Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما معايير الديمقراطيين لاختيار بديل بايدن المناسب؟

أخطأ مرتين في مؤتمر صحافي صمم لإثبات لياقته الذهنية للمنصب الرئاسي

إذا قرر بايدن عدم الترشح لإعادة انتخابه سيكون قرار من يحلّ محله في يد المندوبين البالغ عددهم 4672 مندوباً (أ ب)

ملخص

أصبح الحزب الديمقراطي، والأحزاب بشكل عام، ضعيفة تاريخياً، وفي النهاية، من الممكن أن ينجح المؤتمر الوطني الديمقراطي بشكل جيد وينتخب مرشحاً بديلاً لبايدن إذا قرر التنحي مبكراً، وقد يؤدي إلى تدمير الحزب، ويظل السؤال هو ما إذا كانت هزيمة بايدن تبدو مؤكدة إلى الحد الذي يجعل الديمقراطيين يشعرون بأنه ليس لديهم ما يخسرونه وبالتالي يتوقعون خسائر فادحة في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ؟

على رغم محاولته إثبات لياقته لمتابعة ترشحه الرئاسي عبر مؤتمر صحافي صمم خصيصاً لهذا الغرض عقب قمة "الناتو"، فإنه أخطأ مرتين وبدا يتمتم أو يتعثر في بعض الأحيان، ما يكسب تيار المطالبين بانسحابه قوة دفع جديدة، تصاعد زخمها سواء من مشاهير هوليوود مثل جورج كلوني، أو من المانحين الديمقراطيين أو السياسيين والخبراء الاستراتيجيين داخل الحزب. ومع تصاعد هذا الزخم، يتزايد الحديث عن البدلاء المحتملين حال إذعان الرئيس جو بايدن للضغوط، وما إذا كانت شعبية هؤلاء البدلاء المرشحين ودرجة قبولهم تكفي للفوز بالانتخابات، أم أن هناك شروطاً ينبغي أن تتوافر كي يتمكن مرشح الحزب النهائي من هزيمة الرئيس السابق دونالد ترمب؟

 

أفضل طريقة

يؤمن الديمقراطيون بأن أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كان الشخص جيداً للترشح للمنصب الرئاسي، هي رؤيته يترشح للرئاسة ليقرر الناخبون أنفسهم المرشح الأقوى الذي يحظى بقابلية أعلى للفوز بعد مخاض عسير يستمر أشهراً عدة عبر ماراثون طويل في الولايات الأميركية المختلفة، وهو النظام الذي انطلق فعلياً مع الانتخابات التمهيدية الأولى التي قدمت جون كيندي مرشحاً عن الحزب الديمقراطي عام 1960 بعدما كانت عملية اختيار مرشح الحزب تتم في القاعات المغلقة.

لكن هذه الطريقة مضى وقتها الآن، وإذا قرر الرئيس بايدن عدم الترشح لإعادة انتخابه، سيكون قرار من يحلّ محله في يد المندوبين البالغ عددهم 4672 مندوباً الذين سيكونون أحراراً خلال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو يوم الـ 19 من أغسطس (آب)، في اختيار أي بديل غير بايدن الذي تعهّد معظمهم بالتصويت له.

ومن غير المعروف كيف ستؤثر عملية الاستبدال غير المعتادة خلال مؤتمر مفتوح على من سينتهي به الأمر ليكون المرشح الذي يعبّر عن الحزب ويستطيع أن يهزم المرشح الجمهوري دونالد ترمب، ويقدم رؤية ديمقراطية لمستقبل الولايات المتحدة مقابل الرؤية الجمهورية التي يدفع بها ترمب وأنصاره.

عامل الشعبية

من الناحية النظرية، ربما كانت ميشيل أوباما زوجة الرئيس السابق باراك أوباما هي من يتمتع بشعبية أكبر تزيد على شعبية ترمب بين الأميركيين بنسبة تتراوح بين ستة إلى 11 نقطة بحسب استطلاعات الرأي، لكن ميشيل أوباما لا ترغب في السياسة حتى الآن ولم تظهر أي رغبة في المنافسة، لكن المرشحين الآخرين المحتملين الذين ترددت أسماؤهم لا يتمتعون بشعبية مؤكدة يمكن أن تجعل المندوبين وقيادات الحزب الديمقراطي تطمئن لفوزهم على ترمب.

