Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعيد سقوط سنجة خلط الأوراق ويلزم الجيش السوداني التفاوض؟

إحكام "الدعم السريع" سيطرتها على هذه المدينة الاستراتيجية بهذه السهولة والسرعة رسم علامات استفهام وحيرة لدى المواطنين

كل التوقعات كانت تشير إلى أن الجيش بات قريباً من استرداد منطقة جبل موية الرابطة بين ثلاث ولايات حيوية وسط السودان وغرب (أ ف ب)

ملخص

إحكام "الدعم السريع" سيطرتها على هذه المدينة الاستراتيجية طرح تساؤلات عدة عن أسباب تراجع الجيش وعدم قدرته على الدفاع عنها

أثارت سيطرة قوات "الدعم السريع" على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في الـ29 من يونيو (حزيران) الماضي جدلاً واسعاً وسط السودانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها جاءت تكراراً لما حدث في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة التي تم الاستيلاء عليها بكل سهولة ومن دون مقاومة تذكر من جانب الجيش السوداني في الـ28 من ديسمبر (كانون الأول) 2023، إضافة إلى أن كل التوقعات والأنظار كانت تشير إلى أن الجيش بات قريباً من استرداد منطقة جبل موية الرابطة بين ثلاث ولايات حيوية وسط البلاد وغربها، بخاصة أن سقوط سنجة تزامن مع زيارة قائد الجيش عبدالفتاح البرهان للمنطقة وتفقده الخطوط الأمامية لقواته، مما يوحي بجهوزية الجيش واكتمال استعداده لصد أي هجوم مباغت على أكمل وجه.

لكن إحكام "الدعم السريع" سيطرتها على هذه المدينة الاستراتيجية (سنجة) بهذه السهولة والسرعة رسم علامات استفهام وحيرة لدى السودانيين، كما طرح تساؤلات عدة عن أسباب تراجع الجيش وعدم قدرته على الدفاع عنها، وما التوقعات التي يمكن أن تحدث في ضوء اتساع وتمدد رقعة الحرب، وهل تدفع هذه الأحداث طرفي الصراع لا سيما الجيش للجلوس إلى مائدة التفاوض من أجل إنهاء هذه الحرب سلمياً؟

حرب العصابات

عضو القيادة المركزية العليا للضباط وضباط الصف والجنود المتقاعدين السودانيين (تضامن) العميد وليد عز الدين عبدالمجيد، قال "نجد أن قوات الدعم السريع طبقت أسلوب حرب العصابات الذي كانت تتبعه في قتالها سابقاً وحالياً، بل وطورته وفق مبادئها من خلال كسب ولاء السكان المحليين، ونلاحظ ذلك في الظهور الطاغي للقياديين أبو عاقلة كيكل وعبدالرحمن البيشي مع جنودهما لحظة دخولهما مدينة سنجة، خصوصاً أن الاثنين يتمتعان بدراية ومعرفة بهذه المنطقة، لذلك من المهم وضع حديث البيشي الذي أشار فيه إلى قرب سقوط الفرقة الرابعة الدمازين في الحسبان".

وأضاف "كما نلاحظ أيضاً أن ‘الدعم السريع‘ طورت مبدأ آخر في حرب العصابات يتمثل في ‘اضرب لتحدث أكبر الخسائر واهرب‘. وبالفعل اتجهت ‘الدعم السريع‘ لممارسة هذا الأسلوب بتفوق تام، مما جعلها تحدث خسائر كبيرة في صفوف الجيش مع تمسكها بالأرض، وساعد في ذلك فقدان الجيش عنصر المشاة عموماً وقلة تدريب وكثافة الموجود من هذه القوات. ومعلوم أن المشاة هي القوات التي تمسك بالأرض وتطارد القوات المنسحبة وتستطلع المناطق المشبوهة ومناطق الاقتراب للعدو، وفي حالة حرب المدن الراهنة وهي القتال من شارع لآخر ومن منطقة لأخرى ومن قطاع لقطاع نجد أن الجيش افتقد هذا العنصر واستند إلى المستنفرين والكتائب العديمة الخبرة".

ولفت عبدالمجيد إلى أن "التعامل القاصر لكتائب العمل الخاص التابعة للجيش السوداني مع السكان المحليين الذين لم يتمكنوا من الفرار إلى مناطق آمنة كمصادر وطابور خامس، عكس قوات ‘الدعم السريع‘ التي أفقدتهم كثيراً من المبادئ والتكتيكات في مثل هذه الحرب (حرب المدن) أقلها وأهمها المعلومات". مشيراً إلى أن "النتيجة تمثلت في تقدم قوات ‘الدعم السريع‘ واجتياحها المدن بكل سهولة مع تقهقر القوات المسلحة واعتمادها على الهجوم المضاد الذي ليس له أي تأثير في ميدان المعركة، إلا من الناحية الإعلامية، وها نحن أولاء نرى العبرة في سقوط كل من مدني نهاية 2023 والآن سنجة والقادم قد يكون أسوأ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وواصل "صحيح أن الجيش استخدم بكثافة الطيران والمدفعية لاستهداف معاقل ‘الدعم السريع‘، وقد ألحق بهذه القوات خسائر كبيرة لكن تظل الأرض تحت سيطرة الأخيرة (الدعم السريع)، ومن المؤسف باتت مرتعاً للنهب والقتل واستباحة الحرمات والاغتصاب وكل الأفعال التي تكرس بشاعة الحرب".

