Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خبايا الاعتقالات التعسفية في مناطق المعارضة السورية

منظمات حقوقية توثق عشرات الحالات مما يحول دون عودة الأسر الكردية إليها

نازحون داخليا يركبون شاحنات مع أمتعتهم في عفرين (2020 - رويترز)

ملخص

يوثق تقرير حقوقي عشرات حالات الاعتقال في مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية والمدعومة من تركيا إلى جانب تحويلها لتلك الاعتقالات إلى عمليات ابتزاز مقابل فدى مالية في ضعف النظام القضائي

عندما عاد حنان حسين في فبراير (شباط) الماضي إلى منزله في إحدى قرى ريف عفرين بعد سنوات من النزوح اعتقلته إحدى فصائل الجيش الوطني السوري المعارض والمدعوم من تركيا من دون سبب محدد، فقط لأنه عاد إلى حيث كان يقيم قبل دخول هذه القوات لمنطقته في عملية "غصن الزيتون" التركية سنة 2018، لكنه استطاع الحصول على حريته بعدما دفع فدية نحو سبعة آلاف دولار لهذه الفصائل.

وبعد إطلاق سراحه بفترة وجيزة وأثناء مراجعته للمجلس المحلي التابع للحكومة السورية الموقتة المعارضة، جرى إيقافه من قبل ما تعرف بالشرطة العسكرية في المدينة بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية، وهذه تهمة شائعة في تلك المناطق التي تسير عليها المعارضة جراء العمليتين العسكريتين التركيتين "غصن الزيتون" و"نبع السلام"، لكنه اضطر لدفع فدية أخرى بعد بقائه محتجزاً في زنازين الشرطة العسكرية بعفرين.

كل ذلك حصل مع "حسين" الذي يروي شهادته لرابطة "تآزر" للضحايا باسم مستعار، عندما اضطر إلى العودة من مناطق "الإدارة الذاتية" في سوريا، حيث كان ينزح مع عائلته هناك إلى مكان سكنه الأصلي ليبقى إلى جانب والدته المسنة بعد وفاة والده الذي لم يحضر جنازته.

إلى جانب هذه الحادثة وثقت الرابطة الحقوقية عشرات الحالات من الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري في تلك المناطق التي كانت ذات غالبية كردية قبل سيطرة تركيا عليها عسكرياً. وتقول الرابطة في تقريرها الصادر أخيراً إن هذه الحوادث تشكل تضييقاً على أهالي عفرين الأصليين الذين يريدون العودة إلى ديارهم، لإدارة ممتلكاتهم أو رعاية ذويهم، "وهو ما يبرر امتناع آلاف العائلات الكردية المهجرة قسرياً من العودة، خشية الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب والابتزاز وغيرها من أنماط الانتهاكات الموثقة على يد فصائل "الجيش الوطني السوري" التي أولتها تركيا إدارة المنطقة، منذ احتلالها في عام 2018".

اعتقالات بالأرقام

جاء هذا التقرير موثقاً لاعتقال ما لا يقل عن 308 أشخاص، بينهم 13 امرأة و5 أطفال، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، في مناطق عفرين ورأس العين (سري كانيه) وتل أبيض (كري سبي). وبحسب باحثي "تآزر" الميدانيين فإن هذه الاعتقالات نفذتها القوات التركية وفصائل "الجيش الوطني السوري" المدعومة منها، وتأكدت الرابطة من الإفراج عن 103 أشخاص فقط من عموم المعتقلين، فيما اعتبرت أن مصير 205 آخرين لا يزال مجهولاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الأرقام سجلتها الرابطة في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي وتظهر تضاعفاً مع قريناتها من العام الماضي في ذات المناطق، حيث بلغ 155 في الفترة المقارنة من 2023.

توثيقات رابطة "تآزر للضحايا" أظهرت أن 179 حالة اعتقال جرت في عفرين مقابل 129 في سري كانيه وتل أبيض. أما الأطراف التي نفذت الاعتقالات سجلت قوات الشرطة العسكرية أعلى نسبة اعتقالات، تلتها قوات الشرطة المدنية، ثم "فرقة السلطان مراد" وقوى الأمن والاستخبارات التركية، فضلاً عن حالات اعتقال متفرقة ارتكبتها فصائل أخرى منضوية إلى "الجيش الوطني السوري" كفرقة الحمزة، وفرقة السلطان سليمان شاه (العمشات)، وتجمع "أحرار الشرقية" وغيرها من الفصائل.

احتجاز مشفوع بالتعذيب

لم تتوقف حالات الاعتقال في تلك المناطق على العائدين أو القاطنين فيها أصلاً لأسباب مختلفة، بل طاولت أعداداً من طالبي اللجوء الذين يتخذون من تلك المناطق الحدودية طرقاً للهجرة غير الشرعية للدخول إلى الأراضي التركية ومنها إلى الدول الأوروبية عبر البحر أو الطرق البرية، واستطاعت "تآزر" توثيق شهادات عدد منهم تحدثوا عن ظروف اعتقال سيئة في المعتقلات والمحتجزات التابعة للمعارضة السورية وفصائلها إلى جانب الضرب والتعذيب المبرح، خصوصاً من قبل "الجندرمة التركية".

حاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع المعنيين في الحكومة السورية الموقتة للتعليق على محتوى التقرير وحالات الاعتقال الجارية في مناطقهم، خصوصاً في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، إلا أنها لم تتلق أي رد على أسئلتها.

 

 

ما يمنع العودة

من جهته قال المدير التنفيذي لرابطة "تآزر" للضحايا عزالدين صالح إن استمرار وتصاعد الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري في المناطق التي تحتلها تركيا، في ظل غياب المساءلة، يعزز الشعور بعدم الأمان والخوف المستمر بين السكان، ولا سيما الكرد، مما يزيد من ظاهرة النزوح الداخلي والهجرة، "وبهذا يفرغ تلك المناطق من سكانها الأصليين ويؤثر سلباً في التركيبة السكانية والنسيج الاجتماعي، كما يثني النازحين عن العودة إلى منازلهم ومجتمعاتهم الأصلية". وأضاف أن استهداف مجموعة عرقية معينة بصورة منهجية، كما هو حال الكرد في هذه المناطق، يؤثر سلباً في النسيج الاجتماعي، ويعزز الانقسامات العرقية والطائفية، ما يزيد من صعوبة تحقيق التعايش السلمي في المستقبل، على حد تعبيره.

فساد قضائي

وأوضح المدير التنفيذي لرابطة "تآزر" للضحايا أن غالبية عمليات الاعتقال التي يوثقونها في مناطق عفرين ورأس العين (سري كانيه) وتل أبيض (كري سبي) هي بدافع الابتزاز وتحصيل فدى مالية من الضحايا وعائلاتهم، ذلك لأسباب عدة، من بينها فساد النظام القضائي في المناطق التي تحتلها تركيا وخضوعه لسيطرة أو تأثير الفصائل المسلحة، وغياب المساءلة، "إذ إن عدم وجود آليات مساءلة فعالة يسمح للفصائل المسلحة بالتصرف دون خشية من العقاب، وهذا يوفر بيئة مواتية للابتزاز المالي واستغلال المعتقلين وعائلاتهم".

المزيد من متابعات