وعلى سبيل المثال ينظر 35 في المئة من الأميركيين بشكل إيجابي إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس مقارنة بنحو 58 في المئة ينظرون إليها بشكل سلبي، ما يجعل تصنيفها يتماشى تقريباً مع الرئيس بايدن. وهو ما تفسّره الخبيرة الاستراتيجية الديمقراطية كارين ديفيليبي بأنه يعود إلى صعوبة أن يُنظر إلى نائب الرئيس، على أنه صوت منفصل عن الرئيس، ومع ذلك قد تتغير نسبة تأييدها إذا ترشحت بمفردها.

وفي حين تبدو هاريس هي المرشحة الواضحة إذا قرر بايدن التنحي، إلا أن الديمقراطيين منقسمون بالفعل حول ما إذا كانت ستكون بديلة مناسبة، إذ يشعر العديد من الشخصيات الحزبية بالقلق من أن أداء هاريس سيكون سيئاً في الانتخابات الرئاسية بعدما تعرضت لانتقادات شديدة من قبل كل من الجمهوريين والديمقراطيين بسبب إدارتها ملف الهجرة على الحدود الجنوبية مع المكسيك على رغم أنها أصبحت صوتاً  أكثر استقلالية عن البيت الأبيض خلال الأشهر الـ 12 الماضية، لا سيما في ما يتعلق بحقوق الإجهاض، التي ينظر إليها كثيرون على أنها قضية رئيسية في هذه الانتخابات.

ولأن مكانتها في استطلاعات الرأي تبدو ضعيفة مثل بايدن، طرح الديمقراطيون خلف الأبواب المغلقة أسماء أخرى كبديل محتمل، مثل حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم، وحاكم إلينوي جيه بريتزكر، وحاكمة ميشيغان غريتشن ويتمر، وحاكم بنسلفانيا جوش شابيرو، ووزير النقل بيت بوتيجيج، وحاكم ولاية كنتاكي أندي بشير، والسيناتور مارك كيلي من ولاية أريزونا، والسيناتور إيمي كلوبوشار من ولاية مينيسوتا، والسيناتور رافائيل وارنوك من ولاية جورجيا، ووزيرة التجارة جينا ريموندو.

ومع ذلك أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "إبسوس" ووكالة "رويترز" أخيراً، أن أداء هاريس كان أفضل عن البدلاء الديمقراطيين المحتملين، إذ كانت تتخلف عن ترمب بنسبة واحد في المئة فقط، بينما تخلّف عنه نيوسوم بنسبة ثلاثة في المئة، وويتمر بنسبة خمسة في المئة على المستوى الوطني.

وإذا تخلى بايدن عن محاولته لولاية ثانية، فإن التأييد المحتمل لهاريس من قبل الرئيس يمكن أن يزيد بشكل كبير من احتمالات حصولها على مكانه على رأس القائمة الانتخابية وسيظل يتعين عليها تأمين دعم مندوبي الحزب، لكن مباركة بايدن من المرجح أن تساعدها في حشد الدعم، بخاصة بعدما أشاد بها في المؤتمر الصحافي الذي عقده عقب قمة "الناتو"، مؤكداً قدرتها على ممارسة الوظيفة الرئاسية وأنه لهذا اختارها نائبة له.

الفوز في ولايات "الجدار الأزرق"

ومع اعتراف بايدن للمرة الأولى بأن استطلاعات الرأي تظهر أن الآخرين قادرون على التغلب على ترمب في الخريف المقبل على رغم صعوبة البدء من الصفر، يبدو للبعض أن معايير أخرى يمكن أن تجد طريقها إلى عملية اختيار المرشح المناسب للحزب الديمقراطي، ومن بين هذه المعايير القدرة على الفوز في ولايات "الجدار الأزرق" الثلاث وهي ميتشغان ووسكنسن وبنسلفانيا والتي يمكن أن تضمن فوز مرشح الحزب الديمقراطي بالانتخابات، لأن ذلك سيضمن فوزه بـ 270 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة للفوز من إجمالي 538 صوتاً.

وهنا يبرز اسم حاكمة ولاية ميتشغان غريتشن ويتمر التي تقدمت على دونالد ترمب في استطلاعين للرأي أجريا هذا العام في ولاية ميتشغان بينما جاء بايدن خلفه، وتشير انتصارات ويتمر القوية في عامي 2018 و2022 إلى أنها تعزز بالفعل فرص الديمقراطيين في إحدى الولايات الثلاث الحاسمة، كما أن لديها سجلاً سياسياً يمكن أن يجذب التقدميين والمعتدلين.

