Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عدد المفقودين في غزة يتخطى الـ 21 ألفا والملصقات وسيلة بحث وحيدة

بات يطلق على هذه الفئة "ضحايا الظل" ويفقد أثرهم إما تحت الردم أو في مقابر مجهولة

يلجأ سكان غزة إلى توزيع الملصقات وصور ذويهم للإعلان عن المفقودين (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

فقد نحو 21 ألف شخص من غزة ولا يعرف مصيرهم، فجزء منهم دفن في مقابر مجهولة وبعضهم لا يزال تحت الأنقاض، وعدد آخر اعتقلوا بينما اختفت آثار كثيرين داخل القطاع

يتسلق شريف أنقاض منزله المدمر ليصل إلى قطعة خرسانية كبيرة، ينفض عنها الغبار بيديه ويلصق عليها ورقة صورة ابنه وتحتها يكتب القليل من المعلومات عنه، مثل اسمه وعمره ورقم التواصل، وعلى زاوية الملصق مكتوب باللون الأحمر "مفقود".

بسرعة يذهب شريف إلى الأماكن المزدحمة مثل المستشفيات وبوابات المخابز ومراكز التسوق في غزة، وقربها يلصق إعلان فقدانه لطفله ويأمل من أي شخص قد يكون رأى صغيره أن يتصل على رقم التواصل المدرج في الملصق.

اختفى أثره في المستشفى

في السادس من يونيو (حزيران) الماضي فقد شريف ابنه عدنان بعد أن تعرض المنزل الذي نزح إليه لقصف إسرائيلي، وبقي هو وطفله نصف ساعة تحت الركام حتى تم إنقاذهما، وحينها تبين أن الصغير مصاب بجروح في منطقة الرأس وينزف دماً.

ما يتذكره شريف أنه كان يحتضن ابنه عدنان الذي كان واعياً عندما جرى إسعافه، لكنه لم يعرف إلى أي مستشفى جرى نقله، ويقول الأب "زرت جميع المرافق الصحية وبحثت عن صغيري ولكن لم أجده، بحثت في ثلاجات الموتى من دون جدوى وسألت الأطباء لكنهم لم يستطيعوا مساعدتي بسبب كثرة الحالات التي يتعاملون معها".

في أرشيف المستشفى وجد شريف تفاصيل تطابق مواصفات طفله، "طفل مجهول الهوية وصل إلى المستشفى وكانت إصابته طفيفة"، يضيف الأب "هذا يجعلني أشعر بالذهول، إنه لم يمت ولم يدفن في مقابر جماعية، ولم يصل الجيش الإسرائيلي إلى هنا لأعتقد أنه اعتقل، فأين هو؟".

مرت الأيام ولا يزال عدنان يعجز عن الحصول على معلومات تبرد قلبه، ويكمل قائلاً "لا أعلم من أخذ طفلي أو من اعتنى به حتى اليوم"، لكن الأب لم يترك أية وسيلة إلا لجأ إليها بحثاً عن طفله سواء من خلال وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، حتى اضطر أخيراً إلى اللجوء إلى الملصقات الورقية التي تحمل صورة عدنان وبدأ بنشرها بين خيم النازحين والشوارع.

لا أعداد رسمية للمفقودين

وفي غزة بات شائعاً اختفاء الأشخاص، والأمر لا يقتصر على الصغار، بل هناك حالات فقدان لكبار في السن ومرضى نفسيين، إضافة إلى انقطاع الاتصال عن أشخاص بالغين، ويعزو مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة السبب وراء تكرار حوادث الاختفاء إلى إفرازات الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على القطاع.

وبحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن عدد المفقودين في قطاع غزة بلغ 21 ألف شخص، لكن منظمة "إنقاذ الطفولة الدولية" التي تقدر عدد المختفين نفسه تقول إن هؤلاء من فئة الأطفال فقط، ويعتقد أنهم اعتقلوا أو اختفوا تحت الأنقاض أو دفنوا في مقابر مجهولة.

وفي الواقع من غير المعروف كم هو عدد المفقودين في غزة وإلى أية فئة ينتمون، إذ تفيد كل جهة ببيانات تختلف عن الأخرى، لكن في آخر تحديث للأمم المتحدة تشير المعلومات إلى أن أربعة في المئة من سكان غزة بلا معلومات عنهم.

ويقول الثوابتة إنه "بسبب استمرار الحرب فمن الصعب حصر العدد، لكن نعمل على تسجيل لوائح المفقودين الذين خرجوا من دون عودة، وبعد الفحص تبين أن معظمهم من فئة الأطفال، وقضية المفقودين من بين القضايا المؤرقة والمؤلمة بالنسبة إلى الأهالي والجهات الحكومية".