وختم عضو القيادة المركزية العليا للضباط وضباط الصف والجنود المتقاعدين السودانيين "في تقديري أن الجيش السوداني الآن في أضعف حالاته، وأن اعتماده على المستنفرين والكتائب المتطرفة التي تناصره سبب له ضرراً أكبر، وعليه إذا أراد أن يحرز تقدماً فعليه أن يغير من أسلوب قتاله وأن يعمل بأسرع ما يمكن على استعادة الضباط الذين تمت إحالتهم على المعاش في الأعوام السابقة، فضلاً عن إعادة الصف والجنود الذين تم الاستغناء عنهم للخدمة، إضافة إلى استدعاء أصحاب الإجازات المفتوحة من الضباط والجنود على أن يتم ذلك بكامل شروط وامتيازات الخدمة العسكرية. ومن المؤكد أن هذا التوجه سيطيل أمد الحرب، وسيوقع خسائر في الأرواح، لكنه سيحقق بعض النجاح ويعزز موقف الجيش إلى حد ما، وإلا فعليه أن يتخذ القرار بالجلوس إلى مائدة التفاوض ليحفظ ما تبقى من ماء وجه الجيش وكرامته".

منبر جدة

من جانبه أوضح القيادي في تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) مصباح أحمد أن "الوضع في السودان الآن يسير نحو حافة الانهيار الكامل، وأنه مع تزايد المعاناة الإنسانية وتوسع رقعة الحرب باستيلاء قوات ‘الدعم السريع‘ على مدينة سنجة التي تعد من المدن المهمة بحكم موقعها الجغرافي كونها تمثل ملتقى طرق رئيساً يربط شمال وجنوب وغرب وشرق السودان، فإن الطرفين المتحاربين (الجيش والدعم السريع) يقودان البلاد نحو سيناريوهات جهنمية".

وتابع أحمد "في ظل هذا الواقع المرير من الصعب بمكان الاستمرار في هذه الحرب المدمرة، ولا بد من التعقل والتواضع باتجاه الحلول السلمية، وفي رأيي أن من يمانع في إنقاذ البلاد من الضياع في هذه المرحلة الحرجة سيكون أمام مسؤولية تاريخية. وعلى رغم محاولات التعنت المستمرة بعدم العودة إلى التفاوض، لكن الواقع يؤكد ألا مفر لطرفي الصراع غير قبول خيار الحل السلمي، وإلا سيكون الانهيار الكامل هو البديل المؤلم. لذلك ما زلنا ندعو قيادتي القوات المسلحة وقوات ‘الدعم السريع‘ إلى ضرورة إعلاء مصلحة الوطن والشعب السوداني والإسراع باستئناف منبر جدة التفاوضي الذي ترعاه الوساطة السعودية - الأميركية، لإنهاء معاناة السودانيين والحفاظ على ما تبقى من مقدرات الوطن".

طريق رئيس

وكانت قوات "الدعم السريع" قبل أن تسيطر على مدينة سنجة بعد اختراقها دفاعات الجيش، بدأت هجومها على ولاية سنار، وتحديداً منطقة جبل موية، إذ اندلعت معارك عنيفة بين الطرفين.

وتضم سنجة التي تقع في الاتجاه الجنوبي من مدينة سنار على مسافة 60 كيلومتراً مقر فرقة المشاة الـ17، كما أنها تعد طريقاً رئيساً لعدد من الولايات هي النيل الأزرق والنيل الأبيض وكردفان ودارفور، وتتميز بنشاط اقتصادي كبير، إذ تشكل الزراعة مصدر الدخل الرئيس فيه، وذلك بإنتاج محاصيل الذرة والسمسم، فضلاً عن تربية الحيوانات والقطاع النباتي من أهمه الصمغ العربي.

ويشهد السودان منذ الـ15 من أبريل (نيسان) 2023 حرباً دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أدت بحسب الأمم المتحدة إلى مقتل قرابة 20 ألف مواطن ونزوح نحو 10.7 مليون شخص منهم تسعة ملايين داخل البلاد، بينما فر 1.7 مليون إلى دول الجوار، مما جعل السودان بؤرة لأكبر أزمة نزوح في العالم. كما يواجه قرابة 26 مليون شخص في السودان مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وتسيطر قوات "الدعم السريع" على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد وأربع ولايات في دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير