Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتهامات "الحرب الأهلية" تلهب المواجهة بين ماكرون و"التجمع الوطني"

يرى مراقبون أن الرئيس الفرنسي يتبع "استراتيجية أنا أو الفوضى" الخطرة بوجه أخصامه

المرشحة شانون سيبان عن حزب الرئيس ماكرون تتواصل مع الناخبين في إيفري سو سينن إحدى ضواحي باريس، في 25 يونيو الحالي (أ ب)

ملخص

مع اقتراب موعد الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا الأحد المقبل، يعاني معسكر الرئيس ماكرون من الضعف بوجه منافسيه، لا سيما حزب "التجمع الوطني" من أقصى اليمين، ما دفعه إلى مهاجمته والتحذير من أنه "متطرف" ويدفع باتجاه "حرب أهلية".

وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات حادة لحزب "التجمع الوطني" و"الجبهة الشعبية"، متهماً إياهما بإثارة "حرب أهلية"، ووصف برنامجهما بأنه "متطرف" ويعتمد على الانتماء الديني أو الطائفي. وهو ما أثار جدلاً كبيراً على الساحة السياسية الفرنسية، حيث انتقده العديد من السياسيين.
وتأتي هذه التصريحات، في وقت يشهد معسكر ماكرون وهناً سياسياً، حيث يُعتبر الأضعف بين القوى الثلاث المنافسة، إذ تتراوح نسبته بين 19.5 في المئة و20 في المئة.

"يسعى دائماً لإشعال النار"

وأثارت تصريحات ماكرون ردود فعل متباينة في الأوساط السياسية حيث أعرب جوردان بارديلا، الرئيس الشاب لحزب "التجمع الوطني"، عن استيائه قائلاً "لا ينبغي لرئيس الجمهورية أن يقول ذلك". وأضاف قائلاً "نحن بحاجة لاستعادة الأمن والاستقرار لجميع الفرنسيين".
وأكد بارديلا البالغ من العمر 28 سنة والذي يطمح ليصبح رئيساً للوزراء، أن التجمع الوطني هو "الحركة الوحيدة التي يمكنها تحقيق تطلعات الفرنسيين بشكل فوري ومعقول".
من جهة أخرى، اتهم جان لوك ميلانشون، زعيم حزب "فرنسا الأبية"، إيمانويل ماكرون بأنه "يسعى دائماً لإشعال النار"، في حين وصفت مارين لوبن هذه التصريحات بأنها "حجة ضعيفة".
أما كزافييه برتران من الحزب الليبرالي الفرنسي، فأعرب عن رفضه لطريقة ماكرون في التحدث قائلاً "لا ينبغي أن نسلك هذا الطريق وندلي بمثل هذه التصريحات".


تصاعد التوتر السياسي

وفي ظل تلك الأجواء، حذر معسكر ماكرون من خطر صعود اليمين، حيث ناقش رئيس الوزراء الفرنسي، غابرييل أتال، الأثر السلبي المحتمل لانتصار أقصى اليمين في الانتخابات، على الحوار السياسي والاستقرار الاجتماعي في فرنسا.
وانتقد أتال في مقابلة مع صحيفة "لو فيغارو" التوتر بين حزب "فرنسا الأبية" (أقصى اليسار) وحزب "التجمع الوطني" (أقصى اليمين)، مشيراً إلى "خطر انقسام كبير في البلاد".
وتصاعدت الضغوط على ميلانشون من قبل حلفائه في "الجبهة الشعبية الجديدة"، مثل الحزب الشيوعي، والخضر، والحزب الاشتراكي، الذين دعوا جميعاً إلى تفضيل "الإجماع" لاختيار مرشح لمنصب رئيس الوزراء في حال فوز التحالف بالانتخابات.
وأكدت رئيسة "الخضر"، مارين توندولييه، أن ميلانشون ليس زعيم "الجبهة الشعبية الجديدة" ولن يكون رئيساً للوزراء، ليرد ميلانشون بالتأكيد أن رئيس الوزراء المقبل سيكون من حزب "فرنسا الأبية"، مؤكداً دوره المحتمل في الحكومة.
من جانبه، أشار لوران بيرجيه، المسؤول النقابي السابق المعارض لإصلاح نظام التقاعد لعام 2023، إلى أن "الأولوية الرئيسة هي تجنب فوز حزب التجمع الوطني، وليس معرفة من سيشغل منصب رئيس الوزراء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جدل حول تصريحات إيمانويل ماكرون الانتخابية

الباحث السياسي نبيل شوفان يرى أن "الدافع وراء تصريحات الرئيس الفرنسي حول أخطار حدوث حرب أهلية، هو نفسه المتعلق بقرار حل البرلمان، ألا وهو تحفيز الفرنسيين لتحمل مسؤولياتهم، ومحاولة لإثارة صدمة لدى الجمهور الفرنسي وتنبيه الكتل المؤيدة للوسطية". وأضاف شوفان أن "تصريحات ماكرون أثارت جدلاً كبيراً، فمؤيدوه اعتبروها جزءاً من استراتيجيته الانتخابية، وذلك بغاية تحفيز الناخبين، كما فعل مانويل فالس من قبل خلال الانتخابات المحلية في عام 2015".
ولفت شوفان إلى أن "تصريحات ماكرون ربما تكون جادة إلى حد ما، وذلك لناحية حدوث اضطرابات، خصوصاً أن فرنسا شهدت في عهده اضطرابات عنيفة". وتابع، "نذكر على سبيل المثال تظاهرات حركة السترات الصفراء التي شهدتها الشوارع الفرنسية في عام 2018، والاحتجاجات ضد قانون التقاعد التي وقعت ما بين عامي 2019 و2023، إضافة إلى أعمال الشغب التي طاولت الشوارع الفرنسية في يونيو 2023 عقب وفاة الشاب نائل".
ولم ينس الباحث السياسي نبيل شوفان أن يستدل أيضاً بما وقع في كاليدونيا التي لا تزال تشهد صراعاً سياسياً على رغم التخلي عن الإصلاح الدستوري، وهو ما يشكل تحدياً آخر.


بين الدراما السياسية والمخاوف الأمنية في فرنسا

وفقاً للباحث السياسي نبيل شوفان، يعتبر خصوم ماكرون أن تصريحاته "دراما سياسية ومبالغة انتخابية"، تأتي بعد سبع سنوات من توليه السلطة، حيث استنفد معسكر الرئاسة كافة الوسائل المتاحة لإقناع الفرنسيين بالحاجة إلى التغيير.
ويرى شوفان أنه "من الناحية الاستخباراتية، لا يُعتبر مصطلح الحرب الأهلية تهديداً حقيقياً حتى الآن، على رغم التوقعات بحدوث تظاهرات كبيرة بعد الجولتين الأولى والثانية من الانتخابات، بخاصة إذا فازت الأحزاب اليمينية المتطرفة، وربما وقوع صدامات لا يستبعدها سياسيون بمن فيهم وزير الداخلية جيرالد دارمانان الذي طمأن الفرنسيين إلى أن قوات الأمن على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي اضطرابات تسبق أولمبياد باريس 2024".
ويشير شوفان أيضاً إلى أن هناك تقييمات متباينة حول مدى نجاح استراتيجية ماكرون "أنا أو الفوضى"، التي يتهمه خصومه بها، حيث اعتبرها بعض السياسيين المعتدلين والمراقبين السياسيين، استراتيجية انتخابية مبالغة، بينما انتقدها آخرون لمساواتها بين "الجبهة الوطنية" اليمينية و"الجبهة الشعبية" اليسارية، مشيرين إلى خطورة تلك المقاربة على الساحة السياسية الفرنسية.
وفي تقدير شوفان، "يبقى من الصعب توقع النتائج الانتخابية الفعلية، خصوصاً مع تفوق حزبي الجبهة الوطنية والجبهة الشعبية اليسارية في استطلاعات الرأي، على رغم القلق المتزايد بشأن برامجهما المثيرة للجدل، فيما يؤكد الوزير الأول في حكومة ماكرون وقائد الحملة الانتخابية للمعسكر الرئاسي غابرييل أتال أن هناك استفاقة في وجه التطرف".
في الختام يبقى السؤال كيف يمكن لإيمانويل ماكرون ضمان وحدة فرنسا واستقرارها، في ظل تنامي المخاوف من تأثير فوز الأحزاب من أقصى اليمين وأقصى اليسار في الانتخابات؟

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير