Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

"روميو وجولييت" في كوريا الشمالية

الناتج المحلي للفرد في سيول يبلغ 57 ضعف مثيله عند الفرد في بيونغ يانغ

كيم جونغ أون لدى استقباله بوتين في بيونغ يانغ (أ ف ب)

ملخص

قبل تقصي أحوال الرفاق الآسيويين القدماء، أرسل بوتين في مطلع يونيو الجاري ممثلة شخصية له على صورة غواصة تعمل بالطاقة النووية إلى كوبا، في رسالة مبطنة تعيد إلى الأذهان "أزمة الصواريخ" التي كادت تؤدي إلى حرب بين الجبارين لا تحمد عقباها عام 1962.

على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التأني في اختيار الدول التي يريد زيارتها، بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 2023 مذكرة اعتقال بحقه على خلفية الحرب في أوكرانيا، وهو يتحرك ضمن هامش الدول التي لا ترغب بذلك أو التي لا تعترف بهذه المحكمة.

بوتين يتهم "الجنائية الدولية" بأنها خاضعة لإملاء الولايات المتحدة، التي يخوض معها كل أنواع المواجهات الممكنة، وكان من الواضح في جولة بوتين الآسيوية أنها زيارة لأخلص الرفاق القدماء في "الحرب الباردة"، أي فيتنام وكوريا الشمالية، إنها زيارات يحاول عبرها قيصر "الاتحاد الروسي" إحياء أمجاد "الاتحاد السوفياتي" الذي أفل.

 وقبل تقصي أحوال الرفاق الآسيويين القدماء، أرسل بوتين في مطلع يونيو (حزيران) الجاري ممثلة شخصية له على صورة غواصة تعمل بالطاقة النووية إلى كوبا، في رسالة مبطنة تعيد إلى الأذهان "أزمة الصواريخ" التي كادت تؤدي إلى حرب بين الجبارين لا تحمد عقباها عام 1962.

يعرف بوتين أن الأحوال تغيرت وفيتنام اليوم غير فيتنام القائد الشيوعي هو شي منه، ورئيسها الحالي تاو لام لن يغامر كثيراً بإغضاب الولايات المتحدة، عدوة الأمس وحليفة اليوم، التي يرتبط معها باتفاقات اقتصادية وشراكة إستراتيجية وقعها قبل عام مع الرئيس جو بايدن.

وقبل وصول بوتين إلى البر الآسيوي، حصل في يونيو الجاري أيضاً اجتماع لقادة "مجموعة السبع" في إيطاليا، شارك فيه عدد كبير من قادة العالم والبابا فرنسيس، وطبعاً لم يكن من الوارد دعوة بوتين إليه، الذي كان أصلاً مرتبطاً بموعد مع كيم جونغ أون في كوريا الشمالية، وفي حين تطرق بيان "مجموعة السبع" إلى مسائل تتعلق بأوكرانيا والصين وإيران وغزة، وتحديات التغير المناخي والهجرة غير الشرعية والتنمية في أفريقيا وانتشار الذكاء الاصطناعي، اهتم الثنائي بوتين-كيم بمحاربة "سياسة الهيمنة والإمبريالية التي تنتهجها الولايات المتحدة وحلفاؤها منذ عقود"، بحسب "وثيقة تأسيسية جديدة" بين البلدين، فالاهتمامات مختلفة بين أكبر سبعة اقتصادات وروسيا وكوريا الشمالية آخر دولة مقفلة في العالم، وهذا الإقفال لم يحل دون أن تذكر وكالة الأنباء الكورية الشمالية أن "الرفيق كيم جونغ أون غير قادر على احتواء فرحته بلقاء الرفيق بوتين مرة أخرى".

اقرأ المزيد

شيء من أجواء مسرحية "روميو وجولييت" التي جرت أحداثها في فيرونا الإيطالية كان يسري بين الرفيقين الحديديين في بيونغ يانغ، بينما كان الإعلام الغربي يتندر على جورجيا ميلوني الجالسة على كرسي موسوليني، كيف رمقت ضيفها الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظرة تقدح ناراً وهو يهم بتقبيل يدها، وكأنها تقول له عسى أن تأخذ الانتخابات القريبة بيد توأمها اليميني مارين لوبن في فرنسا.
وبمعزل عن لغة عيون ميلوني، ماذا يتبين لنا إذا تكلمت لغة الأرقام الاقتصادية في كوريا الشمالية وروسيا؟

الناتج المحلي للفرد في كوريا الجنوبية يبلغ 57 ضعف مثيله عند الفرد الكوري الشمالي، ويبلغ هذا الناتج في بولندا الصغيرة نحو 22 ألف دولار للفرد سنوياً في مقابل أقل من 16 ألف دولار في روسيا العظمى، ووحدها ولاية كاليفورنيا تتفوق على اقتصاد روسيا بما يعادل أكثر من الضعف، وبمعدل 3.5 تريليون دولار في مقابل 1.5 تريليون في روسيا، ولكن ما قيمة هذه الأرقام ما دام كيم جونغ أون "أجرى محادثة من القلب إلى القلب" مع قيصر الكرملين والجاسوس السابق في جهاز "كي جي بي"؟
وحتى لا يتشتت انتباه الشعب عن دوره التاريخي في كوريا الشمالية، فإن الدولة تحظر الإنترنت مع العالم الخارجي، ومن يريد تحميل تطبيق معين على هاتفه الذكي فعليه التوجه شخصياً إلى مخزن معد لهذه الأمور.

الدبلوماسيون والرياضيون الذين يذهبون في مهمات خارجية عليهم الخضوع بعد عودتهم إلى دورات أيديولوجية لضمان عدم التقاطهم فيروسات الرأسمالية والإمبريالية، واللقاء الثنائي بين بوتين وكيم كان يمكن أن يصبح ثلاثياً لو وُجد رئيس إيراني أصيل بعد مقتل إبراهيم رئيسي، ويبدو أن العلاقات بين إيران وبلاد "رجل الصاروخ" و"المخبول"، على حد ما وصفه مرة دونالد ترمب، تشهد مزيداً من الدفء، فالضرورات النووية بين البلدين تبيح الارتماء في أحضان حاكم يفرض الإلحاد ولا يجد داعياً ليكون ولياً أو خليفة، ما دام وعائلته من سلالة الآلهة.

المزيد من تحلیل