اختفاء بسبب النزوح

وفي أي حال فإن للاختفاء أسباباً كثيرة، حيث فقد أثر أسمهان أثناء النزوح المفاجئ من مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة بعد أن أغارت الطائرات المقاتلة على المنطقة وخرجت الفتاة هاربة ولكنها اختفت، ولم يعرف أهلها عنها أية معلومات.

تقول الأم سعاد، "نزحنا من رفح وباتت المدينة فارغة من السكان، ولا نعرف أين أسمهان فقد اختفت أثناء الهرب، ووزعنا صورها لكن لم يتصل بنا أحد، فقد اختفت الفتاة في الحرب وكأن غزة تبلع سكانها".

وبات توزيع ملصقات الإعلان عن مفقودين أمراً دارج الانتشار في غزة، وبات يطلق على هذه الفئة "ضحايا الظل"، إذ يعتبر هؤلاء ضحايا مخفيين للحرب، وعمليات البحث والإنقاذ مسألة شبه مستحيلة وبخاصة بعد انهيار النظام المدني وغياب الشرطة.

ويشبّه المدير الإقليمي لمنظمة "إنقاذ الطفولة" جيريمي ستونر قطاع غزة بأنه مقبرة مجهولة تبتلع السكان، ويقول إن "عدد الأطفال المنفصلين عن أهاليهم ضخم ويرتفع باستمرار، وهناك جزء تحت الأنقاض وآخرون دفنوا في مقابر جماعية أو مجهولة، وعدد منهم اعتقلوا وآخرون احترقوا حتى الموت".

اعتقال أو في مقابر مجهولة

ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع لا تعرف عائلة نهلة أية معلومات عن ابنتهم التي التقوا بها آخر مرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وبعدها انقطع الاتصال عنها بالكامل، وتقول شقيقتها وفاء إن "عمرها 33 سنة ومتزوجة ولديها أطفال ومعها هاتف نقال لكنه مغلق".

وتضيف وفاء، "لا نعرف إذا اعتقلها الجيش الإسرائيلي أو ماتت في الحرب، أو إذا كانت توجهت نحو جنوب القطاع، وفي محاولة للوصول إليها تحدثنا مع الصليب الأحمر الدولي ووزعنا صورها، ولكن لم نصل إلى أية معلومات عنها منذ تسعة أشهر".

ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى قدورة فارس "لا نعرف الأشخاص المعتقلين من غزة لدى الجيش، لا أسماءهم ولا أعدادهم، فهؤلاء أخفوا قسراً في سجون ومراكز الاعتقال".

لا معلومات من إسرائيل

أما المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر هشام مهنا فيقول "طالبنا بالوصول إلى المعتقلين لكن لم يسمح لنا"، بينما تقول متحدثة باسم الصليب الأحمر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية سارة ديفيز "فقد الاتصال بكثير من الناس من الأطفال والعجز والجرحى، ومعظم حالات الاختفاء كانت في رحلة النزوح".

وبينما ترفض إسرائيل الإدلاء بأية معلومات عن المحتجزين لديها، فإن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير يقول إنه "لا يسمح للصليب الأحمر بزيارة معتقلين من مقاتلي حركة 'حماس' ما دامت دولة إسرائيل لا تحصل على أي جزء من المعلومات حول حال الرهائن في غزة، ولا يسمح بإدلاء بأية معلومات عن المعتقلين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحت الأنقاض

أما آخر شكل للمفقودين فهو هؤلاء الذين دفنوا تحت أنقاض المنازل، ويقول فادي أبو ريشة إن "مفقود كلمة مخيفة لأن لها احتمالات عدة أبرزها الموت، ولقد فقدت معظم أفراد عائلتي تحت الأنقاض ولا أعرف إذا لقوا حتفهم أو لا يزال هناك أحياء بينهم".

وحاول فادي التواصل مع الدفاع المدني لإنقاذ أفراد أسرته واستجابوا له لكنهم كانوا يحملون أدوات بدائية بأيديهم، ولدى رؤيته لعناصر الدفاع مجردين من أية أدوات متطورة أدرك أن المفقودين سيظلون تحت الركام.

ويقول المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إنه تعذر عليه إنقاذ أكثر من 10 آلاف شخص هم الآن في عداد المفقودين تحت الأنقاض، عازياً السبب لفقدان المعدات الثقيلة لإزالة الركام"، وموضحاً أنهم في كثير من الأحيان انتشلوا أشلاء لا يعرفون لمن تعود.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير