر عرفات ثم محمود عباس مع السلطة الفلسطينية كجسم موقت على أمل أن ينقلهم إلى الدولة، فيما عملت إسرائيل على جعلها حكماً ذاتياً للفلسطينيين بصورة دائمة.

ومع أن منظمة التحرير الفلسطينية أمضت الـ30 سنة الأولى من عمرها في معارك مع بعض الدول العربية للحصول على حصرية حقها في تمثيل الفلسطينيين، فإنها أصبحت على الهامش في الـ30 سنة الأخرى، وذلك بعد انتزاع السلطة صلاحياتها ودورها منها.

وقبل ثلاث سنوات من سيطرة إسرائيل على القدس الشرقية احتضنت المدينة التي كانت جزءاً من المملكة الأردنية الهاشمية اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني الأول في يونيو (حزيران) من عام 1964.

 وبحضور العاهل الأردني الراحل الملك الحسين بن طلال أعلن المجلس تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، إذ نالت بعد ذلك بسنوات الاعتراف العربي والدولي بها ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني.

وأصدر المجلس الوطني الفلسطيني حينها الميثاق القومي، والنظام الأساس لمنظمة التحرير، وانتخب أحمد شقيري رئيساً لها.

وفي دلالة على تهميش منظمة التحرير ومؤسساتها لم ينعقد المجلس الوطني الفلسطيني (البرلمان) سوى ثلاث مرات خلال العقود الثلاثة الماضية، بمعدل اجتماع كل 10 سنوات.

 

 

كما غابت اجتماعات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية (حكومة المنظمة)، وأصبحت تنعقد كل أشهر عدة بدعوة من الرئيس عباس، على رغم حصول كثير من الأحداث المفصلية والتاريخية للقضية الفلسطينية.

وعلى رغم أن منظمة التحرير تضم 13 فصيلاً فلسطينياً أبرزها حركة "فتح"، فإن حركتي "حماس" و"الجهاد" أكبر الفصائل الفلسطينية بقيتا خارجها، في ظل خلافات حول شروط انضمامهما.

تعبئة الفلسطينيين

وقال الأكاديمي الفلسطيني أحمد جميل عزم إن تأسيس المنظمة "يقف وراءه عاملان أساسيان، أولهما ضرورة إيجاد ممثل سياسي رسمي للشعب الفلسطيني، وثانيهما تعبئة الفلسطينيين سياسياً وثقافياً للعمل على استعادة الحقوق الفلسطينية".

وأوضح أنه بعد نكبة 1948 افتقد الفلسطينيون ممثلهم السياسي، بعد أن أصبحوا مهجرين في دول عربية، وبعد أن ضمت الأردن الضفة الغربية، وأصبح قطاع غزة الوحيد الذي لا يتبع لسيادة دولة أخرى سوى إدارة مصر له.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفق عزم فإن ممثل حكومة عموم فلسطين التي أسست في عام 1948 بقي مندوباً لفلسطين في جامعة الدولة العربية حتى وفاته، إذ بدأ حينها الحديث عن إيجاد ممثل للفلسطينيين.

وأضاف أن "الدول العربية أرادت بدعمها منظمة التحرير الفلسطينية إزاحة مسؤولية تحرير فلسطين عن عاتقها"، مضيفاً أن المنظمة "أصبحت جزءاً من الخلافات العربية - العربية".

ونبه إلى أن الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس الحالي محمود عباس عملا على جعل المنظمة "كياناً معنوياً للفلسطينيين، مع نقل صلاحياتها إلى السلطة الفلسطينية، في ظل اقتناعهما بأن تجلب الأخيرة دولة فلسطين المستقلة، فالدولة ومؤسساتها أعلى منزلة قانونياً وسياسياً من منظمة التحرير لكن السلطة الفلسطينية أقل من المنظمة".

مؤتمر وطني

وبهدف تفعيل منظمة التحرير وإعادة بنائها على "أسس وطنية وديمقراطية" تعكف المئات من الشخصيات الفلسطينية المستقلة على التحضير لعقد مؤتمر وطني للمطالبة بإعادة تجديد وتفعيل منظمة التحرير.

وعقدت تلك الشخصيات خلال الأشهر الماضية اجتماعات في كل من بريطانيا والكويت وقطر ورام الله، وستعقد اجتماعات أخرى في دولة أوروبية للتحضير للمؤتمر الوطني.

وأكدت تلك الشخصيات أن منظمة التحرير الفلسطينية "هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وبأن المؤتمر الوطني "يعمل ويدعو إلى إعادة بنائها على أساس ديمقراطي وطني وحدوي".

لكن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية هاجمت تلك الاجتماعات، واتهمتها بالعمل على "إيجاد بديل لمنظمة التحرير، بالتساوق مع المخططات الإسرائيلية لطمس الهوية الفلسطينية".