ويرى الكاتب والباحث السابق في مؤسسة "نيو أميركا" بيري بيكون والذي يعتقد أن ترشح ويتمر (52 سنة) وهي امرأة بيضاء كمرشحة لمنصب الرئيس ومعها السيناتور كوري بوكر وهو من أصل أفريقي (55 سنة) كمرشح لمنصب نائب الرئيس، ستكون صفقة رابحة، فكلاهما محبوب ويمثل تيار يسار الوسط المعتدل فضلاً عن أن التنوع مطلوب للفوز بأصوات النساء والسود والأقليات.

كما يمكن أن يعالج هذا الثنائي بعض أوجه القصور الحالية التي يعاني منها بايدن وهاريس بين الناخبين الأصغر سناً والسود، إضافة إلى جذب غالبية الناخبين الذين لا يريدون رئيساً في الثمانينيات من عمره.

ويرى البعض أن ويتمر أقوى من هاريس إلى حدّ كبير لأن ويتمر مفيدة بشكل خاص في ولاية رئيسة بينما سيفوز الديمقراطيون بولاية كاليفورنيا التي تنتمي إليها هاريس، بوجودها أو من دونه، كما أن هاريس هي المرشحة الأقل قدرة على تقديم انفصال واضح عن بايدن الذي لا يحظى بشعبية كبيرة، لكن يمكن للمرشح الجديد أن ينأى بنفسه عن التضخم المرتفع، والانسحاب الفوضوي من أفغانستان، والافتقار إلى الصراحة بشأن شيخوخة الرئيس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأيديولوجيا

ومن بين العوامل المهمة أيضاً الأيديولوجيا، فقد شهدت آخر انتخابات تمهيدية ديمقراطية معركة أيديولوجية حقيقية على نحو لم يحدث في سباق هيلاري كلينتون ضد باراك أوباما في عام 2008 حيث فاز بكلا السباقين المرشح الأكثر اقتراباً من يسار الوسط (هيلاري كلينتون في عام 2016، وجو بايدن في عام 2020) في مواجهة تصويت تقدمي كبير، إذ حصل السيناتور بيرني ساندرز عام 2016 على 43 في المئة من الأصوات في الانتخابات التمهيدية، وفي عام 2020، حصل ساندرز والسيناتور إليزابيث وارن مجتمعين على نحو 33 في المئة، وهو ما أدى إلى انتقال كل من بايدن وكلينتون إلى اليسار بشأن بعض القضايا لأن الناخبين الديمقراطيين في الانتخابات التمهيدية أعجبوا بما يقوله التقدميون.

ولهذا يتم الآن طرح المرشحين الأكثر ميولاً ليسار الوسط من الليبراليين التقليديين مثل نيوسوم، وهاريس، وويتمر، بينما لا يوجد حديث عن وارن وساندرز وهما أيضاً من كبار السن مثل بايدن أو التقدميين الأصغر سناً مثل النائبة ألكساندريا أوكازيو-كورتيز أو النائب رو خانا الذي يجهز نفسه للترشح لانتخابات عام 2028.

ومن بين أبرز هؤلاء الوسطيين حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم الذي أظهر جرأة سياسية حقيقية خلال العام الماضي، وكانت لديه الشجاعة لتقديم نفسه كخيار احتياطي، وهو يدير ولاية ضخمة ومتنوعة، وإذا تنحى بايدن الآن سيكون خياراً آمناً نسبياً، كما قد يكون السيناتور رافائيل وارنوك (ولاية جورجيا) أفضل سياسي في الحزب الديمقراطي في الوقت الحالي، إذ فاز بولاية صعبة للغاية مرتين في انتخابات مجلس الشيوخ.

ويدور الخطاب حول مرشحي يسار الوسط لأسباب عدة، أولها أن الهدف الأساسي من استبدال بايدن هو زيادة فرص الديمقراطيين في الفوز بالانتخابات، ويُنظر إلى المرشحين الأكثر اعتدالاً على أنهم أكثر قابلية للانتخاب، والسبب الثاني هو أن الأشخاص الذين يطالبون بايدن بالتنحي من داخل الحزب أو الإعلام هم أنفسهم أكثر اعتدالاً ويدفعون الشخصيات الأكثر توافقاً معهم للترشح.

وفي مؤتمر مفتوح متنازع عليه للحزب الديمقراطي، من شبه المؤكد دفع المرشحين لإعطاء فكرة عمن سيضعونه في المناصب العليا في حكومتهم، ومواقفهم من الصراع بين إسرائيل وغزة، ورؤيتهم العامة للسياسة الاقتصادية حتى تتبلور بعض الاختلافات بين هؤلاء السياسيين، حتى لو كانوا جميعاً من أيديولوجية أوباما.

وإذا لم يكن لدى التقدميين مرشح، ولكن لديهم بعض الأصوات، فيمكنهم لعب دور الاعتراض على بعض المرشحين ودعم الآخرين.

استرضاء الناخبين السود

وكانت هناك بعض التكهنات بأن الناخبين السود سيشعرون بخيبة أمل كبيرة إذا تم استبدال بايدن بمرشح آخر غير هاريس، والسبب هو أن اختيار ويتمر أو أي مرشح آخر يخاطر بإضعاف أصوات السود، وهو ما سيكون سيئاً للغاية بالنسبة للديمقراطيين.

ومع ذلك هناك بعض الشكوك حيال هذا العامل بالنظر إلى أن أرقام دعم هاريس بين الناخبين السود مشابهة إلى حد ما لأرقام بايدن، ولا أحد منهم محبوباً، لكن القضية تبدو معقدة ودقيقة، وإذا ترشحت هاريس كرئيس ومعها حاكم ولاية كنتاكي أندي بشير فقد تكون حظوظهما جيدة، إذ ستكون بطاقتهما الانتخابية شابة وحيوية جاهزة للاعتماد من الديمقراطيين لمحاربة ما يصفونه بمحاربة التطرف الجمهوري بشأن الإجهاض وحظر الكتب وقضايا أخرى.

شاغل المنصب

ومن العوامل المؤثرة أيضاً، ما يشير إليه الاستراتيجيون الديمقراطيون من أن شاغر المنصب يكون أكثر حظاً في الفوز، وإذا تنحى بايدن واستقال الآن لتصبح هاريس هي الرئيس فإن ذلك سيكون عاملاً مساعداً في فوزها، ولهذا يرى الكاتب في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد فون داريله أنه يجب على نائبة الرئيس هاريس، بكل الوسائل، أن ترمي قبعتها في الحلبة إذا اختار الرئيس بايدن عدم الترشح، وأنه إذا تمكّنت من تقديم حجة أفضل مما قدمته عندما كانت مرشحة للرئاسة قبل أربع سنوات، فسوف تحظى بفرصة حقيقية.

ومع ذلك، يبدو الحق غير المعلن لنواب الرؤساء في وراثة ترشيح خاص بهم، بمثابة اختراع حديث، وليس له سجل جيد إذ فشل كثيرون من نواب الرئيس مثل هيوبرت همفري، أو والتر مونديل أو آل غور في الفوز بالانتخابات، وخلال الأعوام الـ 70 التي سبقت عام 1960، نادراً ما كان الحزب الديمقراطي يرشح نائباً للرئيس، إذ لم يتلقّ الترشيح كل من أدلاي ستيفنسون، وتوماس مارشال، وجون نانس غارنر، وهنري والاس، وألبين باركلي، وجميعهم خدموا كنائب للرئيس من دون أن يحظوا بترشيح حزبهم ربما بسبب أن منح نواب الرئيس فرصة في مسابقات الترشيح يربط الخيارات المتاحة للناخبين بالقرارات الأحادية التي اتخذها المسؤولون السابقون.

كيف تسير الأمور؟

وبفضل التغيرات الطارئة على تمويل الحملات الانتخابية، أصبح الحزب الديمقراطي، والأحزاب بشكل عام، ضعيفة تاريخياً، حيث لا يوجد زعماء حزبيون، ولا مكتب سياسي أو دولة عميقة يمكنها أن تقرر كيف ستسير الأمور، وفي النهاية، من الممكن أن ينجح المؤتمر الوطني الديمقراطي بشكل جيد وينتخب مرشحاً بديلاً لبايدن إذا قرر التنحي مبكراً، وقد يؤدي إلى تدمير الحزب. ويظل السؤال هو ما إذا كانت هزيمة بايدن تبدو مؤكدة إلى الحد الذي يجعل الديمقراطيين يشعرون بأنه ليس لديهم ما يخسرونه، بالتالي يتوقعون خسائر فادحة في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ؟

المزيد من تحلیل