ووصف عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة رمزي رباح تلك الجهود بأنها محاولات "لإيجاد بديل من المنظمة، والبدء من نقطة الصفر"، مشيراً إلى أنه تقف وراءها "شخصيات لا وزن لها، ومحسوبة على تيار سياسي محدد".

وأوضح رباح أن إعادة بناء المنظمة وتفعيلها يجب أن يكون في إطار "تعزيز وحدة الشعب الفلسطيني، وعبر مواصلة الحوار الوطني لانضمام حركتي (حماس) و(الجهاد) إلى المنظمة، والتحضير لإجراء الانتخابات العامة".

ووصف رباح تلك الدعوات بأنها "تزيد الانقسام انقساماً، وتعمل على إيجاد بديل للمنظمة"، داعياً إلى وقفها لأنها "تضر بالقضية الفلسطينية، وتتساوق مع سعي تل أبيب وواشنطن استبعاد منظمة التحرير من اليوم التالي للحرب على قطاع غزة".

لكن الجهات المبادرة لعقد المؤتمر الوطني رفضت تلك الاتهامات، وقالت كل ما نريده هو "إعادة بناء منظمة التحرير وفق النظام السياسي للمنظمة، وإدخال دماء جديدة لها، وتشكيل مجلس وطني وفق النظام الأساس للمنظمة".

وقال أحمد جميل عزم وهو من الشخصيات المبادرة إلى المؤتمر الوطني إن "المطلوب هو عقد اجتماعات منتظمة للمجلس الوطني الفلسطيني، وتنفيذ قراراته السابقة".

واعتبر أن الرئيس عباس "لا يبدو راغباً في تجديد المنظمة، وما زال يراهن على فكرة الدولة الفلسطينية واتباع سياسة الانتظار".

الوفاق الوطني

هذا واعتبر المحلل السياسي هاني المصري أن تلك المبادرة لها نقاط قوة لأنها "مفتوحة لكل الوطنيين، وتتوجه إلى الجميع داخل الوطن وخارجه، لتحقيق وحدة تضم مختلف ألوان الطيف السياسي والاجتماعي على أسس وطنية ديمقراطية كفاحية في إطار منظمة التحرير".

وأشار المصري إلى أن البداية يجب أن تكون من "الوفاق الوطني لتحقيق الوحدة، باعتباره مدخلاً لإجراء الانتخابات، وليس العكس".

لكن عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة رمزي رباح اعتبر أن الاعتقاد أن السلطة الفلسطينية ستكون نواة لدولة فلسطين "ثبت خطأه، وأنه مجرد مناورة إسرائيلية - أميركية للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني، وتم استغلاله لتبديد الآمال بإقامة دولة فلسطين".

وشدد على "الحاجة إلى تطبيق قرارات المجلس المركزي قبل سنتين الداعية إلى بناء وتفعيل منظمة التحرير".

 

 

أما رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض فيرى أن "لواء التمثيل الفلسطيني انتقل لحركة (حماس) من الناحية الفعلية"، مشيراً إلى أن ذلك جاء على "خلفية فشل رهان منظمة التحرير الفلسطينية على المسار السياسي الذي تبنته في عام 1988 سبيلاً لنيل حقوق الشعب الفلسطيني، ومروراً بانخراطها في عملية تفاوضية غير مستندة إلى الإقرار بأي من هذه الحقوق في إطار اتفاقات أوسلو".

وأضاف في مقال له أن تلك "العملية أسست لشرخ عميق في النظام السياسي الفلسطيني، وواكبها إفشال إسرائيلي وقصور ذاتي في تحويل إطار الحكم الذاتي المتمثل في السلطة الفلسطينية إلى أداة تمكين للشعب الفلسطيني في نضاله لنيل حقوقه".

ووفق فياض فإن منظمة التحرير اختارت "موقف النأي بالنفس" في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ليحرمها من أي دور تمثيلي مؤثر، سواء على الصعيد المحلي أو الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأوضح أن ذلك كان يمكن تجنبه في "حال بادرت قيادة المنظمة إلى توسيع قاعدة تمثيلها لتضم كافة الفصائل والقوى السياسية المؤثرة، وفي مقدمها (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، دون الإصرار على تغيير برنامجها السياسي".

وشدد فياض على أنه "لا يمكن التقدم في اتجاه تبني رؤية وطنية فلسطينية جامعة بما يمهد لاعتمادها عربياً وللسعي إلى تكريسها دولياً دون البدء في تحقيق الوحدة القيادية في إطار منظمة التحرير".

وختم حديثه بالتأكيد أن بديل ذلك في أن تصبح غزة، وهي التي كثيراً ما وصفت بأنها أكبر سجن في العالم، أكبر مخيم فيه لعقود متصلة. وهذه حقيقة صعبة لا يجوز أن تكون مقبولة على الإطلاق.

المزيد من متابعات